أحتفاليّة الأدب الراقي السابعة للأديبين مريم وجميل الدويهي
محطّة متقدّمة في مسيرة الأدب المهجريّ الرفيع والحقيقيّ
في حفل حاشد وكبير غصّت به صالة سيتي فيو في لاكمبا، كانت محطّة اغترابيّة نوعيّة، بعنوان “ضمّات ورد” مهداة إلى الأديب سليمان يوسف ابراهيم، د. جوزاف ياغي الجميّل، والدكتور عماد يونس فغالي، احتفاء بالتوأمة مع منتدى لقاء في لبنان
وجرى تكريم نخبة من الأدباء والباحثين والأكاديميّن، في فعاليّة احتفاليّة تليق بالأدب المهجريّ في أستراليا، وتجسّد النقلة النوعيّة الفر يدة التي حقّقها مشروع أفكار اغترابيّة، حيث أخرج الأدب من نمطيّة النوع الواحد إلى أنواع، ربّما تكون رقماً قياسيّاً غير مسبوق في تاريخ العرب
.البداية كانت مقطوعات موسيقيّة هادئة من فرقة "أرابيان تشونز" بقيادة عازف الأورغ المبدع حسن فطايرجي، وكريمته فادية على الغيتار، وعلى العود كوستي
د. عماد يونس فغالي
:وانطلقت الفعالية المهرجانية، بكلمة للدكتور عماد يونس فغالي رئيس منتدى لقاء في لبنان، قرأتها الأديبة مريم رعيدي الدويهي، وهذا نصّها
علاماتٌ تضيء
.نلتقي اليومَ في احتفاليّة الأدب الراقي السابعة، احتفاءً بعيد التوأمة مع “لقاء” في لبنان
نلتقي اليومَ “أفكار اغترابيّة” و”لقاء”، في “ضمّات ورد” الكلمةِ النعرفُها راقيةً، والحبِّ اليُعَرَّفُ بنا واحدًا في الأدبِ الإبدع
نحتفلُ في هذه العشيّةِ بضمّةِ نُخبةٍ ينالونَ جائزةَ الحبيبِ الدكتور جميل الدويهي للأدب الراقي، بفيضٍ يضُمّهم إلى الدوحة الدويهيّة الفاعلة عُلُوًا. دعوتي من “لقاء”، انضمامُكم يا أحبّةُ إلى النهضةِ !!الاغترابيّة الثانية، إنْ يكنْ دأبَكم، تتجلَّ الجائزةُ فاعلةً في المصدرِ المُحتفي بكم
في عَودٍ إلى بَدء، سبعُ احتفاليّاتٍ وبعد. نحنُ في استمرار. العملُ الجَدّيّ في استمراريّتِه، تلك الصاعدةِ… هذا في “أفكار اغترابيّة”. العواملُ الكافلةُ، علاماتٌ حِسّيّةٌ لا تني تُضيء
ضمّاتُ وردٍ عَبرَ محبّتي، وكلَّ عيدٍ والأدبُ الراقي في احتفال
كلمة الأستاذ أنطوان حربيّة
:ثمّ كلمة الأستاذ أنطوان حربية، مؤسسة أنطوان حربيّة – ثقافة، معرفة وإنماء، الذي حضر شخصيّاً من ملبورن، وقال في كلمته
أفكار اغترابية ظاهرة ثقافية، متقدمة، رفيعة، تعدُّ ركناً أساسياً من أركان النسق الثقافي للمجتمعات، ومؤسسُها الدكتور جميل الدويهي لا يُنتجُ أدباً لنفسه، وإنما ينتجُه لمجتمعه منذ تفكيرِه في الكتابة، وفي معجمِه اليومي ، هو نبعُ ماء عذب يُنعش الروح، ويُزيحُ ظلالٓ الجهل
وتُعتبر المؤلفاتُ الأدبية لهذا المشروع أكثرٓ حاجةً للتشجيع والنشر بقوة، لزرع الحلمِ المستمر. ومن أجل تعزيز قيمِ الحق والجمال، والدويهي يسعى دائمًا وراء المعرفة والإنماء، وإذا لم نزرع الكلمةٓ الطيبةٓ في قلوب الأجيال، فسيكونُ من الصعب علينا أن نشهدٓ مواسمٓ الرحمةِ في المستقبل، لان أدبٓ الحياةِ هو كتابُ الاخلاقِ والمعرفة. والأديبُ الحقيقي هو الذي يثابر كلّٓ يوم، لخدمة البشرية، وتصويب مسارِها وأفكارِها لخدمة الخير، حتى يُقال نحن إنسانيون
مشروع أفكار اغترابية ومؤسسُه الدكتور جميل الدويهي، نقيضُ العتمةِ، واليباس. وعندما يأتي الخريف، وتتساقطُ أوراقُه الصفراء، يحمل إلينا الربيعٓ في كتاباته وقصائده، كما طيورُ أيلول ترسمُ في الفضاءِ أجملٓ الصور، على أنغامِ الأخضرِ الهادئ، وفي مدى السماءِ الصافية وسحرِها العميق.
إن الفيلمٓ الوثائقي، الذي انتجناه في ملبورن، بعنوان “من على ضفتين”، عن الأديب الدويهي، يهدِفُ إلى تخليد بعض الأعمال، لأنه لا يمكنُ ان نختصرَ البحرَ في وِعاء، والعطاءَ الكبيرَ في إطارٍ ضيُق؟ وبصفتي منتجاً، أضعُ يدِي على قلبي تحيّةً للجميل، وأفكارِه الاغترابية، عنوانَ حضارةٍ، وفكرٍ، وشموخٍ كجبال اهدن الشاهقة. وهذا العملُ هو فقط عربونُ وفاءٍ لأعماله الجبارة، كيف لا وهو حاملُ راية النهضة الاغترابية الثانية، من أستراليا إلى العالم؟ ألف شكر
كلمة د. جوزاف ياغي الجميّل
:بعد كلمة حربيّة، كانت كلمة الدكتور جوزاف ياغي الجميّل، الراعي النقديّ الأول لأدبنا المهجريّ، قرأها الأديب د. جميل الدويهي، وجاء فيها
ألق الياسمين في احتفالية الإبداع الراقي… احتفاليّة الإبداع الدويهيّ، حلم إبداع أم رسالة كرامة؟
في كلّ عام، تتجدّد الذكری. احتفالية نهضة عبرت البحار، علی صهوة أمواج العنفوان
وخلف ضفاف الحنين، أطلّ فارس يحمل بيمينه صولجان الإبداع النورانيّ، وباليد اليسری أيسراً قرابه المجد والحنين
جميل ميلاد الدويهي، عظيم أنت، بين مواليد النساء، في سيدني المباركة
أيتها الأرزة الإهدنيّة التي امتدت جذورها في أعماق المحيط، وراودت المحار عن لآلئ الكرامة، وقالت للزمان قف، ففي سفينة مجدك بحّار عتيق يجيد اصطياد محار الفرح، وأحلام نهضة مهجريّة تطير بأجنحة من عطور قدموسيّة الأريج
وإلی جانب الفارس الدويهيّ، مريمة البهاء تفوح بأنغام سمراء القباب والياسمين, وخلود بستان إبداعها جنّة كوثريّة العطاء
ليتنا كنا معكم. وإن كان التمنّي بحجم الحقيقة السندسيّة النجوی
ولكننا معكم، بالروح لا بالجسد. وليمت الحاسد والحاقد بالحسد
نحن معكم. نفرح كصديق العريس لفرحكم. نتباهي بخيلاء أننا في زمان أنتم فيه. يقودنا الروح المحيي إلی عالم الإبداع الذي لا يعرف حدوداً، أو سدوداً
تحيّة لاحتفاليّتكم المباركة، في الرابع من أيلول المعطاء، من خلف جبل التاج، في لبناننا المدمّی بالمحبّة، التوّاق إلی عودتكم الميمونة
احتفاليّتكم عرس ثقافيّ لا نظير له، متجدّد كل عام، في شهر الغلال. والغلال وفيرة، والحمد لله
تحيّة لكم، يا أديب النور الأسمی والأسنی
تحيّة لكم، أيّها الحضور الكرام، كواكب الشهادة العرفانيّة، تشهدون للحق والحقيقة، وتعلنون قيامة الوطن، من خلف بحار الصباح المتفجّر ألقاً وأنواراً . لكم كامل محبتي، وأصدق أشواقي والتقدير
مريم رعيدي الدويهي
وخلال اللقاء – القمّة، ألقت الأديبة مريم رعيدي الدويهي نصوصاً من مجموعتها الجديدة “شبّاك الغاردينيا”، ومنها نصّ بعنوان: شغفي إليك
في وسادتي شيء ٌكالحجر…
نحن ننامُ على القسوة
وعند الصباحِ نأكلُ رغيفَ العتب
ننظر إلى الوراء
لأنّنا خائفونَ من أحد
والناسُ يتصوّرونَ في الحديقة
ويركضون خلف أطيافٍ شاردة
أنا وأنت فقط
في عيونِنا غبار
وفي ثيابِنا أعشاب
ورمالُ دهشة
تفاجئُني كلّما تبتسم
أعرفُ كيمياءَ انفعالاتك
وكيف يذوبُ الشمعُ
في رخام يديك
أنت من احتراقِ الكواكبِ كوكب
وأنا من كتُبٍ غيرِ مألوفة
أختُم حديثي عنك
بطُرقٍ متعرّجة
أضمُّك إلى النار
إلى قمحِ مواعيدي
في دائرةٍ أرسمُها
بالضباب الرماديّ
من عصورٍ مضت
يأخذُني شغَفي إليك
ومعاً نصيرُ كتابةً من حبرِِ ضوء
ومن حروفِ مَجرّة
ترحيب من الدويهي
ثمّ ألقى الأديب د. جميل الدويهي كلمة ترحيب شاملة، استهلها بالقول إن أفكار اغترابية ليس ظاهرة، بل ظواهر متعدّدة، أهمها: تعدد الأنواع غير المسبوق في تاريخ العرب، ومجانية العطاء، وغزارة الإنتاج، مشيراً إلى تحطيم الرقم القياسي السابق في الاحتفالية الماضية، من حيث عدد الكتب المقدّمة هدايا إلى الحاضرين. (سينشر الأديب الدويهي بطاقة خاصّة بالشكر لاحقاً)
الفرقة الموسيقيّة ومفاجأة
بعد كلمة الدويهي فاجأت الفرقة الموسيقيّة الحاضرين بأغنية جديدة، لحّنها ووزّعها العازف الجميل حسن فطايرجي، وغنّتها شقيقته المطربة لينا، وكانت فعلاً مفاجأة، فاللحن نقل الحاضرين إلى فضاءات الحلم والخيال، وتقول كلمات الأغنية، وهي من تأليف الشاعر د. جميل الدويهي
الورده اللي سْقَيتا من عيوني
ما فيها الريح المجنونه
تاخدْها وتروح…
من وقت الشفتك وحياتك
شو بتعْمل فيّي نظراتك؟
إنت روح الروح
بدّي ياك تطلّ عليّي
تا إهرب منّك ما فيّي
بغيابَك صعبِه الغنيّه
وموّالي مجروح
لو حابِب تسأل عن حالي
وناسي عنواني يا غالي
بيتي فوق الجسر العالي
وشبّاكو مفتوح
فعاليّات التكريم
في الجزء الثاني من الاحتفاليّة، قدّم الأديب الدكتور جميل الدويهي وعقيلته مريم، جوائز “أفكار اغترابيّة” للأدب الراقي، والميداليات المذهّبة، لسبعة من المبدعين، هم بحسب الترتيب الهجائيّ
الأديبة آمنة ناصر- لبنان، استلمت جائزتها السيّدة سو بدر الدين
الأستاذ أنطوان حربيّه – ملبورن
الأديب أنطوان شمعون – لبنان، استلمت الجائزة عنه السيّدة ليلى الطويل
الأديبة باسكال بلاّن النشّار، استلم الجائزة عنها السيّد كريم عبّوشي
الباحث بشّار عزيز الشيخ يحيى – سيدني
الدكتور جورج قسّيس – سيدني
الأديب يوسف طراد – لبنان، استلم الجائزة نيابة عنه الشاعر مارون طراد
قراءات فكريّة
وتخلّل الحفل أيضاً، برنامج فكريّ وقراءات من كتب الأديب د. جميل الدويهي الفكريّة، توالت على تقديمها السيّدات الأستاذات نادية البدري، ليلى الطويل، وأمال سعيد التي قرأت نصّاً بالانكليزية
الأديب د. جميل الدويهي
وكان الختام مع الأديب د. جميل الدويهي الذي قرأ من خمسة أنواع شعر: العموديّ، التفعيلة، الشعر اللبنانيّ (القصيد والمعنّى والشروقي)، والتفعيلة العاميّة. وأدخل على إحدى قصائده العامّيّة ثلاثة مقاطع من العتابا. وممّا قرأه هذه القصيدة “المسافة” التي تُنشر لأول مرة
تلك المسافة لم تكن لي عِيدا
أمضي وأمضي في الطريق وَحيدا
خلْفي العناوينُ التي ودّعتها
فالريح طارت بالبيوت بعيدا
والخبزُ مُرّ علقمٌ، ويريدُني
إن أشتري من مُرّهِ وأزيدا
وحقيقتي هذا العراءُ، فإنّني
متوهّمٌ، لمّا لبستُ جديدا
متباطئاً لاذ الصباحُ بخيمتي
فمنحتُه أرجوحة ونشيدا
قدَمايَ متعبتانِ من هذا المدى
والجرحُ في كفّي ينزّ صَديدا
لا تتركوني في الشتاءِ مسافراً
فلقد برَى جَسدي، ولستُ حَديدا
أخذوا بلادي من يدِي، فأنا هنا
أطوي البحارَ جميعَها، والبِيدا
يا عابراً في الحيّ، هل حيّيْتَني
من بعد ما أمسى الشعورُ جليدا؟
منذ افترقنا، صار وجهي يابساً
.أحيا… ولكنّي قَطعتُ وَريدا
وبعد فقرة الشعر الدويهي، دعي الحاضرون إلى ضيافتين، إحداهما كانت أكبر مجموعة كتب تقدّم هدايا على الإطلاق، ربّما في تاريخ الأدب العالميّ. وقد فوجئ الحاضرون عندما رُفع الغطاء الأبيض عن المعرض. ولولا الشهود والصوَر، لظنّ أغلب الناس أنّ ما يروى لهم، عصيّ على التصديق
إلى اللقاء في احتفالية الأدب الراقي الثامنة، مع كتب جديدة، ونحبة من المكرّمين بجائزة الأدب الرفيع
منتدى لقاء: ندوة راقية في لبنان بمناسبة عيد التوأمة مع أفكار اغترابيّة
19 آب 2024
أقام منتدى لقاء في لبنان، ندوة حول رواية "ابن الصبحا" للأديب المهجريّ د. جميل الدويهي، بمناسبة عيد التوأمة بين منتدى لقاء و"أفكار اغترابية". وجرى خلال اللقاء تكريم عضوَي "لقاء" الأديبين أنطوان شمعون وباسكال بلاّن النشّار الحاصلَين على جائزة الأديب د. جميل الدويهي "أفكار اغترابيّة" للأدب الراقي لهذا العام
قدّم وقائع المناسبة الأستاذ شربل خيامي، وتوالى على الكلام في القسم الأوّل من الندوة الخاصّ برواية "ابن الصبحا"، الدكتور رجاء لبكي، الدكتور جوزاف ياغي الجميّل، والأستاذة نجاة الشالوحي
وفي القسم الثاني المخصّص لتكريم الأديبين باسكال بلاّن النشّار وأنطوان شمعون، تحدّث أوّلاً الدكتور عماد يونس فغالي، تلاه المكرّمان
وينشر أفكار اغترابيّة وقائع الندوة - المهرجان، كلمة كلمة، لنشرها فيما بعد في خبر واحد مفصّل للباحثين والتاريخ
1- كلمة الدكتور رجاء لبكي:
المرأة حرّيّة رمز للحرّية التي تنتصر
ابن الصبحا قصّة عابرة للزمان والمكان
يجب أن تصبح جزءاً من مناهجنا الدراسية
تجمعنا اليوم مائدة فكرية متنوعة الأطباق، أنّما أساسَهَا وألذَّها التاريخ والأدب عِلْماً، والانسانية والكرامة والحرية والمقاومة تعلّماً. هي مائدة "ابنُ الصبحَا" كتاب الأديب المثقّف الدكتور جميل الدويهي والذي يَعبُرُ قلمُه المَرِن القارات والبحار ليعولم الأدب العربي السلس الممزوج بالتاريخ الماروني الجبلي ّ الصلب كالصخر. أنّه مزيجٌ نادرٌ يفهمُه جيّداً الموارنة ويُفتن به الآخرون
يمرّ هذا الكتاب على محطاتٍ عدة من تاريخ الموارنة خلال السيطرة المملوكية على الشرق الأدنى زمن السلطان المنصور قلاوون وخلفائه في قصة مقاومة يدخل فيها أبطال استبسلوا رغم صعوبة المعارك وعلى رأسهم "حريّة". حرّية هو الاسم الذي أعطاه الدويهي مجازاً لبطلة القصة ليبيّن لنا خلال السرد أنّ الحريّة مهما تشوّهت وتعذّبت وضعُفت وقُمعت واعتُدى عليها فهي لا تُدنّس ولا تموت، وتعود وتنتصر وتأخُذُ ما هو حقّ لها. تشبيه مجازي نجح فيه الدويهي من تشخيص الحرّية في هذه القصة المليئة بالعِبَر. فيقول في الحرية في الصفحة العاشرة: "الذين يحبّون الحريّة مكتوب لهم أن يتركوا صورهم في كتاب الخلود. والذين يكرهون الحريّة، ليسوا أهل للعبودية فقط، بل هم عبيد للعبودية"، كما وفي الصفحة 96: الحريّة ما أوجدها الله لكي تتمرّغ في وحول الخريف، أو تذوب في أروقة الدموع والكآبة، فمنها تشرق الصباحات، وتعزف البلابل ألحان الغبطة، وتتردد أناشيد الينابيع في الوهاد. الحريّة ليست صبغة يأكلها الزمن، ولا امرأة تتبدّل ملامِحُها كلما كبُرت أو تجعّد وجهُها... إنّما هي الأبد والأزل. وعند الشعوب المجيدة، هي صورة عن الله الواحد، فان تشوّهت تشوّهت الدنيا، وتساقطت بروجها كالزجاج المنثور
ينطبق هذا الإبداع في وصف الحرية على كل أنواع الحرية في كل الأماكن وكل الأزمنة
كما هذا النص، تتميّز هذه القصة بعدة مقاطع وجُمَلْ تتخطى القصة أو الحالة الموصوفة وينقلها الدويهي الى التعميم لتصبح عِبَراً عابرةً للزمان والمكان، إن في وصفه للجبل أو لأهله أو للبطريرك دانيال الحدشيتي أو للحكمة أو للحرب أو للخيانة.سنتوقف عند بعضها نظراً لأهميتها الفلسفية والأدبية والإجتماعية والتاريخية
في وصفه لصلابة أهل الجبل، ينسب الدويهي لزعيم أعدائِهم السلطان قلاوون، في الصفحة 7: "لقد فتحنا الدنيا، من مصر الى الآستانة، ووصلنا إلى حدود الافرنج، اوكسرنا لأيوبيين والمغول، فدانت لنا دول وشعوب. أمّا هذا الجبل الصغير الذي لا يتجاوز مساحة القاهرة فعصيّ عليكم". وفي الصفحة 8: "الجبّة وإهدن؟ حصرمة في عيونكم. سيف يحزّ على أعناقكم. بماذا يحاربونكم؟ أبالفؤوس والمناجل؟ وماذا عندهم من السلاح لينتصروا عليكم؟... لقد اخترعنا المنجنيق الذي يرمي بالصخور ويدك الحصون والقلاع. وكل مخازن السلاح والذخائر في حوزتكم. ثم تخبرني بأنّ العين لا تقاوم المخرز. المعركة منذ آلاف السنين لا تهدأ بين المخرز الذي يتباهى بأنّه من حديد لا يلتوي، وبين العين التي تتسلح بالبصر والبصيرة. بلى. في كثير من الوقائع، ثبت أنّ العين تذيب المعادن، وتهزم الجيوش"... يمرّر الكاتب في هذه الأوصاف حكِماً قويّة وجميلة مُستنبطة من صلابة الجبليين الموارنة في الجبة وإهدن
ويصف الكاتب في الصفحة 10: حفر أهلُها منازلَهم في الصخور وتجذروا بها. يتعشّقون الحريّة ويعتبرونها هبة مقدسة من الخالق... لقد عبرت في الممرات الضيّقة جحافل منذ قديم الزمان، كلّها اندحرت، وظل الجبل واقفا لا تزعزعه أعاصير
أمّا في وصف أحد جنود الأعداء لأهل الجبل أمام سلطانه في الصفحتين 10-11: يا مولاي، هم قوم ثابتون في أرضهم. أرواحهم معلقة بالتراب والبيادر وكروم العنب. قليلون عدداً، لكن ّ كلما يسقط منهم واحد، ينهض عشرة من خلف الهضاب والصخور. أسلحتهم بدائية، سيوف صنعوها بأيديهم، ومعاول ورفوش ومناجل، ونساؤهم في ساحات الوغى أجرأ من الرجال. تحمل المرأة وليدها الرضيع بيد، وتقاتل بيد. لديهم الايمان لأنّهم أصحاب قضيّة يدافعون عنها
وللكاتب أيضاً في الصفحة 15: "ومهما بلغت الجيوش من القوة والعتاد، فانّها تقف صاغرة أمام هذه الكتلة من الصخور، وهذه السواعد المفتولة التي تضرب في مقالع الحجارة، وحقول التفاح، وبيادر القمح. رجال ونساء يقرؤون حروف الهجاء في الأثلام العريضة، ويسقون الزرع من عصارة أكبادهم. لم يخوضوا حروبا،ً إلاّ لكي يدافعوا عن أنفسهم. فقد هَجَمَتْ عليهم ذئاب التاريخ وهم لا يغادرون قلاعهم الممتدة على مساحة ضئيلة، فلا يغزون، ولا يعتدون على أحد. لكنهم يسألون أنفسهم جيلاً بعد جيل: لماذا نحن؟ ولماذا يستبيح الطارئون أرزاقنا ومنازلنا، ونحن لا نعرفهم ولا يعرفوننا؟ ولماذا مكتوب علينا أن نقاوم الظلام والظلامة بالنواجز... ونملأ الأرض أجساداً تموت ولا تموت. ندفنها ولا ندفنها، فكأنها تولد من الزوال... وتبقى أصواتها على المفارق والمنحدرات، وتخرج ظلالها من الكهوف لتصرخ في وجوه المحتلين وبائعي الضمير؟ قلائل هم، بناء تلك المنازل الحجرية الجاثمة على صدر الوادي العميق. (وعندما تدور المعركة، يخرجون اليها بصدور عارية، عشرات ووحداناً...) وتظنّ أنّهم آلاف مؤلفة، وكأنّ للرجل منهم أجساداً كثيرة، وكأن في جباههم نارا،ً وصلاة تقطع سيف المعتدي، وتشرّد فلوله في الأصقاع الباردة. أهل شتاء وبرد، ولا تنطفئ مواقدهم، ومداخنها قامات عالية الى السحاب، رهباناً سوداً ملثّمين يصعدون من اللهب، ويمتطون أحصنة البروق
لم يكتفِ الدويهي بالإضاءة على صلابة الموارنة الجبليين، إذ أضاف عليها وبالأهمية ذاتها تواضعهم وكرامتهم في الصفحة 22: هنا صنع الاله معجزة لا كالمعجزات. ووضعها في أيدي مزارعين فقراء، يقتاتون من يد الأرض ولا يملكون الكثير، وأغلى ما لديهم كرامة نقشوها على جبين الوجود. عماليق امتدت أرواحهم في جذوع الأشجار ومساكب الحبق، وبيادر القمح. يعجنون رغيفهم بالصبر والتمرد
2- في الغزل العذري وفيها صورة مجازية شاعرية فلسفية بين الحرية والشابة حريّة ص23: فلا تكاد تظهر تفاصيل أنفِها الصغير، وشفتيها البارزتين، وعينيها السوداوين الغاضبتين من الزمن. وتحت الغطاء تمتد قبيلة سمراء، لوّحتها شمس القنن. امرأة تشبه الأرض لكن ّ رائحتها وردٌ جوريٌّ وخوخٌ أحمر، وضحكتها نبيذ الكروم في البعول. عنبٌ شهي يظلّ طوال العام، ولولا أنّ الصيف يتأخّر، ويؤجل رحيله الى تشرين، لبقي حصرما، لا يذوقه غير أهله، ولا يتسلق إليه عابر سبيل
:في وصف لحكمة البطريرك الحدشيتي وصلابته وقيادته ورؤيته وهيبته وروحانيته ينسب له الكاتب التالي
في ص 35-36:لن نقبل بأقل من الحرية، فالموت زهيد جداً أمام قيمة الشعور بالانتماء الى الذات الأم، وحرية القرار. هؤلاء المعتدون لا يخافون منّا كبشر، ولا تعني لهم هذه الأرض الضيٌّقة والقرى الصغيرة، المزروعة في حقل الوجود. إنّهم يكرهون حرّيتنا، ونزعتنا إلى الاستقلال، ورفضنا لكل قوّ ة تجيء من الخارج لتفرض نفسها علينا... الحريّة يا شيبان هي نعمة لنا ونقمة لهم. بل هي وباء يخشون أن يتمدّد إلى الأمصار الأخرى التي يحكمونها
في ص 42: فالخطر ليس له وجه، ولا يمشي إلاّ متنكّراً
في ص 60: لولا غيرتي على أبنائي، لما ارتضيت أن يسقط جنديٌ واحد من أعدائنا، فهذا خليقة الله، وإن يكن من غير قومنا
يلفت النظر الكاتب عبر هذه القصة أن روحانيّة البطريرك أعطت الثقة للمحاربين الذين هم أقل عدداً وعتاداً من الجيش المملوكي. هذا وقد أحبّ البطريرك أعداءه كإنسان كما علّم يسوع المسيح البشرية، ما يدل على روحانية عالية وقلب مسامح واسع
4- في فن تصوير الكاتب بكلام أدبي، المشهد المؤثر بعد إعتداء الضابط المملوكي ذي العين الواحدة على حرّية الابنة الطاهرة والتي حبلت منه في الصفحة 69 الى أين المسير؟ وما هو المصير أيتها المرأة المكلومة في طهارتها؟ ملعونة بين الملاعين. منبوذة بين المنبوذين، وإن تكن انفصلت عنهم جسدا،ً وفرّت من أمام الواقع الذي يعلك أيّامها. ولا تفارقها طعنة في الأحشاء. تتلمّس بطنَها كأنّها ابتلعت جبلاً بكامله، ولها رغبة في أن تبصِقَه. هو جبلٌ منها، مجبولٌ بدمها وروحها، والتخلي عنه جريمة مضاعفة... فكيف تلعنه لعنة أبديّة، فيغضُبَ منها الله والملائكة؟ وفي الصفحة 79 حكمة عن البريء: إن البريء لا يستطيع أن يدفع فاتورة الاثم، وهو ليس آثماً، والشرير لا يمكن أن ينجو من عقاب الشرّ والخطيئة وإن يكن قوياً وعاتياً
هذا ولم يكن الدويهي شمولياً في تحديد أعداء الموارنة. ففرّق بين الأعداء كالجيش المملوكي والمسلمين كقوم طييبين وإنسانيين، كذكره لـ أبو علي الذي ساعد حرّيّة والذي يميل للأيوبيين ويكره المماليك. كما أضاء على الخونة عند الموارنة وينسب كلاماً عن الخيانة للسلطان في الصفحة 9: الخيانة تقتحم عناد الصخور. تعلّموا هذا واعملوا به. وكلما صمدت مدينة أمام قوّاتنا، لا تيئسوا، بل ابحثوا عن خائن، فهذا وحدُهُ يقود شعبَه إلى المذلة، ويقودكم إلى الفلاح". وفي الصفحة 35 ينسب للبطريرك: "البسطاء دائماً هم الأكثر إخلاصاً لقضيتهم. وعندما لا يدافع البسطاء عن الحق، يتحوّل الصراع إلى هزيمة. والخونة دائماً موجودون بيننا، بعضهم يؤخذون بالثروة، وبعضهم بأمجاد باطلة. كما أنّ الخلافات الصغيرة في القرى والنواحي، تحرّك المواقف إلى اتجاهات لا تخدمَنَا
نجح الدويهي في وضع التاريخ الماروني زمن المماليك في هذه القصة. أضاء على الترابط بين الجبل وأهلِهِ المزارعين الأشداء وعلاقتهما بالحرية وصونِها مهما كانت الظروف، وبالمقاومة والتمايز والصلاة والإيمان والنبل والطيبة والمسامحة وحكمة البطريرك. وبالإضافة الى الأبعاد الأدبية والتاريخية والإنسانية، تحمل القصة أيضاً بُعداً "جغرافيا بشرية" إذ فيها تركيز على التأثير الكبير للجغرافيا الجبلية على السكان، وهو العامل الأساسي الذي ميّزهم في الصفات المذكورة
شكراً لك دكتور جميل الدويهي على هذه القصة الرائعة والتي يجب أن تصبح جزءاً من مناهجنا الدراسية لاستزادة تلامذتنا أدباً وتاريخاً وتحليلاً وفضائل
2- كلمة الدكتور جوزاف ياغي الجميّل
رواية القيم بين الرؤية والرؤيا
الرواية تجاوزت الحدث التاريخيّ إلى الإصلاح الاجتماعيّ
هل كان للأديب الدويهيّ ابنُ صبحا، في عصرنا الحاضر؟
الطفل هو لبنان الجديد، طائر الفينيق الخارج من بين الرماد
رواية ابن الصبحا للأديب الدكتور جميل ميلاد الدويهي ليست رواية عاديّة. إنّها الرواية الرمز، أو التاريخ، ولكنّه التاريخ الذي يكتبه الشعب لا الحكّام
هي رمز للتاريخ الاجتماعيّ . بل انها كما أطلقتُ عليها، في عنوان قراءتي ، رواية القيم
تعود أحداث الرواية إلی حقبة من تاريخ لبنان، متّصلة بهجوم المماليك علی إهدن وجبّة بشرّي، وكيف استطاع الإهدنيّون بقيادة البطريرك دانيال الحدشيتي مقاومة جحافل الغزاة، وصدّهم مدّة من الزمن. ثمّ تطوّرت الأحداث، فاستطاع المماليك التغلّب علی المدافعين، وقتل البطريرك الحدشيتي ، وبعده البطريرك لوقا البنهرانيّ، قائدَي المقاومة، بفعل أمرين متلازمَين: الخيانة والخديعة. وكان اثنان رمزَين للخيانة: المقدّم سالم، الذي طمع بأكياس المال، فوقف علی الحياد، وسمح للأعداء بالمرور، بلا مقاومة. وابن الصبحا الذي أراد الثأر من البطريرك القائد، فأرشد المماليك إلی وسيلة ناجعة لاحتلال المغارة حيث يتحصّن المدافعون اللبنانيّون.فقضی المماليك علی المقاومة في مغارة حوقا، وفي مغارة عاصي الحدث. وقد استطاع أحد قادة المماليك المهاجمين اغتصاب فتاة تُدعی حرّيّة، فأنجبت منه سفاحاً. ولكنّ المقاومة لم تخبُ، بل استمرّت عشر سنوات، استطاع اللبنانيّون بعدها دحر المماليك، وإخراجهم من لبنان، وقتلت حرّية مغتصبها، رافعة راية الانتصار، بعد معركة الفيدار
هي رواية تاريخيّة علی غرار روايات الأديب اللبنانيّ جرجي زيدان. ولكنّ المقابلة بين الرواية الدويهيّة وروايات زيدان تكشف أنّ الغرض الأساس من رواية الدويهيّ ليس القصّ التاريخيّ، وليس الإمتاع السرديّ، أو الإخبار عن حقبة من تاريخ لبنان
وهذا ما يحوّل مسار الرواية الدويهيّة من التاريخ إلی الإصلاح الاجتماعيّ، فتصبح الرواية رواية القيَم متجاوزة الرؤية إلی الرؤيا... فما أبرز القيم التي أرهصت بها رواية ابن الصبحا؟
طابع الرواية تاريخيّ، كما تُظهره الأحداث. ولعلّ عودة سريعة إلی كتب التاريخ، تظهر أن الدكتور جميل الدويهيّ كان أميناً في عرض الأحداث التاريخيّة التي حصلت. ولكنّ روايته تجاوزت الحدث التاريخيّ إلی الإصلاح الاجتماعي، والتبشير بعالم تسوده القيم الإنسانيّة والوطنيّة. فما أبرز هذه القيم؟ وكيف استطاع الأديب الدويهيّ استثمار الرواية في سبيل الإصلاح، بعيداً من المباشرة والتصريح؟
قيمة الشجاعة: بدأت الرواية بوصف شجاعة الفرسان التركمان الذين يستبسلون في الحرب " فإمّا الانتصار وإمّا الموت والسقوط، عند ذلك يعودون إلی التراب، رؤوسهم إلی فوق"(ص 5)
وما وصف شجاعتهم الفائقة إلا لتأكيد شجاعة المدافعين المتصدّين لهم في الحرب، علی الرغم من مواجهتهم فرساناً"لا يهابون الحروب"(ص 5)
وشجاعة أبناء الوطن منطلقها الإيمان بالوطن، ومحبّة أرضه. يقول الدويهيّ: " هم قوم ثابتون في أرضهم، أرواحهم معلّقة بالتراب، والبيادر، وكروم العنب"(ص 10)
والنساء اللبنانيّات ، كما الرجال، يتحلّين بالشجاعة، وهنّ "في ساحات الوغی أجرأ من الرجال"(ص 11)
محبّة الأرض: وهذه القيمة الوطنيّة هي التي دفعت الإنسان اللبنانيّ، منذ القديم، إلی الدفاع عن أرضه، وعدم التخلّي عنها؛ لأنّ لبنان" لوحة من الجمالات المدهشة...السماء هنا"(ص 7)
وتعود محبّة الدويهيّ أرضه إلی أمرين:جذوره الإهدنيّة ، وغربته عن الوطن. فنراه يشبّه إهدن بجنّة عدن. يقول:" إهدن هي عدن ، في نظر أبنائها، ويعتقدون أنّها كانت فردوس الله، قبل أن يخرج آدم وحوّاء منها"(ص 24)
وليست إهدن وحدها، في نظر الدويهيّ، مكاناً مقدَّساً، بل لبنان كلّه، في قممه التي"تحاور الله"(ص 22)، وفي أرضه اللوحة السماوية التي رسمها اللهۧ "بحبر زيتيّ لا ينضب"(ص 20)
قيمة الحرّية: الحرّية، في نظر الدويهيّ، قيمة القيم، لأنّ "الذين يحبّون الحرية مكتوب لهم أن يتركوا صورهم في كتاب الخلود، والذين يكرهون الحرّية ليسوا أهل العبوديّة فقط، بل هم عبيد للعبوديّة"(ص 10)
وقد اختار الدويهيّ الحرية بطلة في روايته، تعاني العذاب، وتتعرّض للاغتصاب، علی أيدي الأعداء، ولكنّها تنتصر، في نهاية المطاف، وتقتل مغتصبها. هذه هي الحرّية التي تستحق الموت في سبيلها؛لأنّ" الموت زهيد جدّاً أمام قيمة الشعور بالانتماء إلی الذات الأمّ، وحرّية القرار"(ص 35)
وتصبح الحرّية قيمة إنسانيّة شاملة، في الفكر الدويهيّ، إذ "ما معنی الوجود وقيمة البشريّة إذا هي تبدّدت؟(ص 78)
الحرية ، بالنسبة إلی الدويهي، "هي القيمة الوحيدة. التي ترفض الزوال، لأنّها روح الله فينا"(ص 84). بل إنها" صورة عن الله الواحد"(ص 96). الحرية هي وطن الكاتب وهويّته النورانيّة، وحقيقته الأزليّة. يقول:" ولو خسرتك [أي الحرية] خسرت وطني، وعشت حياتي كلّها، من غير هويّة ولا حقيقة(ص 102). والحرية رمز للإنسانيّة لأنّ "الأحرار يفقدون إنسانيّتهم كلّها، عندما يصبحون عبيدا"(ص 82)
قيمة الوفاء ورفض الخيانة: يرفض الدويهيّ الخيانة لأنّها "تقتحم عناد الصخور"(ص 9)، والخائن " وحده يقود شعبه إلی المذلّة"(ص 9 ). والخيانة، في رواية الدويهيّ ، ثلاثيّة الأبعاد
الوقوف علی الحياد(خيانة سالم). كشف أسرار الوطن للأعداء ما يُسهّل عليهم احتلاله(خيانة ابن الصبحا)، والتنكّر للعهد ( خيانة المماليك وغدرهم بالبطريرك الماروني بعدما أعطوه الأمان، ودعوه لتوقيع اتفاقية سلام، ثمّ غدروا به وقتلوه)
إنّ الوفاء للوطن نعمة كبری، والذي "يبيع وطنه كمن يبيع السماء. والسماء وحدها إذا بعتها لا تستطيع أن تشتريها مرّة ثانية"(ص 20)
الخيانة، كما يری الدويهيّ، في روايته ، خنجر "يحزّ في الروح، ويُدمي أرواح المخدوعين"(ص 29)
إنّها تتجاوز المكان والزمان، لأنّ "الخونة في كلّ العصور، يدوسون علی أجسادنا، ويقتلون أبناءنا بدم بارد"( ص 46)
وينتهي الدويهي إلی إعلان موقفه، بشكل واضح من الخيانة، فيقول: ما أبشع الخيانة... وما أحقر الخائنين. هؤلاء لا عمر لهم. يتوالدون من الفراغ والعدم... مسلسل ولادات لا ينتهي"(ص 84)
واللافت في رواية الدويهيّ أن الكاتب لا يحكم علی الخونة، بل يتركهم للزمن. إنّهم قد ينعمون بثمار خيانتهم، ولكنّهم سيلقون، في نهاية المطاف، الرذل والمهانة. يقول الدويهيّ في ابن الصبحا الخائن:"في كلّ عصر سيكون ابن الصبحا في ثوب جديد، وسيرتدي الطيالس الغالية...ولكن كم عاماً سيعيش؟...يكفيه ذلّاً أن أبناء قومه سيُنكرونه، ويرفضون ذكر اسمه"(ص 84، 85)
يختصر الدويهيّ قضيّة الخيانة بالمال، في حين أنّ المصادر التاريخيّة ربطت خيانة المقدّم سالم بالسلطة والزعامة. ولم يذكر مصير الخائنَين. لكنّ المصادر التاريخيّة نفسها تحدّثت عن توبة ابن الصبحا، وإعادته بناء دير حوقا للرهبان. ونسأل تجاوُزاً: هل كان للأديب الدويهيّ ابنُ صبحا، في عصرنا الحاضر؟
قيمة الشهادة في سبيل الوطن: يركّز الدويهيّ في هذه القيمة علی ثلاثة مظاهر: محبّة الأرض والكرامة الإنسانيّة والإيمان بالقضيّة، وذلك لأنّ اللبنانيين عموماً، والإهدنيين بشكل خاص،"أغلی ما لديهم كرامة نقشوها علی جبين الوجود"(ص 22). لذلك هم يضحّون بحياتهم في سبيل الحفاظ علی كرامتهم. يقول: "نعيش أو نموت واقفين... والأشرف من الحياة هو قضيّتنا، أن نكون أعزّاء تحت السماء"(ص 25)
الشهادة والإيمان بالأرض يتكاملان في الفكر الدويهيّ، بحيث يتّحد الإنسان والأرض نتيجة حتميّة ل"الإيمان بالله، وبالمكان"(ص 33). يقول الدويهيّ، في مكان آخر من الرواية:" لبنان نحن،...نحن علّة وجوده، ومصدر خلوده"(ص 40). وهذا نابع من إيمان عميق بأن الشهادة هي السدّ المنيع، في وجه الخيانة والأعداء، وهي الوحيدة القادرة علی كتابة تاريخ نورانيّ مجيد للوطن. يقول الدويهيّ: " الأبطال والشهداء ...يولدون فينا مع بزوغ كلّ فجر...سيكتبون بأحرف من نور تاريخاً جديداً للأجيال"(ص 85)
قيمة الخير: وتتجسّد هذه القيمة في انتصار الخير علی الشر. يقول الدويهي:" والشرير لا يمكن أن ينجو من عقاب الشرّ والخطيئة"(ص 79). وهذا ما حصل في نهاية الرواية، حين انتصر اللبنانيّون علی جرائم المماليك ووحشيّتهم، في معركة الفيدار، وقتلت حريّة القائد المملوكيّ، ذا العين الواحدة، الذي اغتصبها، قبل عشر سنوات
قيمة السلام: يؤمن الدويهيّ بأهمية المقاومة والشهادة، ولكنّ هذا لا يعني أنه يحبّ الحرب. لذلك نراه يدعو في روايته إلی السلام، ورفض الموت. يقول:" لا نريد حرباً، نريد أن نعيش في سلام"(ص 25). ويقول في مكان آخر: " لقد شبعنا قبوراً، والقبور لا تشبع"(ص 26).ولكن، إن فُرضت الحرب علی الإنسان، وهُدّدت حرّيتُه،"فالموت زهيد جدّاً، أمام قيمة الشعور بالانتماء إلی الذات الأم، وحرّية القرار". (ص 35) . ولا سبيل إلا الحرب والمقاومة حين يكون الإنسان "بين نارين: الموت أو الذلّة"(ص 49)
وانطلاقاً من رفض الموت يرفض الدويهيّ فكرة الإجهاض لأنّه قتل إنسان بريء، فقد احتفظت حرية بجنينها، ثمرة اغتصابها، ولم تسقطه. وقد قبل به خطيبها يوسف، بعدما أخبرته بما حصل لها من اعتداء
تختصر هذه القيم فكر الأديب الدكتور جميل الدويهي، في روايته ابن الصبحا، وفي غيرها من كتبه القصصيّة أو الفكريّة الفلسفيّة. وهي تعبير عن رؤية واقعيّة تتجاوز التاريخ إلی الحاضر
ويبقی السؤال: لماذا اختيار اسم الخائن ابن الصبحا عنواناً للرواية؟ ومن هو ابن الصبحا، في زمننا الحاضر الذي يبيع الوطن، في سبيل مصالحه الشخصيّة؟
بين رموز الخيانة ورموز الوطنيّة تكمن رؤی الأديب الدويهيّ ، في بعث الأمل في الصدور، وخلق عالم من التفاؤل بالمستقبل. فالهزيمة تحوّلت إلی انتصار، وحرّية المغتصبة التي كانت تتجوّل علی دابة هزيلة أصبحت فارساً قويّاً، علی جواد أشهب. وثمّة رؤيا لافتة ظهرت في الرواية، وهي رؤيا الطفل الذي "له عينان برّاقتان وحادتان، انتصب قامة في وجه الفرسان" فأخاف قائدَ الخيّالة التركمان المعروفين بالشجاعة فصاح:" تراجعوا! فهذا الصبيّ ذو سلطة عاتية، ويمكنه بإشارة من يديه أن يُدحرج علينا رؤوس الجبال، فتطحن أجسادنا طحن الرحی"(ص 68). قد يكون الطفل صبيّاً اسمه نقولا التقى المماليك، في أثناء قتالهم المقدّمين، فقتل عشرين منهم، كما يروي اسطفان الدويهيّ،في كتابه تاريخ الأزمنة، فعيّنه البطريرك مقدّماً على جبّة بشرّي والزاوية، بدلاً من المقدّم الخائن سالم
هذا في الرؤية. أمّا في الرؤيا التي رأتها حرّيّة فالطفل هو لبنان الجديد، طائر الفينيق الخارج من بين الرماد. وهو الأمل الذي بعثه تضامن أبنائه، في مواجهة المحتلّ الغاصب. وحرّية رمز للبنان القضيّة الأرض التي اغتصبتها الخيانة، وحرّرها التضامن والوفاء والشهادة
إن القيم الإنسانيّة والوطنيّة التي أعلنتها رواية ابن الصبحا رسالة ، من خلف حدود الغربة، يوجّهها الأديب الدكتور جميل الدويهي إلی أبناء جيله، يدعوهم فيها إلی الوفاء للأرض وإلی أن يكونوا شهوداً وشهداء، متضامنين مسلمين ومسيحيّين، إذا أرادوا استعادة الحرية والكرامة والسلام
مطالعة الأديبة نجاة الشالوحي
أيتها الأرزة الإهدنية، عميد الأدب المهجري، ومؤسس مشروع أفكار إغترابية للأدب الراقي الدكتور جميل الدويهي المحترم. لا نغالي إن لقبناه بعميد الأنواع الأدبية المتعددة، فقد نشر مجموعته الشعرية ” أعمدة الشعر السبعة” وهي أول مجموعة شعريةٍ في تاريخ العرب وحاضرهم تضمّ سبعة أنواع شعرٍ مختلفةٍ لكلٍ منها لغتها وطريقتها. وأدبه بحرٌ من الأسرار إن غصت فيه، فأعماقه مليئةٌ بالحكمة والقيم الإنسانية بغضّ النظر عن الطبقية الإجتماعية أو الدين أو الجنس. ومن يدخل إلى أدب الدويهي لن يستطيع الخروج منه، فشروشه ضاربةٌ في الأرض ومتجذرةٌ كجذور أرزنا الخالد. ونتذوق جماليات أدبه: الصور الشعرية، والقيم الفكرية والفلسفية والنورانية، بالإضافة إلى القصص المليئة بالرموز والعبر، والروايات المتسمة بالسرد التاريخي الممتع والنفحات الأدبية والفكرية، ويهدف إلى بثّ الروح في الماضي من أجل قراءة الحاضر والإستفادة من عِبَر التاريخ. ويعرّف الدكتور محمد القاضي الرواية التاريخية:” أنها نصٌ تخيّليٌ نسج حول وقائع وشخصياتٍ تاريخيةٍ” أما عند الأديب الدويهي فالرواية التاريخية هي” عملٌ سرديٌّ يهدف إلى إعادة بناء حقبةٍ من الماضي بطريقةٍ تخيّليةٍ فتتداخل شخصياتٌ تاريخيةٌ مع شخصياتٍ متخيّلةٍ” ورواية “ابن الصبحا” رائعة جميل الدويهي خطّها بدموعه ومحبته وعاطفته المتدفقة تجاه بلدته إهدن والقرى المجاورة لها. وسأتناول شخصية المرأة المقاومة والمؤمنة بالله والأرض والإنسان من خلال البطلة (حرية). والروائي يؤمن بدور المرأة الريادي، ألم يذكر نجيب محفوظ أن المرأة هي نصف المجتمع. وحرية هي شابةٌ إهدنية، تنجب طفلًا نتيجة الاعتداء عليها من رجلٍ لا تعرفه، فارسٌ بعينٍ واحدةٍ، هاجمها ومزّق ثيابها، ثم افترسها بينما كانت أبالسة الشر تدوس بأقدامها على الجماجم، ولأنها حاملٌ سفاحًا تهرب من إهدن(65) فقد كانت تخشى أن يعثر عليها أحدٌ ويرى بطنها المنتفخ(78)، وهذه المرأة تحمل أعباءً ثقيلةً: جنينٌ في داخلها من أبٍ مجهولٍ(68)، وضجيجٌ في رأسها قتلى وجرحى ودمارٌ هائلٌ. ولم تتخلص من الطفل لإيمانها أنه هبة السماء، ولا دور له بما حلّ بها. وتلجأ حرية إلى الوادي المقدس- قاديشا – وعلى الطريق المكسو بالألم والقهر والدم تسقط وتصاب بجرحٍ عميقٍ في ساقها. أليست المرأة هي الوطن. ألا ” تشبه الأرض(23)” سقطت إهدن بيد المماليك وحلت فيها كارثةٌ إنسانيةٌ، فذُبح الأطفال والنساء والشيوخ، ودُمرت الأكواخ والقصور، واغتصبت الأرض، وروت دماءُ الأبرياء التراب. وبسقوط إهدن وجاراتها قُطعت شرايين المقاومة ودُفنت في مهدها(37). وفيما حرية تنزف من ساقها، يمرّ بها “أبو علي الطرابلسي” فهو يعمل في الوادي ويعتني بالمزروعات، ويحملها إلى منزله، ويعتني بها كأختٍ له. لقد عاش الطرابلسيون قديمًا وحديثًا إلى جانب أهالي إهدن أعوامًا طويلةً في إخاءٍ وتعاونٍ، وفتح الموارنة المتاجر في البلد واعتبروا أنفسهم من أهلها(12). ولشخصيات الرواية رموزٌ ودلالاتٌ (أبو علي) في الذاكرة الشعبية هو رمز القوة والشجاعة، والإقدام، والمحبة للضعيف، ومساعدة الآخرين. لقد نقل حرية في عربته من الوادي إلى كفرصغاب -وهي قريةٌ قريبةٌ من إهدن- بطلبٍ منها على الرغم من حملها وضعفها لتساعد في قرع الأجراس ودفن الموتى، بعدما هاجم المماليك مغارة (حوقا) وذبحوا الأهالي المسالمين الضعفاء. وبعد عشر سنواتٍ تنضم حرية إلى فرق المردة والجراجمة الذين قاوموا المماليك، ليس لأن لها ثأرًا بل لأنها تؤمن بأن الحرية ما أوجدها الله لتتمرّغ في وحول الخريف…(95) وايما واتسون تقول: ” المرأة القوية ليست من تحارب وتنتصر، بل من تحارب وتحافظ على كرامتها” وحرية قتلت مغتصبها في مواجهةٍ داميةٍ في الفيدار. والدويهي يعلن بلسان بطلته أن : “الحرية ليست صبغةً يأكلها الزمن…إنما هي الأبد والأزل(95) ويتغنّى بنساء بلدته “إنهن في ساحات الوغى أجرأ من الرجال”(11) ويشبههن بسندياناتٍ يتحدين شظف العيش(42) وفي تمجيده لقيمة الحرية ٍ يقول:”كلّ العيون التي لا تتبارك بصورتك البهية، فقدت نظرها، وأضحت عمياء”(103) وفي رأيه أن المرأة هي الوطن والهوية فيقول على لسان يوسف خطيب حرية” ولو خسرتك خسرت وطني، وعشت حياتي من غير هويةٍ ولا حقيقةٍ”(102) وثيمة الماء حاضرةٌ هي أقوى من النار هي العمادة، سرٌّ مقدسٌ لولاها لما عاشت روحٌ وجسدٌ (77) ولكن هذه الثيمة تتحوّل إلى فعل قتلٍ وغرقٍ وجبروت. بعدما سلّط المماليك المياه من ساقية مار سمعان التي تنبع من بشري على مغارة حوقا التي لجأ إليها الأهالي _ بناءً على نصيحة ابن الصبحا_ فانهمر الماء غزيرًا، فخرجوا إلى العراء فلاقاهم الجند وأعمل فيهم ذبحًا وتقتيلًا(83) ويدعو أبناء الوطن إلى التكاتف والدفاع عن ترابه بأفئدةٍ من فولاذٍ، وإرادةٍ صلبةٍ، فيقول بلسان البطريرك دانيال الحدشيتي:” جئت إليكم من بعيدٍ، وأنتم لستم بعيدين عن قلبي وأفكاري…لبنان نحن، ونحن من يحمون أرضه، بل نحن علّة وجوده ومصدر خلوده… هذه الديار ليس لكم سواها، فإن خسرتموها خسرتم كل شيء، وصرتم مشردين في المجاهيل
والبراري(49-50) وهذه الرواية كما بقية أعماله محمّلةٌ بقضايا إنسانيةٍ ووطنيةٍ وحضاريةٍ ووصايا وإرشاداتٍ. فهل من يقرأ ويتعظ ويأخذ العِبَر من التاريخ؟
كلمة الدكتور عماد يونس فغالي: التوامة حجّ أدبيّ نرقى إليه
يومَها، كنّا في السيّارة نحو حدثٍ فكريٍّ، لمّا توجّه إليّ قائلاً: رشّحتُ اسمكَ لجائزة "أفكار اغترابيّة" في أستراليا، واليوم بلغني حصولك عليها
هكذا بدأتْ مسيرةٌ توّجها سليمان يوسف ابراهيم نفسُه بإطلاق العيد النحنُ الليلةَ في احتفاله: عيد توأمة "أفكار اغترابيّة" و"لقاء"، ١٩ آب كلَّ سنة
بين ١٩ آب و٤ أيلول (تاريخ احتفال العيد السنةَ في سيدني) واقعٌ واحد، يحبو على تاريخين مميّزين، وجغرافيا المدى بين "أفكار اغترابيّة" و"لقاء"، حالٌ واحد، أسميناه "توأمة"، هو في الحقيقة وحدة... وحدةٌ في القناعة الأدبيّة ومسار الكلمة الراقي
هكذا، مجرّدُ ذكر "أفكار اغترابيّة" أو الدكتور جميل الدويهي، يُحلّ فيّ ضعفًا مشاعريًّا وفكريًّا على السواء. قلتُ ضعفًا، هو في الواقع قوّةٌ وعلو. لا أخفيكم كم أضنّ برفعته، حدَّ عدم قبول بدونٍ يطاله
في هذا السياق، يجدرُ توضيح. توأمةُ "لقاء" و"أفكار اغترابيّة" تهلّل لكلّ تعاونٍ بين أحد التوأمَين وطرف ثالث، أجماعةً كان أم فردًا. وتبارك قناعةً بكلّ إضافةٍ يؤتيها ويزيد
في كلامٍ على ندوة "ابن الصبحا"، موضوع ندوتنا، دعوني أشكر د. جوزاف ياغي الجميّل والسيّدة نجاة الشالوحي القريبَين من صاحبها وأدبه. أمّا أنتَ د. رجاء، أنحني أمامَ قلبكَ الكبير، لأنّكَ هنا فقط لأجل كلمتي… تشهدون محاضرينا لأدبٍ يتشكّل نهضةً مهجريّةً جديدة… الإضاءةُ عليها قد تهدي إضافةً قيّمة لإرث أدبنا المشرقيّ، حبّذا لو نعتني بحفاظٍ عليه
الليلةَ، نحتفل بعيدنا. الدكتور جميل حاضرٌ معنا، بكلمته وروايته كما سبق، وبمحبّته دائمًا. هو معنا بجائزته التطبع "لقاء" بفرحٍ مستدام. السنةَ، يحملها اثنانُ من قلبنا. باسكال بلاّن النشّار، عضو "لقاء" اليكبرُ بها، غاليةً برتبةِ إنسانٍ وأدب. وأنطوان شمعون، صديقي طوني، اليهفو إليه الكلُّ حبيبًا وراقيَ فكرٍ وكلمة
ونحن في "لقاء"، إذ نحتفي بهما، لا تفوتنا مبارَكةٌ للأحبّة النالوا الجائزة وإيّاهما، وبينهم معارفُ لنا وأصدقاء
جديرٌ بنا اعتراف. لا يتمّ احتفال من دون تكامل. المكان النوجدُ فيه فيضٌ من جودِ "مشروع وطن الإنسان" اليستقبلُنا باهتمامٍ دائم. شربل خيامي، إنْ تكنْ من بيننا، تهبْ من ذاتكَ نخوةً نفيدُ منها ونحبّك. ماري شمعون، مساهمتُكِ نسمةُ الأثير. والعاملون بصمتِ التهيئة يتربّعون في قلوبنا أمراء
د. جميل الدويهي، الأحبّة مشروع "أفكار اغترابيّة"، العاملون في الدوحة الأفكاريّة، نؤمّكم اليوم محتفلين بالأدب الراقي، ونعيّدُ توأمةً نفخرُ بارتقاءٍ إليها. في حجّنا إلى الكلمة، طقوسُكم تهدينا… مباركٌ ما لنا منكم دائمًا
كلمة الأديبة باسكال بلاّن النشّار
حين سئلت إن أوافق على ترشيحي لجائزة أفكار اغترابية د. جميل الدويهي -سيدني أستراليا... وجدتني أبتسم وأضحك من صميم القلب... لغرابة السؤال
وهل أرفض جائزة ابن إهدن؟ ابن جنة عدن الجبلية اللبنانية... لا سيّما أنني قد رافقت، عن طريق منتدى لقاء، كتابات ومناسبات أفكار اغترابية منذ تشرّفت وعرفت بوجودها في القارة البعيدة، حيث د. جميل الدويهي الساعي لتوطيد العلاقات الانسانية بين الوطن والاغتراب، من خلال العمل على نهضة ثقافية تحفظ للبنانيين المنتشرين في أقطار الكون هويتهم وارتباطهم بأصالة الانتماء للبنان الوطن... بلبنان العلم والعلَم... كما الإضاءة على إرث لبنان الثقافي الفكري وثروته الحضارية وعاداته، وسعة صدره وحفاوة استقباله لكل ناشد لعيش كريم ولاجئ فار من ظلم شديد... وتاريخه الفلسفي الديني الشعري والنثري
وها أنا بين بسمة وضحكة فرح وتقدير لمجهود جبار التزم به المغترِب المهاجر المخلص لجذوره، الحاضن لذكرى الأجداد ومن ولدته، يحمل في قلبه كمشة تراب من تحت رجليها، تلهمه الوفاء والاعتزاز بعشب الحقل والهندبة البرية التي يحتفظ بحنين طعمها
د. جميل الدويهي، أفكارك الاغترابية دفق الأنهر من أعالي الغربة، تزوّدني بالسرور والفخر في استلام جائزة التواصل بين لبنان وبلاد استقبلت في الاغتراب أمثالك من رجالات الفكر والمفكّرين من أرض العطاء... يبقون لبنانيين أبناء لبنان
ولكم وبكم
يستمر شموخ الأرز وفخر لبنان
ومنّا لكم جزيل الشكر
Dr. Jamil El Doaihi
عشتم وعاش لبنان
كلمة الأديب أنطوان شمعون
أصدقائي، لن أقول لكم شكراً، ولن أقول فيكم شعراً ولا نثراً. سأقول فيكم حبّاً
الحاضرون والغائبون، أنتم وردي، وأنتم غدي. صرتم أهلاً، وصرتم منزلاً
حين دلّ عليّ د. عماد من فوق أن تعالَ وتعالَ، دبّ الهمّ في جناحيّ، "تلبّك جناحاي، فبالكاد يحملان همّي، وبالكاد يحملان دمي. لكن تجرّأت ونفضت عن جناحيّ زغب الخوف. تجرّأت وحلّقت وعلوت. فحين يدلّ عليّ د. عماد من فوق، تنبت لي أربعة أجنحة
جميل الدويهي، ماذا أقول له؟ حين يحضر القلب يحتجب القلم، لك يا جميل في قلبي حبّ أخشى لو فاض أن يغرق نهر المسافات بيننا
جميل الدويهي، حين عرفتك نلت جائزتين. أنت والجائزة. أنت جائزة أستحقّها لأنّني أحبّك وأنت تحبّني، أمّا الجائزة الثانية في الأدب والشعر، فلا أستحقّها. ولكنّني قد أستحقّها غداً، لأنّ اليوم يا جميل في ناظريك هو غد. وشكراً
كلمة الأديب د. جميل الدويهي
الأقطاب الأعزّاء في منتدى لقاء
الأستاذة المحاضرون
الحفل الكريم
من وراء المسافة أمدّ يدِي إليكم، مسلّما كأنّني بينكم، مبحرًا في صفاء حضوركم، أيّها الفعَلة في حقل الكلمة البدء، والزمنُ صعب. وكم هو عظيم أن يكون بَعدُ، في وطن جريح، ومحاصر بالأزمات والصعاب، مٓن يجعلون للثقافة معبداً، وللقيم الإنسانية مقاماً
لقاء وأفكار اغترابيّة في توأمة الروح، ولذلك نمدّ جسراً من هناك إلى هنا، وتضيع الأبعاد بيننا، بل نختصرها في بُعد واحد، هو الحالة الابداعيّة التي تؤسّس لعالم جديد، تحت سماء الخير والسلام
ومهما كنّا بعيدين عن الوطن الغالي، فإنّه يعيش فينا، وما "ابن الصبحا" الرواية التي تتفضّلون بالحديث عنها، إلاّ دليل على التزامنا بقضايا محلّيّة، بيئتُها في ذلك الجبل المتّصل بعروقنا، النابض في قلوبنا. ولا تزال عالقةً على أثوابنا أشواك الحقول، وندى الأودية العتيقة، وصلوات القدّيسين. وكم يشجيني أن يكون هذا الحدث اللقاء، مواكبًا لتطويب عظيم من لبنان، من العائلة الدويهية، التي أعتز بتاريخها وانتماىي إليها، البطريرك العلاّمة اسطفان الدويهي
لست محاضرًا هذه الأمسيةٓ في روايتي، لأنّ شهادتي لنفسي هي آخر ما أفكّر به، لكن سأكون بينكم، في مكان ما، على مقعد ما، مصغياً إلى كبار الدارسين، ومتعلّماً منكم، ومعبّرا عن غبطتي بهذا اللقاء الرفيع، بين لبنان وأستراليا، وبين منتدى لقاء وأفكار اغترابيّة، العلامتين الفارقتين في الواقع الفكريّ والإبداعيّ المعاصر
فشكراً لكم ألف شكر، من رجل مسافر في الحبر، ينحني لقاماتكم، وإلى لقاء لا ينقطع
جميل الدويهي - سيدني
تكريم حاشد ورفيع للأديب د. جميل الدويهي في ملبورن 3-12-2023
في حفل أدبيّ راق وحاشد، وبدعوة من الأستاذ أنطوان حربيّة - ملبورن، تجلّت الكلمة الاغترابيّة الرفيعة في أبهى حلّة، وتزيّنت قاعة مارون الفخمة في ثورنبري - ملبورن، بأضواء باهرة الألوان. وارتفع الشعر والنثر من قلوب مفعمة بالحبّ الإنسانيّ الخالد.
حدث تكريم الأديب الاغترابي د. جميل الدويهي، راعي النهضة الاغترابية الثانية، ومؤسس مشروع أفكار اغترابية للأدب الراقي، كان برعاية وحضور القنصلية اللبنانية العامة في ملبورن، بشخص سعادة القنصل العام الدكتور زياد عيتاني. وكان الضيوف الكرام من كل أطياف المجتمع، وبدعوات خاصّة، فالمقامات الروحية، والأحزاب كلّها، والمؤسسات، وأدباء، وإعلاميون، وقادة المجتمع... توافدوا إلى الصالة التي امتلأت حتّى آخر كرسي، تأكيداً على دور الأديب الدويهي المتقدّم، ومكانته العالية في طليعة حركة أدبيّة نشطة وبناءة، تقوم على الفعل والاثبات الحقيقي بالمنجزات المتتالية، نثراً وشعراً وفكراً وتأريخاً وأكاديمية، وباللغتين العربية والإنكليزية. وقد حمل الأديب الدويهي معه عدداً غير مسبوق من الكتب التي قدمها إلى الحاضرين كهدايا مجانية، وبعضها مرجعيّة أكاديمية، لاقت الكثر من القبول لدى أبناء الجالية. قدّم وقائع الحفل الأستاذ سامي مظلوم، بطريقة أدبية وبلاغية رائعة، فقال: “من جديد تجمعنا الكلمة في حلقة أدبيّة هادفة، همّها بعث ثقافة الوعي والحياة والمحبة في كل ناسها هنا، في هذه الأستراليا العظيمة، وهناك على أرض الوطن الذي أنبتنا، وفي كل امبراطورية انتشارنا في هذا الكون. تجمعنا الكلمة في فعل إيمان رسولي واحد. ونلتقي بكم اليوم لتكريم الكلمة الإنسان، الكلمة الأدب والشعر والإبداع. كل هذه القيم نجسّدها فعلاً بطوليّاً في حلقة ينمو الأدب فيها ويتوسع ويرتقي ويتعالى. الكلمة هي الحياة الجديدة، تعلمنا دروساً في الحكمة، تهذب أخلاقنا، تسمو بنا إلى المثل العليا، تزرع في نفوسنا الرحمة والمغفرة".
وبعد أن رحب مظلوم "بالمحتفى به في هذه المناسبة الجميلة، الشاعر الكبير د. جميل الدويهي والسيدة عقيلته المحترمة”.، أضاف: “لا بد من كلمة تقدير وشكر إلى الصديق أنطوان حربية. قالها لي منذ عشر سنوات: أعشق الكلمة منذ طفولتي الأولى. أنا راهب في ملكوتها. إنها الله يا صديقي. الله محبة. فقلت له: أتقصد ما قاله قبل مئة عام ونيف جبران العظيم، ومعه نقول ونصلّي: إذا المحبة أومت إليكم فاتبعوها… وإذا خاطبتكم فصدقوها. هل تعلمون لماذا؟ لأن المحبة لا تعطي إلا ذاتها، المحبة لا تأخذ إلا من ذاتها. لا تملك المحبة شيئاً ولا تريد أن يملكها أحد، لأن المحبة مكتفيه بالمحبة… أحيّيك يا صديقي أنطوان، وإلى قمة جديدة في دروب كفاحك وعشقك.” وختم مظلوم بتوجيه كلمة شكر ومحبة إلى المخرج جورج الياس سلوم، الذي أخرج فيلماً وثائقياً عن الأديب د. جميل الدويهي ومشروعه الأدبي بعنوان "من على الضفتين".
د. زياد عيتاني في كلمة راعي الاحتفال القنصل العام د. زياد عيتاني قال: "إن التحدث عن الشاعر د. جميل الدويهي فيه مسؤولية كبيرة، فقد يسقط منك سهواً وصف دقيق لأبيات شعره… كما أنك تبحث عن عبارات وأوصاف له ولكلماته قد لا تجدها كافية لأستاذ في لغة الضاد ومعلّم لها.”
أضاف: “نجتمع اليوم لنكرّم أديباً وشاعراً لبنانياً لمع في وطنه كما في مغتربه. شاعر ساهم في نشر لغتنا العربية الأم، وهي اللغة التي كُتبت فيها المعلقات بماء الذهب".
وقال د. عيتاني إن الشعر علم بحدّ ذاته ولا يتقنه إلا من هو أهل له. مضيفاً أن مشروع أفكار اغترابية في الأدب المهجري ومجموع الكتب، مسؤولية كبيرة تجاه أبناء الاغتراب، كون هذه الحركة تعكس أفكار شعرائنا وأدبائنا، وهي ما تبقى من الحفاظ على لغتنا التي بدأت تذوب بين أجيال المهجر.
ودعا القنصل العام عيتاني إلى تعلم اللغة العربية من كتب المبدعين على غرار الدكتور الدويهي في المدارس التي تعلم اللغة العربية في أستراليا، و"هي مسؤولية الآباء تجاه أبنائهم، وهي كالمأكل والملبس ولا بد أن تكون جزءاً من قوتنا وحياتنا اليومية، وهي أيضاً مسؤولية الدولة تجاه مواطنيها. ولا بد من نشر هذه الكتب، ليس في أستراليا فقط، بل في بلاد الانتشار، ليطلع أبناؤنا عليها.”
ووجه القنصل العام الشكر الكبير إلى الأستاذ أنطوان حربية، الداعي إلى الحفل، مثمناً جهوده في نشر الكلمة، وكل من ساهم في تنظيم هذا اللقاء، وتمنى "لشاعرنا الكبير المزيد من التوفيق والإبداعات في عالم الريادة".
أنطوان حربية وفي كلمته، قال الأستاذ أنطوان حربية: "يأتي إلينا على صهوةِ الربيع، حاملاً عطراً وبخّورَ مريمِه، وترابَ الأرضِ البكرِ من لبنانَ الحُبِّ والخير. ونحن نستقبلُه بفرح، ونُصغي إلى صلاةِ عاشقٍ يحبُّ اللهَ والأرضَ وقيَم البشريّةِ الرفيعة. راعي النهضةِ الاغترابيّةِ الثانية، بل أكثر، هو مؤسّسُ الأفكار الاغترابيّة التي صارت جامعةً عالميّة يُقتدى بها، ورائدٌ في تنوّعِ الأشكالِ الأدبيّةِ شعراً ونثراً وفكراً وأكاديميّةً، وباللغتين”.
وقال: "نحن قد حملنا مِشعلَ الثقافةِ والفكر، وجعلنا هدفـَنا خدمة َ الكلمة، وتخليداً لهذا الإرثِ الأدبيِّ والثقافي، ومن أجلِ الحضارةِ والإخاء، ونشرِ المعرفةِ والتطوُّر، عمِلْنا كمجموعةٍ من اهلِ الثقافةِ والأبداع، تتقدّمُنا وزارةُ الثقافةِ في لبنان، والقنصليةُ اللبنانيةُ العامّةُ في ملبورن، لإطلاقِ فيلمٍ وثائقي، يكونُ شهادةً حية، لمسيرةِ أبنِ اهدنَ البار، والسفيرِ الثقافيّ للوطن، الدكتور جميل الدويهي، مثمّنينَ جهودَه في سبيل الفكرِ المضيءِ وخدمةِ المجتمع، وردّاً لجميِله وتضحياتِه التي لا تُقدّر من أجلِ رفعِ مستوى الحضارة، ونشرِ الكلمةِ الحقّة في الأجيال. ونؤكدُ حرصَنا على تعزيزِ علاقةِ التعاونِ والتكامل، بهدف الارتقاءِ، وبناءِ الإنسانِ الجديدِ المتنوع، والغنيِّ ثقافيا وتاريخيا، فالحضارة ُمن ثوابتِ الرقي، وتحتاجُ كما شجرةُ الزيتون، لرعايةٍ وحماية ٍوعنايةٍ مستدامة حتى تترعرعَ، وتعلو وتُغدِقَ علينا وعلى الأجيال التي تلينا. ولولا الأدبُ الراقي الذي ينشرُه عظماءُ الأرض، لما أضاءت نَجمةٌ في سماء، ولا ارتفعت نارٌ على علَم.
د جميل الدويهي يزرعُ بقصائده الوفاءَ والرجاءَ والمحبةَ والحيويةَ الجديدةَ لمجتمعنا، وبكلماتِه تتفتحُ براعمُ الإيمان.وها هو يزورُنا للمرّةِ الرابعة، حاملاً إلينا أنواعَه الشعريةَ والنثريّةَ المختلفة، وعشراتِ الكتبِ من موسوعتِه غيرِ المسبوقةِ في تاريخِ العرب، وفي أكبرِ ظاهرةٍ من هذا النوع عرَفتها ملبورن. وبهذا التراثِ الغنيِّ تغتني أرواحُنا وعقولُنا، وتتجدّدُ آمالنا، فكأنّنا نزهو مع الياسمين، وموسيقى الجداول، وغناءِ الأطيارِ على أفنانِ الوردِ وتُفّاحِ الجبال”.
أضاف حربيه: "عندما نقرأُ للأديب جميل الدويهي، نُدركُ أنّ الربيعَ قد حلّ بيننا، والتمعتْ قطراتُ الندى على الزهورِ المتفتحةِ في صباحٍ نقيّ… الدكتور جميل الدويهي، لقد أبحرتَ الى ما وراءَ البحار، واكتشفتَ مغاورَ اللؤلؤ، لكي تَصنعَ لنا أيقوناتِ الأدبِ والكلمةِ الرائدة التي لها تنحني القاماتُ العوالي.”
وختم: "نشكرُكم جميعاً على ثقتِكم وحضورِكم بيننا، ونسعى دائمًا الى تقديمِ الافضلِ في خدمةِ الكلمة. وكلُّ الامتنانِ على تعاونِكم وعلى الجهودِ التي بذلتُموها. وأتقدَّمُ إليكم بوافرِ الاحترامِ والتقديرِ فردًا فردًا، وهو تقديرٌ تستحقّونَه ويليقُ بمقامِكم.
هذه المناسبةُ الكبيرةُ، نتاجُ التعاونِ المثمرِ بيننا، والعملِ بروحِ الفريقِ الواحد. وهذا الفيلمُ الوثائقيُّ هو ثمرةٌ من ثمارِ المحبّة للأديب الجميل. فشكراً لمن تعبوا معنا، لوزارةِ الثقافةِ بشخص معالي الوزير محّمد وسام مرتضى، والأساتذة الكبار الذين تفضّلوا بإبداء آرائهم في الفيلم، وقد عُرضت أسماؤهم تباعاً. وكلِّ مَن ساهم من قريبٍ أو من بعيد، في هذا المشروعِ الوجيه، كذكرى توثيقيّة وتاريخيّة، ولكي يكونَ للحرفِ مقامٌ يستحقُّه، وللحضارةِ الإنسانيّةِ صدى يدوم في السنينَ الآتية”.
طوني شربل وألقى الإعلامي طوني شربل، كلمة في المناسبة، فقال: “سألني أهل البيت: أتحمل جراحك الألم وتمشي؟ فقلت: سأرمي بها خارج هذه القاعة، لأن في داخلها الدواء والشفاء.”
وأبدى شربل إعجابه بعطاء "مبدع من بلادي، أغنى المكتبة الثقافية والأدبية والشعرية في زمن ضاعت فيه اللغة وأدبها، وصارت تُمضغ على ألسنة جهلة أرادوا اعتلاء مجد فارغ وباطل. هذا المبدع الذي كتب تاريخ لغتنا السليمة في انتشارنا، بأحرف سرمدية، غاص طويلاً في عمق التاريخ الغني للوحات جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، وإيليا أبي ماضي، وعبدالمسيح حداد، ورشيد أيوب، وندره حداد، ونسيب عريضة، وأمين الريحاني، وآخرين آخرين من الذين جسدوا تاريخ الشعر والأدب في المهجر، ليأتي مبدع عصرنا اليوم، وهو بالرغم من الهياكل التي عمرها، ما زال في ربيع عطاءاته، متابعاً تلك المسيرة الحافلة، الأديب الرائد الدكتور جميل الدويهي”.
ووجه الإعلامي طوني شربل تحية شكر إلى "أديب مخضرم، كلما كتب أو تحدث، ناشدناه المزيد المزيد... متمكّن من لغتنا، متجذر بأناقة إظهارها، مترفع عن صغائر شتّاميها، هو صاحب هذه الدعوة، والكثير الكثير من مثيلاتها، أنطوان حربيه".
وحيّا شربل الصديقة الراقية سيلفانا حربية، شقيقة أنطوان، واصفاً إياها بالجندية المجهولة "التي آلت على نفسها أن تكون السند، ليس لإخيها أنطوان، في كل إبداع عظيم، وكل موقف طليعي وحسب، بل لعائلة كتب لها أن تكون رائدة في مجتمع سجل لها ولا يزال، مواقف إنسانية واجتماعية، وثقافية في الوطن والانتشار".
وأضاف شربل: لغتنا العربية الرائعة بآدابها وقواعدها الموسيقية وشعرها وأوزانه وبحوره وقوافيه… هذه اللغة التي أسسنا لها، قبل أربعين عاماً في هذه البلد، تتعرض اليوم لمذبحة جماعية، من متطفلين، أو مبتدئين، أو متحرشين أو مغتصبين… يكتبون شعراً لا يشبه الشعر ونثراً لا يمت إلى النثر بصلة. ينصبون الفاعل ويجرّون المفعول له، ويفعلون السبعة وذمتها بالفاعل أكثر مما هو يفعل…”
أضاف: “نبقى نتطلع في انتشارنا بعين من الأمل والرجاء والرضا إلى جميل الدويهي وأنطوان حربية، كما إلى عدد آخر في سيدني وملبورن من الموهوبين والملتزمين، لنصل معاً إلى سلامة اللغة وروعة الأدب، ورقي الشعر وعظمة الثقافة.”
وبعد الكلمات، توجه الأديب الدكتور جميل الدويهي إلى المنبر ليحيّي ملبورن وأهلها، ويشكر الداعي الأستاذ أنطوان حربية وشقيقته سيلفانا، وسعادة القنصل العام د. زياد عيتاني، والأساتذة سامي مظلوم، وأنطوان شربل، والمخرج جورج سلوم، وجميع المقامات وأبناء ملبورن المدينة القدوة لبيروت وسيدني – كما وصفها. ثم ألقى باقة من قصائدة المتنوعة شكلاً، في مواضيع الوطن والحبّ والغزل والذاتيّة.
وبعد أمسية الدويهي، قطع الأستاذ حربية وشقيقته سيلفانا، وسعادة القنصل العام، والأديب الدويهي وعقيلته الأديبة مريم رعيدي الدويهي، قالب الحلوى... وكان حفل كوكتيل فخم، أعدّ على شرف الحضور، ثم انتقل الجميع إلى صالة مجاورة حيث عُرض فيلم وثائقي عن الأديب الدويهي ومشروعه الأدبي، مدته نصف ساعة، أنتجه الأستاذ أنطوان حربية، وشارك في فعالياته، معالي الوزير محمد مرتضى، سعادة القنصل العام زياد عيتاني، الأستاذ أنطوان حربية، الأستاذ سامي مظلوم، الأستاذ طوني شربل، د. أ. جان توما، الإعلامية فيرا يمين، الإعلامي روبير فرنجيه، الشاعرة ميراي شحاده حداد، الشاعر وسام زيدان، والأستاذة نداء عثمان التي أنجزت في جامعة الجنان - طرابلس، أول رسالة ماجستير عن الأدب الاغترابي، في بابها، موضوعها "التحولات الشعرية في الأدب المهجري المعاصر - جميل الدويهي أنموذجاً”. أخرج الفيلم المفاجأة الأستاذ جورج سلوم.
الوزير مرتضى قال وزير الثقافة اللبناني القاضي محمد مرتضى في الفليم: "أغنى ما في لبنان اغترابه، وأغنى ما في هذا الاغتراب أبناؤه وحرصهم على بث الصورة الحقيقية والأميز للبنان واللبنانيين، صورة الفكر والثقافة والرسالة بكل ما للكلمه من معنى، المقيَّد والقدَّر للبنانيّين سواء في لبنان أو الاغتراب أن يؤدوها. دكتور جميل الدويهي، وزارة الثقافة ووزير الثقافة يسجلون له بأحرف من نور أداءه لهذا الدور على مستوى الوظيفة الثقافية اللبنانية في ديار الاغتراب”.
أضاف الوزير مرتضى: “أن يكون للبنان في أستراليا تحديدًا شخصية ثقافية متميزة ومتمكنة كالدكتور الدويهي ، يعني أن يكون للبنان سفير للثقافة في أستراليا، يقوم عن وزارة الثقافة ببث الرسالة الثقافية اللبنانية في المغترب الأسترالي بين اللبنانيين وغير اللبنانيين هناك.”
القنصل عيتاني وقال القنصل عيتاني في الشريط: "الدكتور جميل الدويهي في "أفكار اغترابية" يجعلنا نشعر بالمسؤوليه الكبيرة لحفظ أدب المهجر، فهو يسعى من خلال كتبه للحفاظ على هويتنا اللبنانية ولغتنا العربية، وهما ضابطا الارتباط مع وطننا لبنان.”
وقال عن شعر الدويهي: "قراءه أبيات شعره يجعلك تبحر في بحار مجهولة دفيئه، وتسبح في أعماقها لترى سواد ظلمتها، ثم ترتفع معها رويدًا رويدًا لتهتدي إلى أفق لمعت فيه خيوط شمس مضيئة من جبال لبنان، ومن زغرتا تحديدًا لتبعث الأمل بمستقبل أفضل… هو شاعر جعل قلمه يعبر عما تختلج نفسه بالحنين إلى وطنه الأم من قسوة غربة، أو شوق لأحبّة وراء البحار، وقد جعل كلماته تختصر المسافات وتنساب بغزاره مياه أنهر لبنان".
ولفت القنصل العام إلى أحد أقانيم الفلسفة الدويهي، فقال: "يريدنا الدويهي الجميل ان نتجمل بخصال أرواحنا دون الجسد، لكنّ الجسد والروح صنوان يتكاملان ويتلازمان في توازن دقيق. وهذا التوازن أحد أركان فلسفه الدويهي".
وقال القنصل عيتاني: "في عاطفه جميل تنساق مشاعره بلا تمهل، لتعبر عن هنيهات الهوى التي نشتاق اليها وإلى خلجاتها، ونحن مترددون بمقاربتها، فهو يزرع العشق في ثنايا قلوب عطشى، لتولد حنيناً وأحاسيس.”
وختم قائلاً: "النهضه الفكريه تكسر حاجز الغربة، تحمل إلى اللبنانيين خلف البحار كنوز الحرف والمحار، وهي البشارة الدويهية يعلنها مداد عشقه الشوق إلى القرية اللبنانية مهد الذكريات".
حربيه وتساءل الأستاذ أنطوان حربية في بداية الشريط: "هل يغترب الفكر الجمال من موطن الإنسان؟" مضيفاً: "إنها قبلات تُطبع على جسد العمر رساله إشراق عرفاني"… وأضاف عن الدويهي: "إنه رجل لم يرتدِ عشب الأرض بل أرزة العلَم والعلم".
وقال: "أفكار اغترابية" يهدف إلى نشر كتب الدويهي، لتيسير البحث وتوفير الفرصة للدارسين والنقاد للاطلاع على أعماله الأدبية". ومضى يقول: “إن الدويهي متعدّد، فعلاً متعدّد. ونشر العديد من الدراسات عن سعيد عقل، وجبران خليل جبران، واللغة العربية، والتدريس في أستراليا، وكتبَ دراسة حول صورة الشيطان عند غوته وأمين الريحاني نشرت في كتاب "منارات ثقافية" - طرابلس، وهي أوّل بحث مطلقًا يتناول التشابه بين غوته وأمين الريحاني.
ولفت حربية إلى كتاب "أشهر المعارك الإهدنيّة في التاريخ" الصادر باللغة الانكليزية، وقال إنه يتضمن مقاربة مختلفة لتاريخ إهدن، حيث يناقش الموضوع من باب المعارك التي خاضها الإهدنيّون في صراعهم الطويل مع الطبيعة من جهة والطامعين من جهة ثانية.
وأشار حربية إلى رسالة الماجستير عن أدب الدويهي التي أعدتها الأستاذة نداء عثمان، فقال: “ فخر لجاليتنا أن تقدم الطالبة نداء عثمان رسالة ماجستير بعنوان "التحولات الشعرية في الأدب المهجري المعاصر - جميل الدويهي أنموذجًا، بإشراف د. جون توما رئيساً، وعضويه د. ريما الأحدب ود. فرح الجم. كيف لا؟ وهي أول رسالة في بابها تختص بالأدب الاغترابي من خارج الرابطة القلمية والعصبة الاندلسية؟"
وختم حربيّة قائلاً: “شكراً لابن إهدن المدينة التي لا تنزل عن جبل، وصخور القمم السمراء المعانقة للكواكب. والشكر الأكبر يبقى للرب المحيي لأننا عرفناك وأحببناك بقدر اتساع الحبّ الذي يجمع بيننا ولا يفرّق".
مظلوم الأستاذ سامي مظلوم بدأ تعليقاته بالقول عن “أفكار اغترابيّة”: إنها فكر منتشر كهواء الأرز، عنوانها القرية اللبنانية بنقائها وحنين ياسمينها، وعطر الدويهي شعر وفكر وأدب تجذّرٍ ووفاء يهزأ بالمحن”.
أضاف: “ساهمت في مشروع أفكار اغترابية مجموعة من الأصدقاء المبدعين من جميع أنحاء العالم، ونشأت توأمه بينه وبين نادي الشرق لحوار الحضارات، وشراكة مع منتدى "لقاء" في لبنان.”
وأشار مظلوم إلى روايات الدويهي، مثل "طائر الهامة"، "الإبحار إلى حافة الزمن" التي أصدرها باللغتين، و"حدث في أيام الجوع"، وبلطجي بيروت"، كما لفت إلى الكتاب الأكاديمي الرائد "التأثيرات الشرقية في بواكير الشعر الأسترالي"، الذي ركز على ثلاثة شعراء أستراليين رواد، تشارلز هاربر، آدم ليندسي غوردن، وهنري كيندال، وهم من أوائل الشعراء الأستراليّين بداية الاستيطان الأبيض، وربطت دراسة الدويهي بين قصائدهم وتأثيرات شرقية وأسطوريّة.
وعن أقنوم الفلسفة الدويهية ، توازن الجسد والروح، قال الأستاذ مظلوم: "ما أعمق شهوة الروح وما أرقى تسامي الجسد! وبين الشهوة المستعارة والتسامي المعتدل، نجد حقيقه الإنسان الهارب من جسده إلى روحه النورانيّة".
شربل وتساءل الإعلامي طوني شربل: "ماذا اقول في رجل حمل مهمة تنوء بها الجبال، رسالة النور مجانيه العطاء والفداء؟"
وقال عن "أفكار اغترابية": "إنها أفكار من عمق الوطن، حروفها قدموسيه النجوى"، واصفاً المشروع بأنّه "مستقل ينشر فيه الدويهي سبعة أنواع مختلفة من الشعر وسبعة أنواع من النثر أيضًا، بما فيها الرواية، القصة القصيرة، الفكر، التأريخ والدراسة الأكاديمية.”
وأعطى شربل مثلاً عن التنوع الدويهي الفريد، وريادته لفهم الثقافة الأسترالية، في كتاب "حكايات جدّة أبوريجينية"، الذي يحتوي على قصص من تاريخ الشعوب الأصليه وأساطيرهم، وهو بالفعل الأول من نوعه باللغة العربية على الإطلاق.
د. أ جان توما ووصف د. أ. جان توما جميل الدويهي بأنه"العابر الحدود والأبجدية. لم يقف عند تخومه ولم تعد الدنيا تسعه، فغار في عمق الحروف وصاغها من لالئ العمر أفكاراً اغترابية، شاف حاله فيها على الملأ، وهذا حقه. كان المغترَب محبرته، وكان مجذاف الشوق ريشته، فجال المنابر الثقافية وهام في فيافي العربية، فغزا عالمه الجديد بروحانية الشرق وحلاوة هضبات لبنان وجباله وأوديته، فسرى مسرى النسيم في مفاصل حراك العالم الأدبي الاغترابي فأحياه”.
وقال إن من اهتمامات جامعة الجنان الإضاءه على رواد العربية اليوم، وتوجيه طلابها الى دراسة آثارهم، لهذا عمدت الطالبة نداء عثمان من جرود الضنيه في لبنان إلى أن تتابع حركة جميل الدويهي الشعرية والروائية في آخر الدنيا – أستراليا، مركّزة على تحوّلات الشعرية في الأدب المهجري المعاصر.
أضاف توما: "جميل الدويهي الأديب واللغوي لم يقدّم تحولات، بل عاش المعاناه ومرارة الغربة، من أجل تأطير مسيرة الأدب المهجري الحديث، مع دراسه مضامين التجديد الإنسانية المهجرية التي وفاها بكيانه واحاسيسه، فكان الشاعر المهجري المقيم جميل الدويهي".
يمّين الإعلامية فيرا يمين قالت "إن فلسفة جميل الدويهي هي ثقافه الإنسانية، فلكي يحافظ على كينونته وصيرورته وديمومته، لا بد له من الاعتراف بالآخر، وهذا بالتحديد ثقافة العطاء التي اختصرت بالفداء".
أضافت: “جميل اسم على مسمى، جميل الروح والكلمة والفكر. وهذا ليس مستغربًا عنك أنت ابن جبل النور والبخور، الذي أعطى بطاركة وقديسين وعلماء وشعراء وأدباء، وابن عائلة لها أيضًا على الفكر والكلمة".
وعن التوازن بين الروح والجسد في فلسفة الدويهي، قالت الإعلامية فيرا يمين: "من البديهي القول إن الجسد والروح توأمان لا ينفصلان، لكن معروف أن الروح الجميلة هي التي تضيء على الوجه وتعطي للجسد حياته، وبالتالي لكي تحافظ الروح على البقاء، لا بدّ أن تعبر بالجسد، وهذا التكامل بين الاثنين يجعلنا نعتنق الشعر عبوراً إلى الحرّيّة.”
فرنجية الإعلامي روبير فرنجيه قال إن قصة الدويهي هي قصة إنسان "لم يهجر الوطن، بل حمله إلى أقاصي الأرض وزرعه أرزة محبته والشوق على ضفتي المحيط. ونحت إبداعه على صخور الشاطئ لا على الرمال، فحول صحراء الغربة إلى واحات فخر معتّقة بالحنين.”
وقال أيضاً: "يتألّق الدويهي في كتابة القصص القصيرة، في مجموعات "من أجل الوردة"، "أهل الظلام"، "الحافلة والولد ممكن"، وقصص قصيرة وردت كتبه الفكرية الاثني عشر… وقدم لنا في عالم الشعر أعمالاً رائعة في سبعة أنماط شعرية مختلفة."
شحادة الشاعرة ميراي شحادة قالت للدويهي : "شكرًا أيها الكبير، لأن قراءتنا لك حولتنا إلى خبز يشبع غليل الجياع... لن تكون جائزتك التي تكرمتَ بها علينا وعلى كوكبة من المبدعين إلاّ رسالة مسؤولية إلى حمل النور في صدورنا وعقولنا".
ولفتت إلى أدب الدويهي الروائي الداعي إلى السلام الذي يتجسد في رواية "طائر الهامة"، وهي رواية "تحمل همّ الوطن وتصرخ في وجه الحرب وتنشر الحبّ بين البشر".
زيدان
الشاعر المهجري وسام زيدان أدلى بمطالعة في الشريط قال فيها: “ايها المبدع الدويهي، يا شقيق الروح في معبد الحبّ، قليل ما تخطه أقلامنا فيك، فأنت القبس النوراني تستمد منه أقلامنا فعل إيمان سرمدياً، بأن حرف العز في بلد الأرز خالد خلود البشارة الدويهية.”
أضاف:” قراناك روائيًا لتؤكد لنا مرة جديدة أنك شامل الأدب. وهذا نادر يميزك. وفي كل ما كتبت أعلنت الكلمة في أبعادها الإنسانية المثلى".
عثمان:
الباحثة نداء عثمان، قالت عن رسالتها لنيل شهادة الماجستير من جامعة الجنان: توصلت إلى أن جميل الدويهي أكمل مسيرة الأدب الاغترابي على طريقته وابداعاته الخاصة، منطلقاً من تحوّلات العصر والزمان والمكان واللغه والظروف، فكان مكثرًا في الشعر والنثر وضروبهما".
وأكدت أن البحث تركز على العلاقه بين المدرستين (المهجرية الأولى والمهجرية الثانية)، وطريقه كل منهما في مقاربه الأدب،"وفي الفصل الاخير منها درستُ تحولات الشعرية بين جبران خليل جبران وجميل الدويهي، في مبحثين عن رمزية البحر ورمزية المرأة.”
وختم الشريط الإعلامي طوني شربل، قائلاً: شكرا لأنك الهدى، في يراعك غصن سلام، يشق البحار يحمل الخير وينشد المراقي. وحسبنا نعتبر".
في حفل باهر، حاشد ومميّز
أفكار اغترابيّة يحتفل بعيد الـتوأمة مع منتدى لقاء في لبنان
في ليلة أدبيّة وطربيّة من طراز رفيع
مرّة بعد مرّة يثبت "أفكار اغترابيّة" أنه صنع الفرق، وأطلق نهضة اغترابية ثانية بكل ما في الكلمة من معنى... ومعه مئات المحبّين، ليس فقط في أستراليا، بل في كل القارات. وقد أوصل الأدب المهجريّ الرفيع إلى الجامعات، واهتمّ به أساتذة كبار، وأكاديميّون قدوة، وأدباء ومفكرون في الجهات كلّها. وما الرصيد الكبير من 117 منجزاً طباعيّاً، 55 منها للأديب الدويهي وحده، إلاّ دليل ساطع كالشمس، وموضوع مقارنة ذات معنى لمن يهمّهم الأمر، في الميزان الصحيح للتقويم والحكم
كانت التوأمة مع منتدى لقاء في لبنان مفترقاً ثقافيّاً مهمّاً، وتوقيعاً بالعهد والوعد على التعاون المثمر والبنّاء لإغناء الحضارة. وكان العيد في لبنان في الثامن عشر من آب، في دار الإفتاء الجعفري – جبيل، ولاقيناه بعيد آخر في سيدني، واحتفالية كان المفترض أن تكون بدعوات خاصّة (حوالي 50 دعوة)، لكن الحضور وصل إلى 120 ضيفاً، جاؤوا بدافع المحبة الحقيقية، والالتزام الصادق، والاعتراف بتضحياتنا وسهرنا وتعبنا من أجل قضيّة مقدسة
هؤلاء الحضور الطيّبون، الأصدقاء الأوفياء، والزملاء المحترمون، هم تاج رأسنا، ومعهم نستمر في العطاء، إلى ما بعد "المتقدّم في النور". فالطريق أطول مما يعتقده البعض. أطول بكثير
صوت الفنان الأسترالي العربي بشخص المطرب محمد الشريف قدم لنا مشكوراً، الصالة في المركز الاجتماعي – غيلدفورد. كما قدم لنا باقة من المطربين ضيوف الشرف الذين ملأوا المكان طرباً، مع المايسترو ابراهيم ساروفيم، وعازف العود كوستي، وضابط الإيقاع طوني لطوف، كما أدهشنا آل فطايرجي: العازف الرائع حسن، والمطربة لينا، وعازفة الأورغ فادية
البداية كانت مع الأديبة المريميّة، صاحبة 12 كتاباً إبداعياً ونقدياً، وأمينة أفكار اغترابية، مريم رعيدي الدويهي التي رحبت بالحضور، وقالت: "الليله عيد التوأمه مع منتدى لقاء في لبنان، وعيد رسالة الماجستير التي قدمتها الطالبة نداء عثمان في لبنان، وهي أول ماجستير في بابها تتناول أديباً اغترابيّاً بعد الرابطة القلمية. وعيد اللقاء معكم، أحباب أفكار اغترابيّة وأهله، أهل الأدب الصحيح، والرفيع، والصادق. مئة أهلا بكم، رؤساء أحزاب وجمعيات ومؤسسات وشعراء وإعلاميين وفنانين... الشكر الجزيل لكم، ولصوت الفنان العربي الأسترالي بشخص المطرب محمد الشريف الذي قدم الصالة لهذه المناسبة، وكل الذين ساعدوا... وتحية من القلب إلى منتدى لقاء في لبنان، بشخص الدكتور عماد يونس فغالي، عماد اللقاء، وإلى روح الأديب سليمان يوسف ابراهيم الذي اقترح العيد. وإلى الدكتور جوزاف ياغي الجميل من الثالوث الإبداعي، والراعي النقدي الأول في لبنان لنهضتنا الاغترابية، والدكتور جان توما الأستاذ المشرف على الماجستير، والدكتور رياض عثمان الصديق والأخ العزيز، والطالبة المبدعة نداء عثمان. وألف مبروك درجة ممتاز. وإلى اللقاء مع دكتوراه ان شاء الله عن جميل الدويهي وأفكار اغترابية"
ثم ألقت الأديبة المريمية، نيابة، الكلمة الأولى في هذا العيد، "لسيّد العيد، وعماد اللقاء، الصديق الكبير عماد يونس فغالي"، بعنوان "قدسُ الكلمة!”، هذا نصها:
الكلمة، دخلتُ قُدسَكِ الأدب، وفي محرابِكِ حللت. ضوعُ مِدادٍ عَبْقَ الأمكنة، بخورٌ دويهيّ في أرجاء المعبد، هوذا الكاهنُ المتقدّمُ في العطاء، يؤمُّ الخدمةَ أدبًا... محار من وراء البحار
على أعتابكِ الكلمةِ القدسيّة، جلستُ، في جانبي الأيمن، حَبرٌ في لباسه الأدبيّ الفاخر، يبسَمُ لي: "تعالَ إلى جميل الألق، هلمَّ يا جميلُ، أُمَّ عبادتَنا الفكر". يمسكُ يدي بجائزة، ويرفعُني بدرعٍ ولا يكتفي. صلاةُ ختامه إطلاقٌ تخطّى الزمن: "توأمتُنا وُلدت لتخلُد
يا جميلُ، هذي صلاتي، احتفاليّةُ عيدٍ مُلهِمٍ من ساكنٍ في الله Lehi شافعٍ لديه. سليمان يوسف ابراهيم، أقامَ العهدَ توأمةً، وكرّسَ العيد، في ضوئيّةٍ نبويّة بثّها دومًا في "أفكار اغترابيّة" و"لقاء"، ليبقِيا على اسمِه... وجهين لعلوٍّ واحد
ها أنا بكلمتي هذه أرقى بينَكمُ محتفِلاً بما يجمعُنا. حسبي تُحبّونني فأُدركُ كم أنا في عيد
ثم تلت الأديبة الدويهي كلمة الباحثة نداء عثمان، التي قالت
"أسعدتم مساء. يشرّفُني أن أكونَ بينكم. واسمحوا لي أن أدخلَ إلى صلب الموضوع، وأتحدثَ عن الأديب د. جميل الدويهي. لقد استطاع الدويهي أن يجدّدَ في الأدب المهجريّ، بشتّى الأساليب الأدبيّة، بالشعر الفصيح والعامّيّ والزجل والشعر المدوّر والشعر الحديث والقصّة والأقصوصة والرواية، وما هذه التنوّعاتُ إلّا تصديرٌ للمكانة المرموقة التي وصل إليها اديبُنا.
إن الأديب الدويهي أخذ لبِنةَ حجر الأساس، من الأدب المهجريّ القديم ليبني قلعةَ الأدب المهجريّ في البلاد الجديدة، فبالإضافة إلى ما كان عليه الأدبُ القديم، كانت له بصمةٌ خاصةٌ فيه يتفرّد بها عن غيره
يبدو الدويهي مجموعةَ أدباء في شخصٍ واحدٍ، إبداعُه في تعدّد أنواع الشعر والنثر الذي يكتبُه، والتكريماتُ والجوائزُ الدوريّةُ نجومٌ معلقةٌ على صدور المبدعين، تُضيف وهجًا على أدبهم، ونشْرُ إبداع المهجريّين وتسهيلُ معضلةِ النشر عليهم، ما كان يحصلُ في الأدب القديم حيث أنّ العددَ الكبيرَ من أدبهم جُمع ونُشر بعد وفاتهم. بذلك يكونُ جدّدَ في الأدب المهجريّ
من الواضح، شبَكَةُ العلاقات الفكريّة التي أسسها الدويهي في قارة أستراليا، واستطاع أن يُحيي أقلامَ العديد من الكتّاب، فأوجد رابطةَ حبرٍ، تضمّ عشراتِ الذين ساهموا معه في الكتابة والتأليف والنشر، كأنّ مِحبَرَتهم وُلدت في مَخاضِ الاغترابِ العسير في رحلتها إلى أستراليا
لقد هزّ الدويهي جذعَ سنديانةِ الحنين والشّوقِ للوطن، تساقطت عليه حروفٌ من حلاوةِ روح، وروحٍ من كُتب، وترجمَ فكرةً من خَياله. من هنا يأتي مشروعُه أفكار اغترابية عند تأسيسه عام 2014 خيرَ شاهدٍ على شغفِه وأحلامِه، وعلى الصعوبات والانجازات، وعلى تواضعِه في التعامل مع الناس، وسماحةِ روحه ورجاحةِ عقله الذي يسمحُ للآخرين بالبروز، فكم من إبداعٍ لولا مشروعُ أفكار اغترابية بقيَ في غياهب النسيان والظلمة
هذه الحركةُ الدويهيّةُ الفكريّةُ الاغترابيّة، تركت أثرًا في الناس، وفي الاتجاهات الشعريّة العامة في مسيرة الأدب الاغترابي. هو عدّةُ شعراء في شاعر واحد. بنى قصراً في ديوانه "أعمدة الشعر السبعة"، وهي أنواعُ الشعر كافة. فكان بذلك أيقونةَ الإبداع المهجري المعاصر، مدرسةً قائمةً بنفسها بالعطاء والإبداع، والتجديد عن المهجري القديم، بالإضافة إلى أنواع القصائد التي نُظمت في الشعر المهجري؛ دخل إلى صرح التميّز من باب الشعر المدوّر والشعر المنثور. ملامحُ التجديد برزت في أنواع الشعر السبعة التي لم يسبقْه إليها أحد
ولقد حاولتُ في الفصل الخامس من دراستي أن أُجري مقارنة سريعة بين جبران خليل جبران وجميل الدويهي، وهما ينتميان إلى منطقة متجاورة، زغرتا- إهدن، بشري، ذاتِ الطبيعة النقيّة والصافية، والألوان الخلابة في الفصول الأربعة، كحال طبيعة لبنان كلّها
صحيحٌ أنّ جبران هاجر صغيرًا، حاملًا معه صورةَ الطبيعة، خميرةً أَطعَمَ بها العالمَ نثرًا وشعرًا. لكنّ الدويهيّ هاجر بعد أن عَبّ ناظريه من فردوس الجنة، واختزن في ذاكرته أزكى العطور بتركيبتها الفريدة
من هنا محاولاتُ جبران والدويهيّ الذهابَ إلى الرمز في شعرهما ، لإيمانهما بأنّ الرمز كالإيماءة بالحاجب بِلا كلام، ومثلُه الهمس، إلاّ أنّ الرمز الشّعريّ عند الدويهيّ، مرتبطٌ بالتجربة الشعوريّة، وبمخزونِ المشاعر والخبُرات لدى كلّ إنسان، لذا نرى اختلافَ دلالاتِ الرمزِ نفسِه بين شاعر وآخر، فالرومنسيُّ الحالمُ يرى في الخريفِ شِفاءَ روحه، وانعكاسًا لمشاعره المتغيّرة، مع تَغيّرِ المشهد أمامه، بينما إنسانٌ آخرُ يرى في الخريف فصلَ الموت والكآبة
وأرجو أن أكونَ وُفّقت في ما ذهبتُ إليه. راجيةً لكم الخير والسعادة
بعد كلمة الأستاذة نداء عثمان، قدّمت المطربة سُهى غريب باقة من الأغاني الرفيعة، فأطربت وأجادت، وتبعها آل فطايرجي الذين قدموا وصلة غنائية راقية. قبل أن يصعد عميد أدباء المهجر، د. جميل الدويهي، إلى المسرح ليرحب بجميع الأحزاب والمؤسسات والأدباء والإعلاميين. ثم ألقى إضاءة على مؤتمر النهضة الاغترابية الثانية – لإبداع من أجل الحضارة والإنسان الذي شارك فيه حوالي 35 أستاذاً وأديباً وإعلاميّاً ومؤسسة من مختلف أنحاء العالم
وفي البرنامج الغنائي أيضاً، كانت للفنان توفيق يعقوب وصلة طربية جميلة، وبعدها كانت وقفة شعرية لجميل الدويهي مع قصائد من أربعة أنواع: الزجل، التفعيلة، والتفعيلة العاميّة، والمدوّر العامّيّ
وفاجأ الحضور الشاعر فواز محفوض، ابن السقيلبية - حماة، بأنه حمل معه من سوريا الحبيبة منحوتة رائعة تمثل وجه الأديب الدويهي، نفذتها النحاتة المبدعة ليلى رزوق، وهدية أيقونة للعذراء من الإعلامية المهندسة إلهام سلطان
وكان مسك الختام في البرنامج الغنائي مع المطرب محمد الشريف الذي غنى من قلبه فأطرب حتى الثمالة. تبعه الأديب الدويهي بقصيدتين ختاميتين، ثم دعي الحضور إلى ضيافة، والتقطت الصور التذكارية
(شكراً للأستاذة نادية البدري، والاستاذة سو بدر الدين،، والحاج طلال سيفو ، ود. ممدوح سكرية، والصديق سام عيتاني لتزويدنا بالصور المرفقة، مزيد من الصور فور ورودها)
جلسة حواريّة حول كتاب "المتقدّم في النور" لجميل الدويهي
19 تموز 2023
صالة سيتي فيو - لا كبا
شكراً للدكتور ممدوح سكّريّة لتزويدنا بالصور
دعا الأديب د. جميل الدويهي أصدقاء الكلمة الرفيعة، والفكر الهادف، إلى جلسة حواريّة حول كتابه الفكريّ "المتقدّم في النور" الذي نُشر مؤخراً على موقع أفكار اغترابيّةـ
كان اللقاء الودّيّ والأخويّ في صالة "سيتي فيو" الفخمة، وبرعاية صاحبها السيّد طوني بو ملحم، الذي أحاط المشاركين بكل العناية والترحاب.
أدار الجلسة صاحب الدعوة د. جميل الدويهي نفسه، الذي قدّم مقتطفات من الكتاب، وعرض الكلمات المرسلة من خارج سيدني، معلناً أنّ وقائع الجلسة ستصدر في كتاب خلال شهرين، يضاف إلى موسوعة "أفكار اغترابية"، ويكون مرجعاً للباحثين في الفكر والثقافة الرائدة في أستراليا.
الكلمة الأولى كانت للدكتور جوزاف ياغي الجميّل - لبنان الذي تناول وجود الخالق في الفلسفة الدويهيّة، ومعارضته الملحدين، وقال إن الكتاب يذكّره بـ"المنقذ من الضلال" للفيلسوف الاسلامي أبي حامد الغزالي، "لكنك عندما تغوص به الى الأعماق تجده اقرب للفكر السقراطي".
وتناول الدكتور الجميل "وجود الخالق" - المقاله الأولى في الكتاب، معتبراً أن الطريق هي نحو القمة العالية وينبغي أن يصعد إليها المعلّم في آخر ايامه.
وتحدّث الدكتور الجميّل عن معارضة الدويهي لفلسفه هيغل التي تقول إن كل ما هو حقيقي واقعي، وكل واقعي حقيقي. لأنّ ثمّة حقائق لا يدركها العقل البشري، كما يفند الدويهي رأي الفلاسفه الملحدين ويسأل سارتر: كيف استطاع أن يعرف بعدم وجود الله؟... يريد سارتر حرّيّة الفوضى، أمّا الدويهي المؤمن، فيعتنق حرّيّة الحكمه المعقولة.
ويلاحظ الجميّل في مطالعته أن الدويهي جمع بين الأدب والفلسفه، ويصح فيه أن يلقّب بأديب الفلاسفة.
الكلمة الثانية كانت للأستاذ أنطوان الحربيّة - ملبورن الذي تناول موضوع المعرفة،فقال: "من المهمّ معرفةُ أكبر عدد ممكن من الحقائق عن الله، وليس كلّها".
وعن برهان وجود الله بالعِلم، يوافق الحربيّة صاحب الكتاب بأنّ العلم لا يستطيع إثبات وجود الله. "ومع ذلك، فالعلم ليس كلّ شيء، ولا يمكنه حتّى إثباتَ عدم وجود الله. الله ليس مادّيًّا، لذا فإنّ وجوده ليس افتراضًا علميًّا، فالله خالق غير محدود، والإنسان مخلوق محدود”.
وأضاف الحربيّة: "إحدى طرق التأكّد من وجود إله، هي تطبيق المبدأ المقبول عالميًّا: إنّ ما يُصنع يجب أن يكون له خالق . وكلّما كان الشيء أكثر تعقيدًا، يجب أن يكون الصانع أكثر قدرة. وإذا كانت الأشياء البسيطة لا تزال بحاجة إلى صانع، ألا تحتاج الأشياء المعقّدة إلى صانع أكثر ذكاءً؟ أوليس هذا فكرة منطقيّة ومقنعة؟"
الأستاذ الشاعر ألبير وهبه تناول في مطالعته محورين: التنوير، ووجود الله. وأشار إلى أن الدويهي يعارضُ اعتقادَ التنوير الذي يعتمد على العقل وحدهُ. ويعطي مثلاً عن الطفلُ الَّذي لم يذهبْ بعد إلى المدرسةِ، ويكتشفُ التطوُّرَ في نفسِهِ، والمجتمعاتُ تتطوَّرُ من الأدنى إلى الأعلى. كما لفت الباحث وهبه إلى فلسفة الدويهي القائمة على العقل والروح.
أما عن وجود الله، فرأى وهبه أن صاحب الكتاب يعتمدُ على التحليل السقراطي، "فكُلَّ ما نَراهُ حوْلَنا أتى من مكانٍ ما؛ وقد أسماهُ السَّبَبَ الأول، أي المصدرَ الَّذي منه انطلَقَ كُلُّ شيءٍ، وأتت الأديانُ السماويّةُ لتحدِّدَ هذا المصدَرَ بأنّه الله".
وشاركت الأديبة غيلدا عيد، بقراءة عن معارضة الأديب الدويهي للسفسطائية، ومناداته بالمساواة الحقيقية، لا المساواة التي تعادل الرمل بالشمس.
وأشارت عيد إلى الراوي الذي يقدّم نفسه "ككاهن أو كقدّيس أو مبشّر يجوب الأماكن، ويدعو الآخرين لمتابعته، وهؤلاء التلاميذ يتركون حياتهم السابقة ليكونوا في صحبته".
ولفتت الباحثة إلى الحوار بين الكاهن والملك، وهذا الأخير يشرح كيف أنّ الناس يطيعونه، بغضّ النظر عن اتّجاهه، "وفي الحرب يحملونه ويشجعونه ويعتبرونه بطلاً، وحتّى في الهزيمة يجدون أعذارًا لإبقائه بطلاً في عيونهم". وختمت عيد واصفة مضمون الكتاب بأنّه "رؤى حكيمة من متقدّم في النور، ينتقد، يصحّح، يبشّر. ويريد من البشر أن يصعدوا معه الى قمّة الجبل.
أمّا الإعلامي إدمون طوق، فتناول مسألة: هل الإله جسدٌ أم روحٌ؟ وأجاب بأنّ الإنسان "رغم ملايين السنين من عمره على سطح الأرض، وما تخلّلها من حضارات وثقافات وإختراعات وإكتشافات، لم يُجزم حتى الآن، لا علمياً ولا دينياً بأيّ من الفرضيّات الثلاث، إذا كان هو بنفسِه من جسد وروح، أو من جسد وروح ونفس، أو من جسد وروح التي هي النفس”.
وقال طوق إن الدويهي يعتبر "أنّ الروح الكلّيّ هو اللامعقول. بمعنى أنّ العقل لا يستطيع إدراكَه، كما الإيمانُ وحدَه يمكنُه إدراك الروح، وفي الوقت ذاته استجلاء المبدأ المطلق الأبعد الذي هو الله. وإن إنكارَ هذه الحقيقة الروحانيّة المطلقة قد قاد في النهاية إلى ما نراه اليوم خاصّة، من قلق وضياع وتمويه بل طمس للمحبّة، المختلفة نوعيّاً وجوهريّاً عن الحبّ، نتيجة الخوف واليأس،وحصر لوجود الإنسان وقياسه بعامل الاقتصاد".
ولم يوافق طوق الدويهي في إشراك الروح مع العقل في مسالك الخير والشرّ، "لأنهما -أي الخير والشرّ- من فعل العقل".
الأديبة مريم رعيدي الدويهي، عقيلة صاحب الدعوة، قالت إنها قرأت الكتابَ كلَّه، ووجدت فيه إضافاتٍ كثيرةً على الكتبِ التي صدرتْ من قبل، في موضوعِ الفكر. لكنّ العملَ هذا تتويجٌ للأعمالِ السابقة، "وكأنّ الدويهي أراد أن يقول: لقد جئتُكم بقامةٍ مختلِفة، ومَهمّةٍ جديدة، عنوانُها الخيرُ والفضيلة". وذكرت أنها اختصرتُ شخصيّاً رحلةَ الدويهي مع الفكر في كتابٍ خاصّ، بعنوان "فكرُ جميل الدويهي ومدينةُ القيم الخالدة"، لأنّها مؤمنةٌ بأنّ ما يبشّرُ به أديبُنا هو تأسيسٌ لعالَم لا نعرفُه،يكونُ عالمَنا..
وختمت: "اثنا عشرَ تلميذاً، اثنا عشرَ رغيفاً لجائع. اثنا عشرَ شروقًا لشمسٍ لا تغيب، في إمبراطوريّةِ الدويهي الأدبيّةِ غيرِ المسبوقة، تنوُّعاً وإبداعاً… بل هم أمّةٌ واحدة، أبناؤها المتقدّمونَ في النور. ولن يغيبَ النورُ من عيونِنا وقلوبِنا".
الشاعر محمّد الديراني بحث في موضوع تبرئة النفس لدى الإنسان. وأعطى مثلين من الكتاب، أحدهما عن الشرّير الذي اتهم زملاءه بالشرّ، والثاني عن طفل أحرق الغابة بعود ثقاب، وتذرّع بأن الحريق كان عن غير قصد.
ووصف الديراني الدويهي بـ"الأديب الملك"، المتعمّق في واقع المجتمعات التي كانت ولا زالت حتى يومنا تعيش واقعاً مريراً ومهمشاً، واصفاً تبرئة الذات من الشرور بالتعويض النفسي. وقد تصل هذه الحال في وقت متأخر الى انفصام كامل في الشخصية والأداء.
وتطرق الديراني إلى موقف الدويهي من المرأة، إذ "يشيد بدور المرأة والرجل في المجتمع وأهمية مساهمتهما في بناء المجتمع وحمايته وتحسين حياته: "طوبى للمرأة تعجن وتخبز لتطعم أهل بيتها! وطوبى للنجار الذي يصنع الأبواب… أشرف للمرأة ألف مرة أن ترقص لكي تحصل على قوت يومها من أن تبيع جسدها على موائد اللئام".
ووافق الديراني على أنه ليس من الضروري ان يكون الانسان مثاليًّا في كل شيء، والراقصة مثلاًً يمكن ان تحتفظ بشرفها، وليس الشجاع من يقذع ويعتدي.
الأديبة كلود ناصيف حرب التي كانت أول مَن كتب عن "المتقدّم في النور" في كتاب لها بعنوان "في أروقة العميد"، استهلت كلمتها بالدهشة من رؤية الدويهي الخاصّة للإيمان، "فهو يعتبر الناس مؤمنين، ما عدا الناكرين لوجود الخالق. ويرفض العجرفة في موضوع المعرفة، فمهما ادّعى الناس أنّهم يعرفون، فهم لم يبلُغوا من العلم إلاّ قليلاً. فلماذا يجتهد ناكرو وجود الخالق في البراهين والحُجج، وهم لا يعرفون؟"
وأشارت حرب إلى فلسفة الدويهي القائمة على توازن الروح والجسد. كما أشارت إلى العناصر التي تشكّل الكون، وهي الماءُ، النار، الهواءُ، التراب، والخواء، والدويهي أضاف إليها عنصرين آخرين هما الله وفكرُه. "فالله كان قبل، وهي جاءت بعد... هو سابق لها. وعندما أعمل فكره وقال للشيء كن فيكون، أصبح الفكر سابقاً أيضاً لما وجب أن يكون"، بحسب تعبير الدويهي.
وختمت حرب: "هذا هو الدويهي في فكره العميق، والمتميّز، وفي مدرسته التي تشبه مدرسة سقراط. فله ولمذهبه الفكريّ النابضِ بالخيرِ والإبداع المختلف، نرفع القبّعة".
المهندس طوني سركيس استهلّ كلمته بالإشارة إلى الأمثال التي يستخدمها الدويهي لإثبات حجّته، وتحدث عن الفطرة، و"هي نوعُ من المعرفةِ الملتصقةِ بعقل الإنسان. ومن الصعبِ تغييرُ المألوف. وهذا جعلَ البشريّةَ تعتنقُ مفاهيم خاطئة، لم تتغيّرْ إلى الأفضل أو إلى الصواب. وهذا الصوابُ يسمّيه الأديب بالصوابِ المتطرّف. لأنه غيرُ مقبول من الغالبيّة. على الرغمِ من أنّه يُخلّصُ المجتمعات من الفوضى".
واستخدم سركيس مثلاً من الكتاب عن الفقيرِ الذي أصبح بِغتةً ملكاً على مدينة، وصار الملكُ خادماً عنده… فإنّ الفقيرَ سيظلُّ أيّاماً يعتقدُ أنّه فقير وليس ملكاً، والملكُُ سيظلُّ أيضاً مُدّةً يعتقدُ أنّه ملكٌ وليس فقيراً. وخلص إلى القول إن الأديب الدويهي يخشى على أفكارِه أن تضيع، ولا يأخذ بها أحد. "وهذا هاجسٌ عند المفكّرين. وهل نحن فعلاً صدّقنا ما جاء به العظماءُ من قبل، مثلَ المحبّة، والتسامُح، والعدل، والرحمة... ونعيشُ ضمنَ هذه القيم. أم نفعلُ العكس؟"
ومن ملبورن أرسلت الشاعرة مريم شاهين رزق الله كلمة رصدت فيها موقف الدويهي من نيتشه في موضوع تحقير هذا الأخير للمرأة، وقالت: "إن إنكار حقّ المرأة، صديقة كانت أو رفيقة أو شريكة درب، ومن خلال وُجهات نظر فردية أو تجربة شخصية، ما هو إلاّ إجحاف بقيمة وجودها، من قبَلِ فلاسفة يدّعون الحكمة وجوهر المعرفة، يتباهون بتجاهل واجباتهم والإصرار على عدم إعطاء المرأة حقَّها، معتبرين أنّها كائن سلبيّ، ومصدر للتعاسة، ويسيئون حتى إلى أمّهاتهم بالذات، ويدّعون أنّهنّ سبببُ آلامهم في هذه الحياة".
واعتبرت الشاعرة رزق الله أنّ النصّ الذي يتصدّى فيه الدويهي لنيتشه هو "نصّ بقيمة أدبيّة وإنسانيّة لا يثّمن. وبما يتميّز به أديبنا من عمق معرفته، وحكمة عقله، أراد أن يوصلنا إلى الإعتراف والإقرار بأنّ المرأة سيّدة في كلّ مواقف الحياة وسبلِها، لأنّها الأمّ والأخت والصديقة ورفيقةُ العمر".
الأستاذ سام حب الله ركز في كلمته على موضوع العلم والإيمان، وقال إنّ النص الذي تناوله يمكن كتابة مجلّد عنه... "واللافت أنك عندما تقرأه - أي النص - لا تشعر بذلك، أي لا تشعر أنك تقرأ جزءاً من كل، بل نصاً متكاملاً فيه الفكرة والرسالة والرأي، ويمكنك من خلاله أن ترافق الكاتب في رحلة قصيرة تدرك من خلالها ولدرجة كبيرة وجهة نظره وما يدور في باله".
وأردف حبّ الله: "غني عن القول إن الكتابة في هكذا موضوع جدليّ فلسفيّ أمر معقّد ويحتاج لشجاعة وجرأة كبيرتين. وهذا ليس بغريب على الأديب الدويهي - أي ليس غريباً عليه التحليق والمغامرة لإيصال الصورة والفكرة بطريقة سلسة وشيقة "
الأديبة سيلفيا الخوري بو عبسي - لبنان، تناولت في كلمتها موقف الدويهي من نيتشيه في تحقيره للمرأة، وتستشهد بقوله: "طوبى للمرأة التي تعجن وتخبِز لتطعم أهل بيتها! وطوبى للراهبة التي تسهر على عجوز مريض وتطعمه بيديها الطاهرتين، بعد أن تركه أبناؤه للمجهول! وطوبى للراقصة التي تحافظ على شرفها، وهي تعطي السعادة للناظرين! فليست كلّ امرأة شرّيرة عندما ترقص أو تغنّي، أو تعزف على الكمان، كما ليس كلّ رجل شجاعاً عندما يقذع ويعتدي. وأشرف للمرأة ألف مرّة أن ترقص لكي تحصل على قوت يومها، من أن تبيع جسدها على موائد اللئام. وتحقير المرأة عار ونقيصة، فقد خلق الله الناس ذكراً وأنثى، واحترام خلق الله واجب على خلقه أجمعين".
وتقول بوعبسي: "كلنا نعرف أن نيتشيه يرفض الضعف، ويطلب الانتقام، ويرى الإنسان كائناً قوياً لا يجب أن يخاف أو يؤمن بالله أو يسامح، بعكس الدكتور الدويهي الذي يضع الله والإيمان من أولوياته. فمن الطبيعي أن يتعارض الدويهي مع نيتشه، الذي أدت فلسفته إلى الفكر النازي المتطرّف والهادم".
الدكتور يونس الحسيني ناقش رؤية الكاتب بخصوص الحواس والرؤية، معتبراً "أن رؤية القلب هي أوسع وأشمل منها رؤية العين، وهي البصيرة. والبصيرة هي أعظم ما وهب الله للانسان، تعرف المعروف وتنكر المنكر وتلمس الحق، فهي تتحكم بالجسد عن طريق العقل وهي أيضاً فنّ الرؤية حيث لا يستطيع الاخرون الرؤية".
وقال الحسيني: "أمّا تسميته للذاكرة بأنّها حاسّة، فهي في الواقع خزين لما نمر به من مشاعر وأحاسيس وذكريات وأحداث وما تعلمناه من علوم وثقافات على مدى حياتنا،فالحاسّة نسبة لما نشعر به من معانٍ وهواجس متناقضة، يميّزها العقل في كثير من الأحيان، وهنا يكمن حوار الروح والعقل".
ولفت الحسيني إلى شخصيّة الساحر، رابطاً بينها وبين ظاهر التخريب الاجتماعي، ومنها "ظاهرة الشذوذ التي يروّج لها الغرب اليوم والتي تتناقض مع جميع القيم والمبادئ والفطرة التي فطر الله الناس عليها، فلو انتشرت هذه الظاهرة فهي سوف تتسبب بانقراض الجنس البشري الذي يتكاثر عن طريق المرأة والرجل بالتوالد،حتى أنّ هذه تناقض شرعة الأديان السماوية كافة".
ولقّب الحسيني الأديب الدويهي بأيقونة الأدب العربي، خاتماً: "حقائق سياسية واجتماعية، وجُمل أدبية وفلسفية عميقة جداً سردها الدكتور جميل الدويهي في نصّه. وكعادته لا نقرأ عنده غير الحكم والإبداع الأدبي، وبهذا يكون قد تربع على عرش الأدب كأيقونة تنير عقول قارئيها".
المهندسة الإعلاميّة إلهام سلطان - سوريا، علّقت على مقولة: "اعلَموا أنّ من يفعل خيراً مع الناس إنّما يفعل خيراً مع نفسه، ومن يفعل شرّاً لهم فهو يفعل الشرّ لذاته". وربطت هذه المقولة، بحالة المرأة التي طلب منها التلميذ أن يملأ الماء بقربته لزملائه العِطاش فأجابته: "نحن لا نسقي العِطاش من غير قومنا. فاذهبوا إلى مكان آخر لكي تحصلوا على ماء".
وتعتبر سلطان أنّ هذه المرأة خاوية من الداخل ومجرّدة من المبادئ والقيم الانسانية.
وتتابع تعليقاً على ما جاء في الكتاب: "لا تذهبوا إلى البعيد لكي تبحثوا عن الله، لأنّه فيكم، وفي الآخرين أيضاً"، فتقول إنّ الله موجود في كلّ ما حولنا. والله موجود فينا. ونحن مرآة لذات الله.
وتختم بالقول: "ميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران وجلال الدين الرومي ود. جميل الدويهي رسل سلام ومحبّة وعدل ونقاء وإنسانيّة لتحقيق معنى وجود الله على الأرض، من خلال المحبّة، وأن يكون الإنسان إنساناً فقط".
المهندس الدكتور والإعلامي ممدوح سكّريّة،ناقش نصّ المساواة بين البشر، مستشهداً بقول الدويهي : "لا يعفو القاضي عن الأبيض لأنّه أبيض، ولا يدين الأسود لأنّه ابن امرأة سوداء". لكن في الوقت نفسه، هناك فرق بين الشرّ والخير، وبين الثرثار والمبدع، وبين الجمال والبشاعة، وبين الجبان والبطل... إلخ.
وقال سكريّة إن الدويهي "قدّس الكلمة، وغطّى بمنديل الإحساس والشعور ملكاته الابداعيّة في زمن قلّ فيه الإبداع، وأصبح عدّ النقود أهمّ مكانة من حبّات المسبحة في محراب الإبداع، وفي غمرة هذا الهجوم الكاسح من مواقع التواصل الاجتماعيّ والتكنولوجيا على عقولنا وقلوبنا، حيث سلبوا منّا الرقيّ الإنسانيّ وحوّلونا إلى أصنام متحجّرة لا روح فيها ولا شعور، في حين كان الشاعر في قديم الزمان مرآة المجتمع وهداه وصوته ووزيره الثقافيّ والاعلاميّ".
ولفت سكريّة إلى شخصيّة الدويهي "المحبّبة وتواضعه المعهود ولهفته وشغفه للإبداع وأرى حرصه أن يتعمشق على صهوة نصوصه، ليجول العالم، ويدهش من حوله بما كتب ويكتب وسوف يكتب".
وختم بلمات شعريّة أهداها إلى صاحب الكتاب.
وشارك الأستاذ طارق طالب في الجلسة، فوصف الأديب الدويهي بالأديب الفذّ، والمتقدّم فعلاً في النور. وتساءل في تعليقه على موضوع المال: "ما قيمة المال والفائدة المرجوّة منه إن لم يكن سبباً ودافعاً لبثّ الخير ونشر المساعدة وإحقاق الشعور بالسعادة بين الناس"؟
وقال إنّ الشعور بأهمّيّة المال يعود إلى الفكر: "الفكر عند الإنسان يا سادة، هو من يرسم له خريطة ما يريد، ولماذا؟ وكلّ يفكّر بحسب إمكانيّاته أو رجاحة فكره". واستخدم طالب مثلاً من كتاب الدويهي: "فلو وضعنا الذهب وقطعة حلوى مثلاً أمام طفل ما، بالتأكيد سيأخذه عقله إلى أكل الحلوى وتجاهل الذهب، لأنّ عقله أوحى إليه بأنّه يحتاج إلى الحلوى، وليس إلى الذهب" الذي هو طبعاً من إهتمامات عقل الإنسان الكبير.
واعتبر طالب أنّ "العطاء والإيمان به فضيلة سامية من أرفع مقامات الفكر الرشيد، فلا تمنع عطاءك، فكلّما أعطيت كان المردود في ازدياد، وكلّما أحجمت يبست أغصان أيّامك، وتداعت للسقوط، فلا يمكننا المقارنة أو المساواة بين نبع دفّاق غزير وآخر جافّ أو يكاد".
واستنتج طالب: "ركز فيلسوف النهضة الإغترابيّة وأديبها الجميل، على قيمة الفكر وشأنه وكيفيّة عمله ومردوده، لدرجة الإيمان بأنّ الفكر هو ما يبني الإنسان، وهو الصواب الساطع نوراً، كما أحرف أبجديّة المتقدّم في النور، في عصر الشتات والآفات والموبقات".
الكاتب خالد غنّام، استهل كلمته بنقد النقد لكتاب "المتقدّم في النور". فقال "إن تبسيط الأفكار الكبرى عبر تفكيكها لحوار مسرحيّ ذكيّ يدفع القارئ نحو تشويق فضوليّ لمتابعة القراءة؛ نحو رفع أصبع الإبهام تأييدًا لا لرفع إصبع الاستفهام طلبًا للتوضيح؛ في جدليّة نقد المألوف وتغليب تعايش الأفكار على التعصّب الأعمى لمدرسة فكريّة ما، ورفض تبنّي أيّ أفكار تناقضها، حيث أنّ كلّ شيء صائب دون أن يكون مناسباً، وليس كلّ شيء صحيح له نقيض خاطئ، هذه الليونة في تقبّل الأفكار الجديدة تجعل أفكارنا تتحرّر من قيود فرضها علينا الآخرون، بقصد تحصيننا من المفاسد، إلاّ أنّها أحيانًا تحبسنا في قمقم المهالك".
وقال: "سعى الدكتور جميل الدويهي نحو تخطّي مفهوم النظريّات الجامدة… رغم أنّها في الماضي كانت تُصنّف على أنها أفكار تجديديّة حداثيّة، إلاّ أنّها لا تناسب الواقع الذي نعيشه. ونحن نستفيد من آليّات التحليل الفلسف،ي وأساليب استباط الأفكار الابداعيّة من مفكرينا العظام، أمثال جبران ونعيمة".
وختم غنّام: "عندما ترفض شخصيّات "المتقدّم في النور" إزداوجية علاقة الانسان والإله؛ يأتي رفضها من باب رفض أحاديّة الحلول؛ فلا بدّ أن تبقى خيارات الحلّ مفتوحة، ونسمح لأنفسنا بأن نبحث عن أفكار خارج صندوق أفكارنا العتيقة، فهناك الكثير من الأفكار التي نبصرها ولا نراها إلاّ إذا نظرنا بعمق نحو الصورة الكبرى للحقيقة؛ صورة تجعل منهل العلم لا ينضب، فالأفكار الجديدة تولد كلّ يوم؛ وإنّ عظمة الإنسان أنّه يجدّد أفكاره باستمرار دون أن يرفض كلّ الافكار القديمة؛ فبعض الأفكار القديمة هي مثل النبيذ المعتّق الذي ينافس أحدث أنواع النبيذ ذات الشهرة العالميّة".
وشارك الإعلامي الأستاذ أكرم المغوّش بكلمة، بدأها بالإشارة إلى الدويهي كظاهرة، وموسوعة عبرت من لبنان إلى أستراليا والوطن العربيّ والعالم بأسره بمؤلّفات نفيسة، و"لا يمرّ أسبوع إلاّ ويتحفنا بكتاب جديد يتشاوف على ما قبله من دواويين شعريّة وأدبيّة وقصّة ورواية وترجمة لشعراء أستراليّين وأدباء".
ويوافق المغوّش على قول الدويهي : "الصلاة التي تخرج من الشفاه هي كلام باطل والصلاة التي تخرج من الأرواح هي كلام حقّ. من الصمت ما يكون أعمق من الكلام، فخذوا صلاتكم إلى معابدكم كما تأخذ الوردة عطرها وتنشره في الهواء، وكما يرفع العصفور أغنيته في وجه الصباح، فيزيده نوراً على نور".
ويتناول المغوّش مثلاً أعطاه الدويهي عن رجل كان يصلّي إلى الله أن يشفيه من مرض، "ولم يبرح الصلاة إلاّ قليلاً، لخوفه من الموت. وعندما نجح الأطبّاء في شفائه من مرضه، واطمأنّ إلى أنّ حياته في أمان، هجر الصلاة ولم يعد يقربها، فسألته زوجته: لماذا لم تعد تصلّي كما كنت تفعل في السابق؟ فقال لها: عندما كنت مريضاً كان الله بحاجة إلى صلاتي، وبعدما شفيتُ اكتشفتُ أنّه لم يعد بحاجة إليها.
مضت المرأة عن زوجها مكفهرّة وغاضبة، وقالت في سرّها: أيّها الكاذب،أنت كنت تحتاج إلى الله أثناء مرضك، ولم تعد تحتاج إليه الآن. وإذا كنت تخدع الله بهذه الوقاحة، فكم مرّة خدعتني؟! والله لأنتقم منك شرّ انتقام وأخدعك كما فعلت".
ويصف المغوّش الكتاب بـ "إبداع ما بعده إبداع، أتحفنا ويتحفنا به الأديب والمفكّر والشاعر والكاتب والمؤرخ والقاصّ والإعلاميّ الدكتور جميل ميلاد الدويهي، الذي تجاوز كبار الأدباء والشعراء والكتّاب بمخزونه الذي لا ينضب، والذي تعجز وزراة وحتّى دولة عن القيام به رغم الضائقة المادّيّة. ونحن نتوقّع أن تترجم مؤلّفاته إلى لغات عالميّة في القريب".
الدكتور سام نان وصف الدويهي بـ"أيقونة في عالم الأدب والشعر، تتجلّى ريادته في عالم الأدب والشعر بلمسات ساحرة ترسم لوحات فنّيّة رائعة".
وقال: "لو كان الأمر بيدي لصنعت له تمثالاً كما صنعوا لجبران خليل جبران. فكما أنّ جبران خليل جبران صانع الجمال الذي ألهم الأجيال بأدبه الفريد، فإنّ الدكتور جميل الدويهي يعدُّ رمزًا للإبداع والعطاء في عصرنا الحديث".
أضاف: "لا يسعني أن أعقّب على كلّ شيء في كتابه (المتقدّم في النور)، وإلاّ احتجت لأيّام من الكتابة، ولكنّي فقط بما أنّني دارس لعلم النفس - فسوف أعقّبُ على جزئيّة إسقاط الأخطاء على الآخرين أو على الشيطان، بحجّة أنّه هو السبب في وقوعنا في الأخطاء. إنّ إسقاط أخطائنا على إبليس هو تجاوزٌ للمسؤولية الشخصيّة، حيث يميل البعض إلى إلقاء اللوم على إبليس (الشيطان) عندما يقعون في الأخطاء والزلاّت. وإنّ هذا السلوك قد ينبع من رغبة الإنسان في تبرئة ذمّته وعدم تحمّل المسؤوليّة عن أفعاله وقراراته، وبالتالي يسمّيه علم النفس المريض بالإسقاط".
وأردف: "علينا أن نتذكّر أنّ الإنسان لديه قدرة على اتّخاذ قرارات واختيارات مستقلّة. وتحضرني قصّة سمعتها في مصر منذ حداثتي: أنّ راهباً في الدير -في أيّام الصوم- اشتهى أن يأكل بيضة، فدخل قلاّيته وبدأ يشوي البيضة على شمعة، فرآه أحد الرهبان، فذهب ليشتكي عليه لرئيس الدير، وعندما تمّت مواجهته، اعتذر وقال إنّ الشيطان أغراه ليقع في خطيّة شهوة الأكل، فظهر الشيطان في الجلسة وقال له: "لا تفترِ عليَّ، فأنا أوّل مرّة أعرف أنّ البيض يُشوى على الشمعة".
وختم د. نان: "أنا محظوظ بمعرفة شخصيّة مثل الدكتور جميل الدويهي، فإنّ وجود كتبه في بيتي بمثابة كنوز لا تقدّر بثمن. ونتطلّع دوماً إلى مزيد من إبداعاته الرائعة، ونتمنى أن تستمرّ أعماله في الإلهام والتأثير على الأجيال القادمة".
الشاعر وسام زيدان - ملبورن، لفت إلى أنّ كتاب "المتقدّم في النور" للدكتور جميل الدويهي يتناول "وحدة الجوهر عند الإنسان المنسجم مع وحدة الوجود، فذلك النور المقدّس هو قبس من نور الله ، لطيف شفّاف أدركه الناسوت من خلال اللاهوت، وعليه أصبح الإنسان المحور والمتلقّي لذاك الجوهر الفريد، ونور الدكتور جميل نفحات فلسفيّة ورؤيا توحيديّة تؤمن بأنّ الإنسان، وإن اختلف عن أخيه في الشكل والصورة، يبقى إنساناً، كذلك هي صفة الله تعالى يبقى واحداً فرداً صمداً،حتّى وإن تعدّدت اسماؤه عند الكثيرين من أبناء البشر".
وقال: "هذا هو نور الدكتور جميل الدويهي صاحب مشروع "أفكار اغترابيّة" للأدب المهجريّ، فكر خلاّق متجدّد مع كلّ كلمة يكتبها، شعراً كانت أم نثراً. نور يرسم شخصيّة هذا المفكّر العملاق والشاعر الفذّ، من خلال كتاباته الرائدة في شتّى المجالات. فهو ثورة فكريّة وموسوعة ثقافيّة قلّ نظيرها في دنيا الاغتراب، وعلى مساحة الفكر الإبداعيّ الذي لا يحدّه زمان ولا يتقيّد بمكان".
وختم زيدان: "الدكتور جميل الدويهي لا يُختصر بكلمات وسطور، لأنّنا كلّما قرأناه طلبنا المزيد، وكلّما أبحرنا في فكره العلمانيّ المترفّع عن الأنا الفرديّه والهائمة في الأنا الجوهريّة… إذا قلنا بأنّه ملأ الدنيا وشغل العقول والأقلام بثقافاته المتنوّعة الشاملة، نكون قد اعطيناه قليلاً ممّا يستحقّ."
وكانت كلمة الختام لصاحب الكتاب الدكتور جميل الدويهي، فشكر المشاركين، وصالة سيتي فيو الفخمة في لاكمبا، بشخص صاحبها الصديق طوني بو ملحم، صاحب الفضل الكبير على الحركة الثقافيّة في سيدني. وأكّد الدويهي على إيمانه بوحدة الدين، فكلّنا أبناء الله الواحد، وعلينا أن ننشر جميعاً هذه الحقيقة، فنحن رسل المحبّة في العالم. وشرح الدكتور الدويهي العديد من الأمثلة التي وردت في الكتاب، والتي استخدمها لتقريب نظريّاته الفكريّة والإنسانيّة. ثم دعا الجميع إلى ضيافة.
بلديّة سن القيل - 26 آب 2019
لبى حشد من اهل الفكر والثقافة والدين والمجتمع والسلك الدبلوماسي، تجاوز 300 شخص، دعوة نادي الشرق لحوار الحضارات وبلدية سن الفيل، لحضور حفل تكريم مبدعين من بلادي من قبل مشروع الاديب د. جميل الدويهي افكار اغترابية للادب المهجري الراقي، وبمناسبة زيارة وفد اغترابي الى لبنان تحت مظلة التوامة مع نادي الشرق لحوار الحضارات ومشروع الاديب د. جميل الدويهي افكار اغترابية، وذلك في القصر البلدي في سن الفيل بعد النشيدين الوطنيين اللبناني والاسترالي ونشيد نادي الشرق لحوار الحضارات بصوت المغنية الاوبرالية العالمية تارا معلوف، توالى على الكلام كل من فولا تنوري عبود رئيسة نادي الشرق لحوار الحضارات، المطران عصام درويش، رئيس بلدية سن الفيل الاستاذ ل كحالة، وممثل وزير الثقافة ميشال معيكي. وركزت الكلمات على اهمية التوأمة بين نادي الشرق لحوار الحضارات وافكار اغترابية، ودور “الافكار” في اغناء الادب والثقافة والحوار الحضاري، والنهضة الاغترابية الثانية التي يجسدها المشروع قدمت الاحتفال الاعلامية دعاء الحمصي فرح وافتتحته بكلمة مما جاء فيها: “…شبابنا وشاباتنا يسلكون طريق الهجرة استقطابًا للفرص بعد أن سدت المنافذ في وجوههم في وطنهم، في كل مرة يعود بهم الحنين إلى وطنهم هي عاطفة ومشاعر لا يمكن إزالتها بسهولة فهل ستبادلهم دولتهم بالمثل؟” أضافت: “سفينة الوطن تصارع أمواجًا من الأزمات وتبحث عن مرساة النجاة وشباب وشابات لبنان لن يتوقفوا عن المثابرة وبطبيعة الحال لن يدعوا سفينة هذا الوطن تغرق . أهلا وسهلا بكم في احتفال تكريم مبدعين من بلادي من قبل أفكار اغترابية للأدب الراقي استراليا ونادي حوار الشرق لحوار الحضارات برعاية وزير الثقافة الدكتور محمد داود ممثلا بالأستاذ ميشال معيكي وبالتعاون مع بلدية سن الفيل بحضور رئيسها” بعد ذلك تكلمت رئيسة نادي الشرق لحوار الحضارات فولا تنوري عبود ومما قالت: كل نشاط يقام في وطن الأرز لبنان لهو خير دليل على أن هذا الوطن رسالة حياة… فهو يجمع العالم من خلال لآلئ فكره وأدبه، تأكيدًا على أن لبنان صاحب رسالة حوارية ثقافية و”أفكار اغترابية للأدب الراقي” تعكس هذه الصورة الحضارية عن لبنان مهد الأبجدية والحرف أضافت: الحق يقال، إنه في ظل ما يعانيه العالم من صراعات اقتصادية وفكرية، تتجلى لنا أهمية الثروة الأدبية باعتبارها أداة تساهم في نشر الوعي السليم للحدّ من الصراعات والتوترات التي تهدد استقرار المجتمعات البشرية… فهي توجه المجتمع نحو الحق والحرية. فالثروة الأدبية لهي لوحات من صفحات مشرقة نابضة بالحياة والحقيقة تجمعت في كتب وحفظت للتاريخ . إن الثروة الأدبية ليست مسألة ثقافية فحسب وإنما هي عبارة عن فكر سامٍ متى تبناه الفرد، تبنى معه بطريقة غير مباشرة الأخلاق الرفيعة، الوئام وصناعة السلام. تابعت: حدث اليوم مهم بمكانته، فهذا الصرح يؤكد مجددًا هزيمة الجهل والتخلف في لبنان وانتصار الفكر والعلم وبأن أدباءنا وشعراءنا لا يزالون مصدر ثقة وفخر واعتزاز وبأنهم يرفعون راية لبنان عاليًا في دول الانتشار من ثم ألقى الاديب د. جميل الدويهي مؤسس مشروع افكار اغترابية، كلمة جاء فيها رح يرْجعو طيور المسا، وبعْدو الشجر ما راح، ناطر بالهوا تا يرجعو. حمْلو التعب، وجرار ما فيها دهب. حملو السطوح العاليه، وهَونيك عا شطوط البعيده عمّرو، وما تغيّرو. متل السما والأرض هنّي… متل ترتيلة صلا، وبْياخدو الوديان معهن والسهول الخضر. يا هالبحْر كيف انقال إنّو بواب كانو يعرفونا، ما بقا يتذكّرونا، وما بقا ضحكاتنا عم يسمعو؟ والسنديانه الواقفه بالبرْد كيف تيابها عالأرض صارو يُوقعو؟ هونيك نحنا بعدنا عا مفارق بيوت العتيقه… وما بقا العشّاق رح يتودّعو… ولا الموج ياخدنا معو
يمكن أسامي الناس راحو من الدفاتر… يمكن براويز عُمر تكسّرو، وشو اللي بقي من عمرْنا؟ كمشة سْنين… مكتوب إنو نضل هيك مشرّدين. يا حور عالي، لا بقا تسأل حدا، وتقول: كيف بيرحلو؟ بالأرض مزروعين… نحنا وغابة الشربين… لولا كان صعب الليل رح بيضلّ لبنان الحلو بقلوبنا... وما بتنْمَحى صوره إلو
نعود إلى قمر الحنين، إلى التلال التي فوق تلال، تصل إلى أين؟ هيَ أدراج إلى السماء على أنغام القلب تتصاعد بنا الدروب إلى ثريات الليالي. لبيروتَ نعود. للأرض التي أطلعتنا من سنديانِها ورائحة بخّورِها. والعالمُ كلُّه لا يساوي حبّةً من ترابها صُندوقُ السحرِ يا بلادي. قصيدة الشمسِ والعطر. أغنية فيروز، وصباحُ الورد والياسمين. هنا مشَينا… هنا زرعنا قمح أيَّامنا، هنا ذكرياتُنا تراتيلُ عند شاطئ ووادِ المراكبُ تروح وتجيء، ولا نخافُ من السفر البعيد، لأنّ الولادةَ في مكان واحد، والموتَ في مكان واحد من أفكارِنا الاغترابيّة جئنا، ولسنا بغُرباء. نحنُ مزروعون على الرُبى، والصباح معلّقُ برموشِ عيونِنا. من أستراليا وكندا، وأميركا والجزائر، ولبنانَ جئنا، لنقبّلَ الأرضَ التي هي شيء منّا، هي أرزٌ يتداخلُ في ضلوعنا، هي الحياة… وما بعد الحياة وغداً عندما نغادرُ، ستبقى ظلالُنا، خيالاتٍ هنا وهناك، وستبقى أصواتُنا تتمرّدُ على النسيان. وستبقَون أنتم في قلوبِنا، ورودَا، وحكاياتٍ عن الخلود تصرخُ من أعماقِنا، وتحطّمُ وجه الليل لقد كانت التوأمة بين مشروعي للأدب الراقي “أفكار اغترابية” من أستراليا، ونادي الشرق لحوار الحضارات في لبنان، تتويجاً لمرحلة هي الأغنى في مسيرة الأدب الاغترابي في القارة البعيدة، سهرتُ عليها، وبذلتُ جهوداً وعرقاً ومعاناةً من أجلِها. وها نحن معاً نقطف ثمار هذه التوأمة، التي نسعى من ورائها إلى إغناء الحضارة، والفكر البشري، وتعزيز الحوار الحضاري وصولاً إلى السلام الذي تحلُم به الأجيال. فرسالتُنا ليست أدبيةً جماليةً، كما يمكنُ أن يتصوّرَ البعض، لكنّها تمزجُ بين الكلمة المضيئة والفكر الحضاري الراقي، وهكذا ينصبُ اهتمامُنا معاً، في نادي الشرق و”أفكار اغترابية” على أهدافٍ متشابهة، ورسالةٍ تكاد تكون واحدة، فكلمةُ شكرٍ من القلب إلى الرئيس الروحي للنادي سيادة المطران عصام درويش السامي الاحترام، والرئيسة فولا تنوري، والرئيس السابق إيلي سرغاني الذي بدأنا العملَ معه، وما زال عرّاباً لهذه التوأمة، ورئيس نادي الشرق في سيدني المهندس جوزيف سكّر. كما الشكرُ لجميع أعضاء النادي الكرام في كل مكان، لما بذلوه من جهودٍ لإنجاحِ زيارتِنا، ولأعضاء الوفد الذين قدِموا من مختلف الدول لمواكبة هذه الزيارة. ولا ننسى أن ننوهَ بجريدة “المستقبل” الأسترالية بشخص الأستاذ جوزيف خوري، التي تحتضن أعمال المبدعين من كل القارات، وسفريات “لاكمبا ترافل” – سيدني بشخص الحاج عمر ياسين التي قدمت تسهيلات لإنجاح هذه الزيارة وشُكراً لجميعِكم، حضوراً ومشاركة، وصَداقةً نغتني بها… ونعدُكم بأن يبقى مشروعي الأدبي “أفكار اغترابية” قارةً من الضوء والفكر الإنساني وإلى لقاء مع نادي الشرق لحوار الحضارات، ومعكم، لا ينقطع بدوره ألقى المهندس جوزيف سكر، رئيس نادي الشرق لحوار الحضارات سيدني، كلمة مما جاء فيها “نحن في لبنان والشعر له في ربى لبنان عرض ومقام، كما قال الشاعر الراحل محمد الفيتوري. وكم نحن بحاجة إلى لبنان في غربتنا، وهو ترتيلة صلاة على شفاهنا وفي أفئدتنا. ما تغربنا عنه، وإن كنا قطعنا بحارًا وعمرنا بيوتًا على شطآن بعيدة، وهو ما زال صورة عن لبنان جبران، ذلك الجبل الوديع الجالس بين البحر والسهول جلوس شاعر في السحاب اللامتناهي أضاف: اشتقنا إلى وطن كوطن جبران، فكرة بعيدة وعاطفة مشتعلة وكلمة علوية تهمسها الأرض في أذن الفضاء، لبنان تغريد الشعراء، وحفيف أغصان الحور والسنديان، ورجع صدى النايات في المغاور والكهوف، لا ضجيج السياسة وصراع الحارات ورائحة مؤذية تفوح في الطرق. تابع: أعيدوا لنا وطنًا عاليًا كالبرج، مبتسمًا كالصباح، مشعًا مثل الكواكب… أنتم الذي انتصرتم على الحرب والمآسي، ووعدتم بجنة الخير والفضيلة والعطاء… لكننا للأسف، ما زلنا بعيدين عنها، وتجري الرياح بنا إلى غير اتجاه كذلك ألقى رئيس بلدية سن الفيل نبيل كحالة كلمة مما قال فيها: نرحب بكم في بلدتكم انتم أبناء الوطن أينما كنتم تحلون علينا ضيوفًا أعزاء، آملين أن تقضوا في ربوع وطنكم أيامًا بالسعادة والفرح. قد يتحدثون أمامكم عن أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية يمر بها الوطن، لم يعرف بحدتها مثيلا لها،لا تصابوا بالهلع، فمهما كبرت الصعاب فإن لبنان سينهض من كبوته مثل طائر الفنيق وانتم سنده تفتخرون به كما هو يفتخر بأبنائه بعدما رحب بالوفد الاغترابي ختم: في كلمة الشعراء ممر العبور إلى القلب تكسر الحواجز، تزرع الإلفة، وتقرب المسافات وهنيئًا لاغتراب ومغتربين تنمو في أرواهم روح شعر الأرز الرمز الأول الذي لا يزول أيضًأ ألقى المطران عصام يوحنا درويش رئيس اللجنة الأسقفية للحوار المسيحي-الإسلامي، ومما جاء فيها أمامنا اليوم كوكبة من المغتربين الذين هاجروا ليبحثوا عن فرص حياة أفضل لهم ولعائلاتهم. لكنهم لم ينسوا وطنهم الأم، فكرًا وقلمًا واهتمامًا فازدهروا في البلاد الجديدة من دون أن يفقدوا جذورهم التي لولاها لما كانت زهور ولا كانت براعم أضاف: صحيح أن أبناء شعبنا يقدرون الدول التي هاجروا إليها، ويحترمون قوانينها وقيمها، إضافة إلى تثمينهم للآفاق التي فتحتها لهم، لكنهم لم يقبلوا أن يقتلع الاغتراب الروح الوطنية التي نمت في قلوبهم وعقولهم، بحيث كان إنتاجهم وعطاؤهم سر تفاعل وتواصل ، وأنا شاهد في أستراليا لذلك، تمامًا كما فعلت الرابطة القلمية في أميركا الشمالية. إن تراث جبران ونعيمة وأبي ماضي ورشيد أيوب وفوزي وشفيق المعلوف وآخرين من المبدعين اللبنانيين ما زال تراثًا فاعلا فيكم وفينا كما سيظل ذلك التراث مضيئًا للآتي من الأجيال، خصوصًا إذا وعى القيمون عليها أهمية إبقاء الشعلة متقدة باللوبي الإبداعي الخلاق تابع: أتمنى على الجميع أن يحفظوا وديعة اللغة العربية الغالية عبر الحفاظ على مستواها وغنى معجمها حتى ولو كان بينكم من يتقن الإنكليزية أو غيرها من اللغات. لأن تنوع اللغات إثراء ثقافي وحضاري. كذلك أوصيكم بأن يكون انتاجكم هادفًا إلى خدمة قضية الإنسان في وطننا والعالم، في خدمة لبنان لا أن يكون مظاهر فولكلورية وبهرجات. أما التمني الثالث فهو أن يكون في أولوياتكم دوام التجديد في المضمون والأسلوب، فالتجديد هو السمة الملازمة لأصحاب المواهب الحقيقية. أليس التجديد النوعي أشبه بالإشراق؟ الإشراق وحده هو الذي يمنع النصوص من أن تصير ترابًا ألقى ممثل وزير الثقافة ميشال معيكي كلمة في الاحتفال جاء فيها نعيش هذه العشية حالة تناغم وتواصل فكري بين المقيم من أهل الأدب وبين المغترب البعيد القريب، هي حلقة وصل التي بفضل وسائل التواصل والتكنولوجيا اسقطت كل حواجز الجغرافيا، حتى كدنا نلغي مصطلح المهاجر من قاموسنا اليومي تكريم أهل الإبداع يتجاوز بكثير احتفالات تبادل الدروع التذكارية والكلمات الصادقة على تنوعها وعلى اهميتها المطلقة وصولا إلى العملي من الآداب في نشر وتوثيق نتاجات الأدباء والشعراء والمفكرين بين لبنان ودول الانتشار في أستراليا وسواها. علمًا أن الإمكانيات سهلة متوافرة عبر المنصات الإلكترونية إلى النشر التقليدي الورقي وسواه في هذه المناسبة يهمني الإشارة إلى أن وزارة الثقافة بصدد تحديث موقعها لاستيعاب جديد الإبداع بالتعاون مع المجالس والجمعيات الأدبية أينما كانت في لبنان والخارج، وذلك بهدف التعميم والفائدة. إن الجهد المبذول من جمعية نادي الشرق لحوار الحضارات ومشروع افكار اغترابية – سيدني لتكريم مبدعين يضيء على إنتاج جيل من اللبنانيين، نشرًا وتشجيعًا وتحفيزًا لمزيد من الإنجازات. هذه المبادرة طيبة تعيد إلى ذاكرتنا تاريخًا بهيًا من الإبداع المهجري الذي بدأ اعتبارًا من منتصف القرن التاسع عشر وحتى النصف الأول من القرن العشرين إن الذاكرة الرائعة الرابطة القلمية في الولايات المتحدة مع جبران نعيمة ابي ماضي رشيد ايوب وسواهم، في تجربة تجديد الأدب العربي ناجحة وما تركت لنا من آثار أدبية فكرية خالدة. إن العصبة الأندلسية في البرازيل مع الشاعر القروي رشيد سليم الخوري ونعمة قازان والمعالفة وسواهم، ولا ننسى كتاب الفرنكفونية اللبنانيين المنتشرين في أوروبا وسواها مع جورج شحادة وفينوس خوري غاتا وفؤاد نفاع وصلاح ستيتة وأمين معلوف وسواهم كثر، تأثروا بحضارة الغرب وأضافوا، هؤلاء هم اللبنانيون الذين نغتني بهم أهل الإبداع والأدب، نحن في وزارة الثقافة واجبنا المواكبة والاحتضان والدعم. باسم وزير الثقافة وباسمي أهنئ جميع المبدعين هذا التكريم مع الدعوة لمزيد من الإنتاج. كما أدعو كتاب الرواية باللغة العربية إلى المشاركة سنويًا لنيل جائزة وزارة الثقافة باللغة العربية للناشئين والمكرسين. ختامًا أحيي جهود منظمي هذه المبادرة الرائعة واشكر رئيس بلدية سن الفيل نبيل كحالة على مؤازرتنا في احتضان اللقاءات الفكرية والثقافية وسواها. كل الخير والتوفيق لكم جميعًا المجد للكلمة عاش لبنان بعد ذلك، أعلنت الأديبة مريم رعيدي الدويهي أنه “بناء على الترشيحات لجائزة الأديب الدكتور جميل الدويهي “أفكار إغترابية للأدب الراقي”، قررت لجنة الإختيار منحها الى نخبة من المبدعين بتقديم ميداليات مذهبة اليهم، وهم: الأستاذة كلود أبو شقرا، الأديب عبدالله أبي عبدالله، الشاعرة جوليات أنطونيوس، الدكتور جان توما، الدكتور عصام الحوراني، الشاعر شربل يوسف زغيب، الأستاذ جورج طرابلسي، الباحث روي عريجي، الأديب توفيق يوسف، الشاعرة ميشلين مبارك، الأستاذ أنطونيو يمين، والأديب محسن إدمون يمين من لبنان، الشاعرة ريتا القزي حاتم، الشاعر أحمد الحسيني، الأديبة غلادس القزي والشاعر طوني رزق من أوستراليا، الدكتور كلوفيس كرم والأديبة أوجيني عبود الحايك من أميركا، الشاعرة غادة أرناؤوط من كندا والأديب ابرهيم مشارة من الجزائر. كذلك تسلم ميشال معيكي ونبيل كحاله درعين وعلى هامش التكريم، كشف نائب رئيسة “نادي الشرق” إيلي السرغاني عن “التحضير لإقامة ماراتون بيروت في أوستراليا بالتعاون مع السيدة مي الخليل” التي حضرت اللقاء التكريمي
زيارة إلى برلمان الولاية بدعوة من عضو المجلس التشريعي شوكت مسلماني
بدعوة خاصة من عضو المجلس التشريعي في ولاية نيو ساوث ويلز، السناتور شوكت مسلماني، زرت مبنى مجلس النواب، حيث استقبلني السناتور مسلماني، وكانت جولة في أرجاء البرلمان، ثم حديث مستغيض في مكتبه عن أوضاع الجالية والوطن، وشرحت له بالتفصيل مسيرة مشروعي الابداعي أفكار اغترابية للأدب الراقي، والكتب والمهرجانات والاصدارات التي رعيناها، بهدف توصيل الحقيقة على المستوى الرسمي الأسترالي. وقدمت للسناتور المضيف كتابين من أعمالي باللغة الانكليزية
Sailing to the Edge of Time
philosophical Passages و
وقد أبدى السناتور مسلماني إعجابه بالكم الكبير من منشورات أفكار اغترابية ونشاطه، خصوصا في الاحتفالية الخامسة، حيث قدمنا أكثر من ٣٦ كتابا إلى الضيوف الكرام، في أكبر تظاهرة أدبية على الإطلاق. و أبلغت سعادته بأن العام الحالي سيشهد الاحتفال بأكثر من ١٠٣ كتب
وفي نهاية اللقاء، قدم السناتور مسلماني إلي عربون تقدير لعملي الإعلامي في الصحف والإذاعة والتلفزيون العربي في أستراليا، وصولاً إلى إدارة تحرير جريدة المستقبل حاليّاً
وأودعت نبذة عن مشروعي وإنجازاته، لإدراجها في وثائق الدولة وسجلاتها الرسمية
ألف شكر للسناتور شوكت مسلماني لوافر المحبة والتقدير اللذين غمرني بهما، وإلى اللقاء دائما لما فيه الخير وتطور المجتمع
_______________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
جلسة حوارية عن كتاب "تأملات من صفاء الروح" لجميل الدويهي
استضافت الصالة الاجتماعية في غرينيكر جلسة حوارية حول كتاب الأديب د. جميل الدويهي "تأملات من صفاء الروح"، حضرها حشد من المثقفين والأدباء والأصدقاء. وبعد ترحيب من الأديب الدويهي، وكلمة شكر للأصدقاء الحاضرين، بدأ النقاش حول الكتاب ، شارك فيه الأستاذة: د. مروان كساب، د. قاسم مصطفى، د. تيريزا حرب، أنطوان حربيه - ملبورن، ليندا اللقيس غصن، رنده رفعت شراره - كندا، آمال معوض فرنجيه - لبنان، الشاعر جوزيف موسى - لبنان، جمال طنانة، ألبير وهبه، كلود ناصيف حرب، لورا القطريب، سعدى جرمانوس فرح، محمد العمري، أكرم المغوش، مريم الدويهي (زوجة الأديب)، وقرأت الإعلامية ندى فريد نصاً من التأملات بعنوان "لا تحتقروا أحداً من الناس"، كما ألقى الدويهي خلال اللقاء مجموعة قصائد عامية من ديوانه الجديد "من قلب جرحي بْقول حبّيتِك"، التي أضفت جواً من الرقة والعذوبة على المناسبة.
واعتبر المتحدثون في الجلسة أن الدويهي يقود مسيرة فكرية في أستراليا تذكر بما قام به أدباء أميركا الشمالية جبران ونعيمة والريحاني، من ثورة على الجمود والتقليد والسطحية. واعتبر آخرون أن الدويهي مفكر وفيلسوف، يعمل من أجل إنسانية جديدة تقوم على الخير والمحبة والسلام.
(ستنشر وقائع الجلسة في كتيب خاص يصدر أواخر هذه السنة، بعنوان "كتبوا في تأملات من صفاء الروح").
وكانت مداخلات وأسئلة في ختام الجلسة، ثم ضيافة. وكان الحاضرون جميعاً يعبرون عن غبطتهم بهذا اللقاء العائلي. وعلى الرغم من أن الدعوات وُجهت إلى ثلاثين شخصاً فقط، فإن الأمسية كانت علامة مهمة في مسيرة الدويهي الأدبية، خصوصاً أنها أبرزت تفرّده وابتكاره، ووضعت البراهين ثابتة على ذلك الابتكار من خلال قصص قصيرة، وأفكار لم يتطرق إليها أحد من قبل مثل "الشجرة المثمرة"، و"المرأة والغلام وقصة الماء" التي يجعل فيها السيد المسيح يقوم بأعجوبة قبل أعجوبة قانا. وكانت الاستشهادات من الكتاب صلوات تتلى على مسامع الحاضرين، وأفكار لبناء عالم يتعالى من الجماد إلى القيم، وهو ما عبر عنه الدويهي حين قال في إحدى المداخلات: "أنا أفصل بين الأدب والفكر، فما قرأته من ديواني هو شعر، وما يتضمنه "التأملات" هو فكر ورؤية فلسفية" .
أشكر جميع الحاضرين، وخصوصاً الأستاذ جوزيف خوري ناشر ورئيس تحرير جريدة المستقبل على توفيره للصالة، وجميع المتكلمين الذي وردت أسماؤهم أعلاه، والشعراء والمثقفين والفنانين والإعلاميين والمحبين جميعاً. وإلى اللقاء في مناسبات أخرى، ومع الأدب الراقي ومشروع "أفكار اغترابية" الذي لا يقوم على المظاعر البراقة ولا على لزوم ما لا يلزم، بل على الجوهر والعمل الدؤوب والأدب الرفيع الذي يغني الحضارة، فالكتاب هو شهادة حية عن كاتبه، وأكبر وسام على صدره أن يكون له موقع في قلوب الناس وفي مسيرة البناء الحضاري والإنساني، ولذلك يستغني الأديب الحقيقي عن كل مظاهر التكريم الروتينية المملة والمكررة، لصالح عمله وكتاباته الجليلة.
__________________
الذين يسيرون في العاصفة (من كتاب "تأملات من صفاء الروح")
رأيت الذين يسيرون في العاصفة وهي تحطّم كلّ شيء حولهم.
كانوا يمتطون خيول الروح إلى مطارح بعيدة، هي أبعد من الحلم واليقظة. وكانوا يفرحون لأنّ الشتاء يغمرهم والرعود تفاجئهم عند كل مفترق.
هؤلاء هم المؤمنون، الرائعون، الخالدون، والقادرون أن يحفروا أسماءهم في كتاب الزمان.
يمكن للعاصفة أن تقطع الأشجار من أصولها، وأن تحجب الشمس وراء الغيوم، لكنّها لا تستطيع أن تقتل الأرواح التي تخرج من قشورها عارية، وتقتحم الوجود.
لا تتركوا أرواحكم محبوسة في القبور، ولا تصغوا إلى صوت الأمس يناديكم ويشدُّكم إليه، فالأمس يريدكم أن تخضعوا لمشيئته، ومشيئته باطلة، والغد الذي قيل لكم إنّه غريب عنكم، أو إنّه يسكن في جزيرة نائية هو الأقرب إليكم، فارفعوا أشرعتكم البيضاء وتوجّهوا إليه فوق الأمواج العالية، ولا تخافوا لأنّكم أقوى من الخوف.
إنّ الجبناء والمتردّدين مكانهم في القبور وإن كنتم ترونهم يسيرون أمامكم ويتحدثون على مسامعكم، أمّا الأشدّاء والمغامرون فمكانهم في كواكب لا ينطفئ نورها ولا يخبو.
لا تسألوا الرجل مَن أبوه وأمّه، بل اسألوه إن كان يستطيع أن يجعل بينه وبين المستحيل جسراً، وإن كان يستطيع أن يحمل النار بيديه ليضيء للعالم.
لا تخبروا أولادكم قصص الغيلان التي ترعبهم، بل اخبروهم قصص الأنبياء والعظماء والمكتشفين لكي يملأوا أرواحهم بعبير العظمة. وخذوا الكتب اليابسة التي تعلّم القعود والهزيمة إلى مقابر العدم، لأنّ الحرف الذي لا يهْدر هو حرف مزيّف، والكلمة التي لا ترفع إنساناً إلى أعلى من النجوم هي كلمة هزيلة لا تستحقّ الحياة.
ما أغبط أولئك الذين يزرعون لكم لتأكلوا، ويعصرون لكم لتشربوا، ويصنعون لكم محراثاً يشقّ صدر العدم. وما أعظم الكاهن الذي يضيء لكم الطريق لكي تبصروا، ويخرجكم من التعاليم الضالّة التي تحبسكم في العتمة. وما أجمل تلك المرأة التي تربِّي أبناءها على الفضيلة لكي ينشئوا مدينة فاضلة للحبّ والسلام. وما أشجع ذلك الطفل الذي يلقي بطيّارته الورقيّة في الهواء لتطير إلى عوالم مجهولة، ويرتفع قلبه وروحه مع كلّ خلجة من خلجاتها، حتّى إذا انقطع خيطها واصطدمت برؤوس الأشجار، ذهب ليصنع طيّارة أخرى كأنَّه يرفض أن يستسلم للجمود!
وما أقبح أولئك الذين عزلوا أرواحهم في كهوف الخيبة، وبكَوا على الماضي والحاضر، ولا يصدّقون أنّ الأرض تدور، والأزمنة لا تتوقّف، فهؤلاء يرضون بالفُتات، ويشربون من المستنقعات الضحلة.
إنّ أرواحكم هي الأجنحة التي تطيرون بها ولا تغادرون أجسادكم، فهل رأيتم طائراً تصطدم جناحاه بالأرض؟... إفهموا هذا الكلام، ولا تصدّقوا مَن يقولون لكم: كونوا أبناء الروح، ولا أولئك الذين يبشّرونكم بأنّكم بأجسادكم تنتصرون، فطالما أنتم أحياء يجب أن تؤمنوا بأنّ الجسد والروح يتحاوران كما تتحاور الموسيقى مع الكلمة. والإنسان ينتصر بهما معاً على الظلمة والقيود. فالروح والجسد يأتلفان في الحياة، ولكنّ الروح تنتصر على ضعف الجسد في الموت.
إنّ الذين يكونون بأجسادهم لا يختلفون عن الأشجار الخضراء التي لا تنفع لشيء إلاّ لحطبها، والذين يكونون في الروح يشبهون النواة التي في الثمرة. وإنّ الروح لا تسير وحدها على الطريق، والجسد لا يكتمل من غير الروح. فكونوا أنتم ثابتين بأجسادكم وأقوياء بأرواحكم، ولا تقولوا إنّ الله قد خلقنا ضعفاء، بل قولوا إنّ الإرادة التي فينا يمكنها أن ترفع الأرض إلى عنان السماء.
نعم يا أحبّائي وصحبي، إذا سرتم في العاصفة كما سار آباؤكم وأجدادكم، فلا تدعوا الريح تعرّيكم كما تعرّي الحقول، بل عرّوا أنتم العاصفة، واتركوها تبكي وتئنُّ في الدروب الوعرة، وليكن لانتصاركم على الظلمة صدى تردّده الأجيال وتتحدّث عنه الكتب.
_______________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
تكريم أفكار اغترابية في كانبرا
احييت منسقية كانبيرا في تيار المستقبل استراليا بالتعاون مع مشروع افكار اغترابية للادب للمهجري الراقي للدكتور جميل الدويهي امسية شعرية في العاصمة الاسترالية حيث كرم فيها عدد من الشعراء والادباء العرب
رحبت عريفة الامسية السيدة مايا برجاوي بالحضور الكريم الذي ضم كل من السفير اللبناني السيد ميلاد رعد وعقيلته السيدة رولا عازار، والسفير الفلسطيني السيد عزة عبدالهادي، والسفير الليبي السابق السيد مصباح اللافي والقائم بالاعمال الكويتي السيد محمد الشيتان، كما وشارك كل من حزب القوات اللبنانية في كانبيرا والتيار الوطني الحر، وعدد غفير من ابناء الجالية العربية في كانبيرا وسدني
ثم كانت كلمة لمنسق تيار المستقبل في كانبرا السيد محمد برجاق الذي وجه ترحيباً استثنائياً للسفراء العرب الكرام وللشعراء الذين توجهوا من سدني خصيصاً لإحياء هذه الامسية الشهرية المميزة والاولى في العاصمة الاسترالية، وأضاف : ان توأمت هذه الامسية الشعرية والادبية بين منسقية كانبرا في تيار المستقبل استراليا ومشروع افكار إغترابية للدكتور الأديب جميل الدويهي حافزٌ نود به تشجيع جاليتنا للحفاظ على ادبنا المهجري الراقي الذي يوثق علاقتنا باوطاننا العربية ورقي لغتنا العربية
في هذه الامسية المميزة بوجودكم نتوّج نخبة من شعراء وادباء الادب المهجري الذي استطاع من خلال طياته ونفحاته السحرية بلسمة غربة المهاجر العربي واللبناني في بلاد الانتشار
ثم اثنى قائلاً: نحن في تيار المستقبل، اولاد الشهيد رفيق الحريري عاهدنا انفسنا على إكمال مسيرة العلم والثقافة وتطور الحضارات وتمكين المهارات والقدرات في مختلف المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية. ونحن نرى ونلمس تأثير الأدب المهجري على توثيق ثقافتنا العربية في بلاد الاغتراب، فلقد لعب الادب المهجري دور جوهرياً في الحفاظ على نقيّ اللغة العربية في الحياة اليومية للمغترب العربي
ومن هذا المنطلق نتوجه بالشكر والامتنان لهؤلاء الشعراء الكرام الذين استطاعوا من خلال اقلامهم واناملهم الذهبية الحفاظ على ارثنا الادبي الثمين ولغتنا التي نفتخر بها. من بعدها كانت كلمة للدكتور الاديب جميل الدويهي الذي اكد على اهمية مشروع افكار اغترابية للادب المهجري الراقي في الحفاظ على رونق الادب العربي في بلاد الانتشار، من بعدها القى الشعراء قصائد شعرية تربط الخيال بالواقع راسمة بسمة عريضة على اوجه المستمعين، وفي الختام تم توزيع ادرع تقديرية لكل من الشعراء والادباء جون كرم ، مريم الدويهي، كلود حرب، جوزيف ابراهيم، سعدى جرمانوس، غلاديس قزي، احمد الحسيني، علي وهبة، طوني رزق وكريستين عيتاني
_______________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
زيارة إلى اتحاد أبناء الشمال
قام الأديب د. جميل الدويهي، مؤسس11 تموز 2022 مشروع أفكار اغترابية للأدب الراقي، بزيارة إلى مركز اتحاد أبناء الشمال في ضاحية سفتون، غرب سيدني، حيث هنأ بعيد الأضحى المبارك. ورحب رئيس الاتحاد الحاج حسان مرحبا بالضيف، كما ألقى الدويهي كلمة شكر ومحبة للاتحاد، منوها بالاعمال الخيرية التي قدمها ويفدمها، وقال: "باسم كل والد محتاج، وطفل جائع، وأم تطلب العون، اعبر عن امتناني لكم، واقدر ما تبذلونه من أجل الانسانية"
وقدم الاديب الدويهي هدية تذكارية إلى رئيس الاتحاد، هي كنابة عن رسم زيتي لمدينة طرابلس القديمة، مع كلمات محبة بتوقيعه
فرح المواعيد عرس ثقافي في سيدني7 تموز 2022
برعاية مشروع الاديب د. جميل الدويهي أفكار اغترابية للادب الراقي، وبستان الابداع، دعت الأديبة كلود ناصيف حرب أصدقاء ومحبي الكلمة الى حفل "فرح المواعيد"، لإطلاق كتاب توثيقي بعنوان: حروف لا تموت - كتبوا عن سيدة الحنين كلود ناصيف حرب
الدعوات كانت خاصة، واحتضنت اللقاء صالة جمعية كفرحلدا الخيرية. تقدّم الحضور قدس الأرشمندريت أفرام عباسي، منسق تيار المستقبل في سيدني خالد الشيخ، رئيس اتحاد أبناء الشمال الحاج حسان مرحبا، رئيس جمعية كفرحلدا الخيرية الياس طنوس، رئيس جمعية أبناء الضنية الخيرية محمود يوسف، رئيس جمعية بيروت الخيرية سام عيتاني، الأمين العام للمجلس الاسترالي اللبناني العالمي حسين علوش وعقيلته، أمينة سر مشروع أفكار اغترابية الأديبة مريم رعيدي الدويهي، وجمع من الشعراء وأهل الفكر والثقافة، وفعاليات اجتماعية
قدم الحفل الأديب د. جميل الدويهي مؤسس مشروع أفكار اغترابية للأدب الراقي
تحدث بكلمات مختصرة كل من الأرشمندريت أفرام عباسي، السادة الياس طنوس، إدمون طوق، حسين علوش، طارق طالب، والشعراء طوني رزق، حنا الشالوحي، أحمد الحسيني، جان كرم، طوني حنا، حيدر كريم، وقرأت مريم رعيدي الدويهي نصاً من أعمالها. وقرأ الأديب الدويهي كلمة أرسلها من لبنان د. عماد يونس فغالي، رئيس منتدى لقاء، التوأم لأفكار اغترابية. وألقت الأستاذة سارة قاسم والسيدة سو بدر الدين والسيدة آمنة الأسمر نصوصاً من أعمال الأديبة كلود ناصيف حرب. وألقى مقدم الحفل ثلاث قصائد، إحداها قدم بها الاديبة كلود ناصيف حرب التي ختمت الاحتفال بمجموعة من نصوصها الابداعية
وتخلل الحفل تقديم درع محبة من بستان الإبداع إلى الطبيب الإنساني، الداعم للثقافة، د. أنطوان باريش، وتسلم الدرع نيابة عنه زوج الاديبة كلود، الصديق سايمون مارون حرب. كما تسلم الصديق محمود يوسف جائزة أفكار اغترابية نيابة عن شقيقه الشاعر احمد يوسف، وجائزة البروفسور رياض عثمان، لارسالهما ألى لبنان. وتسلم الكاتب والمخرج غسان الحريري جائزة أفكار اغترابية من الأديب د. جميل الدويهي
وانتهى الحفل بتوقيع الكتاب الذي قدم مجانا، ثم قطع قالب الكايك، وكان كوكتيل عامر، والتقاط الصور التذكارية
ندوة عن كتاب الدويهي
"في معبد الروح"
في مكتبة كامبسي العامة
استقبلت مكتبة كامبسي العامة مجموعة من أصدقاء الفكر والإبداع المهجري لمناقشة كتاب الأديب والشاعر والمفكر المهجري د. جميل ميلاد الدويهي "في معبد الروح" الذي أحدث قفزة نوعية في الفكر المهجري وثورة في المفاهيم الفكرية والإنسانية.
اللقاء جرى بالتعاون مع مؤسسة "ميراث في البال" المرموقة و"نادي الكتاب" وعدد من الأدباء والشعراء والمثقفين وأصدقاء الدويهي، وتجلت فيه قيم الثقافة والمحبة والتواضع في أبهى مظاهرها.
قدّمت الأمسية بلباقة وإبداع الأستاذة فيرا الأشقر الدويهي مديرة العلاقات العامة في "ميراث في البال" فهنأت الأمهات في عيدهن وقالت:
كم هو جميلٌ أن ندخُلَ مع الدويهي المفكّر إلى معبدِ روحِه. إلى عالمٍ من الخيالِ والسحر. عالمٌ فيه المحبّةُ والتسامُحُ والرقيّ الإنسانيّ. وقد جعلَه الدويهيُّ المغرِّدُ من خيالِه العميق واحةً نستقرُّ عندَها، بعدَ معاناةٍ مريرةٍ نعيشُها في عالمنا المتردّي.
قرأتُ "في معبدِ الروح" فرأيتُ فيهِ قيمةً أدبيّةً وفكريّةً ستمضي أعوامٌ طويلةٌ قبل أن نكتشِفَ أبعادَها كاملة، فوراءَ كلِّ فكرةٍ عالَمٌ كبير، وتحتَ كلِّ كلمةٍ كنوزٌ من المعرفةِ الحكمةِ الإلهيّة، وكأنّي بالدويهي يُريدُ أخْذَنا من وجودِنا المليءِ بالألمِ إلى وجودِه الغنيِّ بالاطمئنانِ والسلام. إزرعوا في كلِّ حقلٍ شجرةً للسلام، واجعلوا التسامُحَ قنديلاً يقودُكم إلى المعرفة... أنا أريدُكم أن تحبّوا المحبّة حتّى لا يبقى للضغينةِ كلامٌ على ألسِنتِكم... هذه بعضُ أنوارٍ من الكتاب، وكم أعجبتني تلك التي يتحدّثُ بها إلى مَن يفقِرون إلى المعرفة وقد جاؤوا ليقتلوا رجلاً كافرًا، فيخاطبُهم: أيُها الأحبّةُ الجاهلون. نعم جاهلون لأنّهم يحاكمون إنساناً ورِث الدينَ عن آبائه وأجداده وليس له فيه ناقةٌ ولا جمل، وفي ذلك يقول جميل إنّ اللهَ لم يُّوكِّلْ أحداً ليدافعَ عنه، وإنَّ اللهَ لا يُفرّقُ ولذلك فعلى الإنسانِ ألاّ يُفرّقَ أيضاً... معبدُ الروح هو معبدٌ لجميع الشعوب. هو نبوءةٌ جديدةٌ نعيشَ فيها بفرح. هو دعوةٌ إليكم لكي تكونوا فيه أبناءَ الله الخالدين. فأهلاً بكم في رحابه.
وبعد كلمة شكر وترحيب من كاهن المعبد الدكتور جميل ميلاد الدويهي، ألقى الشاعر الدكتور مروان كساب قصيدة عن "في معبد الروح" وصاحبه، في ما يأتي نصها:
دكتور جميل الشعر بينادي منشان منَّك ياخد شهادي
بمعبد الروح خلودك تأكّد يا شلح مجد بأرزة بلادي
من الشعر شعرك أشعر وأجود الابداع منك جاب زوّادي
وولدتْ شاعر قبل ما تولَد وعا غصن شعرك غرّد الشادي
بدمع الأزل إحساسك تعمّد قبل العمادي وجرن العمادي
وبمعبدك رب الوحي تجسّد وحلِّت عا قلبك نعمة الفادي
حقّك يا مارد شعر تتمرّد عا هالدني الفيها الأسى زيادي
وعا موطنك لبنان تتنهّد الصفّا فريسة جوع صيّادي
وعا رِئاسه مضيّعه المقعد وعا الموطن الضايع بلا سيادي
لكن كتابك للنصر موعَد بفيّة حروفو كنز مش عادي
معجون بالالماس والعسجد وثورة قيم عالعزّ معتادي
ومنشان ما بْكتر الشرح إبعَد لمعبد الروح ندرت إنشادي
وجيت من قلبي إلك اشهد شهادة وفا من شاعر حيادي
من بعد ما شعرك لنا شيّد معبد الروح بروح جوّادي
لازم عا طول نزور هالمعبد ونعبد الروح الطيّبه عبادي.
الشعر أبعد من مدى المحسوس الشعر للوجدان غنّيي
الشعر ترتيل بسما القدوس مدوزن عا أورتار الألوهيي
والدويهي بالقيم مغروس وعا جبهتو الشمخه الإهدنيي
وتنين ما بيساعن القاموس بقولها بفخر وصدق نيي
إسطفان البطرك الناموس وجميل بطرك للأدب والشعر
بيلبق إلو مجد البطركيّي.
مريم الدويهي زوجة الاديب الدويهي التي كتبت مقالاً عن الكتاب بعنوان -"في معبد الروح" قيمة إنسانية وفكرية ومشروع للحياة-، قالت في كلمتها: إن الكتاب ينطوي على فكر فلسفي عميق ويعالج مواضيع تتعلق بالخلق والخير والشر والله الموجود والحلولية... كما يتخذ مواقف من الدين باحثاً عن دين عالمي، وأضافت: "سيمضي وقت طويل قبل أن أتمكن من الإحاطة بكل جوانب الكتاب، فكل جملة تستحق الوقوف عندها ودراستها"، مشيرة إلى أن الكتاب يقوم على الفكر أوّلاً وليس على الأدب فقط.
ثمّ تحدثت الاستاذة ليندا اللقيس غصن، فوصفت الدويهي بالنابغة والفيلسوف، مشيدة بزغرتا مقلع الأبطال والعظماء والقديسين، وقالت: "لقد تمجد النابغة الدكتور جميل الدويهي فكان الكاهن الصالح في معبد الروح الذي يتكلم بلغة السلام، لغة المجد الابدي”. أضافت أن الله قد أحب الفيلسوف الدويهي وخصّه بالرؤية البعيدة التي لا تُعطى إلا لقلة من البشر. وختمت واصفة الدويهي بفيلسوف العصر الجديد.
الشاعر جوزيف عقيقي، ألقى قصيدة عن الكتاب وصاحبه، فقال:
بلكي بتسالوني ليش جايي جايي إشهد لأهل الكفايي
بمعبد روح دكتور الدويهي ثقافه عطيت العالم هدايي.
جميل بمقدرة لوقا البشيري لوقا حرّر أمور العسيري
وجميل الكوكب، الشمس المنيرِي كلما في حدا بيقول كلمي
إلو عا حدودها طابع أميري.
لمّا الربّ قرر بالبدايي تا يخلق كون ما في لو نهايي
بْشرود الفكر قرّرلك وصالك الأزل تا يضلّ يحكيلك حكايي
وحتى يكرمك وسّع مجالك وعطاك الإذن منو والحمايي
حتى البدر لو وقّف قبالك بيبيّن سراج قبال منّك
وعبده واقفه قبال المرايي.
أديب وعبقري وحكمي وإرادي من الحضّار ما بدّك شهادي
كتابك عطّر زهور الحديقه وبلاك العِلم ما عندو قيادي
إنت عم تبرم عليك الحقيقه لأنك ابنها وابن المبادي
متل مغارة الفادي الغميقه وإنت من هيك يا دكتور حتى
كل الناس بتحبك زيادي.
إهدن مدينه بإسمها تغنّو وسبعَين خلُّو خصومها يجنّو
إهدن ضافير رجالها سواطير ويوسف كرم بيقوّتو تغنّو
وابن الدويهي اللي عطاها كتير عملاق شعرو فيه يتهنّو
شاعر حكايي كلها مشاوير متل الله قدرتو بفنُّو
والشعر جرح بقلب الله كبير والأرض عم تنزف بشَر منّو.
شاعر مثالي عالدني غادي رفّة عَلَم وجبينك بلادي
متل البطوله مبدع وخلاّق ومتل الصوامع رايق وهادي
طبعك أصالِه وقيمتَك أخلاق وصيتك حريقه وبلبلك شادي
عامل متل ما بيعملو العشاق لابس حريق قلوبنا رمادي
وكيف بدنا بلهفة المشتاق نمشي معك ونبيِّن زياده؟
ما زال الله خالقك عملاق راسك مجرّه ودعستك وادي.
تلا الشاعر جوزيف عقيقي الأستاذ فضل عبد الحي فوصف الحكمة في معبد الروح بالحكمة الذهبية، وقال إن كاهنه كان يسامح المحاربين ولا يميّز بينهم، ولفت إلى قول الدويهي: "التسامح قنديل المعرفة"، فالأقوياء هم الذين يسامحون والضعفاء هم الذين يحقدون.
واستوحى عبد الحي مقاطع عن المحبة التي في الكتاب.
وقال: "الطيبة والمحبة عامودان يرتكز عليهما في معبد الروح، فهو لا يكره بل يحب الجميع ويقول: سامحكم الله أيها الأحبة الجاهلون".
الشاعر جميل الحايك ألقى قصيدة قال فيها:
ياموطني اللي ترابَك بينباس وأرزاتَك من الريح ما انهزو
جينا عا هل الغُربي جناس جناس وكل الإجو لماضيك بيّلزو
واليوم جينا تا ندِق الكاس بكاس اللي رَجَّع للأدب عزّو
شعِر ونثِر مجبول بالإحساس ومن كلمتو حروف الهِجا تغزّو
يا ابن قلعَه للوطَن متراس زغرتا الحبيبه الكاسها بمزّو
بعيالها في سور تحتو أساس مُش رَح بيخلَق فارس يفزّو
شعر الدويهي بالدهَب منقاس وبالضهِر سيف الغدِر ما غزّو
للي انعوج، شعرك بيقلّو: جْلاس وكل اللي سمعو نثرَك التزّو
يا ابن بَيت المِن كبار الناس حدُّو اللي سكنوا العمُر ما تأزّو
ما بيقبل الفكَّر عا طرفو داس ودكتورنا بعزّو لأنو هيك
وبجرَح ضميري ان قلِت ما بعزّو.
يا أرِض أجدادي الشعِر ميراثنا وعايش بلجِّة قلبنا واحساسنا
مُش رَح نوافق حضرِة الجايب تَنَك وجايي تا حتى يبادلو بإلماسنا.
الأستاذ محمد حسين العمري ألقى كلمة ضمّنها قصيدتين حفظهما من شعر د. الدويهي هما "حبي لكِ" التي اعتبرَها "من عيون الشعر العربي" و "لا تغمضي عينيك" التي يختمها الدويهي بالقول:
من بعد ما انطفأت قناديل الهوى وشعورنا مثل الهواء تبدّدا
لا تغمضي عينيكِ كي لا تبصري عمري الذي قد صار لوحاً أسودا...
واعترف العمري بأنه من المغرمين بشعر الدويهي.
وأشار إلى أن الدكتور الدويهي في كتاب "في معبد الروح" كان ناقداً وساخراً وموجهاً. ولفت إلى السخرية من الظالمين والمتاجرين بالدين والطغاة. ووصف الكتاب بالمتميز والفتح الجديد في عالم الفلسفة. وعرض العمري الذي قال إنه قرأ الكتاب "مثنى وثلاث ورباع" بعضاً من المقاطع التي حفظها من الكتاب عن مواضيع مختلفة، عن الذنوب والشيطان والعِلم والنور والفضيلة والموت والحياة، وحقيقة الله التي تُعرف بالتواضع والنظر في المخلوق وصولاً إلى المعرفة، لأن الله ليس مجسماً فهو الكل في الكل والنور في النور.
الشاعر جورج منصور ألقى ابيات معايدة للأم في عيدها، ثم قال عن المفكّر الدويهي وكتابه:
لو يسألوني الناس مجد الشعر وين؟ بدلّن حسب رأيي عا شعّار الكبار
هلّي لهن عا كل منبر حمل دَين عالعلّقو بعنق الشعر إكليل غار
بدلّن على شاعر مرجّح كلّ عين وعن صفحة الماضي إذا انزاح الستار
بيطلّ من آل الدويهي بطركين: بطرك عطى للدِّين عظمِه وإحترام
وبطرك عطى للشعر قيمِه وإعتبار.
بعرف جميل عن جدّ حقّ المعرِفي شاعر رفيع الشان شعرو بينعََد
ما في وفا ان كان الدويهي مش وفي يشحّ الزبَد منشيل من شعرو زبَد
شو هالصديق الشعلتو ما بتنطفي مْضوّي ليالي العتم مطرح ما انوجَد
وعندك صداقَه زايلي ومزيّفي لكن صداقة جورج منصور وجميل
انبنيِت مداميك عا صخر الأبد.
لو ما قمر إهدن تكبّر عالخسوف ما كان بعدا منوّره هاك الجبال
ولو ما القوافي صبّها ونقّى الحروف ما شاف حالو الشعر عا زنود الدلال
وقلبك إذا ما كان عالكلمه عطوف بأرض الشعر ما بتقدر تحطّ الرحال
وبدّك "جميل" تكون تا تقدر تشوف هيدي الدني كلاّ سوا لوحة جمال.
الأستاذ كامل المر دُعي أيضاً لإلقاء كلمة فقال إن كتاب "في معبد الروح" يصلح لأن يكون مع كتب النبوءات في أميركا أي كتب جبران والريحاني ونعيمه. وكانت مطارحات شعرية ألقاها الشاعر أحمد الحسيني الذي أشاد بعلاقته الطيبة وصداقته مع صاحب "في معبد الروح"، كما تحدثت الدكتورة روز ماري سليمان عن المعبد فقالت إنه يصلح كتاب هداية للشعوب التي لا تعرف الديانات.
وأخيراً كانت كلمة شكر من لمفكّر والأديب الدويهي الذي أعلن عن 4 كتب جديدة لهذه السنة من ضمن مشروعه لأدب مهجري راق، هي في معبد الروح بالانكليزية، في معبد الروح 2، أعمدة شعري السبعة، وحاولت أن أتبع النهر... النهر لا يذهب إلى مكان، ووجّه دعوة إلى الحاضرين لحجز أماكنهم من الآن في مهرجان الأدب الراقي 2 حيث سيوزِّع كتبه مرة أخرى هدايا إلى أبناء الجالية، قائلاً: "هذا سيكون دأبي من الآن وصاعداً من أجل أدب مهجري راق من أستراليا”.
وبعد انتهاء الكلمات كان هناك نقاش عن الروح والمادة، فبيّن الدويهي أن الفلاسفة انقسموا إلى مَن يؤيد الروح ومن يؤيد المادة، ومَن يجمع بينهما، وقد أخذ هو المنحى الثالث فأنشأ توازناً دقيقاً في جميع مفاصل الكتاب، وعدّد نقاط اختلافه عن مجموعة من الفلاسفة والمفكّرين ومنهم جان جاك روسو، غوته، وجبران خليل جبران، وقال إن الكتاب يحتوي على عدّة نقاط لا يتوافق فيها مع بعض أفكار جبران الذي يحترمه ويجلّه وينحني لأدبه وفكره، وهذا ليس عيباً، بل هو غنى للنقاش والثقافة.
وفي نهاية اللقاء الممتع كانت هناك ضيافة والتقطت الصور التذكارية.
المفكّر المهجري الدكتور جميل الدويهي يشكر جميع الأصدقاء الشعراء والأدباء والمثقّفين والإعلاميين، ويخص ميراث في البال ونادي الكتاب والأستاذة فيرا الأشقر الدويهي، ومكتبة كامبسي، والمصور طوني معماري الذي صوّر اللقاء.
أمسية جميل الدويهي في ملبورن "ملبورن في القلب"
"ملبورن في القلب" قصيدة غناها الشاعر والأديب الدكتور جميل الدويهي في أمسية راقية وفريدة، جمعت الشعر إلى الموسيقى، وفوق ذلك كانت بيادر محبة، كيف لا؟ وأهل ملبورن لهم في قلب الدويهي مكان يتسع ويتسع، وقد بادلوه تلك المحبة بأجمل منها، فتقاطروا من كل أنحاء ملبورن ومنهم من جاء من مناطق بعيدة في ولاية فيكتوريا لحضور الأمسية.
استقبل أهل ملبورن الدويهي واستقبلهم، عانقوه وعانقهم، قال لهم:شعراً وقالوا له شعراً بتفاعلهم مع كلمته، وإعجابهم الكبير بصوَره وأبعاده الشعرية. وطلب منه الكثيرون أن يعود إليهم قريباً في أمسية ثالثة.
الأمسية كانت بدعوة من أصدقاء الشاعر الدويهي في ملبورن، وحضرها حشد كبير من أبناء الجالية، يتقدمهم سعادة قنصل لبنان العام الأستاذ غسان الخطيب، والأب ألن فارس، والراهبات، ورؤساء وممثلون عن جميع الأحزاب المؤسسات والجمعيات وسائل الإعلام ومثقفون وأدباء.
البرنامج استهله الأستاذ سامي مظلوم بكلمة ترحيب قال فيها: “نرحب بروّاد يخدمون الكلمة في معبدها، عنوان هذا اللقاء "ملبورن في القلب"، فباسم أهل ملبورن وباسمكم جميعاً نرحب بالشاعر الكبير الدكتور جميل الدويهي وبالسيدة عقيلته مريم، مؤكدين لهم بأنهم هم أيضاً في قلوبنا، في قلوب كل أبناء هذه الجالية".
ورحب الأستاذ مظوم "بصوت المحبة، وهل هناك أجمل من صوت المحبة؟ بالإعلامية الراقية والمتألقة الأستاذة كلود ناصيف حرب وزوجها الأستاذ سيمون حرب".
وأصاف: “ارحب طبعاً بحاضن الكلمة في كل مناسباتها في جاليتنا، سعادة القنصل العام الأستاذ غسان الخطيب، وهو عاشق الكلمة، وأرحب بكم جميعاً فرداً فرداً، وأحيي قيمة ناشطة في جاليتنا: حاضن الكلمة، ومشجع الكلمة، ورمز للاناقة والإبداع، الصديق أنطوان حربيه".
وقال أيضاً: “الدكتور جميل الدويهي، هذا الجميل، غاب عنا حوالي سنة وشهرين ورجع إلينا لأننا طلبنا منه أن يرجع، وقلنا له إن الإنسان الذي عنده أدب وشعر وكلمة فهذا نور فيه، والإنسان ليس حراً بنوره بل هو حُر في ظلامه. جميل الدويهي يحمل رسالة إبداعية من هناك، من جبالنا العالية، من أرضنا الطيبة المباركة الكريمة، من إهدن، من زغرتا، من شمال لبنان، من لبناننا، من كل بلادنا الحلوة المقدسة".
وقدم الأستاذ مظلوم الإعلامية كلود ناصيف حرب باسم المحبة الني هي محبة الله فينا، وباسم الكلمة التي هي كلمة الله فينا.
الأستاذة كلود ناصيف حرب أشارت في مستهل كلمتها إلى لوحة صممها الفنان والإعلامي بادرو الحجة، بعنوان "جميل ميلاد الدويهي مفكّر الروح"، لتُعرض في أمسيتي ملبورن وسيدني، وشكرته على هذه المبادرة الطيبة، وقالت: “اختاروني تا قول شعرَك، وبيعرفو إنو حروفك حنونه، من سيدني لملبورن جينا بمحبه مجنونه، إنتو الحبايب ضيوفنا والبيت بيتنا وبأهل الخير مسكونه". وخاطبت الأستاذ أنطوان حربيه بالقول: “لو بتعرف ذوقك شو عمل فيّي؟ خلاني طير من الفرح وقول لجميل قديش حلوه هالخبريه، سهره من العمر أكيد رح تبقى مضويه، ودقات قلبي الليله رح تعزف لحن القصايد الغزليه، بيسعدني وبيشرفني الحضور والمشاركه العفويه، ومنشكركن على هالضيافه الملوكيه."
وخاطبت كلود جميل بالقول: “جميل يا جميل، شو بدي خبر عنك ، وكلن بيعرفوا قصتك، أمير حامل سيف الكلمه ومسافر بهالمدى، بتبدر قصيده هون وبتزرع حَكي بكل الكون، شعر حب، غزل، تفاؤل، حياة، وطن، بيت، سلام، هيك حروفك، هيك شعرك، بستان من الحب الصادق".
وأشارت الإعلامية حرب إلى مشروع "أفكار اغترابية" الذي أطلقه الشاعر والأديب الدويهي، والذي أنتج من خلاله الدويهي مجموعة كتب في عام 2015 ومجموعة أخرى في العام الحالي، تمهيداً لمهرجان الأدب الراقي 2 في سيدني في 25 تشرين الثاني الجاري.
من جانبه، حيا الشاعر الدويهي جميع الحاضرين، وقال: ليست ملبورن في القلب فقط، بل مِن غيركم أنتم لا وجود لقلبي، وحبي لكم لا يوصف بالكلام. واستهل إلقاءاته بقصيدة لملبورن وأهلها قال فيها:
لمّا الهوى صوبِـِك مرق مرقه
حدّك قعَد عالرمل تا يرتاحْ
وكحلِه عا سيف عيونك الزرقا
موج البحر منّك أخدْها وراح...
وشاعِر تحت شبّاكك العالي
عم يقطُف من الزهر المْعرّق
لُولو سرَق من عَقدِك الغالي
وكمشِة كواكب عالسما فـَرّق...
والنهر يللي متل سطر كتاب
عا مْرايتو تمرّا العطر والفيّ
الله رسم عا شفافك العنّاب
ولمّا انخلقتي قال كلمة خَيّ...
يا ملبورن الصورة، الفجر، والنور
من وقت ما حِبّيت... حبّيتِك...
كلما العَواصف شَرّدو العَصْفور
بيرجع قبل تشرين عا بيتِك...
هلّق شفتْ أهلي، كأنّو هَون
هاك القمر، ما غفيتْ عيونو
وعرفتْ إنو بلاد قدّ الكون
بتعَمّرو مطرَح ما بتكونو...
تركْتو البيادر والقمح قنطار
أْساور دهَب بالشمس عم تلمَع
والباب عم بينُوح ليل نهار
متل الكأنو رُوح عم تطلَع...
لكنْ عا شَطّ بْعيد صرْتو بْلاد
إنتو الصبح، والمسْك، والعَنبر
لولا ما إنتو بتحزن الأعياد
ولولا ما إنتو الأرز ما بيكبَر...
نحنا مراكب نُور فوق بحور
واللي ضرَب بالسيف مش نحنا
من كتر منّا رْقاق متل زهور
نسمة هوا بتجرَج جوانحنا.
وفي ناس بالإرهاب قتلو الغير
بأيا شرع أو دين عم يحكو؟
يسوع ومحمّد رسالة خير
بيتطلّّعو عالشرق وبيبْكو.
لكن قدَرنا ننتصر ونكون
صورة إله الكون عم تمشي
لولا المحبّه تجرّحو العيون
وكان الفجر عا بوابنا كمشه.
ساعه بعد تا نقول: كان وكان
وما زال إنتو كبار بعيوني
قلبي تركتو بسيّدة لبنان
وآخد معي كل اللي حَبوني.
وعلى أنغام المايسترو الأستاذ إيلي حداد ألقى الشاعر الدويهي مجموعة من قصائده في موضوعي الغزل والمرأة، من 5 أنواع شعرية، هي: الزجل، التفعيلة العامية، العمودي الفصيح، التفعيلة الفصحى، والقصيدة المدورة العامية، وأعلن الدويهي أنه طور "المدور العامي" من القصيدة المدورة الفصيحة التي كان أول من نشرها في أستراليا في مجموعته " وقلت أحبك"، وأعاد الدويهي التأكيد على أن "المدورة العامية" هي من ابتكاره.
وألقت الأستاذة كلود ناصيف حرب 5 قصائد من شعر الدويهي، وختمت بقصيدة الدويهي الرائعة عن طفولته: "ضيّعت طفل زغير بالغابه" التي أدمعت عيون الحاضرين.
وختاماً ألقى الأستاذ أنطوان حربيه كلمة شكر قال فيها:.
"كيف يمكنُني أن أُضيفَ على العطرِ الذي في الوردة، وعلى الحقلِ الذي يَدْفِقُ بالخيرِ والغِمارِ غِمارا؟
لقد أغنانا الشاعرُ والأديبُ الدويهي... مرّةً بقدومِه إلينا، وهو يقول: ملبورن في القلب، ولا أغيبُ عنها وعن أهلِها. ومرّةً بشعرِه المتدفِّق مثلَ ينابيعِ إهدن، والرقيق مثلَ همسات ٍ من صِنّين. ومرّةً بأن يُقدّمَ كتبَه كهدايا إلينا، وفي هذا كرَمٌ وفَضيلة.
نشكرُك أيُّها الجميل، واعذُرْنا إذا كنّا لا نَعرفُ بماذا نلقِّبُك، فأنتَ شاعرٌ في سبعةِ شعراء في "أعمدة الشعر السبعة"، وروائيٌّ في "طائر الهامة"، ومفكّرٌ عميقٌ في معبد الروح، ومؤرّخٌ في "أشهرِ المعاركِ الإهدنيّةِ في التاريخ"، وأكاديميٌ في دراساتِك الجامعيّة، وإعلاميٌّ في جريدةِ "المستقبل" الغرّاء... وماذا بعد؟ أنت الصديقُ الوفيُّ والإنسانُ الراقي الذي يُحبُّ اللهَ والناسَ والوطن، ويُصلّي في مِحْرابِ الكلمة.
شكراً للإعلامية كلود ناصيف حرب على زيارتِها إلينا، وهي صاحبةُ المنزل، وقد غمرتْنا بدفءِ حضورِها وتَميُّزِها. شكراً للصديق الأستاذ سامي مظلوم الذي شرّفنا بتقديمِ الإعلامية كلود، وللموسيقي المبدع الأستاذ إيلي حدّاد، ولأصدقاء الشاعر د. جميل الدويهي في ملبورن على مشاركتِهم محبّتِهم وتكريمِهم للضيوف الأعزّاء. ولجميعِ الحاضرينَ الكرام، على أملِ أن نلتقيَ دائماً مع الأدبِ والشعر، ومع شاعرِنا الجميل"
زوجه حربيه تحية أيضاً إلى قنصل لبنان العام الأستاذ غسان الخطيب وغلى عقيلة الشاعر مريم التي رافقته في رحلته.
وقدم حربيه دروعاً تذكارية، كما قدم الدويهي مجموعة هدايا، ثم انتقل الجميع لتناول الضيافة وقطع الدويهي والحضور قالب الكايك، ووقع الدويهي 4 مجموعات من كتبه (كتاب لكل أسرة) هدايا إلى الحاضرين
وهي: لا تفكري صار الهوى ذكرى" - شعر لبناني، "طائر الهامة" - رواية، "في معبد الروح" الطبعة الثانية -كتاب فكري، و"حياة البطريرك إسطفان الدويهي" باللغة الإنكليزية الذي كتبه الدويهي مع ابنته ربى عام 2006.
جدير بالذكر أن إذاعة "الشرق الأوسط " في ملبورن قامت بنقل وقائع الأمسية - الحدث مباشرة على الهواء، كما أجرى الإعلامي الأستاذ حسام شعبو مقابلة مع الشاعر الدويهي قبل بدء الأمسية.
مهرجان الأدب الرقي 1
غصّت صالة كاتدرائية سيدة لبنان بمحبي الشعر والأدب الذين تقاطروا من كلّ حدب وصوب للمشاركة في مهرجان الأدب المهجري الراقي الذي نظمه الشاعر والأديب اللبناني المهجري الدكتور جميل الدويهي بمناسبة إطلاق مجموعته الشعرية "لا تفكري صار الهوى ذكرى" بالإضافة إلى مجموعات من أعماله التي صدرت مؤخراً. تميز المهرجان بالحضور الكثيف، والتنظيم، والرقيّ في كل تفاصيله، وحضره عدد كبير من الوجود الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية (رسالة الشكر والأسماء ص 23). وقدمت فعاليات الحفل بلباقة رائعة الإعلامية الأستاذة كلود ناصيف حرب. وألقى كلمات كل من الأستاذ جوزيف خوري رئيس تحرير جريدة "المستقبل" راعي الحفل، المهندس جوزيف مكاري رئيس جمعية بطل لبنان يوسف بك كرم الزغرتاوية، الأستاذ أنطوان الحربية الذي قدم من ملبورن خصيصاً لحضور الحفل، الشاعر الأستاذ حاتم جوعية الذي بعث برسالة من الجليل الأعلى قرأتها زوجة الشاعر الدويهي الأستاذة مريم الدويهي، والأستاذ الأديب محمد حسين العمري الذي ألقى كلمة ارتجالية ضمنها قصيدة هي واحدة من مجموعة قصائد حفظها من أعمال الدويهي (تنشر الكلمات تباعاً على موقع أفكار اغترابية قريباً). فنياً، قاد الموسيقي اللامع الأستاذ ألِكس حدشيتي سيمفونية الحدث، مرافقاً مطربة مهرجانات إهدن السيدة أنطوانيت الدويهي، والفنان طوني
يونس، والفنان جان خليل الذين أنشدوا قصائد من أعمال الدويهي، ثم ألقى الشاعر الدويهي قصائد من 5 أنواع مختلفة هي: الزجل، الشعر العمودي الفصيح، شعر التفعيلة الفصيح، الشعر المدوّر العامي، وشعر التفعيلة العامي. واختتم الحفل بضيافة وتوقيع مجموعة من كتب الدويهي هي: "لا تفكري صار الهوى ذكرى" شعر لبناني، "طائر الهامة" رواية، "في معبد الروح "كتاب فلسفي فكري، و"نظرة في تاريخ إهدن- أشهر المعارك الإهدنية في التاريخ" باللغة الإنكليزية. وهذه الكتب هي الأخيرة من بين 25 كتاباً أصدرها الدويهي حتى الآن.
مهرجان الأدب الراقي 2 للأديب د. جميل الدويهي
د. كلوفيس كرم: نتاج الدويهي نتاج إهدن جنّة الله على الأرض
د. عصام الحوراني: الدويهي صال وجال وأبدع في كل الفنون الأدبية
د. عزت الصباغ: الدويهي جبران جديد و"في معبد الروح" بحث كتاب فلسفي
الشاعر نمر سعدي: الدويهي يسير على نهج سعيد عقل في كتابة العامية والفصحى
كما السنة الماضية، كذلك هذه السنة، مهرجان للشعر الراقي من أستراليا، قدّمه الشاعر والأديب المهجري د. جميل الدويهي، ونخبة من المثقفين والإعلاميين والفنانين وشعراء المهجر... وكانت مناسبة للتأكيد على تنوّع الأدب الدويهي بين الرواية، والفكر، والشعر بجميع أنواعه المعروفة عند العرب... وما إطلاق ديوان "أعمدة الشعر السبعة" إلاّ دليل لا يرقى إليه الشك على هذا التنوّع الذي تصحبه شعريّة عالية وأفكار إنسانيّة، وفلسفة عميقة. وقد ألقى الدويهي من حصاده الشعري باقة تنوعت بين الشعر العمودي، والتفعيلة، والزجل اللبناني، والتفعيلة العامية والقصيدة المدورة العامية، وهذه الأخيرة طورها في واسط عام 2015 من القصيدة المدورة الفصحى وهو الشاعر الوحيد الذي كتبها في أستراليا (وقلت "أحبكِ") -2002.
المهرجان حضره المئات من أبناء الجالية اللبنانية والجاليات العربية الأخرى في أستراليا.
تقدم الحضور سيادة المطران أنطوان شربل طربيه راعي الأبرشية المارونية في أستراليا، راهبات العائلة المقدسة المارونيات، الدكتورة بهية أبو حمد عقيلة القنصل اللبناني العام، رؤساء وأعضاء الأحزاب اللبنانية، رؤساء وأعضاء الروابط والجمعيات والمؤسسات الاغترابية، شعراء وكتّاب ومثقفون وإعلاميون وأصدقاء.
قدمت المهرجان الإلامية الأستاذة كلود ناصيف حرب بلباقتها المعهودة، وقدمت أولاً كلمة الدكتور كلوفيس كرم – جامعة سكرامنتو (كاليفورنيا) ألقتها مديرة العلاقات العامة في لجنة ميراث في البال الأستاذة فيرا الاشقر الدويهي، وقال د. كرم في كلمته إن نتاج الدويهي هو نتاج إهدن جنة الله على الرض، فالاحاسيس والهمسات الشعرية التي تراودك عندما تقرأ للدكتور جميل, هي ذاتها تلك الهمسات التي تراودك في جنة سفر التكوين. الله الشاعر الخلاق يحاكي آدم جبلته وحواء جميلته مع هبوب النسيم. وقلم الدكتور جميل ينهل من جنة اهدن بنبعها مار سركيس. فإنك عندما تقرأ من جميل وكأنك تغرف بيديك وتغسل وجنتيك بماء عليل تسرب من أعالي القمم ليستقر في حنايا القلب والفكر”. وأضاف د. كرم: "في شعروكتب الدكتور جميل ستسمع صهيل الخيل وقرقعة السيوف وزغردة النساء عند عودة الأبطال من معارك الكرامة. قلمك اخي جميل قلم وفاء وعطاء دون حدود وصرخة ضمير لرفع الذل عن حاضر أخرس لا يعرف شرق ماضيه. قلمك اخي جميل عصا غليظة على كل من تطاول على قدسية لبنان، ووردة جورية اهدنية لمن احبنا من ديار العرب و الاغتراب”. ثم كانت كلمة للدكتور عصام الحوراني - بيروت ألقتها زوجة الشاعر الأديب الدويهي الأستاذة مريم رعيدي الدويهي، واعتبر د. الحوراني أن المهرجان هو "مهرجان لبنان المقيم ومهرجان العرب ومهرجان الثقافة العربيّة". وشبّه الدويهي بالفارس الذي
" صال وجال بأبّهة وعنفوان على ظهر حصانه الأبجر في كلّ فيافي الفنون الأدبيّة، فحلّق وأبدع في كلٍّ منها، ولا يمكننا أبدًا المقارنة في قوّة الإبداع لديه بين فنّ وآخر... كتب الشعر بالفصحى العالية الرّاقية التي تتميّز ببلاغة وخصائص دويهيّة لا يُجاريه فيها أحد. كتب بكلّ الأساليب القديمة والحديثة والمستحدثة والخاصّة به ومنها الشعر المدوّر وهو كان أوّل من نظم بحسب هذا الأسلوب. ويتألّق شاعرنا في أشعاره كلّها وهذا ما نعاينه في "أعمدة الشعر السبعة"، وفي غيرها. كما أنّه يُدهش في نثره الشعريّ الحديث: "حاولتُ أن أتبعَ النهر... النهرُ لا يذهبُ إلى مكان". ولا ننسى الشعر باللغة اللبنانيّة التي ارتقى بها إلى مصاف العذوبة اللامحدودة والرقّة والجزالة والأسلوب الطريّ الدويهيّ الرّائق الخاصّ، من مثال: "لا تفكْري صار الهوى ذكرى". وأذكر ههنا: "جدّي القديم" الذي أحبّ حتّى الثمالة...”
وعرج د. الحوراني مع المفكِّر الفيلسوف "إلى مطارح النور والسلام، إلى الحكمة التي هي فيض إلهيّ وقبس من نورانيّة قدسيّة تتلألأ في فضاءات الأرواح، وكأنّي بالمفكّر الدويهيّ وهو الكاهن المقتدر في "معبد الرّوح"... وأشار إلى كتابة التاريخ بالإنكليزية عند الدويهي في أشهر المعارك الإهدنية في التاريخ" ، وحياة البطريك أسطفانوس الدويهي، والرواية في طائر الهامة، وهي صوت الدويهي الصارخ في برّية المعمدان
ينشد من خلاله حريّة الإنسان القائمة على أساس الحقّ والحقيقة والسلام، وهو يمضي مع السرنوك على عربة تأخذهما إلى جسر الضياء. والرواية هي مشروع عمل مسرحيّ دراميّ بامتياز”.
كلمة الشاعر الفلسطيني الكبير الأستاذ نمر سعدي قرأتها الإعلامية الأستاذة نادين شعار صاحبة إذاعة صوت الفرح، وقال فيها:
"انفتحتُ على تجربةِ الشاعر البناني الكبير جميل الدويهي المغترب في أستراليا ورائد القصيدة العاميَّة المدوَّرة بنكهتها اللبنانية الرقيقة والتي تذكِّرني دائماً بقصائد غزل كتبها شعراء مثل الأخطل الصغير وإلياس أبي شبكة لحبيباتهم، فأدخلُ في حالةٍ وجدانيَّةٍ كمن يرنو إلى قمرٍ شفيفٍ في ليلةٍ حزيرانيَّةٍ أو يقرأُ رسائلَ عشقٍ سريَّة لنفسهِ، ويشبِّهُ القصيدةَ براقصةٍ تتأهَّبُ للرقص”. وقال: "تجربة الصديق الشاعر جميل الدويهي بالرغم من زخمها وعمقها وأهميَّتها إلى أنها بقيت بعيدةً عن حلقات ودوائر النقد العربي الرسمي، ربما يرجعُ سببُ ذلكَ إلى كون صاحبها يعيشُ في مهجرهِ في القارة الأسترالية بعيداً عن مركزية الخطاب الإبداعي العربي، ومقرُّها الشرق...وهذا برأيي ظلمٌ كبير لأدب المنافي والمهاجر.. ظلمٌ يؤدِّي حتماً إلى الإهمالِ والنسيان".
وأضاف: “ في قصيدةِ الدكتور الشاعر جميل الدويهي تجدُ كلَّ عناصر الطبيعة اللبنانية الناعمة ومعاني حبِّ الحياة والمرأة والجمال، بدءاً من عطر التفَّاحِ وخصرِ الحبيبة وفستان الأرجوان والحبِ الأكبر من البحرِ إلى جدائلِ الحبيبةِ التي تشبهُ الموسيقى وكحلِ عينيها الشبيهِ بخيلِ العرب و"مرجوحة عصافير بالحَور العتيق" وغيرها من الموتيفات الشعريَّة التي يجيد الشاعر توظيفها واستعمالها بكلِّ مهارة وحذق شعري وفنِّي". وأوضح أن الدويهي“ يسير على نهجِ سعيد عقل في كتابةِ القصيدتين، العاميَّة والفصحى، بسحرٍ نازفٍ وعاطفةٍ رقراقة تغرفُ من ماضي الأيَّام وهجَها السرياليَّ وطاقتَها المبدعة المفتوحة على التجلِّياتِ والأناشيد المؤرَّقة. من جهةٍ ثانيةٍ لمستُ نغمةً شجيَّةً في قصائدهِ النثريَّة التي لا تقلُّ جمالاً وقيمةً عن قصائده العاميَّة، فغناؤهُ الأعزل يذكِّرني دائماً بسونيتات عشَّاقِ القرون الوسطى وهم يجوبون الأرضَ بحثاً عن لحظةِ وصلٍ قصيرةٍ أو ينتظرون عاشقاتٍ لا يأتين تحتَ شجَرِ الحنين”. وختم: "هكذا كانَ الشعرُ عند الأستاذ الشاعر جميل الدويهي حاسَّةً خارقةً تحسنُ اقتناصَ اللحظةِ الشعوريَّة الهاربة وحالةً موزَّعةً على حقولِ الرؤى والجمال الصرف.”
الدكتور عزت الصباغ – باريس قرأت كلمة له الإعلامية الأستاذة إلهام حافظ من إذاعة تو إم إي، واعتبر د. الصباغ "أن كتاب "في معبد الروح" يرتفع بناء عالياً، علو كليّة الخير” التي انطلق اليها، لينهل منها بمخزون فلسفي وبوعي تربوي على الساحة الثقافية.”
وقال: "يمتلك مؤلفنا حساً مرهفاً وقياساً دقيقاً للإمعان، عندما يشخص في مهمة كل من القلب والعقل: فالأول يدق شعور صاحبه بسلبه وايجابه، والثاني - العقل - يتلقفها ليتحكم في بناء الفكرة، بنسبية تتماشى ودرجات الوعي كما وظروف صاحب هذا العقل والقلب، ها نحن حيال الحركة، لتنفيذ ما أبان عنه قلب الانسان من شعور والفكرة التي رسمها عقله على خارطته، ليصار الى شق مسار حياتي جديد يحث الانسان عليه خطواته لتحسين الواقع والاعلاء من شأنه بالأخلاق”. وختم: "الدكتور جميل الدويهي و "في معبد الروح" "جبران" لبناني جديد يعود، فتألقت به "صومعة جبران" وقد بنى أمامها شرفة، لم تكفه بالاطلالة الصادقة على الانسان، ممسكاً بيده وقد أنار طرقاً راسماً بها سياسة شمولية جديدة لانسانية الانسان في أصقاع هذا العالم... دكتور جميل الدويهي، أكن لك تقديراً شديداً، "فمعبد الروح" بحث كتاب في "فلسفة معنى وجود هذا الانسان بكرامة على الأرض".
وألقى الشاعر المهجري د. مروان كساب قصيدة عن الشاعر الدويهي قال فيها:
وبعدكم عم تسألوني مين الدكتور جميل وشو عمل تخمين؟
رح قلكن لو محلّ آدم كان كنّا بقينا بجنّة التكوين
شاعر بشعرو ليّن الصوّان وخلا القلوب الما تلين تلين
شاعر إذا إنسان، غير إنسان من الأرض بيحاكي السماويين
سلاحو نشيد الروح والإيمان تا مْن الأنا ينجّي الأنانيين
ابن إهدن ملكة التيجان إهدن ضمير الفلسفه والدين
ونقّا بحنينو زهرة البستان تا صار إسمو صهر تنورين
منعتزّ بالصهر الرفيع الشان وصرنا عا تلّة عزّ مسنودين
ابن الدويهي من الدهب رنّان ان جينا سوا عيار الدراري نزين
طلعات شعرو ثورة البركان بوجه اللي أكلو حقوق المساكين
ووقت البيلزم فارس الميدان ومن نبرتو بيرجَّف التنين.
وبعدكن عم تسألو مروان مين الدويهي وشو إلو تكوين؟
رح قلكن يا ناس يا إخوان هيدا رسالة بجملة عناوين
هيدا البشعرو رقّص الأوزان هيدا البشعرو زيّن الحلوين
هيدا الما خلاّ لون بالألوان تا دمّعو وزادو حا وتلوين
حتى عندما تغيّر العدان وتشرين طل وهدّد النسرين
دكتورنا بشعرو الندي الريّان خلا الورود يفتحو بتشرين
وعا منبرو شفنا أرز لبنان وعا جبهتو شفنا جبل صنين.
لا تفكرو قصّة مدح وخبار عطر الزهر مش عايز العطار
دكتور والبيطالع كتابو بيقشع حروفو زنابق وأزهار
ومن فلسفاتو ونور آدابو العتم انجلى والليل صار نهار
ونحنا سفينة شعر بعبابو وهُوّي البحر والريح والبحّار
وجبران ذاتو جنّ إعجابو بدكتورنا وتْعانقو الأفكار
ومتل العن بيشهد من غيابو الدكتور متلو عبقري ما صار
بطرَك شعر والمجد عا حسابو لا تفكرو الألقاب صارو كتار
تا نْحافظ على الحقّ وصحابو دكتور جميل مفروض إُّنو يكون
بابا الشعر ومحجّ للشعّار.
وألقى الشاعر الأستاذ جوزيف عقيقي قصيدة قال فيها:
يا سيّدة لبنان عم صلّي أكيد خلّي الدويهي صاحب الراي السديد
حتى المؤرخ يغتني بالمعرفه كلما بيقرا كتاب لدويهي جديد
نحنا منعرف مين جدّ الفلسفه حتى نقلنا الحرف عالغرب البعيد
نعيمه مْخايل قبل ما جفنو غفي ودّا القلم والمحبره لباحث لبيب
حتّى يعيش الحرف والعلم المفيد.
يا معلّم الأجيال تفسير الوجود الله عطاك الموهبه ومحّى الحدود
كلما طبعت كتاب بيفِيق الوعي وبمساكب الأزهار بتجنّ الورود
ومعبد الروح ان شاف نَصّو الألمعي من خاطرو الموعود بيشيل الوعود
ويا روح عقل تقمّصي وعُودي ارجعي شوفي بجميلك كيف صنّاع الخلود.
ما أروع الكلمه بنواميس العهود بتخلق من الواجب شرايع موجبه
بتحرّك الإحساس وبتطوي عهود عا حدودها جفون القمر محدودَبه
الشاعر إذا بشرعيّتو بيمْضي العقود وبيعْقد جناحو بعُهود مْخصّبه
بينظم من الأبراج والروعه عُقود برؤيا سماويه ومعاني مْطوّبه
ولما الجمال يشعْشع بجمر الخدود بتتأوّه الرعشه بنوايا مسرسَبه
الشاعر حديقة سياجها شفاف الورود ولما الحياة تخضّعو للتجربه
بيطلع إله بسحْب أرقام الخلود لكن إذا من الجائزه الكبرى انحرم
بدّو بجوايز ترضيه يطْلع نبي.
وتحدّث الفنّان ألكس حدشيتي عن روحية الدكتور جميل الدويهي، وخصوصاً في كتابه "في معبد الروح"، ووصف أعمال الدويهي بالمؤتمنات عند جميل المحيا ونفسه المعطاءة الأبية وكأنه يعزز أشواقنا الشعاعية بكنوز تتلألأ معه من ذلك النور المشترك بنا".
وقال إن الدويهي "كشف عن جمال الروح لأنه المكتشف الجميل فوظفها لتكون هداياه من الله المتجلي". وهنأ الفنان حدشيتي صاحب المناسبة على ما عنده من "هدايا الهدى".
كما تحدث الأستاذ محمد العمري عن الرابطة القلمية والنهضة الأدبية في الغرب، وعن "النهضة الاغترابية الثانية" التي يقوم بها الأديب د. جميل الدويهي في أستراليا.
وألقى العمري أبياتاً حفظها من مطوّلة الدويهي في مئوية عيد عقل.
وكانت وصلات غنائية في المناسبة من شعر الدويهي قدمها المطربان المحبوبان طوني يونس وجان خليل والآنسة الراقية كلوي زعيتر.
الدويهي من جانبه رحب بجميع الحاضرين واصفاً إياههم بـ "شهود على العصر بكلمة حق وإنصاف وعدالة”. وقال: "لو أخذت كل القواميس من رفوف المكتبات وجمعت ما فيها من كلام، فهو يختصر بكلمة واحدة: المحبة... وأنتم ترون محبتنا وتوضعنا وإيماننا وتقولون الحقيقة، وأنا أكبر بحقيقتكم”.
وأكد الدويهي "أن الله هو الشاعر فلا أعطيكم شيئاً من عندي، وإذا كان البعض منكم يعرض عليّ المساعدة بجميع الوسائل، فلي طلب واحد عندطم: أن تساعدوني على رد القليل من الجميل لخالقي، فهو الذي أعطى من كبَره وأنا أصغر من أن أرد الجميل" .
وقال إن الله أعطاه سبعة أنواع من الشعر، وقصصاً قصيرة، والرواية، وكتابين فكريين، وكتابين للتاريخ ودراسات أكاديمية، وافتتاحيات ونقداً، وباللغتين العربية والإنكليزية، "والله لا يطلب شيئاً في المقابل، فهو الكريم الذي يغدق من غير حساب، وعطاؤه الحب والعظمة والخلود”.
ورحب الدويهي بجميع الأحزاب والروابط والجمعيات, ابناء الجاليات العربية والشعراء والإعلاميين. وألقى قصائد مختلفة من الشعر العمودي، وشعر التفعيلة، التفعيلة العامية، والزجل اللبناني والمدور العامي. وقوطِعت قصائد الدويهي بالتصفيق مراراً وتكراراً.
وبعد انتهاء الحفل كانت ضيافة وتوقيع الكتب عند مدخل الصالة، وكان مقرراً أن يقدم الدويهي 7 كتب هدايا مجانية (كتاب لكل عائلة) هي "تأملات من صفاء الروح"، "في معبد الروح" بالإنكليزية، "طائر الهامة"، "لا تفكري صار الهوى ذكرى"، "حاولت أن أتبع التهر... النهر لا يذهب إلى مكان"، "أعمدة الشعر السبعة"، و"أشهر المعارك الإهدنية في التاريخ" باللغة الإنكليزية، لكنه فاجأ الحاضرين باطلبعة الثانية من "في معبد الروح" باللغة العربية، ليصبع عدد الكتب التي قدّمت في المهرجان 8 كتب. ووعد الدويهي بنشر 4 كتب جديدة في عام 2017، من ضمن مشروعه أفكار اغترابية للأدب المهجري الراقي من أستراليا.
مهرجان الأدب الراقي 3
مهرجان الأدب المهجري الراقي 3 حدث غير مسبوق، وتقليد سنوي يضيء على إنجازات أحد أبناء الجالية اللبنانية في أستراليا. رجل يعمل على مدار الساعة من أجل تحقيق حلم وهدف: أدب مهجري راق في أستراليا، في ما أصبح يسمى : نهضة اغترابية ثانية ... من جهة الشرق هذه المرة. المناسبة غنية عن التعريف، والمفاجأة كانت لصاحب المهرجان الذي لم يتوقع هذا الحشد الكبير، رغم كل الظروف الصعبة التي مر بها مؤخراً، وكل العقبات والسدود والعراقيل التي أصبحت تقليداً معروفاً أيضاً. مشروع أفكار اغترابية لم يكن وحيداً، بل كان معه المئات من المحبين الذين فرحوا معه وتحلقوا حول مائدته الغنية بالعطاء، والكرام كثيرون، أما القلة فلا تكسر عزيمة الفارس الشجاع الذي يحب المغامرة... والتحدي جزء من طفولته الكبيره. حضر المهرجان حشد كبير من أبناء الجالية، يتقدمهم سيادة المطران أنطوان شربل طربيه راعي الأبرشية المارونية في أستراليا، فضيلة الشيخ ميكائيل غانم ممثل المجلس الإسلامي العلوي، النائب جهاد ديب، الاب الياس البابا، الأخت الراهبة إلهام جعجع، الأخت لينا وراهبات العائلة المقدسة المارونيات، والأحزاب: التيار الوطني الحر، تيار المستقبل، الكتائب اللبنانية، القوات اللبنانية، الوطنيون الأحرار، حركة الاستقلال، اليسار الديمقراطي، تيار المردة، حزب البعث العربي الاشتراكي، الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، الرابطة المارونية، المجلس الماروني، المجلس الاسترالي اللبناني (راعي المهرجان مع جريدة المستقبل الأسترالية)، نادي الشرق لحوار الحضارات - أستراليا، جمعية بطل لبنان يوسف بك كرم، والعديد من الروابط والجمعيات والمؤسسات وأعضاء البلديات وأهل القلم والإعلام. قدم الحفل الأديب جميل الدويهي الذي تحدث عن مشروعه أفكار اغترابية الذي بدأ من فكرة وأصبح حالة ثقافية ابداعية، في تنوعه وفرادته، وقال إن كتابه "أعمدة الشعر السبعة" وابتكاره للشعر المدور العامي، وكثافة إبداعاته تدل على أهمية المشروع وحيويته انطلاقاً من أستراليا الارض البعيدة. وقال إن "أعمدة الشعر السبعة" هو أول ديوان شعر في تاريخ العرب يحتوي على 7 أنواع شعر مختلفة، وهذا في أستراليا. وأشار إلى أن كتابين صدرا بدعم من أفكار اغتربية في السنة الماضية هما "كلمات من أعماق الحب" للأديبة الإعلامية كلود ناصيف حرب، و"النطق بالمنطق - من بلاغة الكلمة حتّى بلوغ النعمة" للاستاذ أليكس حدشيتي. ثم قدم الدويهي الملكات السبع: مريم رعيدي الدويهي، فيرا أشقر الدويهي، أنطوانيت حوشب، ريما بالش، فرح عصافيري، ندى فريد وكلود ناصيف حرب. وقد ألقين من أنواع الشعر عند الدويهي فأطربن وأمتعن ورافقهن في العزف الجميل الفنان أليكس حدشيتي. ثم قدمت جائزة الأديب الدكتور جميل الدويهي بعد قراءة بيان لجنة اختيار الجائزة، فتسلم أليكس حدشيتي جائزته من مريم الدويهي وكلود ناصيف حرب، وتسلمت الشاعرة مريم شاهين رزق الله جائزتها من جميل الدويهي، وسلمت مريم وكلود جائزتين للأستاذ حسين مصطفى نيابة عن الأديبة رنده رفعت شرارة - كندا، والإعلامي بادرو الحجة نيابة عن الأديب سليمان يوسف ابراهيم - عنايا لبنان. وقدم المجلس الاسترالي اللبناني، بشخص الامين العام الأستاذ حسين علوش ونائبة الرئيس إلهام حافظ والسيدة جمانة منزلجي درعاً تقديرية إلى الأديب الدويهي، وأعرب أمين عام المجلس الأستاذ حسين علوش عن دعم المجلس لكل مشاريع الدويهي الأدبية سواء في أستراليا وفي لبنان أو أي مكان آخر. وألقى الشاعر الدويهي مجموعة من قصائده التي اتسمت بالعمق والتاثير والخيالات البعيدة، وكذلك الطرافة، في تنويع فريد في الأشكال. ثم كان توقيع الكتب هدايا مجانية وعددها عشرة كتب هي: "أعمدة الشعر السبعة"، "رجل يرتدي عشب الأرض- نصوص فكرية إبداعية"، "تأملات من صفاء الروح" بالانكليزية، "أشهر المعارك الإهدنية في التاريخ" بالانكليزية، "حاولت أن أتبع النهر النهر لا يذهب إلى مكان" شعر منثور، "الحافلة والولد ممكن" قصص قصيرة، "في معبد الروح" بالانكليزية، "قلائد من فكر جميل الدويهي" أعدته مريم رعيدي الدويهي "من قلب جرحي بقول حبيتك" شعر لبناني "رجل يرتدي عشب الارض" نصوص فكرية إبداعية. وكانت بعد ذلك ضيافة.
كلمة شكر
يشكر الأديب اللبناني د. جميل الدويهي جميع من شاركوه في مهرجانه الكبير للأدب الراقي 3، ويخص بالشكر سيادة المطران أنطوان شربل طربيه راعي الأبرشية المارونية في أستراليا، فضيلة الشيخ ميكائيل غانم ممثل المجلس الإسلامي العلوي في أستراليا، النائب جهاد ديب، الاب الياس البابا، الأخت الراهبة إلهام جعجع والأخت الراهبة لينا وراهبات العائلة المقدسة المارونيات، الأحزاب: التيار الوطني الحر (د. طوني رزق وطوني طوق)، تيار المستقبل (عبدالله المير وعمر شحاده)، الكتائب اللبنانية (لودي أيوب)، القوات اللبنانية (طوني عبيد وجهاد داغر) ، الوطنيون الأحرار (طوني نكد وكلوفيس البطي)، تيار المردة ممثلاً بالصديق طوني بو ملحم، حركة الاستقلال (أسعد بركات وسعيد الدويهي)، اليسار الديمقراطي (طوني معماري)، حزب البعث العربي الاشتراكي، الرابطة المارونية (باخوس جرجس ممثلاً بالصديق غسان العويط)، المجلس الماروني (طوني خطار)، الجامعة اللبنانية الثقافية (الشيخ ميشال الدويهي)، جريدة المستقبل (جوزيف خوري - راعي الحفل)، المجلس الأسترالي اللبناني (راعي الحفل غازي قلاوون وحسين علوش)، نادي الشرق لحوار الحضارات - أستراليا (جو سكر) - جمعية بطل لبنان يوسف بك كرم (إيفا معوض)، رابطة شباب شكا، أبناء تنورين، جمعية كفرحلدا، رابطة آل طوق (دايفيد طوق)، جمعية بحنين الخيرية (مصطفى حامد)، جمعية بيروت الخيرية (محمد شبارو) اللجنة النسائية في جمعية بيروت الخيرية (برنسيس كريستين عيتاني)، جمعية كفرصارون الخيرية (إيلي ناصيف) التيار الديمقراطي العراقي، جمعية بغداد الثقافية (علاء مهدي)، التجمع المندائي للآداب والثقافة والفنون (صبري فزَّع)، منتدى الجامعيين العراقيين (د. أحمد الربيعي)، ميراث في البال (د. روز ماري سليمان)، منتدى بطرس عنداري، ملتقى الفنانين الأسترالين العرب (قحطان حدارة)، جمعية النحاتين في نيو ساوث ويلز (فؤاد الورهاني)، وجميع أعضاء الأحزاب والروابط والجمعيات التي سلف ذكرها، ووسائل الإعلام التي نشرت إعلانات مجاناً: جريدة المستقبل، جريدة النهار، إذاعة إس بي إس والزميل غسان نخول الذي أجرى مقابلة إذاعية معي، إذاعة تو إم إي (ندى فريد- وإلهام حافظ وبادرو الحجة الذي غطى المهرجان مباشرة على موقع ليبانون دوت أورغ)، راديو2000 إف إم وتلفزيون سواقي غروب (د. علاء العوادي)، الوكالة الوطنية (الشاعر سايد مخايل)، الزميلة أمل سعيد، الزميل علي وهبي، البرنامج الكردي في الإذاعة العربية 2000 إف إم (مصطفى خليل)، البرنامج المصري (كمال أبرام)، الإعلامي ممدوح سكرية، الإعلامي أكرم المغوش، وكل الأصدقاء الذين نشروا على صفحاتهم على فايسبوك إعلانات في لبنان وأستراليا والعالم، وأشكر جزيلاً الفنان أليكس حدشيتي الذي ترك عمله وسافر من أدلايد إلى سيدني وأصر على حضور هالمناسبة وإغنائها موسيقياً، والشاعرة مريم شاهين رزق الله التي حضرت من ملبورن مع وفد للمشاركة، وأعضاء البلديات (أنطوان الدويهي - بلدية ستراثفيلد)، جورج زخيا (بلدية بلدية بانكستاون)... وشكر كبير ومتميز لمن كانت لهم خدمات مباشرة في هذا المهرجان الغني: الملكات اللواتي ألقين من أشعاري على المسرح حسب تسلسل الظهور: مريم رعيدي الدويهي، فيرا أشقر الدويهي، أنطوانيت حوشب، ريما بالش، فرح عصافيري، ندى فريد، وكلود ناصيف حرب، الاستاذ جوزيف خوري رئيس تحرير المستقبل راعي الحفل، الشيخ ميشال الدويهي رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية، المجلس الاسترالي اللبناني راعي الحفل بشخص الرئيس السيد غازي قلاوون والأمين العام السيد حسين علوش، السيد شيان عبده، الصديق طوني بو ملحم، جمعية كفرحلدا الخيرية بشخص السيد الياس طنوس والأستاذ كامل المرّ، الإعلامي كميل شلالا (الميدل إيست تايمز)، السيدة نضال حمزة، الدكتور مصطفى علم الدين، الصديق سايمون حرب، السيدان سايد ولبيبة الحلبي، شقيقتي جمال يوسف وابنها جورج، والمصورعفيف نقفور. الشكر موصول ومن القلب للشعراء: الدكتور مروان كساب، جورج منصور، لطيف مخايل، مارون طراد، جوزيف عقيقي، جون كرم، ونجيب داود، وللأستاذ حسين مصطفى الذي تسلم جائزة الأديبة رنده رفعت شرارة - كندا، والأستاذ بادرو الحجة الذي استلم جائزة الأديب سليمان يوسف ابراهيم - عنايا لبنان... في الختام أشكر الجميع فرداً فرداً، شخصيات ووجوهاً، أبناء الجاليات اللبنانية، السورية، العراقية، الأردنية، الفلسطينية، المصرية... ومقدمي الهدايا. واعذروني إذا نسيت أحداً من غير قصد، فالقائمة تطول وتطول، وعدد الحاضرين فاق جميع توقعاتي... والمحبة في قلبي للجميع.
كلود ناصيف حرب أطلقت باكورتها "كلمات من أعماق الحبّ"
في عرس أدبي مميّز وكبير، أطلقت الأديبة والإعلامية كلود ناصيف حرب باكورتها الأدبية "كلمات من أعماق الحب" في احنفال كبير أقيم في صالة القديسة ماري ماري ماكيلوب - دير مار شربل بانشبول، برعاية سيادة المطران أنطوان شربل طربيه راعي الأبرشية المارونية في أستراليا، وحضور غصت به القاعة حتى آخر كرسي، وحضر المناسبة أيضاً المطران باسيليوس القس جرجس للسريان الكاثوليك، وعدد من الآباء الأجلاء والراهبات والإعلاميين وأهل الفكر والكلمة والمجتمع. وكان سبق الأمسية قداس شكر في كنيسة مار شربل، على نية المناسبة، ترأسه الأب إيلي رحمه. قدمت الأستاذة فرح عصافيري من المجلس الأسترالي اللبناني مقدم الحفل الأديب المهجري د. جميل الدويهي بلباقتها المعهودة، فقالت إن الدويهي يقدم في 3 سنوات من الأعمال الأدبية ما لا يقدمه أدباء في حياتهم. وبدأ الدويهي الحفل بكلمة ترحيب وشكر لجميع الحاضرين، وقال إن مشروع "أفكار اغترابية" حمل مع كلود بقدر حبة رمل، وساعدها بقدر نقطة حبر في بحر أزرق، فهي التي صنعت البحر والسفينة وهي البحار، وسفينتها التي من ورق وحبر لا تغرق. وتكلم المطران أنطوان شربل طربيه عن اللمحات الروحية في كتاب كلود ناصيف حرب، وقرأ مقاطع من الكتاب، متمنياً للأديبة حرب دوام التوفيق، وقدمت كلود أيقونة إلى المطران طربيه، وأيقونتين للأب إيلي رحمه والأب أنطوان طعمة ممثل رئيس دير مارشربل الأيب لويس الفرخ الموجود في لبنان، ثم قدم الدويهي صاحبة المناسبة كلود ناصيف حرب بكلمة شعرية جاء فيها:
كلمه سكبها الليل عا نغمة كَمان
يا كلود مش من حبر... بيت الشِّعر كان...
مرجوحة عصافير طارت بالكتاب
تا صار حَرف الأبجديّه مهرجان...
والحُبّ هوّي تنين غرْقو بالضَّباب
وشْفاف لبْسو من حَنين، وأرجُوان...
في ناس كتْبو كْتير عا وراق الغيابْ
دبْلو الكتب، واصْفرّت وراق الحكي
وكتاب حُبّ كلود... خالد بالزَّمان.
لْزحله، سَعيد العقل عم يسْكب حلا
كاس اندلق عا شْفافها، وكاس انْتلى
وكلما عا غصْن الحور يتسرّق قمَر
رسمِه عا وجّ النهر... بيصير الفَلا...
يا كلود حَرب تغَزّلي، وجيبي صُوَر
تا الحِبر يلْعب سِحر، ويقلّك هلا
وتا نقول نحنا بالمفيد المختصر:
ما زال معْبد روح تاني هالكْتاب
نحنا بْمعابد رُوح منحبّ الصّلا.
قدّيش حِكيو شعر عن حُبّ الكبير...
وحُبّك رفيف الزنبقه حدّ الغدير...
حبّك حنين البحر للشطّ البعيد
حبّك وعد مكتوب عا شال الحَرير
عُشّاق مرْقو كتير ببيوت القَصيدْ
لولا الهوى شو كان هالعالم فـَقير!
وعالأرض مرقو ناس قلبُن من حديد
كيف انخلقتي هيك قلبِك من دهب...
كلما شهق للحبّ، بينقّط عبير؟
خايف يا هالبيّاع من باني وبني
ما تسْرق من زرار ورد مْلوّنه
وْتاخد كِتاب الأخضر اللابس ربيع
تا تْبيع مِنّو بالمَزاد، وتغْتني...
ولولا الحرْف مكتوب بالخط الرفيع
بيكون بحْر كبير... وشْهور السِّني
وعندي سؤال مْحيّر عقول الجميع:
يا كلود كِيف كتاب من حِبر... وورق
بيصير كوكب نُور، وبْيخْلق دِني؟
وقبل أن تقرأ كلود مقاطع من الكتاب، توجهت بكلمة شكر إلى الدويهي صاحب مشروع "أفكار اغترابية"، وإلى جريدة المستقبل الأسترالية والأستاذ جوزيف خوري رئيس تحريرها، علماً أن كلود انطلقت في رحلتها الأدبية من موقع الدويهي أفكار اغترابية ومن جريدة المستقبل. وأشارت إلى أن الدويهي هو الذي صمم الغلاف ووضع عنوان الكتاب أيضاً. كما شكرت جميع الحاضرين ومن ساعدوها في تنظيم الأمسية. وقرأت كلود مقاطع من "كلمات من أعماق الحب" بصوتها العذب، فحازت على تقدير الحاضرين الذين قاطعوها بالتصفيق مراراً وتكراراً. وتحدث بعد كلود الأستاذ أنطوان الحربية من ملبورن، وهو من لجنة اختيار جائزة الدكتور جميل الدويهي - أفكار اغتربية، فقال إن الجائزة وضعت لأن الدويهي كتب 7 أنواع شعر حلق فيها جميعاً وكتب النثر والفكر والتاريخ والدراسات الأكاديمية وباللغتين العربية والانكليزية. وقال الحربية إن كلود استحقت الجائزة بناء على معايير وضعتها اللجنة وهي عمق الصور، واللغة الجميلة ووضوح الرؤية. ودعا الحربية الأستاذ ة مريم الرعيدي الدويهي من لجنة الجائزة، لتقديم شهادة الجائزة لكلود، كما قدم الدويهي بنفسه ميدالية الجائزة المذهبة إلى كلود ووضعها حول عنقها. ولم تغادر كلود المسرح إلا لتشكر اللجنة على التفاتتها، وهي أول من يحوز على جائزة الدويهي، واصفة إياه بالعبقري اللبق، وواصفة الجائزة بالأيقونة التي ستحتفظ بها كل حياتها. وقرأت كلود قصيدة للدويهي تحبّها وهي "زعلتي أكيد". وقدمت كلود وزوجها سيمون حرب جائزة تقديرية إلى الأستاذ أنطوان الحربية، وقدم الدويهي وزوجته مريم هدية تقديرية إلى الحربية أيضاً. بعد تسلم الجائزة الأدبية، تحدث رئيس تحرير جريدة النهار الأسترالية الاستاذ أنور حرب، فأشاد بالأديبة كلود وكتابها لما فيه من أنوار وجمال، وهنأها على إطلاق الكتاب في زمن القحط الفكري والجفاف. وألقت الأستاذة جمانه منزلجي من المجلس الأسترالي اللبناني كلمة تهنئة إلى الأديبة كلود ناصيف حرب بمناسبة إطلاق كتابها. وقدم الفنان لحود الحدشيتي مقاطع عتابا مهداة إلى سيادة المطران طربيه راعي الحفل وإلى كلود ناصيف حرب، ثم كان قطع لقالب الكايك الذي حمل صورة غلاف الكتاب، وغنت الفنانة غادة البادية "مبروك" على أنغام العازف المبدع أليكس حدشيتي الذي رافق الأمسية بعزفه الجميل. وبعد استراحة قصيرة ألقى الشاعر جوزيف عقيقي قصيدة رائعة قوطعت بالتصفيق مراراً. ثم قرأ مقدم الحفل كلمات أرسلتها شقيقة كلود في لبنان السيدة دنيز ناصيف قالت فيها: "أنتِ المذيعة الراقية بصوتك الساحر والدافئ، أنت الأديبة الراقية التي لا يعرفها إلا الأدباء الراسخون في العشق والغرام. أناقة لسانك الدافئ هي ترجمة لأناقة فكرك، فلا ترفعي صوتك، لأننا عرفناه، بل انثري شعرك، نحن بانتظارك، ألف مبروك التوقيع. ألف مبروك". وبعد انتهاء برنامج الحفل، كان كوكتيل غني ومتنوع، وغنت الفنانة غادة البادية والفنان ألكس حدشيتي، بينام كانت كلود ناصيف حرب توقع باكورتها الأدبية للحاضرين. والجدير بالذكر أن كلود قدمت أيضاً أكثر من ثلاثين أيقونة لمن ساهموا في إنجاح الحفل. ألف مبروك.
عرس الأعراس الأدبية في أمسية "نغمات على قيثارة الحنين" لكلود ناصيف حرب
لبست مدينة سيدني أجمل أثوابها، وتخايلت كالعروس، في عرس أدبي رائع، هو عرس الكلمة 3- أمسية "عطر الياسمين" للأديبة كلود ناصيف حرب...
فبرعاية مشروع الأديب د. جميل الدويهي "أفكار اغترابية" للأدب الراقي، وجمعية كفرحلدا الخيرية، أقامت الأديبة حرب أمسية أدبية حاشدة في صالة جمعية كفرحلدا الخيرية - لاكمبا.
وغصت الصالة بالحضور الذين قدموا من كل حدب وصوب، ومن مناطق بعيدة لحضور عرس الكلمة 3 - أمسية عطر الياسمين، بمناسبة صدور كتاب كلود الخامس "نغمات على قيثارة الحنين"... والكتاب مهدى إلى رفيق درب كلود السيد سايمون حرب. وقدّر عدد الحضور بأكثر من 250 شخصاً.
بدأ الحفل الذي وُصف بأنه رائع ومنظم وراق، بصوت المطرب مالك الرفاعي، رافقه عزفاً على الأورغ نجله غازي، ثم العازف ابراهيم ساروفيم. وقدم الأستاذ أحمد سليم من المجلس الأسترالي اللبناني الأديب د. جميل الدويهي، بعد أن أعطى نبذة عن الأديبة كلود ومسيرتها الإعلامية والأدبية.
واستهل الأديب الدويهي فعاليات الأمسية بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح الأطفال الأربعة الذين قضوا في حادثة الصدم المشؤومة في ضاحية أوتلاندز: أنتوني، أنجلينا، سيينا عبدالله ونسيبتهم فيرونيك صقر، وأرواح الموتى جميعاً. ورحب الدويهي بالحضور، ووصف الأديبة حرب بأنها أعطت الجالية من قلبها والجالية ترد لها الجميل. واختصر الدويهي مسيرة كلود الأدبية التي بدأت من مشروع أفكار اغترابية منذ 5 سنوات. وهناً كلود وتمنى لها التوفيق والنجاح قائلاً: "نحن نفرح مع الفرحين وما منزعل إذا حدا نجح وحقق أحلامو". ووصف الدويهي الضيوف الحاضرين بأنهم "النبض للقلب والروح للروح والشمس التي تغمرنا بالنور، ولولاكم كان الحرف أسود بالمحبره، محبوس ما بيطلع تا يشوف نور الصبح. كانت الكلمه حديد ما إلها تمن ولا قيمه، بشكركم من كل قلبي وبرحب فيكم جميعاً أحزاب وجمعيات واهل كلمه وفكر وإعلام، وأبناء الجالية الكبار".
ونوه الدويهي بحضور الأب ابراهيم سلطان النائب الأسقفي العام لكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك في أستراليا ونيويلاندا وخادم رعية مار يوحنا الحبيب في غرين أيكر ممثلاً سيادة المطران روبير رباط السامي الاحترام، والأب أفرام عباسي خادم رعية مار الياس - وولنغونغ ممثلاً سيادة المتروبوليت باسيليوس قدسية السامي الاحترام راعي كنيسة الروم الأنطاكيين الأرثوذكس والوفد المرافق من وولنغونغ، رئيس دير مار شربل الأب شربل عبود والأب طوني موسى، والأب طوني بو شعيا خادم كنيسة سيدة الرقاد - دونسايد والسيدة عقيلته... مع الشكر لتعميم خبر الأمسية في الكنيسة، والراهبة إلهام جعجع والراهبة لينا نجيم والراهبة لويز من راهبات العائلة المقدسة المارونيات، مع شكر الأخت إلهام والراهبات على تقديم صلاة عن نية الأمسية، وحزب الكتائب اللبنانية ممثلاً بالصديقة لودي فرح أيوب، وتيار المستقبل ممثلاً بالمسؤولة عن قطاع المرأة السيدة مها الخير والوفد المرافق، وجريدة "لمستقبل" بشخص رئيس تحريرها الأستاذ جوزيف خوري الراعي الدائم للأقلام والمبدعين، والأستاذ بلال الحايك نائب رئيس بلدية بانكستاون، والأستاذ إدمون طوق ممثل حزب سبعة في أستراليا، ومعه المحامي لوسيان ضاهر الضيف من لبنان، وجمعية كفرحلدا الخيرية راعي الحفل بشخص الرئيس السيد الياس طنوس، ومشروع أفكار اغترابية للأدب الراقي بشخص أمينة السر الأديبة مريم رعيدي الدويهي، والمجلس الأسترالي اللبناني بشخص الرئيس السيد غازي قلاوون، و Sydney Community Connect للخدمات الاجتماعية والخيرية بشخص الرئيسة والمؤسِّسة السيدة جمانة منزلجي التي قدمت دعماً كبيراً للأمسية من خلال محلات "داستي بينك" للألبسة والدعوات التي وجهتها، والمجلس الأسترالي اللبناني العالمي بشخص الرئيسة السيدة نضال حمزة، ونادي الشرق لحوار الحضارات بشخص الرئيس المهندس جوزيف سكر، ومركز غرب سيدني للخدمات الاجتماعية ممثلاً بالرئيس التنفيذي الأستاذ فادي الصديق والمسؤولة عن النشاطات السيدة سو بدر الدين والوفد المرافق، وغرفة التجارة في روكدايل بشخص الصديق محمد مبيض، ورئيس جمعية مار الياس- وولنغونغ ميشال أيوب، و"مالتي برينتينغ" بشخص صاحبها الصديق ميشال حنا، وملتقى الفنانين الأستراليين العرب، وجمعية ابناء الضنية الخيرية بشخص الرئيس السيد محمود يوسف، والحاج حسان مرحبا رئيس جمعية طرابلس الفيحاء، ومؤسسة آفاق للثقافة والفنون العراقية برئاسة الأستاذ منير العبيدي والمسؤولة عن لجنة المرأة د. سحر، والسيد ملحم حلاوي من الرابطة الدرزية، وإذاعة إس بي إس ممثلة بالزميلة جميلة الفخري اللي أجرت مقابلة مع الأديبة كلود والأستاذ صالح السقاف، والشكر موصول للزميل أنور حرب رئيس تحرير جريدة النهار لإجرائه مقابلة مع كلود، كما الشكر لموقع فرح نيوز والأستاذ رفيق الدهيبي لنشر الإعلان ودعم الحركة الثقافية، ولموقع ألف لام في لبنان بشخص الإعلاميين كلود أبو شقرا وجورج طرابلسي، ولصفحة سيدني أورغ والصديق مصطفى حجازي لنشر الإعلان، وكل المواقع والصفحات اللي اهتمت بنشر خبر الأمسية، والأصدقاء الذين وجهوا دعوات بأي طريقة، وإذاعة صوت سيدني بشخص الإعلامية ندى فريد مع تهنئة لانطلاق الإذاعة، والنشامى الأردنيين برئاسة رئيس الأسرة الأردنية الصديق جرمان الماعط والصديق مايكل حداد والوفد، والصديقة برتا برجاوي أمينة سر جمعية بيروت الخيرية والوفد المرافق، وفريق العمل بمسرحية "الفساد" للمؤلف والمخرج غسان الحريري الذين ألغوا التمارين لكي يحضروا الأمسية، والجمعية السورية برئاسة السيد زهير السباعي، وجمعية كفرصارون الخيرية بشخص الرئيس السيد إيلي ناصيف، والكابتن أحمد فردوس رئيس تضامن الأندية الرياضية لكرة القدم في الشمال و"ملتقى الأحباب" أعضاء الوفد المرافق، وعائلة المكرم مايكل طنوس، وجمعية بنت جبيل بشخص السيد خليل جابر، وآدم أسعد منسق دائرة باراماتا في تيار المستقبل...
ووجه الدويهي كلمة شكر للأب إيلي فرنسيس خادم رعية القديس كليمانت للروم الملكيين الكاثوليك في برزبن الذي قدم قداس الأحد عن نية الأمسية وكلود وسايمون ونيتنا جميعاً، والشدياق جان تابت (برزبن) الذي قدم صلاة عن نية الحفل. كما شكر المساهمين في إعداد الحفل: السادة سايمون حرب، طوني بو ملحم، د. أنطوان باريش ، جورج بدر، جمانة منزلجي، سو بدر الدين، إليان بولس، المصور سام عيتاني، رويدا طنوس سيدة الماكياج اللي قدمت ماكياج كلود.
كما رحب مقدم الحفل بأهل الكلمة والشعراء والأدباء، ونوه بمجموعة كتب صدرت أو ستصدر برعاية أو اهتمام من أ"فكار اغترابية": الشاعر طوني رزق أصدر "نبيد ختيار"، الشاعر حنا الشالوحي أصدر ديوان "عالبال"، الشاعر أحمد الحسيني أصدر ديوان "رنين القوافي"، الأديبة دكتورة أميرة عيسى ستصدر قريباً مجموعة "حَبّ الرمّان"، الأديبة مريم رعيدي الدويهي ستصدر قريباً مجموعة "بنفسج ناطر تا ترجع الضحكه"، كلود ناصيف حرب أصدرت "بدموع الورده كتبتلك... وهيك بحبك"، الشاعر علي وهبي يصدر قريباً كتاباً نثرياً، الأديبة كلادس القزي ستصدر "عاشقان تحت غيمة ياسمين".
وأعلن الدويهي عن صدور كتابين له هذا العام، أولهما ديوان شعري، والثاني نصوص فلسفية باللغة الانكليزية، تمهيداً لمهرجان الأدب الراقي الخامس في سيدني. كما هنأ الشاعر محمد الديراني الذي سيصدر ديوان "خيّال على حصان طائر”.
الكلمة الأولى في الأمسية كانت للأب الصديق أفرام عباسي، عن المحبة والعائلة، ثم كانت القراءة الأولى من أعمال الأديبة كلود ناصيف حرب بصوت السيدة سو بدر الدين. وقدم السيد سايمون حرب وعقيلته الأديبة كلود هديتين لسو وابنتها تقديراً لمساعدتهما في إعداد الحفل. ثم قدمت الأخت لينا نجيم صلاتين، واحدة منها من كتاب "عيناك مرفأ لحنيني" للأديبة كلود ناصيف حرب، ثم كانت قراءة من أعمال الأديبة كلود بصوت السيدة جمانة منزلجي الجمل. وقدم سايمون وكلود هدية للسيدة جمانة تقديراً لمساهمتها في الحفل.
وقدمت الأخت إلهام جعجع صلاة من كتاب "نغمات على قيثارة الحنين"، تلتها المرنمة جاكلين حداد بترتيلة "جايي لعندك عم صلي يا عدرا يا إم الكل"، ثم ألقى رئيس جمعية كفرحلدا الخيرية راعية الحفل، الصديق الياس طنوس كلمة شبه كلود فيها بكوكو شانيل، وطُلب من السيد طنوس البقاء على المسرح لقطع قالب الكايك بمناسبة عيد ميلاده وعيد ميلاد زوجته السيدة منيرة، وقدم سايمون وكلود هدية إلى السيد طنوس. ثم قدما هدية إلى الصديق طوني بو ملحم تقديراً لمساهمته في هذا الحفل. كما طُلب من زوجة المطرب مالك رفاعي السيدة نورما قطع قالب الكايك بمناسبة عيد ميلادها، وقدم سايمون وكلود هديتين للفنان مالك رفاعي وزوجته نورما، وهدية إلى المصور سام عيتاني.
ثم كرت سبحة القراءات من أعمال الأديبة كلود بأصوات السيدات جميلة الفخري، دلال لويس، سمر الحاج، ندى فريد، فرح عصافيري، ومريم رعيدي الدويهي.
ودعت كلود الأديب الدويهي لقطع قالب كايك بمناسبة عيد ميلاده والذكرى الخامسة للإعلان عن تأسيس مشروع أفكار اغترابية. وألقت كلود بالمناسبة كلمة قالت فيها: "اليوم منحتفل بعيد ميلاد العبقري اللبق عميد الأدب الراقي من أستراليا إلى العالم. واحتفالنا اليوم هوي عربون شكر ومحبه لكل شي قدمو للأدب والثقافة، صاحب 46 كتاب مختلفة الأنواع من شعر ونثر وقصة وفكر وتاريخ وأعمال أكاديمية، راعي النهضة الاغترابية التانية اللي نشر حوالي 34 كتاب من عام 2015 لهلق، وساعد كتار عا نشر كتبهم وإظهار أعمالهم، وأنا انطلقت من مشروعو بعالم الأدب، ونشرت كتبي من خلال المشروع، ولولا الدويهي الأدب بيفقد كتير من حياتو ومن روحو. عيد ميلاد سعيد للجميل. وكمان بـ 7 شباط كانت الذكرى الخامسة للإعلان عن تأسيس مشروع أفكار اغترابية للأدب الرافي، وكان مهرجان الأدب الراقي الأول والحاشد بصالة كاتدرائية سيدة لبنان، وكنت أنا مقدمة البرنامج. وكل مهرجانات الدويهي بعد عام 2015. وهيدا بيشرفني. إن شاء الله إيامك فرح وأعياد واحتفالات تا يبقى نور الثقافة مشعشع بالكون".
وبعد الانتهاء من إلقاء كلمتها، قدم الأديب الدويهي الأديبة كلود ناصيف حرب، فقال:
"بتخيّل كلود بنت زغيره، راجعه من المدرسه، وعم بترَندح قصيده تعلمتها من كتاب - متل ما بيقولو الرحابنه - وهالبنت كانت تمشط شعرها بمشط النجوم، وإسوارتها من عقيق البحور البعيده. وكبرت الصبيه وصار الحلم قصيده، وقنديل أزرق معلق فوق درج البيت، مطرح ما كان جورج ناصيف يمرق، ويتطّمّن إذا عروس الحكاية لقيت عريس وعطر جديد، لأنو الإيام عم تهرب من إيدين الناس، والعمر ما بينطر، وما بتنطر المواعيد... وجاندارك قديسة البيت، صلت بالليل والنهار، وضوّت شمعه تا تبقى الضحكه عا شفاف الحلوه، وما حدا يسرقها، لأنّو الحراميه كتار، واللي ما بيحبّو الفرح كتار، لأنو حياتهن عتمه، وقلوبهن متل جناح الليل... ويوم ورا يوم، زرعت كلود الفلاحه الزغيره كرم العناقيد، وكانت "كلمات من أعماق الحبّ" موعد مع النور والبحيره الهاديه، اللي فوقها القمر عم يرسم ضحكه، وبالوما عم يحكي. وكان مرفأ الحنين متل المحطّة بالمسرحيه، وفي ناس قالو: ما في محطه، والأرض صحرا ما فيها عشب أخضر، وهودي الزياح اللي عالأرض تركوهن ولاد كانو عم يلعبو. لاكن لا. الأرض هيّي الكنز، والعشب الأخضر هوي لون كتاب، ومراية عروس، والزْيَاح هني سطور وكلمات عم تصرخ من أعماق الحنين، ومن قلب سيدة الحنين... تا يصير الحبر عطر ياسمين.
وما خلصت الخبريّة بعد، لأنو اللي بيوقع من الخوف ما بيعرف أسرار الخيل، وما بيعرف كيف السيف بيضْوي متل الشمس، واللي بيرجف من هدير العاصفه بيكون قلبو رماد وفكرو مدينة سواد. من هيك "نغمات على قيثارة الحنين" رح تضل تعزف طول الليالي، ورح نضل نسهر مع النغمات، طالما في بالروح غنيّة، وطالما بتلبس الغابات طرحه مخمليه... ويا كلود نحنا بأفكار اغترابيه كتار اللي بيحبونا، وعنّا مدن خلف البحر، والناس بيعرفونا، وأحياناً منخسر، لاكن ألله بيعوضنا عن كل شي... ومش عجيبه كل يوم نقول: رح نكمّل مشوار الإبداع، والله معنا، وإذا خلص المشوار بتكون الحياة، والإراده، والفكر، والإبداع ما لهن معنا... والله معنا".
وألقت الأديبة حرب نصوصاً راقية عن الحب والحنين والأمل والحياة من كتابها، ثم دعي الجميع إلى قطع قالب الكايك والمشاركة في كوكتيل غني.
يذكر أنه خلال الحفل، وصلت ثلاث بطاقات تهنئة، من والدة كلود السيدة جاندارك ناصيف، وشقيقة كلود السيدة دونيز، وابتة شقيقتها الصبية أليكوندا مالطي.
تكريم وفد "أفكار اغترابية" في المناطق اللبنانية
شكلت زيارة الوفد الاغترابي إلى لبنان، تحت مظلة التوأمة بين نادي الشرق لحوار الحضارات ومشروع الأديب د. جميل الدويهي "أفكار اغترابية" للأدب الراقي، منعطفاً مهماً وحدثاً كبيراً ضجت به الأوساط الإعلامية والثقافية في لبنان والمهاجر، وكانت للوفد عدة محطات ولقاءات ثقافية، وأمسيات وحفلات تكريم، بدءاً من منتدى لقاء في المكتبة الوطنية بيروت مساء 19 آب، وفي اليوم التالي كانت مشاركة للوفد في مهرجان حديقة الشعراء في جران، لصاحبها الشاعر والمؤرخ عبدالله أبي عبدالله، حيث ألقى الشاعر الدويهي قصيدة إلى جانب الشعراء د. ميشال جحا، جورج شكور وروبير خوري. ويوم 22 آب كان الحدث الكبير في صالة بلدية سن الفيل بحضور سيادة المطران عصام درويش وحشد من الشخصيات الفكرية والاجتماعية، وممثل وزير الثقافة ميشال معيكي، ورئيسة نادي الشرق لحوار الحضارات فولا تنوري، وعراب التوأمة الإعلامي إيلي السرغاني، ورئيس المؤسسة الاجتماعية لحوار الحضارات سيدني المهندس جوزيف سكر، ورئيس بلدية سن الفيل نبيل كحالة، وقدم الدويهي جائزة أفكار اغترابية إلى 20 مبدعاً وسط أجواء احتفالية رائعة. وفي إهدن مسقط رأسه كان تكريم بدعوة من البيت الزغرتاوي برئاسة أنطونيو يمين ومن الشاعرة آمال معوض فرنجيه، في كنيسة مار سركيس وباخوس، وكانت كلمات لأنطونيو يمين والأديب محسن إدمون يمين، والإعلامي روبير فرنجيه، والشاعرة أمال معوض فرنجيه، والتقديم للشاعر انطونيوس بو ملحم، وألقى الدويهي مجموعة من قصائده في المناسبة.
وفي إهدن أيضاًَ، دعا الاستاذ أنطونيو يمين د. الدويهي وعقيلته إلى غداء في مطعم الفردوس، حضره الأستاذ محسن إدمون يمين والشاعرة آمال معوض فرنجيه.
وفي بشري كان يوم جبراني طويل، تضمن جولة في الأرز، وقداساً في كنيسة الأرز، ثم غداء في مطعم صخرة قنوبين، وجولة في متحف جبران، ثم تكريم في ساحة ماري هاسكل.
وفي الجية، شارك الدويهي والوفد الثقافي الاغترابي في أمسية المبدعة كلادس القزي بدعوة من رئيس دير مار شربل الأب شربل نعيم القزي، ووقعت كلادس باكورتها التي صدرت بدعم من أفكار اغترابية في سيدني "كمشة رسايل لأمير الليل". وفي بيروت، كانت مشاركة للوفد أيضاً في أمسية توقيع كتاب الشاعرة د. أميرة عيسى "نقش الحناء" بحضور ممثل وزير الثقافة، د. أحمد نزال الذي أشاد بدور أفكار اغترابية في نشر الأعمال الرائدة، وبعد المناسبة دعت د. عيسى الوفد الاغترابي إلى عشاء في منتجع الروضة - الروشة.
وفي منطقة جبيل، حصارات تحديداً، دعا السيد حنا أمين الوفد الاغترابي إلى دراته، حيث نحرت الخراف وكانت مأدبة سخية، بحضور العديد من الشخصيات الفكرية والاغترابية.
وفي شتورة - البقاع، دعا المركز الثقافي العربي، الوفد الاغترابي إلى لقاء تعارف، وقدمت لاعضاء الوفد دروع تكريمية.
وفي المنية، وبدعوة من رجل الأعمال محمود الخير، حضر الوفد إلى منتجع أكواريوس الفخم، حيث كان له عشاء تكريمي.
وفي طرابلس، استضاف منتدى الأحد الثقافي، الأديب الدويهي وعقيلته في مطعم الجزيرة الميناء، بحضور عدد من أساتذة الجامعات، وأهل الفكر، وألقى الأديب د. جان توما قصيدة للدويهي، ثم كانت كلمات أشادت بمشروع أفكار اغترابية ودوره في ربط لبنان المقيم ولبنان المغترب.
وبدعوة من عميد آل عبيد في لبنان والمهجر عضو المجلس الأسترالي اللبناني في الشمال الحاج أحمد توفيق عبيد أقيم حفل إفطار صباحي على شرف الأديب والإعلامي الدكتور جميل الدويهي وعقيلته، بحضور عدد من الأصدقاء، والمحبين وأهل الفكر والرأي.
ثم كان لقاء في مركز الرابطة الثقافية، حيث استقبل رئيس الرابطة الأستاذ رامز الفري أعضاء الوفد بالحفاوة والترحاب، وبعد تقديم درع الرابطة للدويهي، جال الحاضرون في أرجاء المركز. وبدعوة من رئيس بلدية طرابلس الدكتور رياض يمق ممثلاً بعضو المجلس البلدي الحاج محمد تامر أقيم حفل غداء على شرف المغتربين في أستراليا في مطعم دار القمر في طرابلس، حضره العديد من الشخصيات.
وفي عمشيت، دعت البلدية إلى لقاء ثقافي في مبنى أثري تابع للبلدية في الساحة العامة، حضره الوفد الاغترابي، بمناسبة إطلاق الأديبة أوجيني عبود الحايك ابنة عمشيت القادمة من الولايات المتحدة الأميركية من ضمن الوفد الاغترابي، وشارك أعضاء الوفد في إلقاءات أدبية وشعرية خلال الحفل، ثم وقعت الحايك كتابها "ذاكرة الحنين".
وفي سير الضنية، وبدعوة من المنتدى الثقافي في الضنية وجمعية ابناء الضنية في استراليا، توافد حشد كبير من محبي الادب لحضور امسية شعرية راقية جسدت التلاقي بين لبنان المقيم والمغترب، احياها الشاعران احمد يوسف ود. جميل الدويهي مؤسس مشروع افكار اغترابية للادب الراقي في استراليا.
قدم الحفل الشاعر احمد يوسف، معرفا بالاديب الدويهي الذي وصفه بالموسوعي لتعدد الانماط التي يكتبها من شعر ونثر وفكر وتاريخ وباللغتين العربية والانكليزية، ونوه بدور الدويهي ومشروعه في احتضان الاقلام، ونشر الاعمال الادبية الراقية.
وتحدث الدويهي شاكرا ومنوها بالاشقاء الثلاثة، السيد محمود يوسف رئيس جمعية ابناء الضنية الخيرية في استراليا، والاديب توفيق يوسف الذي حصل مؤخرا على جاءزة افكار اغترابية المرموقة، والشاعر احمد يوسف الذي وصفه الجميل بالشاعر الجميل. كما نوه الدويهي بالحاج عمر ياسين الذي له فضل على هذه الزيارة وزيارة لبنان عامة، ووصفه برجل الخير الذي لا تعرف يساره بما صنعت يمينه.
ثم تحدث المستشار الحاج عمر ياسين مرحبا وشارحا دور جمعية الضنية الخيرية في استراليا والاعمال التي تقوم بها في سبيل الخير والوطن. واشاد الحاج ياسين بالدويهي وقال إنه لا يفرق بين انسان وآخر، "جميل الظاهرة المترفعة عن المادة، فقد رايت الناس يعملون من اجل الرزق والغنى، وهو يعمل ولا يطلب شيئا لذاته، بل يسعى من اجل ان يكون الغير سعداء."
ووجه ياسين تحية الى "الصديق الاستاذ جوزيف خوري الذي نفتقد وجوده معنا، وهو الذي يصفه ضيفنا بالاخ الكبير والصديق الوفي."
وبعد كلمة ياسين كانت القاءات شعرية من الشاعرين احمد يوسف وجميل الدويهي. ثم جرى تبادل الدروع والهدايا التذكارية. وفاجأ منسق تيار المستقبل الشيخ احمد الحريري الحاضرين، فدخل الى الصالة وشارك في تقديم الهدايا على المسرح. ثم كان حفل كوكتيل في الهواء الطلق.
وبعد انتهاء المناسبة انتقل عدد من الحضور الى فندق قصر الامراء الفخم، لتهنئة ابن شقيق الحاج عمر ياسين بزفافه، ثم كان عشاء على شرف الاديب الدويهي وعقيلته والحاضرين في دارة الحاج عمر ياسين في إيزال.
عرس "عيناك مرفأ لحنيني" لكلود ناصيف حرب
أمسية شموع الأمل
كتب د. جميل الدويهي:
ما كاد صوت المطرب مالك الرفاعي يصدح بأغنية "خمرة الحب اسقنيها"، حتى امتلأت قاعة جمعية كفرحلدا الخيرية في ضاحية لاكمبا بجمهور المحبين الذي جاؤوا من كل صوب ليشاركوا سيدة الحنين الأديبة الإعلامية كلود ناصيف حرب في عرس الكلمة 2، حفل إطلاق كتابها الثاني "عيناك مرفأ لحنيني". وقد اختارت كلود عنوان الأمسية "شموع الحنين والأمل". المناسبة كانت مميزة من كل النواحي، حضوراً نوعياً لنخبة من أبناء الجالية العربية واللبنانية الكريمة، وأهل الفكر والثقافة والمجتمع والإعلام. وبإلقاءات أدبية، وكلمات تعبر عن المحبة لكلود ومسيرتها الأدبية التي بدأتها في عام 2016 مع مشروع الأديب د. جميل الدويهي "أفكار اغترابية للأدب المهجري الراقي"، وتابعتها بصبر وثبات وإيمان وإصرار على مواجهة المصاعب التي تلاحق كل إنسان مميز، وكأن قدر المبدعين أن يدفعوا الثمن مضاعفاً كل مرّة. وكلود تألقت أيضاً بثوبها الأبيض لتكتمل فرحة العروس في عرس كتابها وسط الأصدقاء والمحبين الذين يعترفون لكلود بجمال أدبها وخلقها وحضورها، كما متابعتها لرحلة الألف ميل مهما كانت الصعوبات والتحديات. وبصفتي مؤسس مشروع "أفكار اغترابية"، أعلن اعتزازي وفرحي بكلود، وهي تشبه المحبة التي تسير على الأرض، تترفع وتسامح وتعمل بصمت، وتلتزم بأدبيات أفكار اغترابية: الصدق والتجرد ومحبة الجميع والاحترام، وعدم الالتفات إلى الصغائر التي تظهر بين الفينة والأخرى ولا تعني الكبار والمتميزين. فالإناء ينضح بما فيه، وكلود تنضح أعمالها بالخير والسلام والحبّ الروحي الصافي. إذن بدأ الحفل بباقة أغنيات للفنان مالك الرفاعي، على أنغام فرقة المركز الأسترالي العربي للموسيقى بقيادة عازف الكمان المبدع جمال رحيم وعازف الأورغ توفيق يعقوب. ثم ألقى مقدم الحفل الأديب د. جميل الدويهي كلمة ترحيب وصف فيها كلود بأنها مساهمة كبيرة في مشروع أفكار اغترابية، وتمنى لها مزيداً من العطاء برعاية دائمة من المشروع. وشكر الدويهي رعاة الحفل الآخرين: المجلس الأسترالي اللبناني بشخص الرئيس السيد غازي قلاوون، نادي الشرق لحوار الحضارات بشخص الرئيس المهندس جوزيف سكر، وجمعية كفرحلدا الخيرية بشخص السيد الياس طنوس الذي قدم الصالة مشكوراً لإحياء "العرس". ورحب الدويهي بالضيوف الكرام: الآباء الاجلاء بولس ملحم، ملحم هيكل، طوني بو شعيا، افرام عباسي ممثلاً المطران بلسيليوس قدسية السامي الاحترام، الراهبات الفاضلات إلهام جعجع، لينا نجيم وكارلا اسحق، منسق تيار المستقبل في سيدني السيد عمر شحادة، منسق تيار المستقبل في كانبرا السيد محمد برجاق، مفوض حزب الوطنيين الأحرار السيد كلوفيس البطي، حزب الكتائب اللبنانية ممثلاً بأمين السر السيد ابراهيم براك، التجمع الماروني بشخص السيد غسان العويط، الأستاذ جوزيف خوري رئيس تحرير جريدة المستقبل الراعية الدائمة لأعمال الأديبة كلود ناصيف حرب، وجهاء الجالية الأردنية: السيد مخايل حداد والأصدقاء، المجلس الأسترالي اللبناني، نادي الشرق لحوار الحضارات، جمعية كفرحلدا الخيرية، المركز الأسترالي العربي للموسيقى، ملتقى الفنانين الأستراليين العرب، جمعية بيروت الخيرية، جمعية أبناء المنية وضواحيها الخيرية، جمعية الضنية الخيرية، جمعية الميناء، جمعية كفرصارون، عائلة المكرم مايكل طنوس، الرابطة الدرزية، وفد من أبناء الجالية في وولونغونغ، جماعة إيمان ونور، جوقة كنيسة سيدة الرقاد، والمؤسسات الإعلامية التي أجرت مقابلات ونشرت إعلانات عن الحدث الثقافي: جريدة المستقبل، إذاعة إس بي إس، إذاعة 2000 إف إم، وأخبار عرب أستراليا. كما شكر الدويهي الأشخاص الذين قدموا مساعدات لإنجاح الحفل: السيد غازي قلاوون الذي قدم المشروبات، وصديق قدم قالب الكايك الفاخر، والسيد إيلي يمين من حلويات سي سويت الذي أشرف على تنظيم الكوكتيل، السيد إيليان بولس صاحب محلات وورلد فرويت – بانشبول الذي قدم الفاكهة، السيد رجب سليمان صاحب محلات حلويات بيبلوس الذي قدم حلوى للمناسبة، جمانة منزلجي التي قدمت هدية قيمة، صالون رويدا طنوس قدمت تسريحة شعر وماكياج لكلود، السيدة منال وهبي والسيدة غندورة بزي اللتين قدمتا باقة زهر بالنيابة عن المنتدى الثقافي الأدبي الجنوبي برئاسة ناجي حريري. ونوه الدويهي بحضور الشعراء والمبدعين: كامل المر، حنا الشالوحي، جان كرم، علي وهبي، طوني رزق، أحمد الحسيني، د. مصطفى قاسم، زهوت حب الله، حيدر العامري، كريستين عيتاني، كلادس القزي... والإعلاميين ندى فريد، د. علاء العوادي وجمانة غبار، أكرم المغوش، والفنانين: قحطان حدارة، إحسان حدارة، مالك الرفاعي، توفيق يعقوب، غسان الحريري، خليل قمر، سمارة، حميد مارون، منير العبيدي، والمخرج عباس حربي، والفرقة الموسيقية التي شاركت في الحفل، والمصورين سايمون حرب ووسام عيتاني، وعماد ناصر. الكلمة الأولى عن العائلة وأهميتها كانت للأب ملحم هيكل خادم رعية مار الياس غيلفورد، تلاه أمين سر المجلس الأسترالي اللبناني السيد أحمد سليم بكلمة عبر فيها عن دعم المجلس للعمل الثقافي، ولفت إلى مشروع أفكار اغترابية للأدب المهجري الراقي وأهميته في نشر الكتب وتعميم الثقافة، ثم كانت كلمة للمهندس جوزيف سكر رئيس نادي الشرق لحوار الحضارات الذي أشار إلى أهمية الحب في الأدب، معدداً القصص في التاريخ التي استلهمت الحب كموضوع لها، وذكر بأن وفداً من نادي الشرق لحوار الحضارات ومشروع أفكار اغترابية سيتوجه إلى لبنان في آب المقبل، كما وفد من الشبيبة في الشهر نفسه. وكانت كلمة لجمعية كفرحلدا الخيرية ألقاها السيد الياس طنوس عبر فيها عن دعم الجمعية للأعمال الأدبية والثقافية والفنية، وهنأ كلود بكتابها الجديد. وألقى الشاعر جون كرم قصيدة شروقي أهداها لكلود هذا نصها: لمّا حنين القلب يا كلود فيكي صار عايش بدنيا الأمل عا جمرة ولوعو جبتي دوايه وقلم وابتديت الأفكار تنده يا غالي تعا ومستنظره رجوعو.
وفيكي تجلّى الأدب أبهى من الأقمار نصّ ومعاني وشرح كامل بموضوعو أجمل كلام انعرف، ألطف من الأزهار ناعم، ومتل البدر بيساعة طلوعو.
وفيكي بدنيا الأدب حاروا عقول كبار وصارو عيون الجهل يتفتّحو ويوعو كلما مقال انكتب وانزاع عنو خبار من نور عقلِك أكيد منوره شْموعو.
الله يزيدك وحي وتكملي المشوار وسيّال يبقى القلم ما ينشفو دموعو من الأذكياء الأوَل تبقي بهالمضمار وكتبك تعبّي الدني ولبنان ورْبوعو.
الراهبة إلهام جعجع تحدثت في كلمتها عن المضامين الروحية في أدب كلود، ومخاطبة الإله العظيم في كتاباتها. وقدم الأديب والشاعر د. جميل الدويهي الأديبة كلود ناصيف حرب بقصيدة هذا نصها: كلمات لون ولون هنّي وماشيين متل العرايس عالسطر ومْشاغبين والناس قالو: كيف بيكون الكلام مكتوب بالإحساس فوق الياسمين؟ والحبر منّو خيط من توب الظلام من غيم أبيض، من جواهر غاليين مَنّو عتم هيدا اللي سارح من قلام هيدا قمر نوّر ليالي العاشقين... ريشة سحر أنعم من رياش النعام معرَض صورها عالشمال وعاليمين والعبقريّه ودّت لعندك سلام تا تقول مسّا الخير للقلب الحلو ومرفأ حنين عيون سيّدْة الحنين.
وبتشبهي شجرة دهب عند الصباح كلما التقى إنسان فيها بيغتني شجرة حنين بترقص بقلب الرياح فيها أغاتني طيور عا طول السنه شجرة أصاله كلّها خير وسماح الله خلقها للعتم ما بتنحني شجرة محبّه بتكْسر عناد الرماح عليها الزهر لبّق عبايه ملوّنه عطر الحنين الشاعري عالكون فاح بتغار منّو، ومن جمالو السوسنه وليش العجب يا لابسه الأبيض وِشاح ما زال فكرِك كان خيّاط الحروف بيخيّط الإبداع عا قياس الدّني؟
مركب صوَر بيروح عالأربع بْلاد وعالشطّ إنتي بتلبسي تياب الجداد وبتنطري العشّاق حتّى ينزلو تا يغمْرو الساحات، وجْراس العياد وكتار سألو: منين هالشِّعر الحلو؟ وقلال هجْمو بالعصا من كلّ واد وحروفِك الحلوين عم يتدلّلو متل الفجر بيطلّ من قلب السواد وأفكارنا لأبعد مجرّه بيوصَلو وبيطلّعو الفينيق من تحت الرماد وكرمال هلّي بيفرحو وبيزْعلو هاك السني فرحنا لكي بأوّل كتاب وهيدي السنه رح نفرح بأربع ولاد.
وألقت الأديبة حرب كلمة ترحيب بالحاضرين هذا نصها:
من سنة لليوم جمعت حروف من قلبي أوسع من الكون حبيتها تكون بلون ورد الربيع وسحرو وجمالو... خبيتها من برد الايام وعتم الليالي. خفت عليها تطير بالغابة ويختفي أثرها وتنتهي أحلامي.. نبض حروفي بكل كلمة من دفتر الايام كان بيحكي عن حال كل الناس لانو صورتكم حملتها بعيوني ورسمتها لوحة صفا وعمر وطريق بياخذنا عا دروب الحنين والوفاء. وتا تكمل اللوحة اخترت عيونك تا يكونو مرفأ لحنيني ... حلو هالأمل اللي بيخلي المستَحيل حقيقَة متل الطيور السارحة فوق الغيوم بالغريزة بتسعى للأفضل على أمل حب البقاء... من هيك حبيت يكون عنوان اللقاء هو شموع الحنين واﻷمل.. شكري وامتناني كبير لكم فردا فردا اهل وأخوة واحباء وأصدقاء وزملاء .وكل فرد منكم بقدملو تحية من القلب لانو بحضوركم كملت الفرحة وصار في للكلمة عرس للعام التاني... من أرض الخير قطفنا عناقيد وضجت فينا أخبار الدني وصارو الناس بسالو كيف بسرعة صار في خمر وهلقد مذاقو طيب كانو معتق من سنين مخبأ بفي الياسمين... فاحت من حولنا روائح الأدب والكلمة الطيبة اللي كلها حنين. ١١٠ عدد صفحات كتابي ... وبين سطر وسطر كان حبر القلم مرات يدوب ع تيابي لا انا شلحت السيف ولا هوي راح من بالي ... ضليت فتش عن محبرة مضوية تا شوف معكم كيف الحرف بيخلق من عشية ولماب يطلع الضو بتطل قصيدة الصبية .. وبخبركم سر كنا مرات نسهر لليالي وما نعرف كيف خلصت هيك السنة، وبعد في كتير أبيات مختارة من الخوابي ما خبرتها لاحبابي بس بالموسم اللي جايي متل ما الله بيريد ونحضر عرس الأماني رح جمعلكم باقة أحلام وكمشة قوافي وكتير من الصلاة والأماني وقلكم لولا محبة وحضور الناس ما قدرت زينت شعري بالياسمين وكحلت عيوني بسواد الليل وغنيت الحبيب بصوتي وقلتلو عيونك هني مرفأ لاحلامي... فشكرا جزيلا لكم فردا فردا .. والأديب د. جميل ميلاد الدويهي زين الشكر بالترحيب بكم جميعا .. شكرا جزيلا شكرا للغالي ع قلبي سيمون حرب شكرا ع تعبك ومحبتك واهتمامك العرس ما كان صار لو ما انت زينتو وجملتو.. شكرا د. جميل ميلاد الدويهي.. قلت عنك عبقري لبق أنيق الحرف عميد الأدب المهجري بامتياز شكرا لانك من النسيان طلعت خوابي معتقة من حروفي إلى عالم الرقي والإبداع في أدب مميز، وكانت لأفكار اغترابية ولادب مهجري راق من استراليا إلى أنحاء العالم شكرا لك وللغالية ماري عا كل دعم وتشجيع ومحبة. شكرا لأصحاب الرعاية الأصدقاء الأعضاء الأحباء في المجلس الأسترالي اللبناني ونادي الشرق بشخص الرؤساء والزملاء شكرا لجمعية كفرحلدا شكرا لأعضاء الفرقة الموسيقية والفنانين شكرا لحضور الآباء الأجلاء والرهبات والجمعيات والأحزاب. شكرا لكل من ساهم في انجاح عرس الكلمة الثاني... كل من ساعد وساهم ودعم وشجع .. كل فرد منكم له مكانة في قلبي لان قلبي يحمل معه الكثير من المحبة والصدق والأمانة لذا أنتم في صلواتي لأنكم جعلتم من امسيتي وكتابي الثاني عرس الأعراس. وبختم كلمتي تا قول حبيت حروفي اعطيهم صفا ووفا تا يطيرو من هون للسما وقلو لبيي جورج هلقد بحبك واكتر ومن استراليا ع لبنان كمل ع بيتنا البقاعي وسلم ع امي وقلها حبك بالقلب وزيادة. ولأني سيدة الحنين لقب بيعز عليي اخذتو هدية من الغالي د. جميل لازم فرح إلهي وقلو حروفي الك أيقونة صلاة وفرح نجاحي .. وتا اعطي حق لضيوفي وحبابي كتبت بلغتكم أماني تا يشعر كل واحد منكم انو عيون اللي بحبو هني مرفأ الامان... وبعد الانتهاء من كلمتها، قرأت كلود باقة من نصوصها بالعامية، تلتها السيدة مريم رعيدي الدويهي، والإعلامية ندى فريد، والإعلامية فرح عصافيري، والأديبة الواعدة كلاديس القزي في قراءات من نصوص كلود. ثم قرأت كلود نصين بالفصحى "سارق محترف" و"حفلة تنكريّة"، وبعدها عزفت الفرقة الموسيقية "هابي بيرثداي" بينما كانت كلود وسايمون والضيوف يقطعون قالب الكايك، وغنت الفنانة إحسان حدارة باقة من الأنغام، وغنت الفنانة سمارة، وختم الفنان مالك الرفاعي بوصلة، بينما كانت كلود تتلقى التهاني وتوقع الكتاب.
في حفل عشاء راقٍ وحاشد ملبورن تكرم الأديب د. جميل الدويهي
(30 أيلول 2018)
تحت عنوان "ملبورن تكرم الأديب د. جميل الدويهي"، دعت حركة شباب زغرتا الزاوية، وأصدقاء الفكر والأدب إلى حفل عشاء كبير، في صالة مارون التابعة لكنيسة سيدة لبنان في ملبورن. حفل أدبي راق بامتياز، تنظيماً وحضوراً وأناقة. فالصالة تزينت بأبهى حلة لتستقبل الأديب الدويهي الذي وصل إلى المدينة من سيدني حاملاً مجموعته الشعرية "عندي حنين البحر للشط البعيد"، التي صدرت مؤخراً، ومجموعة كبيرة من أعماله الأدبية المختلفة الأنواع والأنماط، ليقدمها هدايا عربون شكر وتقدير ومحبة. القاعة غصت بأبناء الجالية، يتقدمهم سعادة قنصل لبنان العام في فيكتوريا الدكتور زياد عيتاني، ورجال الدين والراهبات، ورؤساء وممثلي الأحزاب والمؤسسات والجمعيات والروابط وأهل الفكر والأدب والإعلام، وحضر المناسبة أيضاً وفد كبير من مدينة سيدني. بداية النشيدان الوطنيان الأسترالي واللبناني، ثم كلمة مقدم الحفل الأستاذ أنطوان الحربية التي قال فيها: مرةً جديدةً نلتقي مع قامةٍ أدبيةٍ وفكريةٍ وإنسانيةٍ من الطرازِ الرفيع. حمَلَ رسالةَ الكلمةِ منذُ حلَّ بينـَنا، طائراً أزرقَ ينزِلُ على شاطئِ الغُربة ويُغنّي لموعدِ الرجوع، ويَعزِفُ تقاسيمَ شرقية، فَيَرقُصُ الفجرُ ويتمايل. عاشقٌ من ذلك الشرقِ البعيد، جبلٌ من جبال إهدن، يسافرُ ويغامرُ، لكنّهُ جبلٌ من عطرٍ، وسحْر، يَهمِسُ أحبُّكِ لحبيبةٍ هي الكُلُّ عندَهُ، وعيناها فِرقَةُ موسيقى. وقد أهداها من حبْرِهِ وردة، ومن أجلِ الوردةِ كتب، ولأهلِ الظلامِ لكي يَفيقوا من ليلِ العصور، ويعودوا إلى عصرِه هو، عصرِ المحبَّةِ والسلام، حيثُ للروحِ معبد، ولتأمُّلات من صفاءِ الروح مَرفأٌ وشِراع. إنّه الكاهنُ الذي ارتدى عُشبَ الغاباتِ والحقول، ولعِبَ مع الهواء، لا يَهُمُّه شيءٌ من خزائنِ الذهب، فأغنيةُ الشجَرِ تكفيه، ورِحلةٌ مع النهرِ الذي لا يذهبُ إلى مكان شغفُه الأزلي كتبَ لتاريخِِ إهدن، وأنشدَ للبنانَ، ولبيروتَ، وللحرّيّةِ، وللحبِّ، والمرأة، وللوطن، والإنسانيّة... ودعا في قصّتِه "طائرُ الهامة" إلى خلْع الثيابِ القديمة، ثيابِ الحقدِ والضغينة، وارتداءِ المحبةِ درعاً ولباساً. وفي رائعتِه "في معبدِ الروح" حمَلَنا إلى عالمٍ مِثالي، وأعادَنا إلى صفاءِ الروح، إلى القيمِ الفاضلة التي تصنعُ الإنسانَ وتمجّدُه. وكم نوعاًَ من الشعرِ كتبَ الدويهي؟ إنه الشاعرُ الأولُ في تاريخِ العرب الذي كتبَ سبعةَ أنواعٍ من الشعر، جمَعَها في كتاب "اعمدةُ الشعر السبعة"، ثم أضافَ نوعاً ثامناً في أواسطِ هذا العام، أطلَق عليه اسم: النصُّ العاميُّ الشعري. ويضيفُ الدويهيُّ الجميلُ هذه الأنواعَ إلى القصةِ القصيرة، والروايةِ، والفكرِ، والتاريخ، والدراساتِ الأكاديمية، وباللغتينِ العربيّةِ والانكليزية، والمقالاتِ السياسيةِ والاجتماعية التي تتماهى وعملَهُ الإعلاميّ. هذا الدويهيُّ الأنيقُ والرقيقُ هو كالبحرِ من أيِّ الجهاتِ أتيتَه، حتى بلغَ ما نشرَه في أستراليا منذُ عامِ الفينِ وخمسةَ عشرَ أكثرَ من اثنينِ وعشرينَ كِتاباً مختلفةَ الأنواع، هي أشبهُ بالأسطورةِ . وتُضافُ هذه الأعمالُ الجليلةُ إلى اكثرَ من عشرينَ كتاباً نشرَها قبلَ عامِ الفينِ وخمسةَ عشر، وحصيلةُ هذا الإبداعِ تكادُ لا تُصَدَّق. لقد أصبحَ الدويهي مدرسةً، وخصوصاً في الشعر، حيث احتضنَ على موقعهِ أفكار اغترابية للأدبِ المهجريّ الراقي، باقةً من الأدباءِ والشعراء، وبعضُهم يسيرونَ على نهجِه في كتابةِ القصيدة، ويُصرّحون بذلك في العلَن، كما أنّ الدويهي يرعى إطلاقَ الكتب، والمناسباتِ الثقافيّة، ولا يبخلُ في سبيلِ إعلاءِ شأنِ الكلمة، فالجَمالُ في نظرِه سينتصرُ على البشاعة، طالَ الزمانُ أم قَصُر، والجمالُ يستحقُّ أن نُضحِّيَ من أجله لكي ينتصر سأكتفي بهذا القـَدْرِ من الإضاءةِ على الدويهي وأعمالِه، ومَن يدخُلُ إلى موقعِه "أفكار اغترابية" سيقعُ على الحقيقةِ الكاملة، وتُدهشُه قدرةُ هذا الرجلِ على أن يكونَ في أمكنةٍ كثيرةٍ في وقتٍ واحد، لأنّه مجموعةُ رجالٍ ملهَمينَ... في وقتٍ واحد.
اسمحوا لي أيّها السيّداتُ والسادة، أن أرحّبَ بكم جميعاً أجملَ ترحيب، وأشكرَ حضورَكم ومشاركتَكم. وأخصُّ بالشكرِ الجزيل سعادةَ القنصل الدكتور زياد عيتاني الذي شرّفنا برعايتِه لهذا الحفلِ "ملبورن تكرّمُ الأديب الدكتور جميل الدويهي". وقال الحربية مخاطباً الدويهي: تأتي إلينا من تلك المدينةِ التي لا تنزِلُ عن جَبل، لأنّها مَجبولةٌ بالعزِّ والخلود. جَبلٌ هو مَنزلٌ لأبطالٍ لا يَموتون. وتلكَ مدينةٌ تهجّرتَ إليها ولم تُهاجر، تسكُنُ في بيوتِها كما النَغمٌ في أوتار عُود. من شعرِك تَسْقي وتروي، وأدبُكَ المُعجِزةُ التي أدهشت. عبقريُ النهضةِ الاغترابيةِ الثانية، الثائرُ على الجمود في فكرِك، ونثرِك، وشِعرِك، وأعمالِك الأكاديميّة... كم نوعاً كتبت؟ وكم لقباً حمَلت؟ وكم وردةً ألقيتَ إلى عروسِ الشعر؟ وكم مجرّةً دخلتَ إليها فاتحاً وأميراً؟ لك أيّها الدويهيُّ الآفاقُ والحدودُ التي لا تُحدّ، أهلاً بك في ملبورن مكرّماً، يا مَن كرَّمَ الكلمة وبعثَها حيّةً راقيةً، تُضيءُ في الأمم. د. جميل. نَسمعُك بالعيونِ قبل الآذان، وتُصغي إليك القلوب المشتاقةُ.
د. عيتاني
سعادة قنصل لبنان العام في فيكتوريا د. زياد عيتاني، راعي الحفل، قال في كلمته: “نجتمع اليوم لنكرم أديباً وشاعراً لبنانياً لمع في وطنه كما لمع في الأغتراب، شاعر ساهم في نشر لغتنا العربية، لغتنا الام". وأضاف: “كلمات الدويهي اختصرت المسافات بين لبنان المغترب ولبنان المقيم”. ولفت القنصل اللبناني العام إلى عاطفة الدويهي في أدبه، فقال "إن مشاعره تنساق بلا توقف لتعبر عن هنيهات الهوى التي نشتاف إليها وإلى خلجاتها.” وصف الدكتور عيتناني شعر الدويهي بالحلم الذي نشتاق إليه، وأضاف: “د. جميل الدويهي، لقد حملتم في شعركم وكتاباتكم مسؤولية كبيرة في حفظ الحنين إلى لبنان، فكما جبران خليل جبران وإيليا أبي ماضي، وميخائيل نعيمة حافظوا على لغتنا وهويتنا من خلال كتاباتهم، كذلك تسعون اليوم إلى الحفاظ على الهوية واللغة.” وتقدم القنصل العام عيناني بالشكر باسمه واسم القنصلية العامة في ملبورن بالتهنئة على هذا الإصدار الجديد، متمنياً للدويهي المزيد من العطاء والتوفيق.
مظلوم
وألقى الأستاذ سامي مظلوم كلمة حيا فيها حركة شباب زغرتا الزاوية، والأستاذ أطوان الحربية الذي وصفه بعاشق الكلمة، وصاحب النفس التي ترتسم بالكرم والوفاء. وقرأ مظلوم مقاطع من شعر الدويهي الوطني من مجموعته "وقلت أحبك"، وقال "إن شاعرنا لا يحتاج إلى مقدمات لأن عنقوده نضج وطاب، ينده بك: أقطف، ولا بد لك من قطافه”. وقال: "الشعر هو كبير الأرض، الشعر فعل حضور في النفس، وانعكاس للأشياء المرئية ليجعلها صوراً لامرئية لكنها سامية. إذن هو فعل تحول وتحويل، لذلك كانت صعوبة المهمة لأنها عملية خلق وإبداع". وقال أيضاً "إن الشاعر مجبر على النزول إلى الجحيم، جحيم التجرية الشعرية ولا يمكنه غير ذلك لأن الشعر مقلق، يتحرش بهدوء الشاعر وراحته، فأحياناً هو هادئ كما النسيم فوق مرتفع وأحياناً أخرى هو صاخب كما الموج بين يدي العاصفة”. وركز مظلوم على الشعر الوطني عند الدويهي، لافتاً إلى عمله الجامعي كأستاذ محاضر، ومساهم في تطوير الإنسان والمجتمع. "ومهمة الدويهي إخراج الإنسان من جحيم الجهل إلى نعيم المعرفة”. وأشار إلى إيمان الشاعر بناسه مقيمين ومنتشرين في هذا الكون الفسيح، وقال: "إن أدب وشعر الدويهي سفر في لهيب الكلمة حيناً وفي بعد الصورة حيناً آخر، يترنح كما النسيم الربيعي في هبات باردة تجعلك ترتاح وتضعك في الطمأنينة. شعرك دكتور جميل من وجع ذاته، من ألمه هو... إنه صدق التجربة والأصالة الأدبية في لغة عفوية تغلفها العفوية النباضة”. وختم: "كما الحنين للشط البعيد كان الحنين لزيارتكم ملبورن، إلى دياركم وبين أهلكم... الكل يحبك في ملبورن وجاء ليسمعك،.. باسم هذا الحضور الراقي من أبناء جاليتنا، أهلاً بك وبالسيدة زوجتك، والاصدقاء الكرام الذين شرفونا من سيدني. أهلا وسهلاً بكم في قلوبنا".
الدويهي
ثم ألقى المكرم د. جميل الدويهي كلمة قال فيها: “ قديش ساحر هاللقاء، قديش نطرت تا إلتقي بعيون مشتاقه، وقلوب ما بتنسى الأحبّه. من سنتين ويمكن أكتر التقيت بأهلي في ملبورن، واليوم برعاية سعادة القنصل العام الدكتور زياد عيتاني، وبوحي من اصدقائي الأوفياء في حركة شباب زغرتا الزاوية، وأهل الفكر والأدب في مدينة الفكر والأدب، رجعت تا إغمر صدى الأشواق، تا إفرش عا بواب البيوت عبير الشعر والكلمه اللي بتصير غابه وسما وأحلام. بشكرك سعادة القنصل العام على رعايتك ومحبتك وإهتمامك، لبنان الثقافة والفكر البعيد اللي بيروح ورا البحر، لوّن الصورة بحبر الإبداع وكانت الصورة إطلالتك وكلمتك وحضورك العالي. ومن قلبي أجمل تحيّه لحركة شباب زغرتا الزاوية، ابناء بلدي الأوفياء، اللي زرعوا كلمة لبنان عا كل شط، وكل جزيره بالمحيط الكبير، أخي الغالي الأستاذ أنطوان حربيه، اللي قدمني عملاً بقول السيد: فليكن كبيرُكم خادماً لصغيركم. أنا الزغير بس كون وحدي، وكبير متل الجبل بس كون معكن. وأخي الكبير الأستاذ سامي مظلوم، بأي كلمة بعبر عن امتناني إلك... وتحيتي لقلبك الكبير اللي متل الشرق بيساع الدني وأكبر من دني. قال عنك خيي أنطوان إنك سيد الكلمة اللي بتجمع، ونحنا بدنا رسل بالعالم يجمعو كل الطوائف والأعراق والحضارات بمعبد روح، ويصلّو من أجل السلام لإله واحد هوي إله الخير والسلام. كلمة شكر من قلبي لكل الأحزاب والجمعيات والمؤسسات والروابط وأبناء الجالية، واسمحوا لي أن لا أدخل في الأسماء لأن هناك وجوهاً لم ألتق بها من قبل، والخطأ غير مسموح في هذه الحال، وأنا أحترم أصول الضيافة. لكن لا بد من شكر - بعد طلب السماح من حضرتكم - للوفد اللي حضر من سيدني، وتحمّلوا مشقات السفر، والسفر صعب اليوم والإقامة أصعب ورغم هيك أصروا على الحضور، بعضهم قطعوا المسافة بالسيارة تا يواكبو هالحدث.
وقفة مع الشعر
وكانت وقفة مع شعر الدويهي استغرقت أكثر من نص ساعة، وتضمنت نماذج راقية من أنواع لشعر المختلفة عند الدويهي، وقوطعت بالتصفيق مراراً. ثم قرأت زوجة الشاعر السيدة مريم الدويهي بيان لجنة اختيار جائزة الأديب د. جميل الدويهي – أفكار اغترابية للعام 2018، وقدم الدويهي الجائزة والميداليات المذهبة إلى الأدباء والشعراء والأكاديميين (بحسب الترتيب الألفبائي): الشاعرة آمال معوض فرنجيه -لبنان، تسلم جائزتها السيد صائب معوض. الشاعر جويل عماد - كندا، تسلمت جائزته الشاعرة مريم شاهين رزق الله. الشاعر والإعلامي علي وهبي الموجود حالياً في لبنان، تسلمت جائزته الأديبة والإعلامية كلود ناصيف حرب. الدكتور عماد يونس فغالي - لبنان، تسلمت جائزته الأستاذة سعدى جرمانوس فرح. الدكتور فوزي عساكر - لبنان، تسلم جائزته الإعلامي بادرو الحجة. الشاعر قيصر مخايل - لبنان، تسلم جائزته المهندس جوزيف سكر. الشاعر وسام زيدان - ملبورن الموجود حالياً في لبنان، تسلم جائزته الشيخ بشارة طوق. وجرى بعد ذلك تبادل الهدايا، ودروع تذكارية، وقطع قالب الكايك بحضورالقنصل العام ورئيس حركة شباب زغرتا الزاوية السيد جوزيف الشدراوي وأعضاء الحركة، وشخصيات. وبعدها وقع الدويهي للحضور مجموعته الشعرية الجديدة "عندي حنين البحر للشط البعيد"، ومجموعة من كتبه، حيث حصل كل الضيوف على كتابين لكل منهم. هذا وتم الإعلان في الحفل عن زيارة وفد “مشروع أفكار اغترابية" إلى لبنان الصيف القادم تحت مظلة التوأمة بين مشروع “أفكار اغترابية” و"نادي الشرق لحوار الحضارات".
كلود ناصيف حرب: لقب "سيّدة الحنين" يتوجني وأضعه في قلبي
الأب لويس الفرخ: أنت لست إعلامية وأديبة فقط بل أنت مرجع للحبّ
د. جميل الدويهي: بحروف قليلة أشعلتِ ناراً على سطر وأحرقتِ كل المفاهيم الجامدة
ابراهيم مشارة: بَوحٍ لامرأةٍ فتـَنها الحبُّ من رأسها إلى أخمص قدَميها
د. مروان كساب: شاعرتنا تضفي على القلوب الكالحة بسمة الرجاء
رنده رفعت شرارة: كلود، امرأةَ الشوقِ، تلبسُ الانتظار َشالاً وثوباً
د. عصام حوراني: ما أبهاكِ يا شاعرتنا وأنتِ قد غمستِ ريشة قلمكِ في قمقم عطرٍ، من عند عبْقر!
سليمان يوسف ابراهيم: حبيبها، هو العاصفةُ والمطرُ والمظلّةُ من غيمةٍ حُبلى بماء شوقٍ وفيضِ هُيامٍ
حاتم جوعيه: لها قاموسها الشعري الخاص بها ولها أسلوبها المميز ونكهتها الخاصة
ألبير بطرس: تنتقى كلماتها بدقة ومشاعر حقيقية فتصل للقلب بسرعة عجيبة...
تحولت الجلسة الحوارية حول كتاب "كلمات من أعماق الحب"، للإعلامية الأديبة كلود ناصيف حرب "سيدة الحنين" إلى مناسبة رائعة بكل ما في الكلمة من معنى، مناسبة أدبية روحية، ثقافية، اجتماعية بامتياز، كيف لا والأديبة حرب هي سيدة الحنين والأناقة، وهي تعمل مع الذين يعرفون الأدب ويحترفونه، وبوحي من النقد الصحيح والحقيقة؟ في صالة دير مار شربل بانشبول كان الحدث، وعلى الرغم من أن الدعوات كانت محدودة وخاصة جداً، فقد تحلق خمسون ضيفاً حول كلود، يتقدمهم سيادة المطران جرجس القس موسى راعي طائفة السريان الكاثوليك، والأب د. لويس الفرخ رئيس دير مار شربل، والرهبان الأجلاء إيلي رحمه، أنطوان طعمه، وشربل القزي، وبطرس دياب، والأب يوحنا، والراهبة لينا نجيم من راهبات العائلة المقدسة المارونيات، والأديب اللبناني د. جميل الدويهي صاحب مشروع "أفكار اغترابية للأدب المهجري الراقي" وعقيلته السيدة مريم، والمحامية نضال حمزة ممثلة المجلس الأسترالي اللبناني راعي الحفل لوجود الرئيس غازي قلاوون خارج أستراليا، والأستاذ جوزيف سكر رئيس نادي الشرق لحوار الحضارات – أمناء سيدني راعي الحفل أيضاً... ولفيف من الشعراء والأدباء والزملاء الإعلاميين والأصدقاء.
بداية رحبت صاحبة المناسبة الأديبة حرب بالحضور، وقالت: "هذه الجلسة هي جلسة خاصة بامتياز، والدعوات كانت خاصة، ولأننا نحبكم أحببنا أن تكون الدعوات مثل باقة ورد، كل وردة بلون وعبير، وتحت رعاية مار شربل وبركته، الكلمة تكبر." وتقدمت حرب بالشكر من الاب د. لويس الفرخ رئيس دير مار شربل الذي قدم الصالة لهذه المناسبة، وقالت إنها اختارت عنواناً للجلسة "لحن الذكريات". وشكرت من جاؤوا من أماكن بعيدة ليشاركوا في أمسية الكلمة الصادقة، "كلمة المحبة التي هي نور العالم، المحبة الحقيقية التي لا تجرح في عالم مليء بالجروح. وطوبى لكل إنسان يجاهد من أجل المحبة والسلام". وأوضحت كلود أن "كلمات من أعماق الحب" كان فكرة، ومفاجأة، وتتويجاً لمرحلة مهمة من حياتها، "فقد كنت مذيعة سابقاً ,انا أديبة الآن بتوقيع د. جميل الدويهي. وانا اليوم سعيدة بأن أضيف إلى عملي كإعلامية ومذيعة سابقة رصيداً في الأدب”. ولفتت حرب إلى أن الدويهي يشبّهها دائماً بالفلاحة الصغيرة، "ومنذ يومين أرسل لي صورة طفلة صغيرة تزرع بعض الورود وتسقيها. فرحتُ بهذه الصورة وأحسست بأن رسالتي جميلة، فانا أحب أن أزرع الفرح والسلام وأعطي الورد للناس.”
وأضافت حرب: “هكذا صارت النبتة شجرة، والشجرة غابة، والحبر أصبح نوراً وعبيراً. ود. جميل الدويهي أعطاني أيضاً لقب "سيدة الحنين"، وفعلاًُ هذا اللقب يناسبني لأن جميع نصوصي في الكتاب كانت مفعمة بالحنين. هذا اللقب تاج أضعه في قلبي وأشعر أن الغربة هي العامل الأول الذي يحرّك هذا الحنين". وشرحت كلود عن كتابها الثاني "عيناك مرفأ لحنيني" الذي سيصدر أواخر الشهر الجاري في سيدني، وشكرت مرة ثانية الأب الرئيس لويس الفرخ الذي كان في لبنان أثناء توقيع كتابها الأول "كلمات من أعماق الحب"، وكان يشجعها دائماً على العطاء الإبداعي. وطلبت كلود من مريم العذراء والإله الفادي ومار شربل والقديسين أن يحفظوا الجميع بالخير والبركة، ورحبت بالمقدم د. جميل الدويهي "الذي لولا دعمه وتشجيعه ما كنت وصلت إلى ما وصلت إليه على الصعيد الأدبي، وأنا أعطيته لقب "العبقري اللبق"، وهو لا يحب الحديث عن نفسه، ولو سمعني أقول هذا الكلام عنه سيعاتبني. عنده أكثر من 30 عملاً أدبياً مختلفة الأنواع وباللغتين العربية والإنكليزية، وهو أول شاعر عربي على الإطلاق يكتب 7 أنواع من الشعر. متواضع لدرجة أنه يرفض أن أمدحه بأي طريقة".
الأديب الدويهي استهل الجلسة الحوارية بالترحيب، باسم كلود وسايمون حرب: بسيادة المطران جرجس القس موسى، والأب الرئيس د. لويس الفرخ، والآباء الأجلاء، والاخت لينا نجيم من راهبات العائلة المقدسة، ومعها عازف الكمان فادي، الأساتذة المشركين في الجلسة من أستراليا وخارجها، ورُعاة الجلسة: صحيفة المستقبل الأسترالية بشخص رئيس التحرير الأستاذ جوزيف خوري الذي لم يتمكن من الحضور لارتباط مسبق، المجلس الأسترالي اللبناني ممثلاً بالمحامية نضال حمزة لوجود الرئيس غازي قلاوون في لبنان، نادي الشرق لحوار الحضارات - أمناء سيدني ممثلاً برئيسه جوزيف سكر، مشروع أفكار اغترابية للأدب المهجري الراقي ممثلاً بالأستاذة مريم رعيدي الدويهي، السيد جورج بدر الذي قدم مساهمة في الحفل، وجميع الحاضرين، كل شخص ساهم بمحبته لإنجاح هالمناسبة. وقدم الدويهي سيادة المطران جرجس القس موسى الذي أشاد بأعمال كلود الأدبية وقرأ مقاطع من كتابها "كلمات من أعماق الحبّ".
الكلمة الثانية كانت لرئيس دير مار شربل الأب د. لويس الفرخ، الذي استهل بالترحيب في رعاية القديس شربل، وأخبر قصة مفادها أن كل شيء له وجهان، وعلى الإنسان النظر بإيجابية إلى الأمور لكي يراها جميلة. وقال الأب الفرخ: "يقولون: إن روعة الإنسان ليست في ما يملكه بل هي في ما يمنحه. ويقولون: حيث توجد الإرادة توجد دائماً طريقة للتعبير. ويقولون أيضاً: الحياة بدون أحلام كحديقة من دون زهور. عزيزتي كلود، أنت صادقة في الكتابة عن المحبة والحب، وأنت أمينة في وصف مشاعر الحبّ وأحاسيسه... لقد أبدعتِ بتعداد مشاعرك ولم تتلوني لنيل إعجاب الآخرين وإرضائهم. لقد تميزت بوصف الأسرار الكامنة وراء طموح ونجاح الحب وأحلامه وأهداف الحب المباشرة، والارتقاء به، وبقدرات الحب الكبيرة في تطوير الذات واكتشافه المستمر للآخر وتقديمه للبدائل... كنت راقية ليس فقط في وصف الحب والرقي به، إنما أيضاً بقدرته على المغفرة والتقدير والانحناء أمام عطاءات الآخرين."
وقال الأب الرئيس أيضاً: “يا كلود، في كتابك "كلمات من أعماق الحب" عبّرت عما تعنين وتشعرين وأنت مدرسة للكلام عن مسيرة الحب، والذي معدنه من ذهب يبقى دائماً ذهباً". وبعد أن استعرض الأب الفرخ بعض القيم التي اختارها من الكتاب، قال: "يا كلود أنت إنسانة مؤمنة راقية وحساسة ولست إعلامية ولا أديبة بل أنت مرجع في الجب. لقد تعلمنا أن الإيمان والحب والتفاعل والعطاء والإيجابية هي القوى الفاعلة في الحياة". وختم الأب الرئيس بالتمني بأن تتابع كلود مسيرتها في العطاء والمحبة وقال: نرى فيك الوجه الحقيقي والقلب الحقيقي. الرب يرعاك".
الكلمة التالية كانت لراعي الجلسه المجلس الأسترالي اللبناني تلقيها أمينة السر المحامية الأستاذة نضال حمزة، التي هنات كلود وأعربت عن سرور المجلس برعاية هذه الجلسة والمناسبات الثقافية، وألقت كلمة الناقد والأديب الجزائري ابراهيم مشارة التي ناقش فيها نصاً لكلود ناصيف حرب بعنوان "أيها البعيد القريب”، وعنوَن الناقد مشارة مطالعته بـ "بوح شهرزاد"، وفي ما يأتي كلمة مشارة:
"في نصّ الشاعرة كلود ناصيف حرب (أيُّها البعيدُ القريب) والذي تنطلق فيه من عَتَبة نَصّية قِوامُها الثنائية الضدّية: القُرب والبُعد، لتصلَ عَبرَ لغةٍ شفافة، لغةِ بَوحٍ لامرأةٍ فتـَنها الحبُّ من رأسها إلى أخمص قدَميها (أنت قمري أنت لي وطن) لكنّها امرأةٌ تحتفظُ في أعماقها بكبرياءِ شِهرزاد. وتتطامَنُ أنوثتُها كمَيسم الزهرة، لتنفَحَنا بأريجِها عَبرَ قصائدِها التي تحتفي فيها بحبِّها... بمشاعرِها بقلبِها(أسمعُ صوتـَك يختالُ بهدوءٍ في أذني/ تنبُتُ قصيدةٌ فوق شفتي)إنها لا تكتفي بالحبِّ كتجربةٍ ذاتيةٍ تحياها لوحدِها، ولكنّها تعيدُ إنتاجَها جماليا، عَبرَ مضامينَ شعرية تتجاوزُ التجربةَ النمطيةَ الكلاسيكيةَ لشاعراتِ العالم العربي في القرنِ السالف، فالقصيدةُ تَنبُتُ بين شفتيها، فهي تُربةُ عِشقٍ وبوحٍ لا اصطناعَ فيها. القصيدةُ كائنة ٌ سلفا وحضورُ الحبيب ِ إرهاصٌ بميلادها، بوحٌ شِهرزاديٌّ طَوّرَ أدواتِه الفنية وصقلَ تجربتَه الذاتية وكرَّسَ الحضورَ الأنثويَّ لا كظل، ولكن كهُويةٍ مستقلةٍ ذاتِ كينونةٍ متفرِّدة مُعادِلة تماماً للتجربةِ الذُّكورية ومتجاوِزة لها في أحايين، وفي هذا النصِّ تحديدا تنْبجِسُ موسيقى داخلية تتعاقبُ فيها موجاتٌ هادئةٌ تُحيل على تجربةِ العِشقِ والانتظار واللهفةِ والحنين: (برفقٍ يتسللُ قلبي إلى صندوق بريدِك/ كلصٍّ تُصيبه الفوضى/يسرُق من حروفِك قصائدَه/ويتركُ مثلما يتركُ اللصُّ خلفَه/ يتركُ لهفته)إنها التجربةُ الأنثويةُ الفاعلة -لا المفعول بها- كمّا عوّدتْنا التجاربُ الكلاسيكية. هذه التجربة التي يكونُ فيها الاندِغامُ في العِشق يُعطي لشِهرزادَ كينونتَها المُعبِّرة المُفصحِة عن ذاتِها الفاعلة المُنتجة لرؤيتِها للحُب (حضورُك يحرِّضُني على الحب /يا لكثرةِ حديثِك الصامت/سأقولُ الآن تذوقتُ طعمَ القصيدة)، والشاعرةُ تعي جيدا تجربتها إنها خُلقت لتُحب وتُحَب. والبُعدُ الفيزيائي مهما كان كبيرا فهو على ميناءِ القلب لا على ميناءِ الساعة، مقدارُ عناق. انظرْ كيف تُحرّضُ الشاعرةُ الحبيبَ على الحبِّ والوصال، لا عَبر أدواتِ التحضيضِ والعَرض النحْوية، ولكن عَبرَ هذه المُفارقة الزمنية بين ميناء القلب وميناء الساعة؟ موسيقى داخلية تنبجسُ من بين الكلماتِ كما ينبجسُ الماء من النبع، ولغةُ بَوح شفافة ذاتية تُكرّسُ حضورا ذاتيا رؤيويا لنظرة شِهرزاد للحب، يَتجاوزُ التجاربَ السالفة َ للمرأةِ وهي في طريقها إلى مزيدٍ من النُّضج والاستواء، كما يتجلى لي من خلالِ متابعتي لها عَبر "أفكار اغترابية".
بعد كلمة الناقد مشارة ألقت الأديبة كلود ناصيف خرب نصاً من نصوص كتابها بعنوان "بعد سماع صوتك"، على أنغام الأورغ بأنامل الأب إيلي رحمه الذي رافق الجلسة من بدايتها إلى ختامها، وأضفى جواً راقياً وجميلاً عليها، ثم رتلت الراهبة لينا "يا مريم البكر فقت الشمس والقمرا" بصوتها الملائكي. وكانت بعدها كلمة لنادي الشرق لحوار الحضارات – سيدني، راعي الحفل، ألقاها الرئيس جوزيف سكر، الذي قال: “يسعدني بما أمثل ومَن أمثل في نادي الشرق لحوار الحضارات – مجلس أمناء سيدني أن يكون هذا الحدث الثقافي الفكري برعاية نادي الشرق، فالإعلامية والكاتبة كلود ناصيف حرب قدمت مؤلفات أدبية طغى عليها طابع الحب العذري الذي يربط الإنسان بالإنسان، على مبدأ الشفافية والمصارحة والخيال النير الذي يستمد قدرته وصوابيته من علاقة الإنسان بالله وما ينتج عن هذه العلاقة". وقدم الأستاذ سكّر نبذة عن تأسيس نادي الشرق لحوار الحضارات، وأهدافه والقيم التي يسعى إلى تحقيقها.
وأثناء التقديم أوضح الدكتور جميل الدويهي بضع حقائق "لمن يهمهم الأمر"، هي أن أفكار اغترابية لا يخلق مبدعين وأدباء فالله هو الذي يخلق. وأفكار اغترابية لا يطبع كتب كلود على نفقته، بل هي التي تطبع وتتكفل بكل أعباء الطباعة. وكلود رفضت لتواضعها أن تسمي نفسها شاعرة كما يفعل الكثيرون ممن يستسهلون الشعر فيحولون النثر إلى حالة شعرية، وإطلاق تسمية أديبة عليها كان لهذا السبب، وليس هناك تسمية أخرى يمكن أن تطلق عليها باعتبار أن تسمية كاتبة لا تطلق على العاملين في الأدب بل على العاملين في حقل الكتابة الجافة ككتابة الصحافة والتاريخ والعلوم. ووجه الدويهي نصيحة إلى كلود بأن لا تلتفت إلى الوراء ولا تسمع إلا صوت ضميرها، وقال: سيظل الصراع قائماً إلى الأبد بين الوردة والشوكة، ولكن ليس من أحد يزيّن عنق حبيبته أو صدرها بشوكة بل يزينهما بوردة. وروى الدويهي أنه كان ذات يوم في عمله في الجريدة فوصلته 6 نصوص بالتتابع من كلود في غضون ساعتين أو ثلاث ساعات، فتعجب واستوضح عن الأمر، فعلم أن الصديق سايمون حرب طلب من كلود أن تجلس في المحل الذي يملكه وتنهي كتابها الجديد، وهذه شهادة من جميل وسايمون معاً، "فلا تلتفتي يا كلود إلا إلى الأمام ، فالكلام في غير محله يبقى في غير محله وأنت مبدعة وأديبة ونحن معك والله معك". ووزع الدويهي على الحضور مطالعته المطبوعة لنص بعنوان "كيف لا أحن إليك؟" للأديبة حرب، توفيرًا للوقت ولإفساح المجال أمام المتكلمين. وفي ما يأتي كلمة الدويهي:
كلود ناصيف حرب والحنين: التعبير يخرج من العينين في قدسيّة اسمها الصمت (جولة في نصّ "كيف لا أحنّ إليك؟" بقلم د. جميل الدويهي)
لا نكاد نعثر على نصّ لكلود ناصيف حرب لا نجد فيه لفظة "حنين". وحنين كلود التي جاءت من باب الإعلام إلى الأدب هو تعبير عن شعور حقيقيّ ونبيل وصادق. وبصفتي من محبّي كتابات هذه المرأة المشاغبة في حنينها، الراقية في تعاطيها مع الناس، الرقيقة في انتقائها لمفرداتها، أجد نفسي متتبّعاً لنصوصها، وأقرأها بشغف، فهي ذات لغة خاصّة. صحيح أنّها لا تدّعي الأدب، وليست في مستوى جبران وسعيد عقل ونزار قباني وغوته وموليير، لكنّها لا تيئس، وهذا ما يغبطني في شخصيّتها، وتلاحق الأمل والحلم، حتّى بات العديد يريدون اللحاق بها ومعرفة السرّ الذي استطاعت من خلاله أن تقتحم عالم الأدب وتثبت نفسها في كتاب صغير، أنيق، ليست فيه رموز كثيرة ولا سوريالية معقّدة، بل لغة واقعية عذبة تتسلل من بين الضلوع إلى القلب. ولكن هذه البساطة لا تعني السطحية، بل بساطة صعبة، ولا يستطيع أن يعرف أسرارها إلا القليلون، وخصوصاً أولئك الذين تعوّدوا أن ينفذوا إلى الروح الداخليّة، ويفهموا تعابيرها ومكنوناتها. فما أجمل هذه البساطة في قول كلود: "أكره حين أصمت فتخرج الكلمات من عينيّ، فالصمت أحياناً يأتي بمعنى ويحتاج إلى الإصغاء..". لا يمكن لأحد مهما كان أكاديمياً صارماً، أو متكابراً، أن يغض الطرف عن جمالية هذه الكلمات القليلة. حبّات من اللؤلؤ كانت مهملة، فجمعتها كلود في عقد صغير، أو سوار يلتف على اليد، فيطيب إليه النظر. التعبير يخرج من العينين، في قدسيّة اسمها الصمت... والنص "كيف لا أحنّ إليك؟" من كتاب "كلمات من أعماق الحبّ" يختصر عالم الشوق، فلا حبّ من غير حنين إلى اللقاء، ولو كان لقاء يمتنع. وفي ظنّي أن كلود من الناس الذين يعتنقون حبّ الروح لأنه خالد وأنيق. وحبّ الروح يصرخ به الصادقون والمترفّعون عن النزوات والمادّة: "أحتاج إليك ولا أستطيع الاعتراف بذلك... مغرمة أنا بعالمي الخاصّ هدوئي... صمتي... ضجيج قلبي... فعالمي لا يفهمه أحد سواي أنا"! ولست أدري، في هذا النصّ تحديداً، إذا كانت كلود من الذين يتقنون التمثيل في الأدب، فتتخيّل وتكتب... أو هي تقول الحقيقة عن نفسها. قد تكون أحبّت حقيقة أو تصوّرت مَن تحبّه، لكن هذا الحبّ من نوع آخر، عصيّ على التصديق...حيث تتوحّد فيه الذات مع الحبيب الغائب، وكأن الغياب هو حضور أيضاً، والتعبير يمتنع أن يصدر عن فم امرأة تدور حول نفسها وتدور من الحيرة، بحيث أنها لا تجد الكلمات التي تصوّر بها حبها، فتكتفي بالقول: "كلّ كلمات الدنيا لا تملأ الفراغ حين تغيب عن عينيّ" . إن التحليل النفسي لشخصية كلود ناصيف حرب في قصيدة "كيف لا أحنّ إليك؟" لهو صعب جداً، لأنّ صاحبته شخصيّة نادرة، تعشق وتحنّ من بعيد، ليصبح الحب في درجة الألم... وتريد في لحظة غضب من نفسها أن تعيش بلا قلب لكي تنجو من العذاب والحنين المتمادي: "في أوقات كثيرة نرغب في العيش بلا قلب، فالإحساس أصبح يؤلم جدّاً". ويتصاعد النص في لهجة راقية، مدهشة، تفاجئ المتلقي بمجموعة من التناقضات والمواقف المتعارضة: "أيقنت بأنّك حلم، وحلمتُ بأنّك واقع... أنا لا ألومك على الغياب، ولكن ألوم نفسي على الانتظار". في كلمات قليلة يتم كل شيء: يتم الحلم، والواقع، والغياب وانتظار طويل... والسؤال هنا: لماذا يكون الحلم بديلاً عن الواقع ويكون الانتظار بديلاً عن الغياب؟ التحليل ذاته يؤكد أن كلود تعيش في وضع التعذيب الذاتي من أجل أن يبقى الحبّ ولا يزول، والتعذيب للنفس هنا ليس مازوشياً masochist ، أي بهدف جذب اهتمام الآخرين والحصول على عطفهم بأي ثمن، لكنه تحمّل من نوع آخر، صوفيّة، وترفّع وصبر... فالهوى الجسدي سرعان ما يتلاشى، والحبّ الروحي هو الأبقى والأنقى. فلتعِش هي الحلم كتعويض عن واقع تخشى أن يصيبه الموت، ولتنتظر إلى ما شاء الله في محطة الوجود لصورة، لخيال، لرجل تحبّه وتحنّ إليه، لكنّه في الغياب يبقى وفي الحضور يتوارى... وما أجمله من تصاعد في الفكرة قول كلود: "نادوا باسمك فالتفت قلبي"، وهنا أحكّم الشعراء والنقّاد والمنتقدين وأسألهم بضمير أدبي: أليس هذا بربّكم من أجمل ما سمعتم من التعبير؟ أغار منكِ يا كلود، لأنّ هذا الكلام لك ولا تسمحين لي بسرقته... بحروف قليلة قليلة أشعلت ناراً على سطر وأحرقت كل المفاهيم الجامدة، وأعلنت من قلب النار أنّ الأدب حريّة... وأنّ الإبداع لا ينحصر بمقاييس وأزمنة، وأن لا حاجة للمبدع إلى أن يكتب كثيراً، فكلمة منه قد تغيّر وتُخيّل وتأخذنا إلى عالم بعيد وعميق. وعرسُك الأدبيّ كنتُ فيه أنا من المغامرين لا المقامرين، من المؤمنين لا المشكّكين، من الفرحين لا المتفارحين... لأنني أؤمن بقدرتك... وكثيرون بعد هذا العرس حزموا أمورهم وقرّروا أن تكون لهم أعراس، وكم جميل أن تحرّكي البحيرة الراكدة بصدى من كتاب أخضر هو كالربيع، كابتسامة الخلود. ثم تقولين وتقولين: "على توقيت ابتسامتكَ يضبط الياسمين موعد انتشار العطر"... أهذا من كلام بشر أم من كلام إلهة من عصور قديمة؟ إنّ فينوس في سحرها وجلالها حين سمعتك تقولينه، فرّت على غير هدى واعترفت بأنها خرساء باردة ولا تعرف كيف تحبّ... كما اعترفتْ بأنها لم تمنح أحداً حقّ التجول في تفاصيلها، كما منحتِ أنت ذلك الحبيب الخفيّ الذي تحنين إليه في كل مساء... وعند إشراقة كلّ صباح... فألف تحيّة لحنينك الساهر لأنّه سيّد الكلام... ورقيق كما كأس مترعة بالخمرة الطيّبة.
الأستاذة مريم رعيدي الدويهي ألقت أثناء الجلسة كلمة الأديبة الأستاذة رنده رفعت شرارة – كندا التي عالجت نص "هكذا أنتظرك" لكلود ناصيف حرب. وفي ما يأتي نص الأديبة شرارة:
"كأنني معَها على سفر سفرٌ صامتٌ يلامسُ دهشةَ الكلام دونَ كلام. رسالةٌ معتقةٌ كنبيذِ الكروم، تجوبُ الدّنيا وتسكنُ "حقيبةَ سفرٍ" ملؤها الحنين، تغدو كلود، أمرأةَ الشوقِ، تلبسُ الانتظار َشالاً وثوبا، وتنظرُ إلى أصابعِها متلهفةً، علَّ احدها يشيرُ إلى طيفٍ عائدٍ من خلفِ بابِ الرحيل وتغدو هي فراشةُ الاحتراقِ التي تدورُ حولَ نورِ مصباحٍ في ليلٍ طويلٍ طويل شفافةٌ هي كمرآة، تُدركُ ان لا حولَ ولا قوّةَ لانتظارِها سوى السكتِ العميقِ الذي لا تكادُ تُسمعُ حتى أنفاسِهِ، فالمشهدُ أكبرُ من قصةِ رحيلٍ ورحلةِ انتظار، بل هي قرارُ قلبٍ عاهدَ نفسَهُ أن يعيشَ الحبَّ رغمَ كُلّ لوعتِه، ويرى أن َّفي عذابِ هذا الحبِّ لذةّ لا ندركُها الا عند َاللقاء هل هي قصيدةٌ في منتهى الرومانسية ِفقط، ام أنّها قصةٌ مكتملةُ العناصر عنوانُها " وهكذا انتظرك" حاضرٌ ليقولَ لنا: هذهِ تفاصيلُ انتظاري لك ويأتي صلبُ الموضوعِ ليشرحَ تفاصيلَ ليلِ العاشقين، الباكي بصمتٍ، والذي يمضي وقتَهُ في كتابةِ رسالةٍ يودعُها بريدَ القلب، وتنتهي الحبكةُ الجميلةُ باعترافٍ واضحٍ، أن كُلَّ لحظاتِ الزمنِ "المتمثلةِ برمز ِالأصابعِ العشرة" لا تكفي لتُعلنَ الاعترافَ الصريحَ بأن "رجُلَ الرحيلِ" هذا... هو وحدهُ القصيدةَ، هو وحدهُ الحياة كلود ناصيف حرب، قصةٌ في قصيدة، وفراشةُ ليلٍ لا ينامُ حلمها أبدا كلود ناصيف حرب، من مونتريال - كندا، إلى سيدني استراليا، لكِ وللصديق الأديب الشاعر د. جميل الدويهي كُلَّ احترامٍ وتقدير" .
وبعد الاستاذة الدويهي ألقى الشاعر د. مروان كساب "قلعة تنورين"، مطالعة عن كتاب كلود، في ما يأتي نصها: "كلود ناصيف حرب شاعرة اعتصرت خمرة شعرها الإنساني من عناقيد الوجع والحرمان، لتسطر قصيدتها الثائرة في حبر اللوعة والمعاناة على قرطاس الديمومة والبقاء. أرى في شعرها عوالم متعددة ومعالم مختلفة في حين أن خواطرها الشعرية تتأرجح بين عالمين هما العاطفة والخيال اللذان يعزفان على أوتار المجهول وتمتمات المدى المثقل بالآهات، لتبقى شاعرتنا المبدعة خارج الزمان والمكان. تتوكأ على الواقعية بدعامة الخيال، إذ إني تارة أرى في أسلوبها الصبغة العلمية الملتصقة بالقواعد الطبيعية الثابتة، وطوراً أراها الشاعرة المحلقة التي لا يقرّ لها قرار ولا أجد محطات لطيرانها الماسك بأجنحة الغيوم، وهي تطارد الغيب بأحلامها الخضراء، ورؤاها المسحورة بجذوة الانتظار على شطآن المستحيل... ديوانها الوارد تحت عنوان "كلمات من أعماق الحب" هو برأيي المتواضع أكثر من ديوان، لا بل كل قصيدة فيه تنطوي على ديوان كيلا نقول أكثر. قصائدها تنبع من فؤادها المعذب والسعيد في آن معاً، من عذاب الحبّ والأحباء، ففي حبها تعيش قصيدتها مزودة بنقيض الحياة، حيث الجرح والبلسم يلتقيان في عرس المواعيد اللاهفة إلى معانقة الأحلام والبكاء على أطلال الذكريات الراتعة في صومعة الاحساس والحنين. أوزان قصائدها مستنزفة من بحّة الجداول الرقراقة في وادي السكينة المتشحة بوشاح العبقرية والإلهام، بحيث إزاء هذه الشاعرة وحيال هذا الديوان أجد نفسي بصحبة قصيدة من قصائدهاالرنانة، ألا وهي القصيدة التي تحمل هذا العنوان "ثاني أوكسيد الحنين". يطالعني أول ما يطالعني في هذه القصيدة عنوانها الذي يحمل في ثناياه عالمين متناقضين قد يستحيل الجمع بينهما، إلا أن شاعرتنا كلود استطاعت بما أوتي لها من عبقرية خلاقة وتألق في الإبداع أن تقارب هذين العالمين بريشة خيالها الرمزي وعاطفتها الرومانسية، فبات ثاني أوكسيد الحنين هذا الثاني أوكسيد المركب الكيميائي من الأوكسجين والكربون، وهو العنصر الملازم لاستمرار الحياة، مما أوحى للشاعرة أن تقرن الحنين هذا الحافز الحيوي، وهذا ما يدل الدلالة الواضحة على أن الشاعرة العظيمة كلود ناصيف حرب تسعى السعي الحثيث في قصائدها الوجدانية إلى إلصاق مشاعرها وتجسيد خواطرها في الواقع البشري، اعتقاداً منها بأن الواقعية هي المرآة الصافية التي تتجلى على صفائها مصداقية الشاعر وشفافية الصورة الشعرية، فضلاً عن أن ثقافة هذه الشاعرة في الأدب والشعر، أكاد ـأقول وبدون مغالاة، هي عميقة وعميقة بمقدار ما أوحي إليها أيضاً في إطلاق عنوان ديوانها "كلمات من أعماق الحبّ"، مزدانة بأجمل الألوان وأبهى الأضواء، فعلى البساطة أحياناً تتجلى الصور الرائعة بما يذكرنا بالمقولة الفرنسية: La simplicite fait la beaute البساطة في الكتابة هي الجمال بعينه، وكم هي عظيمة شاعرتنا حقاً عندما تنبري في أحد الأبيات في هذه القصيدة لتقول ما حرفيته: "قد تسكن قصراً وتضيق بك الحياة، وقد تسكن كهفاً ويشرح الله صدرك، قد تكون أبيض ويحتلّك السواد، وقد تكون أسود ويشعّ منك النور". لله ما أروع هكذا تصاوير، وما أشفّ هكذا تعابير! مما يجعلني أقول: إن شاعرتنا في عطائها الشعري هذا تضفي على القلوب الكالحة بسمة الرجاء، وتضمّد الجراح ببلسم الحنان، وتغسل الأحقاد بدمعة الحنين، وبالأحرى إنها تنحت في خواطرها الإبداعية الرجاء من اليأس، والبسمة من البكاء، والحياة من الفناء. وإذا كان لي أن أسبغ على شعرها الجذاب صفة خاصة به، فإنه يصنّف في إطار الشعر الوجداني المتسم بطابع الديداكتيك Dedactic Poetry أي الشعر التعليمي والتثقيفي، مما يصح بها القول إنها في هذا الديوان الشعري وفي هذه القصيدة يالذات تطل علينا الشاعرة كلود بإطلالتها الملائكية، حاملة على أجنحتها الذهبية رسالة السماء إلى الأرض، لترتفع بالأرض إلى السماء، بفضل جناحيها الذهبيين، ألا وهما العاطفة والخيال، وقد أبدعت من خلالهما إبداعا خارقاً، وقلّما يقيّض للشعر وللشعراء أن يؤتى له ولهم بمثل هذه الأناقة الجمالية وهذه الرشاقة السحرية في الأدب الشعري الخالد".
بعد الدكتور مروان كساب كانت كلمة الناقد والأديب سليمان يوسف ابراهيم عنايا – لبنان، عن نص "يهمس لي"، ألقتها الأستاذة جمانة منزلجي الجمل من المجلس الأسترالي اللبناني، هذا نصها:
"تحيّةٌ وسلام، دعاني العزيز د. جميل للمشاركة بما يُبهجني، عنيتُ المُشاركة بهذه الجلسة الحواريّة حول باكورة فكر العزيزة كلود ناصيف حرب، وإنْ من خلف بحار، فلبَّيتُ جذلانًا مُغتبطًا؛ والأملُ يحدوني بأن أملأ المكان والمكانة التي أَفردتموها لي في موقع لقائكُم والقلوب. أَمّا بعدُ، أَقفُ معكم هذا المساء الفَرِح إِزاءَ "يهمسُ لي": وهي مقطوعةٌ من نسجِ نِياط القلب، حفظتْها الأديبة بين دفّتَي "أَعماق الحُبّ" لأسوح معها بحلم حنينٍ، يحمل قارئَها كما حمَلَها،خلفَ ملاحقة حبيبها عبر لوحاتٍ من صفحات العُمر في كافّة مراحله، رسمتها لوحاتِ لقاءٍ بنضح كلماتٍ من حبرها الصّادق همسًا وبوحًا،سرًّا وجَهارًا. حبيبةٌ لم يطوِ الزّمن أَلقَ حبِّها بل لا زال معششًا في صدرها يضجُّ توهُّجًا إِزاء أيّ همسة حُبٍّ من حبيبها، كأنِّي بها تقف على أَعتاب الهمسة البكر أَمِ اللّمسة البكر، مُتمتمًا في خُلدِها: "أُحبُّكِ!".وها الكاتبةُ في موضعٍ آخر،تجدُ نفسها نزيلة سجنٍ فسيح المدى...ما نبْضُ لحظةً، إلاّ لينهدَ لها اعترافًا بحبٍّ مَكين! وهي، تُبادلُه الهمسَ بترياق مُوافقةٍ لا ينضَبُ لها مَعين: "حيثُ تكونُ أ!كون!". فتواتُرُ الإحساس بينَهما،أَحالَ البوحَ مِهرجانَ وَلَهٍ مُقيمٍ، ما دام للدّهر عيونٌ. وإن غاب عن ناظرَيها الحبيبُ، تُمعنُ تمسُّكًا بأهداب ذكراه، وتسجُنُها طيَّ قضبان حاضرها، وكأني به يبثُّ أَوراقَها بلُهاثِه ،فتقرأُ حضورَهُ فيها فوق شفتَيّ الإنتظار، قارئةً صُبحَ عودتِه مع أنّهُ مُقيمٌ بها، لم يبرَحْ ملاعبَ كيانِها... فحبيبُها، ساعٍ أَبدًا في حقولِ الحياة،: شمسُ الكفاحِ تكوي هامته في سبيل رضاها .وهو، هائمٌ في شِعاب الإنتظار، علّه يقطفُ كُرمى لعينيها عن غصونِ الأيّام حلوى الثَّمر ونفناف المُنى، بما يليق بابتسامِ رضاها والقبول! هي التي يُشرِقُ في بال وجدانها، صوتُ حبيبها المعلّق على جدران ذاكرتها؛ فتوصِد دون عذوبةِ رنينه سِجن صدرها، كيما في قلبها يُقيم! ضحكةُ الحبيب غدَت لقلبها نهرَ ابتسامٍ يستحيلُ حبرًا مُضيئًا يشعُّ بمَسِيله ديوانُ شِعرها بفيض شعورٍ دفّاق! وعند افتراقهما والبُعاد لم تعُد تحتفظ إِلاّ بحنين هدّارٍ إلى زمنٍ انقضى ولم يعُد لها منه سوى مِعطفٍ من ذكريات تدفأ إليه حين يدهم موئل الحبيب شوقًا يقضّ مضجَع الرّوح إلى دهرٍ من هناءٍ، مرّ بها سويعاتٍ، راحت تظلِّلُ برائحة حضور الحبيب كِيانها، وكأنّه يُحاذيها بعدُ! فحبيبها، هو العاصفةُ والمطرُ والمظلّةُ من غيمةٍ حُبلى بماء شوقٍ وفيضِ هُيامٍ لا تريدُ معه أن تستظلَّ من دفق الحنين إليه، مُشتهيةً البلل بانتظار عودته!! أمّا هي، فليست سوى الحبيبة المتراجعة طُهرًا ونقاءً إلى معاقل طفولتها، تلهو بجدائل أحلامِها وتداعبُ تلك القسَمات البريئة، ترسُم بخطوطِها حَكايا حبّها على مرآةِ العمر بعطر الياسمين!! فالكاتبةُ، لا تخشى الإعترافَ بأنَّ قلبَها دفع بها لإهمال عقلها؛ وسوقِها على درب القمر بجنون العاشقة! سعيًا خلف قِطافِ بهاءٍ فيه بعضُ سِماتِ الحبيب، تلهوحتّى حلولِ أوانِ العودة... لأنَّها مع حبيبِها، تحيا جَذلانةً خارجَ الزّمان، فحبُّها له حبٌّ متّصل لا يحُدّ ُنبْض قلبها فيه توقيتٌ! فهي، لا يربطُها بالوقت، سوى سَماعها لدقّات قلبِها طربًا كلّما حظيت برسالةٍ تتهجّى في ختامها اسمَ حبيبها، الذي لم تعُد تفقه من الأبجديّة سوى حروفِه! ولكن، كم رائعةٌ صحوتُها حين ذكّرت حبيبَها بأنّها امرأةٌ مثقّفة وعلى سِعةِ علمٍ، ومن كانت على هذا القدْر وفي تلك المرتبة، لا خوفَ عليها من أن يغتالَها تِنّين الحبّ! سيبقى صوتُ العقل فيها، كصوتِ الضّمير أَعلى، وينقذُها من براثن الضّاع!! ولأستعِدْ قولَها معكم بحرفيّته، لشدّةِ وقعِه: "امرأةٌ تقرأ،/ وحدُها تعرفُ من أينَ يؤكلُ الحرفُ!!". وبالتّالي فهي مُخلصةُ في حبِّها إلى أن يحينَ الخلاص! بَدءًا ببقائه ملامساتِ الحبيب كالوشمِ في عُنُقِها وكدَين إِخلاصٍ له، حتّى استذكارِ ما يدورُ بينهما من وشائجِ الحديثِ من خواطرَ يسافرُ قلبُها إليه من خلالِها في كلّ لحظةٍ وهُنيهة!فحبيبُها يمثّلُ في حياتها كلَّ مظاهر الجمال، ويغتسلُ صوتُها بعطر الورود كلّما تهجّى قلبُها قبل اللِّسان اسمَهُ، فتغدو قصيدتُها له فعلَ تبتُّلٍ وصلاة!! وصْلاً إلى اللّون الأسود الّذي يستحيلُ مع امرأةٍ مُحبّةٍ، حبيبةٍ ومحبوبةٍ رمزًا للغِبطةٍ والفرح بعد أن عرَفه الإنسانُ منذ زمنٍ أزل، شارةً للحزن وسِمةً للحِداد؛ فيستحيلُ قميصُ الحبيب الأسود معها حُقَّ كُحلٍ يُبرز فرحةَ عينيها وبهاءَ الطّلة كلما رنَت إليه مُتأمِّلةً!! كما وأنَّ حروفَ اسمِ حبيبها تغدو إكسيرًا يُعيدُ للورقِ حياته، بعد أن استحالَ حبُّها حيًّا به الورق!! آهٍ من حِلمِكِ كلود ناصيف حرب! ومن غوايةِ أطيافه جميعِها؛ حيثُ بتُّ مثلَك تدغدغُ مخيِّلتي جميعُ رؤآه،ولا أودُّ منه صحوةً!!وعرَفتُ أيضًا أنَّ حُبَّكِ لا بديل عنه وقد تخيَّرتِه بعد تبصُّرٍ: إن كان حبيبُكِ من لحمٍ ودمٍ فهنيئًا لقلبِه مُحبّتُه ومحبوبتُه بإقامتِها والسُّكنى؛ وإن كان من نسجِ خيالٍ على نَول التّمني، فيا طوباكِ من أميرةٍ تبتَّلت الحُبَّ شهقاتٍ، زفراتٍ وطولَ أناة. كلود ناصيف حرب، امرأةٌ تكتبُ بدمِ القلب ولُهاث الرّوح، فتتضوّعُ كلماتُها بعبيرِ أدبٍ صادق النّبض، منغمسٍ برومنسيّةٍ رقيقةٍ شقيقةٍ، يعلو منسوب موجها ليغمر قلوب ونفوس قرّائها، بغَمرٍ من دمعٍ حُلو المذاق كدمع العذراء يوم بَكت وحيدَها!! تحيّةٌ من القلب إِليك صديقة كلود، وإلى إخوةٍ يُلحُّون طرقًا على باب التّمني: أنْ باللّهِ عليك، فليكن لنا معكِ بعدَ هذا الكتاب الباكورةِ لقاءٌ، حولَ عِمادة ِ مولودٍ فكريٍّ جديد".
وبعد السيدة منزلجي قرأ الدويهي مطالعة نقدية للأكاديمي الدكتور عصام حوراني – بيروت، بعنوان "كلود ناصيف حرب – وبحر من الذكريات والأشواق والحنين"، وفي ما يأتي نصها:
"أيّها الحبّ! ما أعظمك وأنت تشعشع في زوايا النفس، وتشمخ في أعماقنا المضطربة، فتعيد إلى الرّوح السكينة والضياء، وتبعث في الرّوح الحياة النقيّة، فتصقل النفسَ وتعركها وتطحنها خبزًا سرمديًا يُقدَّم ساخنًا على موائد الغرام العامرة في زوايا المعمورة. الحبّ أنتَ يا غذاء الرّوح التائهة في عوالم خفيّة، فهو لا يعرف صخب المعامل والأسواق، وضجيج المصانع والنفاق، وموائد الصيارفة. الحبّ يسمو بنقاوته وطهره ويُحلِّق مع كلود ناصيف حرب بأجنحة من خيال عذبٍ راقٍ. سلام لكِ يا شاعرتنا الراقية كلود، وأنتِ تُبحرين بين أمواج المحيط الأزرق، تتقاذفكِ الذكريات، فتتصاعدين تائهة مع كلّ جَزْرٍ ومدٍّ، مع الأنواء والأعاصير التي ترميكِ على شواطئ أستراليا فتاة أليساريّة فينيقيّة ما زالت عاشقة لبحر الرّوم الأبيض. تطوِّفين في غير مراح، والسفرُ معكِ يا قبطانة الشعر والقوافي جميل ومريح، ومن حولكِ عرائس الضّاد ومهرجانات الأدب، تحملين معك جبال لبنان وسهل البقاع بكلّ كِبر وشموخ. والرّيح تعصف بالأشواق والحنين، وأنتِ صاغرة هائمة بين قراصنة من جبل الأحزان والرياح، ولسان حالك يُردِّد: "أريد أن أقوى عليها بكَ... أيّها الحبُّ... أيّها الحنين...أريد أن أنتصر... أريد أن أرتدي كلّ ألوان الفرح...كلّ الأماني... وكلّ الأحلام...". الحبّ هو الخيال التائه في بحورٍ من العشق والهيام، هو الإبحار في عالمٍ الغرباء، حيثُ ضاعت المجاديف، ولم يبقَ إلّا قبس نوركَ يوجّهني من بعيد، يهديني إلى طريق الحبّ، وأسمعكِ يا شاعرتنا تنادين الشوقَ والحنينَ من خلف المحيط الهندي، من خلف بحور تيمور وأرمورا وكورال: هل تعلم كم سافرَتْ صلواتي وراءَ البحار؟أبحرتُ على كلّ الشواطئأفتِّشُ عن جزيرةِ حبّلا يسكنها إلّا الأنقياء والأوفياءوأعلم أنّ الحياةَ مثلُ المحيطِ الأزرق،نسافرُ فيه إلى ما لا نهاية،ولا يبقى لدينا شيءسوى بعض الذكريات... الحبّ لدى شاعرتنا هو الشوق والحنين، فعندما يبتعد الحبيبُ، تشعر بدفء خياله، وتشعر بأنّه في قلبها، يسكنه بفرح وسكينة... فنسمعها تخاطب الحبيب الذي يتساءل عمّا إذا كان الحبُّ والشوق ما زالا في قلبها أم أنّهما غادرا القلب ورحلا مع فراشات الرّبيع على بساط الرّيح الذي حاكت كلود خيوطه من "دقائق أوقاتِ الانتظار": "فهل تعلم أنّنيﻓﻲ غياﺑكَ...ﺟﻠﺴﺖُ ﺃﺧﻴﻂُ ﺩﻗﺎﺋﻖَ ﺍﻟﻮﻗﺖِﺑخيوط ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ،ﻟﻳﻜﺘﻤﻞَ ﺛﻮﺏُ الانتظار؟" الحبّ مسكنه القلب، وهو شعور غريب يؤاتي الأحبّة، ولا يعرفون كنه أسراره، هو شعورٌ داخليٌّ عميق، لا يعرف لذَاتِهِ ولا يُعانيه سوى أهل الانخطاف والشطحات، وهو أغلى ما لدى المحبّ، وقد قال شوقي: وعندي الهوى موصُوفه لا صفاته.... إذا سألوني ما الهوى؟ قلتُ: ما بيا؟ نعم، وكما قال أيضًا:"ومَنْ يَهوَ لا يُؤثر على الحبِّ غاليا". وكلود ناصيف حرب تترك الدنيا وما فيها، وتعدو خلف مراح الحبيب، حيث الفرح الكليّ، هناك تمكث في جزيرة الحبّ المنعزلة المتقوقعة في البحر الأدرياتيكي، أم في بحور أستراليا أم في بحر الحبّ الطاهر النقيّ في قلب المحبّ: "فهيّا معي لنذهبْ إلى جزيرةِ الكنزِ المفقود...هو في داخل قلبي وقلبك...هناكَ نسكنُ في جزيرةِ الحبِّ والحنين". ما أبهاكِ يا شاعرتنا وأنتِ قد غمستِ ريشة قلمكِ في قمقم عطرٍ، من عند عبْقر، ولقد قدّمتِ نفثاتِ شعركِ عطرًا، فأعطيتِ من كلماتك نضحًا طيِّب الأعراف، وجاءت معانيك مخضَّبة بألوان الفجر الليلكي، وحمرة الشفق. ونسير وإيّاكِ يا شاعرتنا العزيزة كلود في شراع تتقاذفه الرِّياح ولا تلويه أو تكسره، إلى أن نصل معكِ إلى جزيرة الحبّ حيث المنتهى، فنشعر بالأمان مع أدب مستلٍّ من شِيم الخصال وكريم الفعال".
ثم قرأ الدويهي مطالعة الشاعر والناقد حاتم جوعيه – فلسطين حول نص "أيها البعيد القريب":
"حضرة الأخوات والإخوة الكرام : كان من المفروض أن أكون موجودا بينكم الآن في هذه الجلسةِ الحواريَّة - في مدينة سدني باستراليا - لمناقشةِ نصٍّ أدبيٍّ للإعلاميَّة والأديبة والشاعرة المبدعة ( كلود ناصيف ) ، ولكن لظروف صِحّيَّةٍ صعبة ولبعدِ المكان لم أتمكن من المجيىء .. ويسعدني ويشرفني أن تكون لي مداخلة او بالأحرى قراءة صغيرة في هذه المناسبة الثقافيَّة الميمونة . إنَّ الإعلاميّة والكاتبة كلود ناصيف غنيّة عن التعريف فقد حققت شهرة وانتشارا واسعا في استراليا والعالم العربي على الصعيد الأدبي والإعلامي .. لقد دخلت الأدب من باب الإعلام وكانت مذيعة في "صوت المحبَّة " وأبدعت وتألقت في هذا المجال، وتابعت مشوارها بعد ذلك في عالم الشعر والادب وأبدعت في هذا المجال أيضا أيما إبداع ، وقد نشرت كتاباتها الإبداعيَّة في المنبر الإعلامي المشهور ( موقع أفكار اغترابية ) الذي يديره الصديق والأخ العزيز الشاعر والأديب والناقد الكبير الدكتور جميل الدويهي..هذا المنبرالرائد الذي يستقطبُ خيرة الكتاب والشعراء اللبنانيين والعرب في استراليا ومن شتى الدول العربيَّة . وفي هذه المداخلةِ الصغيرة سأقدم تحليلا مقتضبا لقصيدة ( أيها البعيد القريب ) للأديبةِ الشاعرة كلود ناصيف - حرب . هذا العملُ الأدبي .. أو بالأحرى القصيدة وتستحق هذا التعريف وهذه التسمية تصنفُ وتدرجُ ضمن الشعر الحديث الحر-المتحرر من قيود الوزن والقافية ، وقد يسميها البعضُ خاطرة أدبية ..فهي شعر بكلِّ معنى الكلمة بلغتها الجميلة وتموجاتها المشعَّة وموسيقاها الداخلية وألفاظها الساحرة ، ولكنها ليست موزونة حسب بحور الخليل التقليديَّة...وفيها يتجلى ويشعُّ كلُّ عناصر الجمال والأبداع .. والجديرُ بالذكر أنَّ القصيدة النثرية الإبداعيّة تحتاجُ إلى بعض التقنيات والعناصر الهامة حتى تجاري القصيدة الموزونة في جماليتها وتألقها ..العناصر والأسس والتقنيات التي قد تسدُّ وتغطي على الحَيِّز والجانب الهام والمفقود وهو الوزن الشعري ...وليس كلُّ شاعر يستطيعُ أن يكتبَ قصيدة نثرية ناجحة ، لأن هذا الأمر يحتاجُ إلى موهبة شعرية فطرية فذة وإلى قدرات كبيرة وإلى ثقافة واسعة وإلمام في شتى المواضيع والمجالات ، ويجبُ أن يكون الشاعرُ أولا وقبل كل شيىء يجيد كتابة القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة...والذي لا يستطيعُ كتابة القصيدة العمودية الكلاسيكية لا يستطيع كتابة القصيدة الحديثة الحرة الإبداعيَّة .. وهذه القاعدةُ يعرفها معظمُ النقاد والأدباء . تمتاز الأديبة الشاعرة " كلود ناصيف " في جميع كتاباتها ، وفي هذه القصيدة أيضا بلغتها وأسلوبها الأدبي الشاعري الجميل والرقيق والشفاف أحيانا والساحر والجميل وبالمعاني العميقة وبالأبعاد الإنسانيَّة والفلسفيَّة ..حيث تكثفُ الشاعرةُ من المعاني وتستعملُ الأستعارات والتعابير البلاغيَّة الجديدة والمبتكرة ..وكل قارىء ذكي ومثقف يشعرُ أن الأديبة لها قاموسها الشعري الخاص بها ولها أسلوبها المميز ونكهتها الخاصة . هذه القصيدة طابعها وشكلها الخارجي غزلي،ولكن الشاعرة ترمي وتهدفُ إلى مواضيع أخرى غير الحب والعشق والعواطف والمشاعر الجياشة والشوق المؤجَّج العارم للحبيب المنشود ..ويلتقي في القصيدة البعدُ العاطفي والوجداني مع البعدِ الوطني ، وتذكرنا بشعراءِ المقاومة الفلسطينيِّين الذين يشبهون الأرضَ والوطن بالمرأةِ والفتاة الجميلة ..وبالشاعرات الوطنيات الملتزمات والمناضلات (العربيات والفلسطينيات) اللواتي يشبهن أحبَّاءَهنَّ وفرسان أحلامهن بالوطن الجميل المعطاء . وقد يحلِّلُ البعضُ هذه القصيدة على أن الشاعرة قد كتبتها للوطن الكبير والجميل ولم تكتبها لشخص ما حيث تقول : ( " لا أريدُ من هذا الليل سوى قمر أنتَ قمري أنتَ لي وطن .... عيناك مسقط قلبي " ) .. إلخ ... ..وتستعملُ في القصيدةِ التشبيه والتشبيه المضاد والمعاكس .. والقلائلُ من الشعراء العرب اليوم والمجددين ورواد الحداثة يستعملون هذا الأسلوب ويدخلون هذا المنحى... والجدير بالذكر أنه في معظم الشعر الأجنبي الكلاسيكي القديم وليس الحديث وأيضا الشعر العربي جميعه قديما وحديثا نجد أن التشبيهات هي دائما مباشرة وواضحة كالتصوير الفوتوغرافي.. حيث تنقلُ التنشبيهات والصور بمعنانيها المجرَّدة والواضحة ويوجد علاقة مباشرة وواضحة ومطلقة بين الشيىء أو الموضوع والموضوع الآخر المشبه به ، وقد شذ عن هذا الامر امرؤُ القيس بعض الأحيان في الشعر حيث في العديد من صوره الشعرية وتشبيهاته المميَّزة لا يوجد أي تشابه بين الشيىء أو العيِّنة التي اختارها والشيىء والموضوع الآخرالذي يشبِّهُهُ بها ، ولكن التشبيه يكون معقولا ومنطقيا .. وشاعرتنا هنا تستعملُ هذا اللون الذي يندرُ في الشعرالعربي حتى في الشعرالحديث حيث يكون الموضوعان والأمران اللذان تشبهما ببعض متناقضين وعكس بعضهما البعض ولا يوجدُ أيُّ وجهٍ أو صلة للتشبيه تربط بينهما ، فمثلا عبارة : ( حديثك الصامت )..فالحديثُ هو الكلام الذي نسمعه بالإذن، والحيث لا يكونُ صامتا أو أخرسا .. وممكن أن يكون التعبير بالإشارات أو بنظرات العيون التي تكون صامتة وليس لها صوت ولا تسمع بحاسة الإذن . وتستعملُ الشاعرةُ - في هذا النصَّ- بعض التعابير والمصطلحات البلاغية الجميلة التي قد تكون مبتكره ، مثل :
( صوتُكَ يختالُ بهدوء في أذني.. ) إنهُ لتعبير جميلٌ وله وقعُهُ الساحرعلى المتلقي، ويوجدُ التناقضُ الجميل في المعاني والأشياء المشبهة ببعض..فالصوتُ الذي يختالُ وكأنهُ فارسٌ مغوار معجب بنفسه يكونُ اختياله رزينا وخفيفَ الظل وغير مزعج ، ومكان وجغرافية الإختيال هو أذن الشاعرة وحاسَّة سمعها..والأذنُ تعشق قبل العين احيانا -على حد قول الشاعر العباسي المخضرم ( بشار بن برد ) ..والتشبيهُ هنا تشبيهٌ حِسِّي وشعوري وروحاني وليس ماديًّا ملموسًا. وبعد هذه الجملة الشعرية تتابعُ الشاعرةُ قولها مباشرة : ( تنبتُ قصيدة فوق شفتي) وفي هذه الجملة التي تختمُ فيها الشاعرةُ القصيدة قد نجدُ كلَّ الفحوى وملخّص الرسالة التي تريدها الشاعرة .. وبالإمكان تلخيص وتقييم هوية وطابع وسيميائيَّة هذه القصيدة في عدة أسس ومجالات، وهي: 1 ) تستعملُ الشاعرةُ أسلوبَ السهل المتنع أحيانا ، وتبدو المعاني والصور الشعرية كأنها عاديَّة ومألوفة ، ولكنه من الصَّعب على كلِّ شاعر أن يأتي بمثلها ويرقى إلى مستواها الفني المُمَيَّز . 2 ) التناغم والإنسجام والإنسياب الجميل بين اللفظ والمعنى . 3 ) المحاكاة الضدِّيَّة والتشبيهُ المعاكس والمناقض..إذ لا يوجد أيُّ صلةٍ أو تشابه بين الشيئين والأمرين المُشَبَّين ببعض . 4 ) نجد أيضا في بعض العبارات والجمل الشعريَّة المعاني العميقة المترعة بالأبعاد الفلسفيَّة والأجواء الرومانسيَّة الحالمة وبالرؤيا الشمولية للحياة الجميلة...وهذه القصيدة أو النص الأدبي نابضة بالأمل والتفاؤل والإشراق وتنبؤُ بربيع مزهر وغدٍ جميل رائع".
وختمت الجلسة الحوارية بقراءة رسالة أرسلها الصديق ألبير بطرس – نيويورك، هذا نصها:
"بالرغم من اننى لم التق بالاستاذة كلود شخصيا .. بالمصادفة وعلى الانترنت وجدت موقعاً اسمه صوت المحبة .. و حينما دخلت لموقع هذه الإذاعة فوجئت بصوت جذبنى بشدة، صوت لم اسمعه منذ ٦٢ وهو عمري فى ذاك الوقت .. و أصبحت مدمناً لهذا البرنامج و بمجرد ان تأتى نهاية حلقة البرنامج اتمنى ان يمتد لساعات .. واقولها و بكل ثقة ودون مجاملة ان الاستاذة كلود ناصيف حرب اجمل صوت اذاعى دون منافس .. وخسارة ان هذا الصوت معطل.اما عن بوستات الاستاذة كلود على الفيس فكلها متفائلة وتشع بالحب والامل .. فهي تنتقى كلماتها بدقة ومشاعر حقيقية فتصل للقلب بسرعة عجيبة.انا متابع جيد لكل كلمة تكتبها الاستاذة كلود .. في اوقات شدة مرضي الذي يجعلني فى بعض الاحيان لا أفارق سرير مرضي .. و لكن المفاجأة تكون قراءة بوست للأستاذة كلود وكأنها تعلم ما انا فيه وتبعث برسالة امل تجعلنى اشعر بأنني اقفز من سرير مرضي و يملأنى الامل بغد افضل.كلماتها عن الحب فى منتهى الرقى والأحاسيس الشجية من قلب يفيض بالمشاعر الحقيقة النقية.كنت أودّ ان احضر هذه الأمسية لاستمتع مع الحضور بالاستماع للأستاذة كلود بشخصها مع الانسان الجميل الذي سعدت ان اعرفه منذ ايام قلائل وحزنت لاننى لم اعرفه من قبل .. وعلي وعد ان اقرأ له كل ما يكتب لانه أديب يستحق ان يسجَّل اسمه فى التاريخ مع رواد ادب المهجر.اعتذر عن الحضور لوجودي في الاراضي المقدسة.الاخ الحبيب سيمون، كل سنة وحضرتك طيب يا صاحب اجمل ابتسامة تنبع من قلب طفل في منتهى البراءة.استاذتي الفاضلة كلود: ارجوكِ عودى للإذاعة.تمنياتى لحضرتك والاستاذ الجميل جميل الدويهى كل كل نجاح ومزيد من التألق الدائم.تقبلوا مني كل محبة وتقدير واحترام لكم جميعا وللحضور الكرام".
يذكر أنه أثناء الحفل، قدمت كلود وسايمون عدة أيقونات، وقدم الدويهي وعقيلته مريم لسايمون قصيدة معايدة في إطار أنيق، كما قدم جميل ومريم باسم "أفكار اغتربية" غلاف كتاب كلود الجديد "عيناك مرفأ لحنيني" في إطار. وقرأت كلود قطعين عن الحبّ والمحبة من رائعتي الدويهي الفكريتين "في معبد الروح" و"تأملات من صفاء الروح". كما ألقى الشاعر نجيب داود مقاطع شعرية مهداة إلى كلود وجميل والأب الرئيس لويس الفرخ.
وبعد ختام الجلسة الحوارية، انتقل الجميع إلى جناح خاص في الصالة طغت عليه الأناقة والترتيب، للاحتفال بعيد ميلاد الغالي سايمون حرب، حيث قطع الكايك، وأنشد الجميع له "هابي بيرث داي"، ولون الاحتفال غناء جميل من الأب إيلي رحمه والفنان خالد الأمير. وألقى د. جميل الدويهي نصاً نثرياً باللغة العامية لتهنئة الصديق سايمون بعيد ميلاده قال فيه:
"حبيت قول هالكلمات للصديق والخي الغالي سايمون حرب، بمناسبة عيد ميلاده. رحلة عمر مْشيتوها، والعمر ما كان لعبه، مع الإيمان مشيتو، وعا مركب النور قطعتو بحور بعيده، تا وصلتو عا أرض جديده. ومين قال ما عمّرتو عالشط بيت كبير، معبد روح وإلتزام، واللي عمّر هوّي الله الما بيترك حدا، وما في حدا غيرو بيقْدر يحطّ حجر عا حجر. قديش في ناس بيتباهو بالدهب، وإنتو كل لحظة من حياتكن هيّ أغلى من الدهب. وهلّق وقت اللي بفكّر بسايمون وكلود، بشوف أربعه بالبيت،هنّي وطفلين زغار خلقو من الحنين، عم يتدلّلو... وعم يلعبو تحت ضوّ القمر. يا سايمون، كل يوم بحياتك عيد لأنو كلود معك، وقلبها الحلو، النفي، الصادق، الوفي، معَك. ونحنا معك أصدقاء بيحبّوك ، وكلما سألت عنّا بتلاقينا إخوه إلك. وإنت كتبت كلمة محبّه بقلوب الجميع. وهالكلمه ما بتنْمحى وما بتزول لأنا كلمة ألله. وأنا دايماً بقول إنو كلود وقت اللي سهرت تا تكتب الكتاب، كنتْ إنت وحدك قصيدة الحبّ الأبدي وكنت وحدك عنوان الكتاب. وأجمل هديّه بعيدَك مش من تراب هالأرض، هيّي من روح وسما وعبير، ومن كلود سيّدة الحنين، عصفورة الحنين، "كلمة بحبّك أنا"، وعينيك يا سايمون حرب هنّي مرفأ للحنين.
الليله فرَحنا كلّنا، فرح تنورين وزحله وكل ضيَع لبنان، وكمشة نجوم نقّتهن جاندارك من كتاب السما تا تودّيهن لإلك... هيّي اللي بتصلّي للكلّ، والمسبحه بإيدا مسبحة الدموع المشتاقه عا بنتا وعا ابنها، وعا ولادها المشرشرين خلف البحور. وأنا وصّيت عصفور بيضلّ يسافر عا ميدان إهدن، تا يرتّل هونيك ترتيلة الخلود، ويضْوي تلات شمعات بسيدة الحصن، واحدة تا الرب يحمي سايمون، وواحده تا الرب يحمي كلود من عيون الأشرار والحاسدين، وواحدة تا العدرا تحفظ بتوبها الأزرق لبنان والغيّاب وكلّ المحبين. وكل عيد وإنتو بخير.
أمسية قصائد للبنان
استضافت صالة جمعية كفرحلدا الخيرية حدثاً مميزاً هذه المرة، بدعوة من مشروع الأديب د. جميل الدويهي "أفكار أغترابية" للأدب الراقي، حيث لبى حشد من أبناء الجالية الدعوة، وأعربوا عن محبتهم للوطن الذي يمر في هذه الأيام بظروف دقيقة. وكانت الكلمة الأدبية هي الإطار الجامع بعيداً عن السياسة أدباء وشعراء صدحت أصواتهم بالحب والسلام، وعبروا بأصدق العبارات عن انتمائهم للوطن الذي عانى ويعاني، وهم معلقون بأهدابه مهما نات المسافة
قدمت الحفل الأديبة الإعلامية كلود ناصيف حرب، بكلمات راقية، وقدمت أولاً رئيس بلدية ستراثفيلد أنطوان الدويهي ليفتتح الحفل، تلته ملكة جمال لبنان المغترب تيريزا طوق، ثم توالى على الكلام الأدباء والشعراء: طوني رزق، مريم رعيدي الدويهي، حنا الشالوحي، كلادس القزي، جان كرم، د. أميرة عيسى، محمد الديراني، ريتا قزي حاتم، أحمد الحسيني، إحسان حدارة (ألقت قصيدة "هونيك" من شعر د. جميل الدويهي)، علي وهبي، خالد غنام، وأخيراً د. جميل الدويهي
وركزت جميع القصائد والكلمات على مضمون واحد هو الحب للبنان والتأكيد على الانتماء
جلسة حوارية حول كتاب الدويهي "رجل يرتدي عشب الأرض
نشر في 30 حزيران 2018
"رجل يرتدي عشب الأرض" ليلقي على الناس باقة من مواعظه وأقاصيصه العميقة التي تحمل أبعاداً إنسانية وفكرية وفلسفية راقية. وليس غريباً على مشروع أفكار اغترابية أن يحمل بشرى المحبة والخير والسلام، ومحبّوه لبوا دعوته للمشاركة في الجلسة الحوارية عن الكتاب الفكري "رجل يرتدي عشب الأرض"، وهو الكتاب الثالث من ضمن مجموعة الدويهي الفكرية بعد "في معبد الروح" و"تأملات من صفاء الروح" اللذين صدرا بالعربية والانكليزية، وواحد من مجموعة كتب ضخمة نشرها الدويهي منذا عام 1989.
أمسية لا تشبه الأمسيات، فما حدث فيها يتخطى إطار الأدب والشعر إلى مساحات أبعد هي مساحات التحليل الفكري لنصوص قصيرة، لكن فعلها لا ينحصر بعدد الصفحات التي كتبت فيها، ولهذا قدّم اللشاعر الدكتور مروان كساب مطالعة نقدية من البدع بعنوان "الدكتور جميل الدويهي فيلسوف السلام بامتياز"، والمطالعة هي عن نص واحد هو "امرأة تعرفني" لا يتعدى الصفحة الواحدة على قياس متوسط، ولكن الدكتور كساب كتب فيه مطالعة نقدية مقارنة من حوالي 20 صفحة من القياس نفسه، وهذا دليل على عمق التحليل الذي تستدعيه هذه النصوص. وقارن الدكتور كساب آراء الدويهي الفلسفية بأعمال الفلاسفة الاغريق والمحدثين، وخلص بنتيجة مفادها أن فلسفة الدويهي هي الأسلم لأنها تجمع المتناقضات (الليل والنهار- الخير والشر- الجسد والروح) من أجل عالم للسلام.
إذن، وجهت دعوات خاصة إلى مجموعة من الأصدقاء والإعلاميين والادباء والشعراء لحضورالجلسة الحوارية، مساء 29 حزيران 2018، تقدم الحضور الأب الدكتور لويس الفرخ رئيس دير مار شربل الذي قدم صالة الدير مشكوراً لاحتضان الجلسة، الأستاذ جوزيف خوري رئيس تحرير جريدة المستقبل الأسترالية، الدكتور علاء العوادي مدير الإذاعة العربية 2000 والزميلة جمانة، المهندس جوزيف سكر رئيس نادي الشرق لحوار الحضارات - سيدني ووفد من أعضاء النادي، والسيد نظام خزامي ممثل رئيس المجلس الأسترالي اللبناني السيد غازي قلاوون، والأمين العام للمجلس السيد حسين علوش اللذين كان لديهما ارتباط بعشاء الشرطة في بانكستاون، ووفد من المجلس.
بداية ترحيب من الدويهي، ثم كلمة الكاتبة كريستين عيتاني حول نص "عودة الحق" باللهجة العامية:
في نصّ "عودة الحق" بيتحدّث الأديب الدويهي عن رجل بيتهموه الناس بالتكبر لأنو طويل القامة، وهوي مش متكبر، وبيشكوه للحاكم اللي بيقرر قطع رأسه تا تتحقق المساواة، وهوي بيطلب من الحاكم إنو يشفق عليه، ويقطع لو إجريه بدلاً من رأسه، وهيك تحققت العدالة ومرة قال لي الدويهي: "هيدا الرجل هوّي أنا. عا طول بيتهْموني بالغرور، وأنا مش مغرور، بدهن ياني أوقف وما إعمل شي تا صير متلهن، أو بالأحرى تا يصيرو متلي" لفتلي نظري بالنص كلمتين مهمِّين "حفل موسيقي" و "ليلة مباركة" هالكلمتين بيوحولي كتير. رجل مقطوع الساقين يدعو الأصدقاء الى حفل موسيقي، احتفاء بقطع ساقيه بدلاً من راسه. يعني ممكن يصير في رقص في الحفلة، وهوي مش راح يكون قادر يشارك بالرقص. وقديش هالشخص متواضع وغير اناني. فضل انو يزعج نفسو ويفرّح مدعوّيه. وقال: ليلة مباركة، رغم ألمُه وتجربتو المخيفه. وهيدا بيدل على إيمانو بربه وثقته بنفسه، فحتى مع قطع ساقيه بعدو قادر انو يفعل الكثير في حياته. خلينا نعود الى العنوان: "عودة الحق". الحق ابدا لا يموت ولما بيكون ايمانك بربك كبير بتمشي فوق المي وبتطير فوق السحاب. وانا بعتبر النص مش "عودة الحق"، بل هيدا إنتصار ألحق" الانتصار اللي حققو هالإنسان، وخلاه مع اعاقتو اقوى منهم لانهم مهما جربو يذلوه او يحاربوه خسروا حربهم قدام ثقته بربه. والله تعالى رح يضل معو في المستقبل لانو انظلم من دون سبب مشان هيك لما يكون ايماننا كبير بربنا منمشي فوق المي ومنطير فوق السحاب. لاننا منعرف انو الرب ماشي حدنا ماسكلنا ايدنا وعم بيدلنا عالطريق الصحيح وبيتبع خطانا حتى اذا وقعنا يسندنا. الحق دائما يعود لاصحابه لانو اللي عندو حق حقو ما بيموت وهيدا النص الخيالي بينطبق عا حياة كتار منا. كتير من الناس بيلعنو الجمال لأنو مش قادرين يصنعو الجمال، وبيضطهدو الإبداع لانو إبداعهن ضعيف، وما بيعودو يفرقو بين الحقيقة وبين أوهام النفس الضعيفة اللي بيملكوها. اللي الله بيخلقو جميل وطويل القامة ما إلو ذنب، لكن بعض الناس بيصيرو يشوهو ويتهمو كبير النفس بالتكبر، والكريم بالطمع، واللي عم بيصلي بإنو عم بيبرطل الله تعالى. وأنا شخصياً، كنت من زمان بالتسعينات خاف كتير من ظلم الانسان، بس بعد سنة الالفين بطلت خاف. وانا متل الدويهي بالنص، ظلم البشر علمني القوّة، طلّعني عالحرية، وخلاني اضحك بوجه اعدائي، ونسيت قصة النعامة اللي بتخبي راسها بالتراب. تعلمت واجه الظلم بابتسامة مش بالدموع ويكون ايماني اقوى بالله، وهوي الوحيد اللي بيوقف حدّي. مرة كتبت خاطرة قلت فيها: "يحسدونني على كل شيء وانا لا املك سوى قلب ابيض يتعبني" وصدقوني انو اللي قلبو ابيض ونيته صافية دايما الله بينصفو وبيرجعلو حقو مهما طال الزمن وانت هيك يا دكتور جميل بيحسدوك كتار من الناس وانت ما بتملك إلا قلبك الابيض. الرب يحميك وألف شكر.
الكلمة الثانية كانت للأستاذة مريم الدويهي زوجة الأديب التي تناولت نصاً بعنوان "الشتاء". وقالت الدويهي:
عرَفت الأديب جميل الدويهي منذ طفولته، وعرَفتُه أكثرَ في العشرين من عمره، وما زال كما هو الآن، طفلاً يتحدّى الشتاء. ومن صفاته أنّه كالشتاء، يضحكُ عندما تُشرق الشمس، ويعبَس عندما يرى الغيوم. ويحبُّ أن يقودَ سيّارتَه في الشتاء، وخصوصاً في الليل. وهو إذا أمطرت لا يهرَبُ من المطر ، بل يسيرُ بطيئاً، ويقول: لو كانت الِمظلّةُ حاجةً للإنسان لكان اللهُ خلقَها معه ووضعها فوق رأسِه. يُغامر في المجهول ولا يهابُ الصعاب, لا أحد يوقفُه مهما كانت العوائق، فهو توّاق دائماً للمثابرة على عملِه والمَضيّ قُدماً إلى الأمام، ولو عرَف أنّ البعضَ سيكرهونَه، ومهما كان الثمنُ غالياً، فهو لا يُقايضُ على حقّ، ولا يرمي برمحِه لإرضاءِ أحد. كالشتاءِ لا يعرفُ هدوءاً وسكينة... وكم مرّةً في شِعره ونثرِه وفكرِه مرّت كلمةُ "شتاء"؟ اللهُ أعلم. وفي هذا النصّ، يبدو أنّه لا يريد اسمَه، فبحسب زعمِه أن والديهِ أسمياهُ جميل، قبلَ أن يعرِفا شيئاً عن جمالِه أو عن قُبحِه، أمّا لماذا يطلبُ من الشتاء أن يمنَحَه اسمَه، فلأنَّ صفاتِ الشتاء تنطبقُ عليه، فهو واضحٌ وقويٌّ كالشتاء، في كلامِه برقٌ ورعود، أفكارُه عاصفة، يعرّي الكلمةَ من قشورها لتكونَ خَلقاً جديداً...كرَمُهُ ومحبّتُه مطر، يفيضُ من غير أن تسألَه... فيضانٌ هو من العطاءِ الإنسانيّ والفكريّ. يقولُ عن نفسِه: أفعلُ ما أعرفُه، وأرفضُ أن أفعلَ ما لا أعرِفُه، بينما الكثيرونَ يفعلون ما لا يعرفونَه ويدّعون ما ليس لهم. نعم، سيخافُ منهُ الناس ولا يعودُ له أصدقاء، فهو غاضبٌ كغضب الصاعقة ممّا يحدثُ في عالمنا من انحطاط وجهل، وقد يعيشُ في وِحدة، لأنّ الناسَ يُمجّدونَ الفصولَ الأخرى، ويمدحونَها، وشتّانَ بين فصلٍ يجودُ ويُغدِقُ على الأرض، وفصْلٍ كسولٍ قاعدٍ، يحصُدُ الغِمارَ من غيرِ أن يجهَدَ ويتعب. ويتسمّى الدويهيّ باسم الشتاء، ويكونُ أوّلَ واحدٍ من البشر يتسمّى به، والمفارقَةُ الغريبةُ أنّه يفرحُ بهذا الاسم، وكأنّه لا يُصدّق أنّ الموصوفَ عاد ليأخُذَ صفاتِه الكثيرة، على الرغمِ من حدّتِها، وجبروتِها، وعِنادِها... وجمالِها أيضاً. وهكذا يمضي الشتاءُ مسرِعاً، لأنّه على موعدٍ آخرَ في مكانٍ آخر، وصار أهل المدينةِ يخافون من الدويهي كلّما مرّ بجانبهم، ويلعنونَه كلّما التقى بهم، ولم يعد أحدٌ يلقي عليه السلام. قدرٌ يتربّصُ بالأقوياءِ في سوقٍ للتِجارة، مَن يبيعُ سبعةَ أنواع من الفاكهة يخسر، ومن يبيعُ نوعاً واحداً يُشعل النارَ في زرعِ أخيه. ومن لا يبيعُ يكونُ له الذهبُ والفضّةُ، ليتِمّ ما قاله الكتاب: الأّوّلونَ آخَرون والآخَرونَ أوّلون، ومِن حقّ جميل الدويهي أن يصرُخَ في كتابِه “حاولتُ أن أتبعَ النهرَ... النهرُ لا يذهبُ إلى مكان”: أعطُوني علبةَ ثِقابٍ... لأنتهيَ من كتابي... ومن عذابي.
الأستاذة سعدى جرمانوس فرح تناولت نص "الخطيئة" فقالت:
يبدو ان مناجاتِك فِي قلمك رقةُ انسان، وضميرٌ واعٍ في مجتمع يرفض ان يترك الإنسان يسير تحت مظلة الله وحده هو الديان وهو الذي يدري ما يجري في الخفايا. والنص حقيقة يضيء على الكثير الكثير مما كنّا نتجاهله أو نجهله عمدا لصدق معانيه وعمق الواقع الذي يعكسُه. . تلك المرأة كانت تبيع جسدها في الشارع للرجال وكانوا يشترون منها خطيئتَهم. لاحظوا كيف ينصف الدويهي المرأة، فالخطيئة ليست لها وحدها. وكانت المرأة تتحمل آلام الحياة وظلم الناس لها لما ينعتونها به من زانية ورخيصة، وهم لا يدرون معاناتها النفسية والمادية والظروف التي دفعتها الى ذلك. وغاب عن بالهم ان هؤلاء الرجال هم مثلُها أيضاً، وقد ادركوا غاياتِهم ولَم يستجيبوا لمعاناتها الا عن طريق بيع جسدهم الرخيص، تدفعُهم غلى ذلك شهواتهم الخارجة عن ارادتهم وتفكيرهم الإنساني. . وتلك المرأة المترفة والجشِعة في نفسها لم تأبه بما تمر به المرأة البائعة من ألم، فرشقتها بأول حجر عند اول حديث جرى فيما بينهما، ومرور ذلك الشاب الا وهو "رب المجد" في ذلك الوقت ليس الا ليثبت لنا انه يحضر في الوقت المناسب... نعم للضعفاء في الحياة ومنكسري القلوب الذين أخذتهم الخطيئة و أجبرتهم الحياة عليها، وتلك المرأة البائعة كانت تموت الف مرة كل يوم لانها تعلم ان خطيئتَها عظيمة . وبينما رفضت الغنية أن تساعد المشرد والمحتاج، دفعت المرأة البائعة نقوداً حصلت عليها من تجارتِها لتساعدَه، . وهنا تكمن عبرة عن المساعدة فرغم الالم أعطت تلك المرأة وأظهرت فضيلة، بينما المرأة التي لا تبيع جسدها، فأظهرت جانباً أسودَ. وهكذا فإنّ بعضَ البشر يعتقدون انهم جديرون بالاحترام لغناهم، و سرعان ما يقعون في امتحان الحياة لكثرة ذنوبهم... وتنتهي الأقصوصة بغفران إله المجد لتلك المرأة البائعة لأن خطيئتَها خلَصتها... ولا بد لنا من التامّل بهذه النهاية الرائعة، فالإيمانُ يخلًّص، والخطيئة تخلصُ أيضاً في الفلسفة الدويهية الفريدة.
وتناولت الأستاذة فرح عصافيري نصاً بعنوان "العبودية"، فقالت:
في نصّ العبودية، يتحدث الأديب جميل الدويهي عن نفسِه، لكنّه يقصِد الإنسان ككلّ، ولعلَّ هذا النصّ هو من النصوص القليلة في الكتاب التي لا تنحصر في ذاتية المفكّر الدويهي، فمن الانا: مضيتُ، أبحث، أحرّرُ.. ينطلقُ إلى العام أي إلى الآخر، ليجسّد فكرة إنسانية شاملة. ويمضي الدويهي ليبحثّ عن نفسِه ويحرّرَها. يحرّرُها ممّ؟ من عبوديّتها، وهذا الكلمة "عبوديّة" تختصر خضوع الإنسان لشهواتِه وأخطائه وخطاياه وشرورِه. العبوديّة هي الجُزءُ الخفيّ من الشخصيّة، وقلّما تبرزُ أمام الآخرين، لكنّها تبرزُ أمام صاحبها وتعذبُه. ولكي يحرّرَ الإنسان ذاته من العبودية عليه أن يقوم برحلة طويلة، وفي الطريق يشاهدُ رجلاً مقيّداُ فيُطلِقُ سراحَه، ثمّ يرى امرأة مظلومة مع زوجِها، فيشفق عليها ويتزوجها. يا لك من رجل محبّ، وعطوف يا د. جميل. وكم هي محظوظة تلك المرأة التي قد ترتدي عشب الأرض كما تفعل أنت. ولكن زواجَك من هذه المرأة ليس آخر المطاف، فقد رأيتَ مصلوباً، وأنزلتَه عن الصليب، لعلّه يكون الناصري فيغفرَ لك. ولم تنته رحلتُك بعد، فقد خلصت رجالاً ونساء كثيرين، وانزلتَ عن الصليب كثيراً من المصلوبين، ونسيتَ أنك ذاهب لتخلّصَ نفسك من العبودية، وتقول في النهاية: "يؤلمُني أنّ الذي لم أستطع أن أحرّرَه هو إله نفسي". يائسٌ أنت كما يبدو، فالطبيب لا يطبّب نفسَه، وعبوديّتُه ستبقى من المهد إلى اللحد. النصّ على صغره يجسّد حالة الإنسان الخاضع لنفسِه أوّلاً، وللمعايير الدينية والاجتماعية والسياسية الموضوعة ثانياً، وعبثاً يحاولُ أن يتحرّر... إنه في الفضاء الرحب، لكنّ الأفق يحاصرُه من كل جانبن فما يظن أنه حرّيّة إنّما هو حريّة محدودة، أو لنقلْ عبوديّة ترتدي ثياباً أنيقة لتظهر على غير هيئتِها. الف شكر.
وتناولت الأستاذة جمانة منزلجي نصاً بعنوان "شمعة تضيء"، وهذا ما قالته:
عملُ الخير، انعكاسٌ لجميل الخيّر، الذي يحملُ شمعتَه في الليل والنهار لتُضيء. هل هو ضربٌ من الجنون أن يحملَ رجلٌ شمعةً لتُضيءَ في النهار؟ ولماذا يستغربُ الناس؟ لأنّ المشهد َغريب، وهم لا يحملونَ شموعاً في النهار، فالشموعُ لا تُنيرُ سِوى في الليل. مَن مِنا يحملُ شمعةً في النهار ِليُضيءَ للناس؟ الدويهي غريبٌ في عالمِه، هو الغرابةُ نفسُها، وهذا ينعكسُ في جميعِ نصوصِ الكتاب. ولولا هذه الغرابةُ ما كان الرجلُ يرتدي عشبَ الأرض. ونرى في النصِّ تناقُضاً بينَ عالمين، عالم جميل الخيّر ومَن يشبهونَه، وعالم الناسِ الخيرينَ أيضاً، ولكنهم أكثر ُعقلانيةً منه، فهم يؤمنونَ بمنطقِ أرسطو، والدويهي لا يميلُ إلى هذا المنطق، فقليلٌ من النورِ يُضيفُ إلى كثير ٍمن نورِ الشمس، والناسُ غيرُ مقتنعين بفكرتِه، لكنهم يقبَلون النورَ المُنبعثَ من شمعتِه في الليلِ فقط. . وهكذا يَمضي كلُّ فريقٍ في طريقِه، الناسُ يتَّهمونَ الدويهي بالجنون والحماقة والاختلاف، وهو لا يتراجعُ عن عملِ الخير ِ في كلِّ ساعة، فالخيرُ في الليلِ يكونُ ناقصاً ولا يكتملُ إلا بالخيرِ في النهارِ أيضاً. يُضيفُ الجميلُ الى الخيرِ الذي يحملُه بشمعتِه المضيئةِ ليلاً نوراً للنهار الذي يُكملُ به مسيرةَ حياتِه المعطاءة ، فعطاءاتُه لا محدودة على الرُّغم من بساطتِه وتواضعِه حيث يرتدي من الحياةِ أبسطَها ويتخِذُ من العشبِ غِطاءً ،وهكذا ينشرُ الجميلُ عالمَهُ الخياليَّ المثاليّ بتحويله الى فكرٍ جميل. ويبقى هو الجميل المتفرِّدُ في عالَمِه، ولَه عالمانِ مختلفانِ، أحدُهما شعريٌّ خياليّ، والثانيّ فكريٌّ رفيع ، فتميُّزُه باختلافه ، وهو السهل الممتنع ، هو ما بين الارض والسماء... هو التواضعُ والكبرياء هو النقيضانِ في الحياة بفرحِها وحزنِها . شكراً.
وقال الأستاذ زهوت حبّ الله في مداخلته عن نصّ "الغراب":
الحضور الكريم طاب مساؤكم، تحية لصاحب الدعوة الذي جمعنا هذا الليلة. تعودنا أن نلتقي مع جميل الدويهي الشاعر. ولكننا مع كتب مثل "في معبد الروح" ورجل يرتدي عشب الأرض" موضوع ندوتنا الليلة وغيرها نكتشف أن جميل الدويهي الكاتب لا يقل تألقاً وإبداعاً. "رجل يرتدي عشب الأرض" عبارة عن مجموعة قصص قصيرة تتجاوز بصورها ومعانيها بمسافات حجم الكلمات والجمل فيها. والواضح من الكتابات أنه رغم هجرة الكاتب الأديب لبلاد السهول والجبال والأودية إلى سيدني منذ عقود، فالطبيعة بجمالها وسحرها هناك لم تهجره. وهو الذي أبدع بالتغزل بالمرأة بأبهى الصور أثبت أنه قادر أيضاً على مناجاة الله لدرجة الإبتهال ومناجاة الطبيعة والتغني بها كإبن طبيعة ريفية لا تفارقه. فهو يتكلم عن الليل والنهار والمطر والشجر والشتاء البرق والرعد والبحر وطبعا عشب الأرض.
وما تلاحظه بقوة في كتابات جميل الدويهي هو اعتماده وبطريقة بارعة على الأضداد لبلورة الصورة للقارئ. ومن الأمثلة على ذلك: صوت الطائر الغرّيد ونعيق الغرا ب (يا الله أنت حبيب عطائي). فالفارغ فقط هو الذي يطير في الهواء ثم يسقط، أما الممتلئ من نعمتك، والراجح بعقلك فهو الذي ينتصر (يا الله أنت حبيب عطائي). كانت امرأة جميلةٌ تبيع جسدها وفيه امرأة محافظة، لا تخرج من بيتها إلاّ قليلاً (الخطيئة) ليتين فيما بعد أن المرأة الأولى أكثر إنسانية وأخلاقا من المرأة التي تدعي الإنسانية والأخلاق وذلك نبذة عن الطريقة الإبداعية في إظهارالمفارقات لدى الكاتب. وأنّ حبة قمح واحدة قد تُطعم الجياع، أمّا الزوان وإن كان كثيراً فيلقى في النار. الأديب الثائر جميل الدويهي الإنسان المرهف المتأمل هو أيضأ أديب ثائر. ثائر على الظلم، ثائرعلى الجهل، ثائر على النفاق والرياء المستشري لدرجة تدفعه للشعور بالاشمئزاز. فلا مداهنة عنده مع الحق ولكن الحل عنده فهو بالكلمة وليس بالسيف ويؤمن بقوة الكلمة:
وعلّمتني السنة الماضية أيضاً أنّ جيوش العالم كلّها لا تستطيع أن تحاصر الكلمة. (تعلّمت من السنة الماضية) ومن النواحي التي يتميز بها أسلوب جميل التي نتحدث عنها هنا، أي الأديب الثائر على الجهل والنفاق واعتماد الأضداد لإظهار الصورة أكثرما يظهرا في قصة الغراب. في تلك القصة يظهر ببراعة أسلوب ساخر وبارع عبر انعكاس الصورة لدى القوم الجاهلين يدفع بهم لتقديس الغراب واعتباره رمزا للخير والعطاء لدرجة التبارك به واعتبار الحمامة البيضاء رمز شؤم وبلاء لإبراز صورة أناس طغى الجهل في مجتمعهم وهي حالة للأسف ما تزال سائدة في مجتمعات كثيرة. الغراب "وليس علينا الآن سوى أن نبحث عن غرابنا الحبيب، أو نجد أيّ غراب من طينته، فيعود النور إلى قلوبنا، ويزول الشؤم الذي جاءت به هذه الحمامة إلى قريتنا، ويُمحى يوم أسود من تاريخنا المجيدز" وبنفس السياق والمعنى: عجبتُ من جاهلين يتفاخرون على الفلاسفة، ومن مفْلسين يزعمون أنّهم صنعوا الشمس والبحار. (عجبتُ من زمن) ختاما ومع التحية والتقدير لجميع الذين يكتبون في جاليتنا ويوقعون كتبهم ويساهمون في إنتاج أدبي محلي، فالحق يقال أن جميل الدويهي من القلائل الذين لا يكتفون بتوقيع كتبهم بل غالباً ما يتبعون ذلك بندوات نقاش بمضون الكتب كهذه التي نلتقي بها الليلة. فمن الجميل أن يجمعنا جميل الليلة تحت راية الكلمة الجميلة وعنوان جميل. ومن الجميل أن نجتمع كعرب ولبنانيين في هذا المقلب من العالم ونقيم انتاجاً أدبياً محلياً ونرفع من شأن اللغة العربية في هذه البلاد حيث أن لغتنا الجميلة هي من الأمور القليلة المتبقية للأسف التي نستطيع الإفتحار بها هذا الأيام. تحية لصاحب االدعوة. تحية لكم جميعأ وشكراً لإصغائكم وإلى لقاءات لاحقة.
ومن ملبورن أرسل الأستاذ أنطوان الحربية مداخلة عن نص "الصالح والشرير" جاء فيها:
يتحدّث نص "الصالح والشرّير" عن رجل صالح أراد أن يرتاح تحت شجرة بعد مسيرة ستةِ أيام، فمرّ به رجلٌ شرّير يسرق الذهب، ويستولي على أموال الناس، فغضب الرجل الخيّر وأنزلَ الشرير عن دابّته وتعارك معه، واستطاع أن يأخذَ جرّتَه المليئة بالذهب ويرمي بما فيها في الأودية العميقة. وعندما بكى الشرير، وتحدّث عن فَقرِه وجوع أولاده، أشفق عليه الخيّر وساعدَه ليجمعَ الذهبَ المتناثر، ولا يزالان يجمعان الذهبَ إلى الآن، وقد يمضي وقتٌ طويل قبل أن تمتلئَ الجرةُ من جديد. هذه القصة على بساطتها تنطوي على أبعادٍ ومعانٍ عميقة، فمَن هو الرجلُ الخيّرُ الذي يرتاح في اليوم السابع؟ إنها رؤيةٌ توراتية، تتحدّث عن خلق العالم في ستة أيام، والخيّرُ هو وجهُ الله تعالى وصورتُه على الارض. والنصُّ يعبّر أيضاً عن صراعٍ قديمٍ ومتواصلٍ بين الخير والشر، والخيرُ استطاع أن يتغلبَ على الشر وأن يرميَ بذهبه في الأودية، لكنّه عاد وأشفق عليه عندما بكى... وهذه هي طبيعةُ الخير، فلو لم يُشفقْ على الرجلِ الآخر، لكان تحوّلَ هو إلى شرّير... هذا على الاقلّ في رؤيةِ الدويهي، الذي يعتقدُ أنّ الخيرَ والشرَّ يتصارعان ويتصالحان، ففي نفس كلِ واحدٍ من البشر خيرٌ وشرّ، يتعايشان في أعماقه، وإن كانا على خلاف ، والأكثرُ من هذا، أنا أرى أنّ الخيّرَ هو الدويهي نفسُه الذي يَغضَبُ من الأشرار، ويواجهُهم، لكنَّه يسامح، فالذين يسامحون، كما يقولُ في كتابه الخالد "في معبد الروح" يرتفعون إلى الله بأجنحة عُلويّة. وسيبقى الدويهي إلى زمن طويل يؤمنُ بذلك، لأنه مختلف، ولا يُشبه أحداً، لا في فكره، ولا في أدبه، ولا في حياته. ألف شكر.
صاحب الدعوة الأديب الدكتور جميل الدويهي ألقى قصيدة في المناسبة، بعنوان "إنتي الوحيده"، ثم كانت كلمة الإعلامية الأديبة كلود ناصيف حرب التي درست نصاً اعتبره الدويهي من أجمل نصوص الكتاب، وهو بعنوان "المرأة المجهولة". وجاء في مطالعة حرب:
ماذا يريد جميل الدويهي أن يقول في نصّ "المرة المجهولة"؟ إنّه ينطلق من حالة جوع، في المرات الثلاث التي حمل فيها أكياسَه وذهب إلى السوق ليبيعها واحداً بعد الآخر. الجوع إلى ماذا؟ هل هو إلى الخبز، وليس بالخبز وحده يحيا الإنسان؟ أم إلى عصر جديد يبحث عنه الدويهي في جميع أعماله الأدبية والفكرية؟ الكيس الأول فيه سعادته، فقد أسرع إلى السوق ليبيع هذه السعادة، لأنه يعرف أن بيع السعادة أمر سهل ولا يحتاج إلى كثير من المساومة. وبعد أن باع سعادته للرجل الغني، عاد الأخير إلى السوق ليسأل إذا كان لديه مزيد من السعادة ليشتريه منه. إنها سعادة الأقوياء على حساب البسطاء،، وسعادة الأغنياء على حساب الفقراء. وفي المرة الثانية يحمل الدويهي كيس لا مبالاته ويذهب إلى السوق ليبيعها، وهو يعرف أن اللامبالاة سلعة جيدة ولن يكون صعباً أن يشتريها أحد، فكم من الناس بحبون اللامبالاة لكي يرتاحوا من هموم الأرض والزمان. ومرة ثانية يعود الرجل الذي اشترى اللامبالاة لكي يسأل عن الدويهي، رغبة في المزيد من اللامبالاة. هنا تكون اللامبالاة مصدر لذة للرجل الآخر الذي وجد فيها راحة وطمأنينة. وفي المرة الثالثة يحمل الدويهي كيسه الأخير الذي يحتوي على أحزانه ويذهب إلى السوق ليبيعه. لماذا الأحزان في المرة الثالثة وليس في المرة الاولى؟ لأنّ من الصعب أن يجد أحداً يشتريها؟ ومن منا في هذه الصالة يريد أن يشتري أحزان الدويهي التي هي أكبر من الجبال ويغطيها بابتسامة، ويقول: "أصبحت من حزني رغيفاً يابساً... لا يشتهي العصفورُ طعم فُتاتِه"... وبالفعل لم يشترِ أحد من أحزان الدويهي، وتفرق الناس متشائمين منه، حتى جاءت تلك المرأة، ابنة الوزير، فأشفقت عليه... هنا الخلاص بامرأة اختارها من بين كل الناس لتحمل عنه كيسه وعذابه، وتشتري منه،. لكنها تختلف عن الآخرين، فهي لم تعد تأتي إلى السوق، وانتظرها طويلاً، وعرف في النهاية أن كل القصص محكومة بالنسيان، ونقطة أخيرة على السطر. مرة واحدة التقى بتلك المرأة، فأحبها لكي تعود، واحبته لكي تمضي عنه وتأخذ منه ذكرى، كلّ أحزانِه..., قصة رائعة على صغرها، ولست أعرف كيف يصنع الدويهي هذا السحر، وكيف يتخيل، وفي أي مجاهل بعيدة يعيش، ويأخذنا إليها حتى ولو كنا لا نريد أن نسافر معه في خياله الغريب.
السيدة ليندا اللقيس غصن اختارت نصاً بعنوان "لماذا خلقت الحاقدين؟"، وفيما يأتي مطالعتها:
يقول الدويهي في كتابه: "خلقت لنا يا ربّ الحاقدين لنزداد حكمة ويزدادوا سقوطاً. خلقتهم وفي عيونهم نار ولهب، لكي يلاحقوا البسطاء والأنبياء وينفثوا ما في صدورهم من ضغينة. خلقتهم مرضى ومشوّهين، وعابدين للضلال، فهم يخافون من كل نجاح ويطاردون من يفوقهم قيمة ليطعنوه في الصميم ويكيدوا له المكائد".
أجل أيها الكاتب العبقري قولك عين الصواب بالحاقدين الماكرين الذين يفسدون الارض بمكرهم وحُفرهم العميقة ليقع فيه الابرياء الطيبون. يتربصون في اقبية نفوسهم المظلمة وعلى وجوههم ابتسامة المكر المقنعة ليخفوا حقيقتهم... والاقنعة لا تخفي الحقيقة لان العيون نوافذ القلب... لقد شوهوا صورتهم فيك سيدي الذي خلقتهم على مثالك، ولك الحق أن تندم لانك خلقت الانسان. ولكن كما يقول الاديب النابغة الدكتور جميل الدويهي في كتابه: "سنبقى في النور الذي اعددته للمحبين أولئك الذين يرتفعون إليك بأجنحة الملائكة ويسكنون بجوارك في بيوت من فرح وضياء، ونحن لا نخاف من شرورهم ... لهم الرحيل الطويل ولنا الحياة... لهم الظلام ولنا الكواكب المضيئة... لهم صرخة ألم ولنا وقفة مجد في العصور حتى تنتهي العصور.
أجل أيها العبقري الدكتور جميل الدويهي... ستبقى لك على مر العصور وقفة مجد تتداولها الأجيال بمؤلفاتك القيمة التي هي غذاء الروح الخالدة، وستبقى ابها الكاهن الصالح في معبدك تستقبل الجميع لا تفرق: لأن الكبير خلق كبيراً وسيبقى مهما تعب الحاقدون.
فلا تنظر أيها الحاقد المغرور إلى مرآة نفسك... إنها تغشك... بل اعمل بقول سيد الكون القائل: "طوبى للمتواضعين فإن لهم ملكوت السموات".
وما أجمل هذا القول الصادق الآتي من مملكة المحبة المطلقة.
بعد الأستاذة غصن ألقت السيدة مريم الدويهي كلمة الأديبة رنده رفعت شرارة - كندا:
عرفتُهُ مِنْ البَعِيدِ ومنَ البَعِيدِ قَرَأْتُهُ. نَاسِكٌ يَرْتَدِي عُشْبَ الأَرْضِ، يَغْتَسِلُ بِالنَّدَى وَيَتَعَطَّرُ بالزّهرْ. يتكيءُ عَلَى (الأَلِفِ) وَيَحْمِلُ اِلِ (يَا) نِدَاءَ مَحَبَّةٍ، وُحول أصابعِهِ تَلْتَفُّ حِروفُ الأَبْجَدِيَّةِ طَائِعَةً وَاثِقَةً أَنَّهُ سَيَجْمَعُهَا فِي رَسَائِل صِدْقٍ وَقَصَائِد مَحَبَّةٍ تُحَاكِي الاِنْسَانِيَة.. فِي كِتَابَاتِهِ رُوحٌ تُنَاجِي السَّمَاءُ، مَرَّةً بالمحبةّ، مَرَّةً بِالفَلْسَفَةِ، وَمُرَّاتٍ بِالحُب.. هُوَ الوَاثِقُ مِنْ نَفْسِهِ، العَازِفُ عَلَى أَوْتَارِ قَلْبِهِ، يَعْرِفُ كُلَّ التَّوَارِيخ، يَحْفَظُ تَفَاصِيلَ ذاتهِ كَمِرْآة لِأَنَّهُ... شِفَافٌ لَا يَنْظُرُ حَوْلَهُ أَلّا نَظْرَةَ مَحَبَّةٍ وَإِيمَانٍ بِالإِنْسَانِيَّةِ نَفْسها. هُوَ الَّذِي حَمَلَ القَلَمَ ليَخُطَّ الأَبْجَدِيَّةَ شِعرًا، وَيَرْسُمُ فِي خَيَالِهِ قَوسَ قزحٍ تَسْكُنُهُ الفَرَاشَات، وهُوَ الَّذِي حَمَلَ الفَرَحَ وَوَزَّعَهُ عَلَى الدُّنْيَا كساعي بريد. هُوَ نَفْسُهُ عَاشَ الحُزْنَ وَالكَآبَةَ بَعْدَ أَنْ رَأَى الدُّنْيَا رُقْعَةَ شَطْرَنْجٍ أَبْطَالِهَا لَاعِبِونَ يَحْتَرِفُونَ نَقْلَ الجُنُودِ مِنْ خَانَةٍ إِلَى خَانَةٍ وَيَتَحَكَّمُونَ بِحَيَاتِهِمْ دَوَّنَ أَنْ يَرِفَّ لِهُمْ جَفْنٌ. وَهُوَ الَّذِي رَسْمَ السَّعَادَةَ غَيْمَةً يُرْسِلُهَا مِنْ شَغَافِ قَلْبِهِ لِتَمْطُرَ عَلَى كُلٍّ مِنْ حَوْلِهِ قَرِيباً كانَ أوَ بُعَيْدا. فِي نَصِّهِ "لَحْظَةً وَاحِدَة" يَقِفُ أَمَامَ مِرْآةِ الذات، وَيَقُولُ يَقُولُ حَتَّى نَكَادُ نَسْمَعُ صَوْتَهُ بَيْنَ السُّطُورِ. يُحَادِثُ نَفْسَهُ مُنْذُ لحظةِ الوِلَادَةِ فَنَرَاهُ ذَلكَ الفَيْلَسُوفَ الَّذِي يُدْرِكُ إِسْرَارَ الذَّاتِ.. وَالأَدِيب المُؤَرَّخ الَّذِي يَكْتبُ سيرتهُ بِحُبْكَةٍ جَمِيلَةٍ مُشَوِّقَة وَفِي غَفْلَةٍ مِنْ العُمْرِ تَضِيعُ مِنْهُ اللَّحْظَةُ، لَحْظَةٌ تَحَكَّمَ فيها البصرُ بِمَصِيرِهِ فنَظَرَ إلى الوجودِ بعيْنِ الحُبِّ الَّتِي عَشِقَت قَبْلَ الأُذْنِ وَقَبْلَ كُلِّ الحَوَاسّ. هُنَا نَسْأَلُ: هَلْ أَضَاعَ جَمِيل الدويهي العَاشِقُ تِلْكَ اللَّحْظَةَ فِعْلًا، أَمْ أَنَّ قَلْبَهُ مَا زَالَ حَتَّى الآنَ يَعْزِفُ لَحْنُ اللِّقَاءِ وَلَا يَوَدُّ أَنْ يَتْرُكَ لَحْظَةَ الدَّهْشَةِ وَيُرِيدُ لهُ أَنْ يُبَقِّيَ جَالِسًا عَلَى قِمَمِ السَّعَادَةِ؟ نَعَمْ هَذَا هُوَ جَمِيل الدويهي، الفَيْلَسُوفُ القَابِضُ عَلَى مفاصلِ الدَّهْشَةِ بَيْنَ أَنَامِلِهِ، الوَاثِقُ أَنَّ الحُبَّ السرمدي لَا يُخَلف وَعْدَه لَمْ يَسْأَلْهَا يَوْمًا إِنْ كَانَتْ تُحِبُّهُ فَهُوَ يَبْغِي السُّمُوَّ وَالرِّفْعَةَ فِي كُلِّ أُمُورِهِ، كما يبحث عن الحُبِّ المُجَرَّدِ أَوْ فَلِنَقُلْ إنَّ رُوحَ الحُبِّ وَجَوْهَرهُ هما أَوْلُ أولوياته وَنَصِلُ إِلَى الزُبدَةِ حِينَ يَأْخُذُنَا ألى اِخْتِصَارِ الزَّمَنِ كُلّه فِي ثَوَانٍ قَلِيلَةٍ تَتَكَرَّرُ مَدَى العُمْرِ دُونَ كَلَلٍ أَوْ مَلَلٍ، بَلْ قد تَكَوُّنُ هِيَ سَاعَة اِلْزَمْن الَّتِي تَوَقَّفَتْ عِنْدَ لحظة صَوَّبَ عندها كيوبيد سهمه نحْوَ القَلبين فَاِنْصَهَرَا فِي نَبْضَةٍ وَاحِدَةٍ خَالِدَةٍ لَا تَتَبَدَّل. وَأَنَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَة أَوَدُّ لو نَقِف مَعًا لَحْظَةً وَاحِدَةً، أَدْعُوكُمْ خلالهَا إِلَى التَّصْفِيقِ لِهَذَا الإِنْسَانِ الكَبِيرِ فَكَرًّا وَفَلْسَفَةً وأدبا. سَأَسْمَعُ صَدَى تَصْفِيقِكُمْ عَبْرَ المَسَافَاتِ واهنئ نفسي بِكُمْ وَبِالزَّمَنِ الَّذِي جَمَعْنَا حَوْلَ صَدِيقِنَا الكَبِير. د. جَمِيل مِيلَاد الدويهي، لَكَ مِنْ قَلْبَيْ سَلَامٌ باسمي وَباسْمِ الحَرَكَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ - كَنَدَا.
وقرأت الأستاذة فرح عصافيري تحليل الأديب سليمان يوسف ابراهيم- عنايا، وهذا نصّه:
النص الذي سأتناوله في مداخلتي بعنوان:" اللاعنون". يؤطر الكاتب د.جميل ميلاد الدويهي شمعة كونفوشيوس في حكاية مخطوطة بنور حبر مضيء. أراه يوغل في تأصيل جذور الحكاية ليعطيها بعدا جديدا أعمق؛ وفي هذا سر المفكر الجديد بما أعمل فيه الفكر البشري تفكيرا منذ أجيال انطوت.... إن النور والظلمة، الضوء والعتمة، متعارضان قامت عليهما كل مبادىء الخير والشر؛ التفاؤل والتشاؤم، البركة واللعنة حتى بات يشع من تداولهما عقيدة فلسفية ونمط عيش يختاره المرء منا ليقف من أمور الحياة مواقفا تطبع سيرته.... فعلى أقدام الظلمة ينتحر الضوء ومن رحمها ينبلج معلنا استرارية الحياة. هذا ما كنت قد أوردته في كتابي "عود وعواد" منذ سنين خلت... غير أنني أجد نفسي واقفا مع العزيز الدكتور جميل ميلاد الدويهي أمام فلسفة يوغل بها تمحيصا وتبصرا؛ إلى أن يصل سابرا غور النفس البشرية: متخطيا حدود الذين يرفضون إضاءة بصيص أمل في عتمة اﻷيام المدلهمة إلى أولئك الذين لا يكتفون برفض النور وحسب، بل إن خبثهم المقيت الممجوج يجعل منهم أناسا يتعشقون سرا ما يرفضونه علانية . إن أصحاب هذه النفوس، ﻷشد قذارة ومسخا من رافضي النور؛ لوساخة اﻷنانية المتحكمة بهم؛ بنظر الحاكم بالعدل، ومن اﻷولى بنظره أن يحرقوا بنار جهنم النور الذي رفضوه علانية وتعشقوه سرا ، ليدفؤوا إلى شعاعه منفردين متفردين. وكم كان حريا ان يحدقوا بالشمس ويدعوا الناس إلى السير بهدي شعاعها ...ﻷن الإلتفات يكون على الشيء أما التحديق فيكون به؛ لعلهم كانوا ينجون من سعير الحكم وإن كان حكما عادلا أبرمه بهم حاكمهم المفكر الذي تقمص شخصيته الكاتب. كم مقيت يا سادة؛ أن نعلن غير ما نضمر؛ أن نكره علانية ما ومن نعشق سرا؛ فنحيا خطلا يخطل به كل من يتعثر بنا على دروب الحياة ؛ بدلا من أن يسمو بعلاقته اﻹنسانية معنا !!!! بورك قلمك د.جميل : حبرا مصلحا يبذر دروب الورق بفكر نير الخطو يبث اﻹنسانية خلاصا كلما تهادى وتنهد بعطر من قارورة طيب رجل صادق مع نفسه من قبل أن يكونه مع الناس. تحياني وسلامي لك ولفكرك ولكل من سيستمع إلى مداخلتي. من هذا المعين الثر؛ أهوى اﻹرتواء قيما ومبادىء والسلام.
وبعد انتهاء الكلمات فتح باب توجيه الأسئلة إلى الأديب الدويهي الذي اعتبر أن هويته الشعرية قد تشكلت بعد كتابه "وقلت أحبك" في عام 2000، وقال إنه يحب جميع كتبه لكن "في معبد الروح" له هوية خاصة يحبها. وعن تنوع اللغة التي يكتب بها، قال إن لغته تختلف من نوع شعري إلى آخر، كما لغته في النثر هي غير لغته في الفكر، وقد منحه الله هذه اللغات المتعددة من فضله وكرمه.
وكانت مفاجأة الجلسة الحوارية إعلان نادي الشرق لحوار الحضارات في لبنان التوأمة مع مشروع الأديب د. جميل الدويهي "أفكار اغترابية"، تقديراً لما يقوم به هذا المشروع من أعمال أدبية وفكرية. وجاء هذا الإعلان على لسان رئيس النادي في سيدني المهندس جوزيف سكر. وشكر الدويهي القيمين على النادي واعضائه جميعاً للثقة التي منحوها لأفكار اغترابية، وقال: أنتم الأخ الكبير وأنا الأخ الصغير. ثم كانت ضيافة ومشروبات والتقاط الصور التذكارية.
ملبورن المدينة الجميلة الوادعة على شاطئ بعيد، كانت في ربيعها الأنيق، وتوافد أهلها الطيّبون العاشقون للوطن والفكر والثقافة إلى رحاب الكلمة المعبرة عن الإنسانيّة وهموم الحياة. فتحوا قلبهم للدويهي المغرّد في سماء سيدني والشرق، وغمروه بعاطفة أين منها عاطفة الأخ على أخيه، والأب على أبنائه؟ هؤلاء المفعمون بالإيمان والنبل والقيَم قال عنهم الدويهي: "أنتم تجسدون الشرق الكبير، والوطن الغالي، وتعيدونني إلى الأيام الجميلة، ولأنكم موجودون في الإنسانية أعرف أن الإنسانية العظيمة باقية، وأن الظلام ليس له مكان في بيوتنا وطرقاتنا..."
وقال الدويهي: "كنت أتعجب كيف أن شاعراً أو أديباً يقول إن الكلمات تعجز عن التعبير عن مشاعره. والآن أصبحت أعرف كيف يكون الشاعر أو الأديب عاجزاً عن التعبير".
جمعت أمسية الدويهي أهل ملبورن حول وليمة العشق والقصيدة الراقية، جاؤوا من كل صوب وحدب، يتقدمهم سعادة قنصل لبنان العام الأستاذ غسان الخطيب... جاؤوا من جميع الأحزاب والتيارات والمؤسسات والجمعيات ومن المجتمع المدني، من غير استثناء، واستمعوا إلى أنواع ثلاثة من الشعر، هي الشعر العامي، والقصيدة العمودية، والشعر المدوّر. وقوطعت القصائد بتصفيق شديد، وكانت مناسبة من مناسبات الشوق والحنين، حنين إلى الوطن، وشوق إلى الحبيبة، وإلى الأرض التي لا تنفصل عن الإنسان.
الأمسية كانت في مناسبة إطلاق كتاب تاريخ للدكتور الدويهي عن أشهر المعارك الإهدنية في التاريخ (باللغة الإنكليزية)، وقدم فعالياتها من الزميل الأستاذ زاهي الزيبق الذي أجاد وامتع وتميّز. خاض في المواضيع بعمق ورويّة، فأغنى اللقاء بحضوره وكلامه العذب والرصين. وبعد النشيدين الوطنيين الأسترالي واللبناني كانت الكلمة الأولى للأستاذ أنطوان حربيه الذي استهل كلمته بالقول: "هُو البحرُ من أيِّ الجهاتِ أتيتَه، تنتظرُه شاعراً بلغةِ العَرب، فيأتيكَ بالعامّيّةِ من جهةٍ، ثم يأتي وفي يدِه "طائرُ الهامة" يصيحُ بها في وجهِ الثأر، ثمّ يُطلُّ من نافذةِ الفكرِ في معبدِ الروح، الذي هو فلسفةٌ من الطرازِ الرفيع. وتدعوهُ إلى قهوةِ الصُّبح، فيتأبّطُ كتابينِ بالإنكليزيّة، واحداً عن البطريرك إسطفان الدويهي، والآخرَ عن أشهرِ المعاركِ الإهدنيّةِ في التاريخ. وهل بعدُ نُصدِّقُ أنّ الدويهيَّ شاعرٌ، أم هو أديبٌ، أم مُفكّر، أم ماذا؟"
وأضاف: "في لبنان يُدرّسونَ له كتابَينِ في الجامعة، وكُتُباً في المدارس، وتُدرّسُ قصائدُه في الثانويّات، ويَكتبُ عنه نُقّادٌ ودارسون، وهو الباحثُ الذي له باقةٌ من الدراساتِ الأكاديميّةِ المُحَكّمة... هذا هو الدكتور جميلُ الدويهيّ، الذي لا تعرفُ ماذا تُسمّيه، ولكنَّ له اسماً واحداً: اهدنيٌّ ابنُ إهدن، ولبنانيٌ يطيرُ بلبنان، وشرقيٌّ يعيشُ في الشرقِ ويعيشُ فيه. قِيل عنه بالأمسِ القريبِ إنّه فيلسوفُ العصر، وقيل: خليفةٌ لسعيد عقل، وهو يضحكُ ويقول: اللهُ هو الشاعر، وأنا مُنْتَحلٌ صِفة. حتّى أصبحتْ هذه الجملةُ شِعاراً له، كما شِعارُه: أنا حُرٌّ لأنّ اللهَ حُرّيّة".
ولفت الحربية إلى أن الدويهي يكتب خمسة أنواع من الشعر ويبدع فيها جميعاً "حتى لكأنّه خمسة شعراء في شاعر واحد".
بعد كلمة حربيه كانت مطالعة نقدية من الأستاذ سامي مظلوم الذي قال: "الجميل والمهم في جميلنا، كلما عدت إليه، إلى كتاباته تشعر أنك تقرأه من جديد. كاتب كما يقال حقاً، صاحب أسلوب خاص لا يشبه أسلوب أي كاتب ممن سبقوه أو عاصروه".
واستشهد الأستاذ مظلوم بالعديد من قصائد الدويهي وأعماله القصصية ليربط بينها وبين "أدب الحياة" واصفاً كتاب "في معبد الروح" بأنه جواهر، ومخاطباً الدويهي بالقول: "أنت تبني الإنسان، فأنت رسولي في إبداعك... ونحن نقول: نعم إن لم يكن الأدب نبضاً حياً يعشق الوطن والحبيب والإنسان، فما هو بأدب".
وألقى الكاتب الأستاذ سركيس كرم كلمة بالانكليزية تناول فيها بلغة نقدية معمقة مواضيع الكتاب، معتبراً أن كتابة التاريخ باللغة الإنكليزية عمل صعب لأن أغلب المراجع تكون باللغة العربية أو الفرنسية، ما يضيف مشقات على العمل. وقال: "إن الكتاب نجح في أخذنا إلى رحلة مشوقة، إلى رحاب التاريخ الذي يشعرنا بالفخر بأجدادنا الذين عاشوا وناضلوا ليبقوا في التضاريس الوعرة، التي زادتها وعورة هجمات الفاتحين والغزاة".
وبعد أن فنّد الأستاذ كرم مواضيع ومحاور من الكتاب، قدم التهنئة إلى الدكتور الدويهي "الذي تساهم نجاحاته في نجاح عام للأدب العالمي، وإنّ ابداعه هو مصدر اعتزاز لجميع المدافعين عن حقوق الإنسان، وإن كتاباته ستتواصل لكي توحي للعديدين حول العالم ولتعكس الروح الحقيقية للأفكار العبقرية".
وكانت في الحفل أيضاً مقاطع شعرية ارتجلها الشاعر الزائر من لبنان الأستاذ شربل زغيب. وبعد إلقاء الكلمات قدّم الدويهي باقة من قصائده، وكان الجمهور يتفاعل مع الشعر الأنيق، ويثبت مرة أخرى أن شرقنا الكبير هو شرق النور والإشراق، وسيلفظ الظلم والظلام مهما طال الزمن. لقد أثبت أهل جميل الدويهي في ملبورن أنّ المحبة هي أقوى من كل شيء. هي التي تغمر العالم، وتروي الأرض وتطلع الغلال.
وفي الختام، قدّم الدويهي هدايا رمزية إلى المتكلّمين، وتبقى جميع الهدايا أصغر مما قدموه من جمال وعطر ملآ الدنيا.
انتهت الأمسية في ملبورن، ووقّع الدويهي كتابه، ثم قطع قالب الكايك، ودُعي الحضور إلى حفل كوكتيل... وغادر الدويهي ملبورن وكثير من قلبه ما زال هناك، وقد وعد بأنه سيعود إلى أحبائه في المدينة الجميلة، فلا بد من ملبورن مرات أخرى، ولو طال الزمن..
كانت جبيل الحرف على موعد لتكريم بوتقة من أهل الثقافة بـ “جائزة د. جميل ميلاد الدويهي للأدب المهجري الراقي” و “موقع أفكار إغترابية” اﻹلكتروني_ سيدني_أوستراليا. وذلك في قاعة دير سيدة المعونات اﻷثرية _ جبيل_ باستضافة من رئيس الدير اﻷب جان _ بول الحاج وجمهور الدير
حضر اﻹحتفال جمع غفير من المهتمين بعالم الثقافة وأهل الكلمة، تقدمهم رئيس مجلس إدارة ومدير عام المكتبة الوطنية في بيروت، الدكتور حسان أدونيس العكره وممثل نقابة الصحافة اللبنانية اﻷستاذ جورج طرابلسي؛ إضافة إلى جمع غفير الفاعليات: مخاتير أطباء ورؤساء جمعيات ثقافية وإعلاميين، اجتمعوا إلى أصدقاء المكرمين وأهلهم مع رئيس الدير اﻷب جان بول الحاج؛ اﻷب جان جبور؛ وكهنة من أبرشية جبيل المارونية. وقام بتغطية هذا الحدث اﻹعلامي آغوب صاحب راديو جوا
استلام الجائزة، كان مهرجانا للكلمة معقود لكل من: د.عماد يونس فغالي؛ مؤسس منتدى “لقاء” الثقافي. الشاعر اﻹعلامي قيصر مخايل مخايل مؤسس منتدى “بخور الوحي” الثقافي. الشاعرة أمال معوض فرنجيه والدكتور فوزي الياس عساكر مؤسس مجلة “العالمية” ومديرها العام
سلّم الدروع والميداليات التكريمية للمكرمين؛ اﻹعلامي في راديو” تو آم آي أوستراليا”؛ بادرو الحجه_سفير السلام والنوايا الحسنة موفدا من مانح الجائزة، بعدما كان قد تسلمها عنهم من الدكتور جميل ميلاد الدويهي؛ ضمن مهرجان غير مسبوق أقيم لهذا اﻷخير في ملبورن في 30 أيلول المنصرم 2018، تكريمًا لعطاءاته اﻷدبية الفكرية والشعرية؛ وحمله لواء النهضة اﻷدبية الحديثة بلغة الضاد؛ في ديار اﻹغتراب في أوستراليا، ونشرها بالتعاون مع الجاليات اللبنانية في كل من كندا وأميركا
أدارت اﻹحتفال وقدمت للمحتفى بتكريمهم؛ وﻷديب د. سليمان يوسف إبراهيم_ ممثلا د. جميل ميلاد الدويهي؛ بكلمة “مشروع اﻷدب الراقي” وموقع “أفكار إغترابية”، اﻹعلامية غريس بعقليني. كما شارك الفنان سركيس رفول باحياء المناسبة ومشاركة ألمكرمين فرحتهم، بوقفتين غنائيتين من الغناء اللبناني اﻷصيل
بعد تسلمه جائزته التكريمية، ألقى كل من المكرمين اﻷربعة كلمة، شكر فيها مانح الجائزة على التفاتته الكريمة تجاه مثقفين من الوطن اﻷم؛ مظهرا قيمة الجائزة المعنوية بنظره. وأهدى الشاعر قيصر مخايل مخايل جائزته خلال تحدثه_ بما تحمل من قيم النجاح_ لوالديه، وإلى منتدى “بخور الوحي” أعضاء وإداريين وأصدقاء
واختتم المهرجان بكلمة ممتل مانح الجائزة د. جميل ميلاد الدويهي باسم “مشروع أﻷدب الراقي” و”موقع أفكار إغترابية” اﻹلكتروني؛ اﻷديب د. سليمان يوسف إبراهيم؛ تلاها حفل كوكتيل وتناول نخب المناسبة
وفي ما يأتي نصوص الكلمات التي ألقيت خلال المناسبة
مهداة إلى الأديب د. جميل الدويهي
عا كتاف فكرك/حبر عم بيفيق/في قلب صافي/وروح ما بتنام
وت يضل خمر الشعر بجرارو عتيق/صوتك بيمشي/بيفتح لوحدو الطريق/بتحضن بروحك/خمرة الأحلام
مين قال انك غايب ومش هون؟/حضورك معبّي هالدني كلاّ…/جمعت الأدب والفن فكر ولون/بخور فكرك فايح بهالكون/شلوحك عطرها من أرز الله
يا قلب بقمح الوفا مجبول/يا عين سهراني على الابداع/الأرز عم ينده: لعندي ارجاعْ/وإهدن اشتاقت ابنها، بتقول:/اليله صدى صوتا بصوتي اسماع
عرفتك جميل معلّم بفنّ الأصول/وميرون حبرك عمّد رجال السلام/مشعال فكرك للدني حامل عطول/ويا كبيرنا عا كلمتي مسؤول/يا جبل عالي/عنّك زغير الكلام
مساء الخير
شكرا لشقيقة الروح الجميلة قلبا وقالبا على كلمتها اللطيفة التي خصتني بها، وهي ممن يشهد لهم في رحاب المعرفة وألأدب الرفيع والنزعة الأنسانية التي تطغى على جل أعمالها
باركك الله صديقتي الأعلامية غريس بعقليني
كم انا فخورة بصداقتكم يا أصدق وأوفى الناس
كل وعاء ينضح بما فيه
من كلامهم تعرفونهم
كلنا تتسابق للتهنئة… كلنا تجمعنا المحبة والكلمة الجميلة الراقية… والثقافة
قلوب بيضاء، جذور واحدة، من لبناننا انطلقنا
تجمعنا روح الله رغم المسافات. هذا هو التكريم الحقيقي… المحبة
الجميل دكتور جميل الدويهي بقدرة الله جمعنا تحت رايته وتكرمنا باسمه فأشركنا بعرسه وأثملنا بنبيذ المعرفة المعتق المقدس
أليس هو ذلك النبي الذي تكلم عنه سلفه “جبران خليل جبران”؟
أدام الله علينا هذه النعمة، نعمة الأخوة والصداقة الصادقة
الشاعر قيصر مخايل
الصحافي الدكتور فوزي عساكر
الأديب الدكتور عماد يونس فغالي
مبارك لكم أيها ألأصدقاء التكريم الذي تستحقونه عن جدارة
وأتوجه بفائق الشكر والتقدير إلى سفير الكلمة القادم من القارة ألأسترالية حاملا شعلة ألأدب بيد، وباليد ألأخرى حمامة السلام الإعلامي بادرو الحجة
وشكرا للهيئة الإدارية لجائزة الأديب الدكتور جميل الدويهي مشروع أفكار أغترابية
أيّها الأحبّة
كم يتألّق الإنسان بين الأنوار التي تُحيط به وتلفّه بشعاعها، فيهتدي إلى موطن العزّة والكِبَر
سأنادي معكم لبناننا البعيد
وطني هناك… أناشدُكَ، أدعوكَ إلى قلبي لأضمَّكَ إلى صدري، فقد اشتقتُ إلى وطنٍ هنا… سرقوا منه الـهَنا
وطني هناك في الاغتراب، ما زلتَ متمسِّكًا بعقيدة الوطن، دينُكَ لبنان، وطنُكَ لبنان، أحلامُكَ لبنان… وهُنا، يضيع منّا لبنان! دينُنا زعيم، وطنُنا حرب، أحلامُنا رصاص… يَموتُ شهداؤنا فداءً للزعيم وليس للوطن، فقد صار الزعيم أكبر من الوطن! وبقدر ما يزداد عدد الشهداء، تنجح مساعي تَقاسُم الـحصص ومُصالـحة الزعماء
وطني هناك في أوستراليا، تُكرِّمُني لأنني أوصلتُ لبنانِيَ العظيم إلى العالـميّة على صفحات مَجلّة العالـميّة، فيما تُبعثرُ الدولةُ هُنا أوراقَنا وجرائدنا ومَجلاّتنا وكتبَنا في اقتسام الزعماء لِما تبقّى من كنوز دولة
وطني هناك، هو وطن جبران خليل جبران الذي لو لم يَهجر لبنان إلى أميركا لَما سَمعَ به لبنان!
وطني هناك، هو وطن الأديب جَميل ميلاد الدويهي… الذي رفع اسم لبنان في أوستراليا، في الوجه الآخر من الكرة الأرضية، ولم ينسَ وجهَ لبنان في عالم تَصارُع الأقدار
شكرًا لكَ دكتور جَميل ميلاد الدويهي، شكرًا لأفكاركَ الاغترابيّة، شكرًا لِمشروعكَ الحضاري الذي يفتح أمامنا بابَ أملٍ جديد، بعد أن وقفنا أمام باب الفرج الـمقفل في لبنان لأربعين سنةً، وخلفَ الباب الـمقفل، كانت صفقاتُ بيع الوطن والشباب والأحلام
شكراً لكَ، أوفدتَ خيرَ صديق يَحملُ جائزتك، هو الإعلامي الصديق بيدرو الحجّة
شكرًا للزملاء الـمنظّمين والـمشاركين ولِمقدِّمة الحفل الاعلامية غريس بعقليني، ولاستضافة دير سيدة الـمعونات لنا، ولِمهندس الصوت الإعلامي آغوب مدير راديو جوا، وللزميل الدكتور سليمان ابراهيم… ومبروك للزملاء المكرَّمين
جَميل ميلاد الدويـهي، من مَجلّة العالـميّة، أشكركَ لتكريـمي، وأَعِدُكَ أن يبقى جناحايَ عابرَينِ للقارات، ولو رُبِطَ مصيرُ قدميَّ بأرض وطنٍ جعلوا منه مكبّاً للنفايات وملعبًا للصفقات، وموطنًا للجامعات التي تُخرّجُ طلاّبًا لا عملَ لـهم، ولا مستقبلَ حيث أبصروا النور، وفي الـمعبد الذي آمنوا بدماء شهدائه
شكرًا جَميل الدويهي، كن سفيرًا لِحضارة لبنان، لا سفيرًا لسياسةِ لبنان… فليس في لبنان حياة سياسية، إنّما عندنا حَمَلةُ حقيبة مليئة بالـمحرّمات وعابرة للقارات. كن كما أنتَ، وأنتَ سفيرُنا إلى الانتشار اللبنانـي في أوستراليا والعالم
عاشت العالـمية، عشتم وعاش لبنان
“وصلت مواصيلنا عَ أوستراليا…” هذا قدَرُ الكلمة
هو التلذّذ بالقلم بالكتابة… حسبي أَنِّي أتمتّع
عندما تمسكُ بالكلمات، وتروح تملأ الأسطر ثمّ الصفحات… عندما تلجُ ذاتكَ وتنقل إلى الورق خلَجاتٍ وأحاسيس، أيَّ فوقٍ بعدُ لا تطال
وعندما يخرج من يراعِكَ سيلٌ تسمّى الأدب، وترضى عنه قبلَ غيركَ، كم يضفي عليكَ هذا شعورًا بالحبور…. وهذا حسْبكَ أيضًا
في خضمّ عشقكَ للقلم، وأنتَ تمخر أمواجَ الكلمة، نشوانَ في إبحاركَ نحو عوالم الإبداع، لا شاطئَ بعدُ تذكرُ مغادرته، ولا ميناءَ بعدُ تصبو إلقاء مرساتكَ فيه… لكأنّ الزمن يتوقّف والخارج يُعدمُ الوجود… وحدَكَ في رحلةٍ ممتعة، تنتقلُ في مشاهدَ خلاّبةٍ تترجمها فسحاتٍ أدبيّةً على امتداد الخلود
في فضاءاتكَ هذه، غافلٌ أنتَ عمّن يقرأ ويقدّر. غيرُ عابئٍ ربّما بتقريظٍ أو تجريح… تقوم بما تمليه عليكَ موهبتكَ الأدبيّة، ورسالتكَ المواهبيّة، يكفيكَ من كلّ هذا، الجنى الوفير
لكنّ كلّ عطيّةٍ صالحة هي من فوق، من عند أبي الأنوار، لا بدّ تنشر إضاءاتٍ واهجة، شعّتْ بعيدًا، من غير إرادةٍ… قرأوا، أحبّوا، أثنوا وتفاعلوا
ومن خلف البحار، من أستراليا، جاءت جائزة “أفكار إغترابيّة”، الجائزة التي تحمل إرثاً إبداعيًّا وقيمةً حضاريّة. جاءت بشخص الدكتور جميل الدويهي، تسمّينا، نحن الأربعة المكرّمين الليلةَ، وهذا القلب الكبير الذي لم يشأ للجائزة أن تقف عند حصوله عليها، بل أرادنا ننعم بها معه. تسمّينا “كبار من بلادي”
د. جميل الدويهي، كم شكرُنا لا يفي. وثقتَ بمن عرّفكَ بِنَا. كبيرٌ رأى فينا من صفاته العالية بعضًا من تميّزه. منحتَنا جائزة “أفكار إغترابيّة”، تقول مستحقّون. نستحقّ بفيض حبّكَ وتقدير هذا الحبيب الذي رشّحَنا. الأديب المربّي سليمان يوسف ابراهيم، الذي يحمّلني مسؤوليّةَ ما ينظره فيّ. تقديركَ أيّها الحبيب سليمان أمانةٌ في عنقي، تدعوني إلى الترقّي الدائم نحو الأفضل. وهذا حالُ زملائي الثلاثة في التكريم
في تكريمنا الْيَوْم، نحملُ صورةَ مكرِّمينا. أعطِنا ربّ ألاّ نخزُل
محبّتنا، كلّها تروح إلى كلّ من شاركنا الْيَوْم هذا الحفلَ المتواضع. الإعلاميّ بادرو الحجّة الذي استلم الجائزة في أستراليا وحملها إلينا بحبٍّ وأمانة، إلى الفنّان سركيس رفّول الذي أحيا حفلنا بجماليّته الفنيّة، وإلى الإعلاميّة غريس بعقليني التي ارتقت بِنَا في الكلمة والجهوزيّة
إلى كلّ واحدٍ منكم، أهلنا، وأخصّ منهم أبويّ، وأخويّ وعائلتيهما، وعائلتي الصغيرة: زوجتي وولديّ. وأصدقاءنا. أنتم هنا لأجلنا، لأجل محبّتكم لنا. بكنّكم قادرو الكلمة، وكم فيكم من أهلها…
وهذا الصرح المُقام على ذراعَي أمٍّ من علُ، من حضرة الله، سيّدةٍ للمعونات. كم يحضننا بشفاعتها وبركة رئيسه الغالي الأب جان بول الحاج وجمهوره
وصلت مواصيلنا عَ أستراليا… إلى هذه الأقاصي البعيدة… ونحن في ما كتبنا، ما تخطّينا إلاّ ذواتنا. لكن وصلنا قلوبكم… نهتف الْيَوْم لتكريمكم لنا
لا لنا يا أحبّةُ، لا لنا، لكن لمقام الكلمة نُعلي تكريمَنا… والسلام
يطيبُ لي اللّقاء بكم هذا المساء، مُباركًا مزهوًّا بأشخاص كلّ المُكرّمين من بيننا، صديقًا وخدينًا، بعدَ أن كّلَّفَني فشرّفَني، مؤسِّسُ الجائزةِ الصّديق القريب، بالرّغم من مَطاوي المسافات، الدّكتور جميل ميلاد الدّويهي، شاكرًا له ما أَولاني إِيّاه من خالصِ الثّقةِ، يومَ أَصرَّ أن أَكونَ صوتَ الأدبِ الرّاقي الّذي أَراده، و”أَفكار إغترابيّة”، الموقع الإلكتروني الّذي أَسّسَهُ
فأحسبُ، لو أَنّهُ موجودٌ معنا، كانَ ليتوجّه إلينا بالقول
لمكرّمون جميعُهم، غنيّونَ عن التّعريف، مشهودٌ لحضورِهم في الحركة الثّقافيّة المحليّة عندكم، تعرفون عنهم، ربّما أكثر مِمّا عرفتُ ووصلني عن انجازاتِهم في عالم الكلمة والإعلام. لكن، من باب التّذكير تعريفًا بسبب نوالهم جائزةَ “مؤسّسة مشروع الأدب الرّاقي وموقع أفكار إغترابيّة” بقرارٍ من لجنة الجائزة، مُدعِّما بكلامي ما جاءَ في براءةَ الجائزةِ أَمامَكم، بالتَّعريفات التّالية،ل أَقول
الشّاعرة أَمال مغوّض فرنجيّة، كُرِّمَت لأنَّها بِما كتَبت، علّقتْ بلدتنَا، إهدن الحبيبة، في عنقها وعلى صدر كتاباتها أَيقونةً، من قبلِ أن تطيرَ على شفتَيها شعرًا، على جناحَي نورسٍ، بمساهمتِها نشرا لقصائدَ على موقع “أَفكار إغترابيّة” والصّفحة الثّقافيّة لصحيفة “المستقبل” الورقيّة الأوستراليّة، التي يشغَلُ منصِب مُدير تحريرها، صاحبُ الجائزة، مؤسِّسُها ومانحها: الدّكتور جميل ميلاد الدّويهي
الشّاعرُ والإعلاميُّ الصّديق، قيصر مخايل مخايل، الّذي تركَ في عالم الكلمة بصمةً من صافي شعرٍ في ديوانِه بالعاميّة: “نحّات الشّمس”، وراقي إِعلامٍ أَيضًا، عبرَ إذاعةِ “آكس- راي – أَف آم”؛ ومحطّةِ “نورُ الشّرق” من خلالِ برنامج “بخور الوحي” إعدادًا. وهو، مُسمّى مُنتداه الشعري – الثّقافي، الّذي أَسّسه، مُستضيفًا في حلقاتِه أَعلامًا من الوسط الثّقافي الأدبي والشّعري والفنّي من لبنان، بتقديمٍ من الإعلاميّة ندى طربيه
النّاقد الأديب، الدُّكتور عماد يونس فغالي: دكتورٌ في النّقد الأدبي، استاذٌ جامعيٌّ في الجامعة اللّبنانيّة- كلّية الآداب، فرع زحلة- البقاع. أَديبٌ، له ثماني مؤلّفاتٍ، تراوحت بين النّقد الأدبي، وأدب الثّراث من اللَّون المحلي، عدا الدّراسات الأدبيّة والإجتماعيّة.فضلًا عن مداخلاتٍ ومحاضراتٍ ودراسات حول كتبٍ ومنشوراتٍ… إِضافةً لكونه محاضِرًا في ندواتٍ لاهوتيّةٍ وغيرِها في عِلم اللُّغة السّريانيّةِ وأُصولِها، مُغنِيًا بها مكتبتنا الوطنيّةَ والعربيّةَ. وليس آخرُ طموحاتِه، تأسيسه لمُنتدى “لقاء” الأَدبي الثَّقافي، الّذي له ما لهُ، من حضورٍ ونشاطاتٍ في الوسطِ الثّقافيّ على مِساحةِ الوطن، وفي فلك المنتديات الثقافيّة المنتشرة
الصِّحافي الدكتور فوزي الياس عساكر، مربٍّ وأَديبٌ له مؤلّفاتٌ ثمانٍ في الفلسفة والأدب والإجتماع. عدا كتابته وإخراجه وتمثيله لستِ مسرحياتٍ، ومشاركتِه في أَعمالٍ تمثيليّةٍ على شاشة تليلوميار. مؤسّس مجلة العالميّة ومديرها العام.وهي، مجلّةٌ ثقافيةٌ، شبابيّةٌ اجتماعيّةٌ، تصدر شهريًا منذ ما يُقاربُ الأربعةَ عشرَ عامًا، من جبيل إلى العالم، والتي أولاني فيها شرف أَمانة سر تحريرها.عضو نقابتَي الصِّحافة والمحرّرين. حائزٌ على دروعٍ تكريميّةٍ عدّةٍ من جهاتٍ ثقافيّةٍ واجتماعيّةٍ مختلفةٍ
مًباركٌ من القلبِ، لجميعِ مُكرّمينا في هذا الإحتفالِ اللّيلةَ، وكلُّهم أَعزّاءٌ غوالٍ؛ وقد باتوا من أُسرةِ “مشروع الأدب الرّاقي” وموقع “أَفكار إغترابيّة” إخوةً مقرّبين، مرحّبًا بما يودّون نشرَهُ، في الدّيارِ الأوستراليّة، مُحقّقين ما رمى إليه المؤسِّسُ من خلالِ كلِّ جهودِه الثّقافيّةِ، حفظًا للّغةِ العربيةِ، لدى أَهلها وناسها من اللُّبنانيين، في أُوستراليا كما في كندا والأميركيتين… حتّى أَنّه بِما أَنجزَ، باتَ مؤسِّسًا لنهضةِ أدبِنا بلغةِ الضّادِ في المهجر!! وكتلةُ الثّلج، لا زالت تستديرُ مُنحدرةً، من جبلِ لُبنانَ الأشمِّ لتَجُوبَ الكرةَ بأَسرِها
أَما وجريًا على ما يكون للمؤسّسات والمُنتديات الثقافيّة محلّيًّا وعالميّا، من تعيينِ ما اصطُلِحَ على منحهم صفة “سفيرٍ” لهذه أو تلك منها. يهم جدًا، المؤسِّس الدكتور جميل ميلاد الدّويهي، أن يوضحَ هذا الأمرِ للملأِ على النّحو التّالي: إنّه كان قد طرحَ على لجنةِ الجائزةِ فكرةَ أن يُعيّنَ في كلّ قارّةٍ سفيرًا. وقد أَبلغَ الأسماءَ اللّجنةَ. ولكن، في اجتماعِها الأَخيرِ، وبحضورِ المؤسِّس، رفضت اللّجنةُ فكرةَ تحديدِ سفيرٍ بالإسم، لأَنَّها ارتأتِ الرَّفضَ، منعًا للمُماحكاتِ والمُعارضاتِ والإحتجاجاتِ التي تُعيق تحقيقَ الهدفِ الأساس للمؤسّسة، والّذي من أَجله وجِدَتْ، تحتَ عنوانِ: لماذا فلانٌ وليس فلانًا… وقد تمّ الرّأي نهايةً، على تسمية الصّديقة الإعلامية والأديبة كلود ناصيف حرب، عميدةَ للمشروعِ والموقع في أُوستراليا، لأنّها أُولى المُكرّماتِ من قِبَل الدُّكتور جميل ميلاد الدّويهي، الحائزةِ على جائزته العام2016، في مهرجانِ المؤسَّسةِ الأوَّل، في أوستراليا. وعميدًا للمشروع والموقع في لبنان ومنه، الأَديب والصِّحافي سليمان يوسف إِبراهيم تمايزًا، لأنَّه أول المكرّمين في الوطن الأُم لبنان، في مهرجان العام 2017 في العام التّالي، من خارج أوستراليا وكندا والأميركيتين. فشكرًا للَّجنة وللدُّكتور الصّديق جميل ميلاد الدّويهي، على الثِّقة الّتي أَولياني إِيّاها بتسميتي لهذهِ المَهمَّةِ
وبتواضع السّنبلة الملأى، أَتقدّمُ منكُم بطلب قبولي بينكُم على ما سمّوني به، من غير مُكابرةٍ ولا مُشاوفةٍ. والكثيرون من بينكم، يعلم يقينًا، أَننّي لستُ غاوٍ لمناصبَ، ولا ساعٍ، أُميتُ النَّفسَ التِصاقًا بالكراسي أَو بأصحابها!! فكلُّنا، يا أَصدقائي الأَحبّةَ، سفراءٌ للكلمةِ الطّيبةِ البنَّاءَةِ التي صرفنا عمرنَا على أَدراجِها،ا في سبيل إيصالِها لمُجتمعٍ، نحبِّب عندَه، ونزرع في نفوس أبنائه، حُبَّ الإنسانِ، والرّغبةَ في إعلاءِ شأنِ كرامته من بين مخلوقات الخالقِ، بعِلمٍ، أدبٍ وفنونِ، ما دُمنا جميعَنا قد انضوينا تحتَ رايةِ الأدبِ المهجريّ الرّاقي، بمغتربيه ومُقيميه، عيلةً واحدةً، كما يعشقُ المؤسِّسُ ويتمنّى لنا أن نكونَ، مُستظلينَ المحبةَ فيما بيننا، نفيءُ إلى احترام بعضنا بعضًا في تعامُلِنا، مُساعدينَه على تحقيقِ الأهدافِ السُّميا لمشروعِه الفكريّ الرّاقي مثلَ رُقيِّه؛ ومن غيرِ مُشاحناتٍ هدّامةٍ، بل برُؤَىً وجهودٍ مُتضافرَةٍ، نعملُ من خلالِها، على حفظِ أَرباحَ اليوم في أَجاجينِ المُستقبل
ختامًا، شكرًا باسمي واسم المُكرمين، كما باسم مانح الجائزة د. جميل ميلاد الدّويهي، للصَّديق الإعلامي بادرو الحجّه، صديق المُثقَّفينَ وأهلِ الإبداعِ من أَبناءِ الجاليّةِ اللّبنانيّةِ في أُوستراليا، كما لأبناءِ الوطنِ المُقيمِ، على تجشُّمِه تعبَ استلام هذه الجائزة، التي نحتفلُ بتسليمه شاراتِها وسِماتِها دروعًا وميدالياتٍ لأصحابِها باسمِ مانحها؛ بعد أن تسلّمَها هو باسمِهم منه، في مهرجان ملبورن، المنقطع النظير، الّذي أُقيمَ للشّاعر والأديب جميل ميلاد الدّويهي، في نهاية أَيلول الماضي من هذا العام 2018
والشّكرُ من عميقِ القلبِ والوجدان باسمنا جميعًا، لهذا الدّيرِ الّذي استضافَنا الليلةَ، العابقِ قداسةً تتضوّعُ من أَقبيتِهِ الدَّهريةِ الّتي لطالما قد ضمَّت أَنفاسَ المثقفين، أَقلامًا رِيشًا وإبداعاتٍ، ممزوجةً إلى همومِهم وأَفراحِهم منذُ زمنٍ الكفاحِ والمجاهدةٍ، بشخص رئيسه الأب الصّديق جان – بول الحاج وجمهور الدَّير المحترمين، وكلِّ الّذين وافونا لمشاركتِنا فرحتِنا بأعضاءَ جُددٍ أعزّاءٍ، ينضوون تحتَ رايةِ الجائزةِ الثّقافيّة الفكريّة المُمَيَّزَة والمُميّزَة، الّتي نحنُ بصَددِ تحمُّل مسؤليةِ خدمتِها من اللّحظةِ فصاعِدًا، آملين أن يكونَ لنا منها جميعُنا؛ دور الكهرمانُ الأمينُ في هيكل الثّقافةِ، وعلى موائدِ الكلمةِ وأهلِها، حِفظًا للُغتِنا لغةِ الضّادِ، مُعزَّزةً بين أَلسُنِ الأممِ وعبرَ الأَجيال محلِّيًا، كما في المُغترب الأوستراليّ، بحسبِ ما تعشَّم بنا من خلال تكريمِنا، مَن ميّزَنا بجائزته
أمسية بمناسبة تقديم كتيب عن الجلسة الحوارية
حول باكورة الأديبة كلود ناصيف حرب
كلمات من أعماق الحبّ
لبى حشد من أبناء الجالية دعوة الإعلامية والأديبة كلود ناصيف حرب، لحضور أمسية أدبية راقية، برعاية مشروع "أفكار اغترابية" للأدب المهجري الراقي، بمناسبة تقديم كتيب يحتوي على وقائع الجلسة الحوارية حول باكورة حرب "كلمات من أعماق الحبّ"
وكانت الدعوات إلى أمسية "قصائد بلون الورد" خاصة ولـ 50 شخصاً، لكن الحضور تجاوز هذا العدد، لما لكلود من خدمات إعلامية وإنسانية، ولدورها الأدبي المميز الذي حاز على احترام أبناء الجالية وتقديرهم، وتجاوز حدود أستراليا
استضافت الحدث صالة جمعية كفرحلدا – لاكمبا، وقدمت الجمعية مشكورة الصالة بشخص السيد الياس طنوس. وتقدم الحضور الأب لويس الفرخ رئيس دير مار شربل، والأب طوني أبو شعيا، والدكتور مصطفى علم الدين رئيس منتدى بطرس عنداري، والمهندس جوزيف سكر رئيس نادي الشرق لحوار الحضارات – نيو ساوث ويلز، وأعضاء من المجلس الأسترالي اللبناني، وعضو بلدية بانكستاون جورج زخيا وأهل الفكر والأدب والإعلام وأصدقاء
بداية قدم الشاعر نجيب داود الأديب د. جميل الدويهي صاحب مشروع أفكار اغترابية للأدب المهجري الراقي، بكلمات شعرية ونثرية، أضاء فيها على أعمال الأديبة حرب ودور الأديب الدويهي في حركة الإبداع. وقال إنه كان ذات مرة في زيارة إلى إذاعة "صوت المحبة" في لبنان، وصادف وجود أستاذين جامعيين في مبنى الإذاعة، وعندما أخبرهما بأنه قادم من أستراليا، قالا له: إن في أستراليا أديباً كبيراً هو د. جميل الدويهي، وهنيئاً للجالية به
وبعد الشاعر داود قدم الأديب الدويهي وقائع الحفل مرحباً بالحضور، وتكلم المهندس جوزيف سكر رئيس نادي الشرق لحوار الحضارات، فوصف كلود بسيدة الحنين والأناقة، واستعار من مقدمة الدويهي لباكورتها قائلاً: "بحروف قليلة اشعلتِ نارًا على السطور وأحرقت كل المفاهيم الجامدة". وقال إن كلود هي امرأة الشوق، راقية وحساسة. "إنها لا تكتفي بالحب كتجرية ذاتية تحياها لنفسها، ولكنها تعيد انتاجها لتصبح صورة ذات مقاييس جمالية تعانق كينونة الإنسان، حيث تتخذ من الحب الوجه الصوفي"
وتحدث الدكتور مصطفى علم الدين رئيس منتدى بطرس عنداراي،فاعتبر أن أي كتاب يحتوي على 3 عناصر مهمة هي: مَن هو الأديب الذي كتبه، وماذا يتضمن؟ والجمهور الذي سيقرأ الكتاب. وإذا اكتملت هذه العناصر مجتمعة وصلنا إلى مستوى راق من الأدب والفكر والثقافة. والذي دعا إلى هذا الرقي ورائد الأدب الراقي والثقافة الراقية والفن الراقي أيضاً هو د. جميل الدويهي
وقال: “إن هذه الثقافة تتعمم وأصبحنا في أستراليا مصدراً للأدب”
وأشار إلى حديث الشاعر نجيب داود عن الأستاذين الجامعين في لبنان اللذين أبديا تقديرهما للأديب الدويهي في سيدني، وقال إن ذلك حدث لأن النتاج الأدبي في سيدني مميز وله طعم يختلف عن النتاج الذي يأتي إلينا. لقد أصبحنا ننتج ونصدر إلى الخارج
وأضاف: “هذه التناجات التي تزداد يوماً بعد يوم هي مصدر اعتزاز... وهؤلاء العمال الذين يشتغلون ويتعبون لإنتاج كتب كبيرة وجميلة، يستحقون الشكر من كل قلبي، ولهم كل محبة، وأشد على أيديكم لنكون وحدة متعاونة ومتماسكة وقوة فكرية وأدبية تصدر للوطن أكثر مما يصدر الوطن إلينا”
بعد ذلك، قرأ الأديب الدويهي قطعة من أعمال الأديبة كلود من اختياره قبل أن يقدمها، فقرأت نصوصاً من خوابيها الطيبة قوطعت بالتصفيق مراراً، وتألقت كلود صورة وإطلالة وصوتاً وجمالية أدبية، حيث أدهشت صورها وتعابيرها الحاضرين
وكانت بعد كلود إطلالات أدبية للسيدات الراقيات: فرح عصافيري، كريستين عيتاني، مريم رعيدي الدويهي، جمانة منزلجي، كلاديس القزي، سعدى جرمانوس فرح وإحسان حدارة، اللواتي ألقين من نصوص كلود، فأجدنَ وأطربن
وكانت فقرة ثانية مع نصوص كلود التي لم تقل روعة وجمالاً عن الفقرة الأولى، وتوقف الحضور عند الرموز والأبعاد والصور المدهشة في أعمالها، وموجة الحنين التي تغمر الحياة بدفء ونعومة، كيف لا وهي سيدة الحنين؟ كما أطلق عليها الأديب د. جميل الدويهي
وكان في الحفل أيضاً كلمة مرتجلة للأب طوني أبو شعيا، وتقديم أيقونات إلى كل من الشاعر نجيب داود، السيد الياس طنوس من جمعية كفرحلدا الخيرية، والسيدين ميلاد وسميرة برباري
وختاماً كانت وصلة غنائية مع الفنانة إحسان حدارة على أنغام فرقة المركز العربي للموسيقى: عماد نصير وعماد رحيم (كمان)، فادي الهنداوي (أورغ)، محمد ليلو (قانون)، وطوني لطوف (ضابط إيقاع)
ثم كانت ضيافة كريمة وتوقيع كتيب "وقائع الجلسة الحوارية حول باكورة الأديبة كلود ناصيف حرب "كلمات من أعماق الحب"، وكان وعد من كلود بإطلاق كتاب ثان في شباط المقبل بعنوان "عيناك مرفأ لحنيني"، وثالث بعنوان "نغمات على قيثارة الحنين" سيصدر في وقت لاحق
تكريم الأديب د. جميل الدويهي
من جانب لجنة برعاية النائب جهاد ديب
6 نيسان 2019
أقامت لجنة تكريم الأديب المهجري اللبناني د. جميل الدويهي حفلاً راقياً في صالة جمعية كفرحلدا الخيرية - الوايت كاسل في سيدني لتكريم الأديب الدويهي، مؤسس مشروع "أفكار اغترابية" للأدب الراقي، بحضور حشد من الفعاليات وممثلي الأحزاب والتيارات والمثقفين والإعلاميين، يتقدمهم الراعي الفخري للجنة النائب عن منطقة لاكمبا - ولاية نيو ساوث ويلز الدكتور جهاد ديب
جاء حفل التكريم احتفاء بصدور كتاب الأديبة كلود ناصيف حرب: الأديب جميل الدويهي عبقري من بلادي
قدمت الحفل الأديبة الإعلامية كلود ناصيف حرب التي بدأت بقصيدة للدويهي، ثمّ رحبت بالحاضرين وأشادت بمسيرة الدويهي الذي نشر في أقل من خمس سنوات حوالي ثلاثين كتاباً متعددة الأنواع، ووصفته براعي النهضة الاغترابية الثانية، وعميد الأدب الراقي، وسفير التناغم بين الحضارات. وشكرت حرب أعضاء لجنة التكريم وعددهم 24 شخصاً من أستراليا وخارجها، وهنأت الراعي الفخري للجنة النائب جهاد ديب بإعادة انتخابه نائباً في انتخابات الولاية التي جرت الشهر الماضي
وتخلل الحفل قصائد من الشعراء المهجريين حنا الشالوحي، جان كرم، طوني رزق، أحمد الحسيني، وشهادات المبدعين كلود ناصيف حرب، حسين مصطفى، نبيل عودة - فلسطين، نمر سعدي- فلسطين (قرأت شهادتيهما الإعلامية فرح عصافيري)، أوجيني عبود حايك - أميركا، والشاعر قيصر مخايل - لبنان (قرأت شهادتيهما المبدعة مريم رعيدي الدويهي)، الإعلامي إدمون طوق، الشاعر العراقي حيدر العامري، الشاعرة مريم شاهين رزق الله - ملبورن، والمبدعة كلادس القزي
وتحدث في المناسبة النائب د. جهاد ديب، فأثنى على مسيرة الدويهي الأدبية الغنية، وعلى التعددية الثقافية في أستراليا، ودور المبدعين اللبنانيين في الثقافة الأسترالية
وخلال الحفل قدم نائب رئيس غرفة التجارة في مدينة روكدايل محمد مبيض شهادة تقدير للدويهي، وقدم الإعلامي عامر الشعار شهادة انضمام فخرية إلى مجلس أمناء موقع "الشمال نيوز" للأديب المكرم، وقدم سايمون حرب أيقونة مار شربل له
وأهدى الدويهي التكريم إلى عقيلته مريم، قبل أن يختم بباقة من قصائده من أنواع شعرية مختلفة، ثم قطع قالب الكايك على أنغام الفرقة الموسيقية وصوت الفنان مالك الرفاعي. وبعد ذلك وقعت الأديبة حرب كتابها "الأديب جميل الدويهي عبقري من بلادي" هدية مجانية للحضور، كما وقع الأديب الدويهي نخبة من أعماله الأدبية التي صدرت في عام 2018-2019 هدايا مجانية أيضاً
(الصور من سام عيتاني، سايمون حرب وطوني معماري، ومالك الرفاعي)
أمسية "لقاء أفكار - مسارٌ توأم" في بيروت
و19 آب عيد سنويّ للتوأمة بين منتدى "لقاء" و"أفكار اغترابيّة
في يوم 19 آب 2022، دعا منتدى لقاء في لبنان، إلى أمسية أدبية، بعنوان "لقاء أفكار - مسار توأم"، للاحتفال بمكرّمين بجائزة أفكار اغترابية للأدب الراقي، وإصدار مجموعة كتب لأعضاء في منتدى لقاء، من خلال مشروع أفكار اغترابية في أستراليا
قدمت الأمسية الأستاذة رباب شمس الدين، بلباقة واحتراف، بدءاً بالنشيد الوطني اللبناني، ثمّ كلمة "لقاء" ألقاها الشاعر وليد نجم الذي قال
"في كلّ صيف لنا موعد ولقاء، مع "أفكار إغترابيّة" و"لقاء"
في كلّ صيف عندنا للكلمة عرس، ويكون للأدب شموخ وارتقا
وكما السّنابل الملأى أوان حصادها في شهر آب، كذلك "أفكار إغترابيّة" و"لقاء"، أوان الحصاد عندهما في شهر آب من كلّ سنة
من هنا من أرض هذا الوطن المعذّب، والمتخبّط بأزماته الّتي تتفاقم يوماً بعد يوم نرفض أن ننصاع وأن نذلّ، ونبقى على موعد مع الثّقافة الواعية والأدب الرّاقي. وخير دليل أمسيتنا الليلة وإصرار "لقاء" و "أفكار إغترابيّة" على الإستمرار ومتابعة النّشاطات الثّقافية
ومن هناك من تلك البلاد البعيدة البعيدة، من أستراليا، تضيء أفكار صديقنا الشّاعر والأديب الدّكتور جميل الدّويهي سماءها بالإبداع والرّقيّ، لتصبحَ أفكارٌ إغترابيّةٌ منارةً مشعّة للأدب المهجريّ المعاصر، ولتكونَ بمثابة الرّابطة القلميّة، والعصبة الأندلسيّة صلة الوصل بين الشّرق والغرب وحاضنةً لهذا الكمّ الهائل من الأدب الحقّ
مباركةٌ جائزة أفكار إغترابيّة لمستحقّيها
مباركة هذه القيمة المعنويّة وساماً أدبيّاً وثقافيّاً، مميّزاً ومتميّزاً على صدر كلّ مَنْ سيستلمها
مشكورة "أفكار إغترابيّة" على كلّ ما تقوم به من نشاطات في سبيل إعلاء شأن الكلمة ورفع مستوى الأدب والشّعر ،ونشر الثّقافة الهادفة في ربوع الوطن ودنيا الإغتراب
مشكور الدّكتور جميل الدّويهي على مبادرته الطّيبة
مشكور "لقاء" على هذه الأمسية، وعلى كلّ أمسياته السّابقة واللاحقة، ونعدكم بالمزيد
وتهمّني في هذه العجالة معرفةُ أنّ جائزة "أفكار إغترابيّة" الّتي تُمنح من قبل الدّكتور جميل الدّويهي و"أفكار إغترابيّة" يختار بعض مستحقّيها "لقاء" بشخص رئيسه الدّكتور عماد فغالي وبالتّعاون مع اللجنة الإداريّة للقاء
أبارك ثانية لكلّ من سيستلم الجائزة، وأتمنّى لكم أمسية كما تحبون وترغبون أن تكون"
ثمّ تحدّث رئيس ومؤسس منتدى "لقاء" الدكتور عماد يونس فغالي، فاستهلّ بالإشارة إلى مصادفة أن يكون هذا الحفل في اليوم نفسه الذي جرى فيه تكريم لقاء لوفد "أفكار اغترابية" إلى لبنان، في المكتبة الوطنية - بيروت في 19 آب 2019، واقتراح الأستاذ سليمان يوسف ابراهيم أن يكون هذا اليوم عيداً سنويّاً. وألقى الدكتور فغالي كلمة الأديب سليمان يوسف ابراهيم الذي لم يتمكن من الحضور لظروف قاهرة، وفي ما يأتي نص الكلمة
"إن حفظتَ فكرَ إنسان بين دفّتَي كتاب، تكنْ أحييتَه لدهر بحبٍّ صادقٍ يدوم. فهل أرقى عاطفةً من هذا؟
بين 19 آب 2019، تاريخ وصول وفد أفكار اغترابيّة إلى لبنان، والليلةَ، تاريخ احتفالنا، ثلاثُ سنواتٍ مكتملة، يمكنني إعلان إتمام عقد ارتباط "لقاء" و"أفكار اغترابيّة". ونحن نحتفي فرحًا بصدور مجموعة كتبٍ لثلاثة أقلام من "لقاء". كتابان كلٍّ من سليمان يوسف ابراهيم ود. جوزاف ياغي الجميّل، وكتابٌ للدكتور عماد يونس فغالي
كلّ هذا الحصاد مواسمُ فكرٍ ووشائح إبداع، ما كان ليحيا إلاّ بإرادةٍ مُحبّة وسهرٍ دؤوب من الدكتور الدويهيّ، ما جعلنا نشهد على فضل هذا الرجل، بانتقال أدبنا من المحليّة إلى العالميّة، بعد أن انتشرت كلمتُنا في أستراليا والعالم، حيث بات لنا قرّاء. ولم يكتفِ، فصدر من مكتبة أفكار اغترابيّة العامرة أدبًا، إبداعًا بإنسانيّة لافتة، تصلح عنوانًا بارزًا لمنشورات المشروع التي قاربت المئة وثلاثة نتاجات، نثرًا وشعرًا وقصّةً ودراسةً، كتابي الثالث حول كتاب د. جميل الدويهي "في معبد الروح" بعنوان "أرجوحة النور"، فضلاً عن مشاركات أهل "لقاء" على صفحات مجلّة "أفكار اغترابيّة" الإلكترونيّة، التي نتمنّى إعادة صدورها
أغتنمها فرصةً سانحة في هذه العجالة، لأتمنّى باسم "لقاء" بالشكر على سهركم د. جميل الدويهي و"أفكار اغترابيّة"، خاصّا منها الصديقتين مريم رعيدي الدويهي وكلود ناصيف حرب، لعملكم على صدور فكرنا مطبوعًا في مغتربكم، تعميمًا الثقافة المستحقّة الاهتمام، ليعمّ تلاقح الفكر الإنسانيّ ببذور حضارةٍ، من واجب كلّ مثقّف أن يجهد لتثمير نشاطه وإغناء محفظته الإبداعّة في خزائن البقاء كتبًا، فائدةً للإنسانيّة
ولكم منّي جميعًا أسمى آيات الشكر، والسلام
أما كلمة مؤسس مشروع أفكار اغترابية الاديب د. جميل الدويهي، فقال فيها
"كلُّ الأزمنةِ تنتهي، ما عدا زمانَ اللقاء، ولكلّ شيء حدودٌ مرسومة، إلا حدودُ المحبّةِ التي جمعتنا ولا نتفرّق، ففي اجتماعِنا حكمةٌ إلهيّة، وأنوارٌ من الكواكب. ولو كنّا بعيدينَ عنكم، فعَرَبةُ الشوقِ تحملُنا إليكم، ومراكبُ الشغفِ تُلقي بنا على شاطئِ بيروتَ الحزينة. وأنتم تعيشون في قلوبنا وأفكارِنا الاغترابية. ويشهدُ الله أنّنا نكتبُ لكم، ولعذابِ شعبِكم، ودموعِ أطفالِكم، ومعاناةِ الآباءِ والأمّهات
نتجوّل في طرقات سيدني البعيدة، تحت رذاذِ المطر وغيوم ٍرماديّة، فنراكم في كلّ وجه يبتسم، وقلبٍ يخفِق. وهذا الجسرُ العنيدُ الذي يرتفعُ شاهقاً، ورماديّاً، أصغرُ بكثير من جسرِ العبور الذي يأخذُنا إليكم، وأفئدتِنا التي تطيرُ كنغمةِ فيروزَ إلى معبدِ اللقاء، وحدائقِ عشتروت
هذا المتشرّدُ الذي يهيمُ في الأصقاعِ سائلاً عن مكانٍ يؤويه، بعد أن تقطّعتْ به السبُلُ، وضاعت العناوين، هو كاهنُ الحبرِ في مدينةٍ من رياحٍ وضباب، وكلُّ حرفٍ كتَبَه ويكتبُه إنّما هو من جداولِ الحنين إلى وطنِ الحنين. وعندما يُرسلُ إليكم باقةَ وردٍ، أو زقزقةَ عصفورٍ، تعرفونَ أنَّ البريدَ هو روحُه الساهرة... وكلُّ الجوائزِ هي رموزٌ لعبقريّةِ الحُبّ الإنسانيّ الذي هو عنده أغلى من ذهبِ القصورِ وصناديقِ الخيال
شكراً لأنّكم تكرّمونَ رسالتَنا معاً، وتحتفلونَ معنا بأنّ المغتربَ والمُقيمَ واحدٌ لا يتجزّأ... هكذا أرادنا اللهُ أن نكونَ، وبه نكون... ولقاؤُنا معكم إلى ما بعدَ بعدِ العصُور، لأنّكم أهلُ الفكرِ والضوءِ والفضيلة. وافتخاري بكم عظيمٌ، أوسعُ من الأرضِ والبحر، وأصدقُ من زُرقة السماء"
وألقى الدكتور جوزيف ياغي الجميل، كلمة بعنوان "حكايتي مع الجميل" قال فيها
"عرفته.. ذات عمر. قرأته ذات حكاية. وفاض الكلام المباح
وفي حديث الروح كانت البداية
اتصل بي صديقي الأديب سليمان يوسف ابراهيم، ذات مساء كلّله القمر، وطاب فيه السمر، وقال: لديّ قصّة جديرة بالقراءة، للأديب المهجري جميل ميلاد الدويهي، فما رأيك أن يبحر فيها قلمك؟
الإبحار في قراءة قصة أمرٌ مغرِ، فكيف إذا كانت القصّة للأديب الدويهي، وكنت قد تعرّفت إلى كتاباته، من قبل؟ وكيف إذا كان المُغري بالقراءة صديق العمر؟
أمر آخر حثّني على القراءة، هو عنوان القصة والكتاب: العودة إلى الله، من كتاب: هكذا حدّثتْني الروح. ولحديث الأرواح عندي شؤون وشجون. وكانت كتابة المقالة في الرابع عشر من أيار ٢۰٢۰
وأبحر السندباد، مدمنًا السفر، في كتابات الدويهي. قراءاتٌ تتالت، في كتابات مكلّلة ببهاء الفلسفة، معتّقةٍ برداء المحبة، مضمّخةٍ بعبير الإبداع
وبدأت صداقة عميقة الأغوار بيني وبين الجميل الدويهي، بل بيني وبين الأدب المهجري، في نهضته الثانية، حيث تعرّفتُ إلى كتابات الأديبتين مريم رعيدي الدويهي، وكلود ناصيف حرب. وكانت لي في كتاباتهما، أيضاً، مقالات وإبحار
وتُوِّج اللقاء بمفاجأة غير متوقعة. عرض علي عميد الأدب المهجري أن يجمع مقالاتي، في أدبه، في كتاب. فوافقت ممتنًّا. وتمَّ طبعُ مقالاتي في كتابين اثنين، بعنوان: من الجميّل إلى الجميل
وحين وصلتني نُسَخُ الكتابين، ودرعُ التكريم الأكاديميّ، وجائزة أفكار اغترابيّة، تذكَّرْتُ قصّة الأعرابي الذي كان يزرع نخلة فقال له الخليفة: كيف تزرع النخلة وأنت شيخ كبير? فأجابه الأعرابي: زرعوا فأكلنا. نزرع فيأكلون. فسُرّ الخليفة، وكافأه بصرّة من الدنانير. فقال له الأعرابي: لقد أعطت النخلة غلّتها في السنة الأولى. فأعجب الخليفة بجوابه، وكافأه مرة ثانية. فقال الرجل: بل أعطت غلتها مرتين في السنة. فمنحه الخليفة مكافأة ثالثة، وانصرف، قبل أن يجهز الأعرابي على ثروته كلها
أنا كنت الأعرابي، وكان الدويهي خليفة الأدب الراقي المبدع الذي كافأني على كتاباتي ثلاث مرات: في طبع الكتابين، وفي منحي جائزة أفكار اغترابية، لعام ٢۰٢١، ودرع الإبداع الأكاديمي، عام ٢۰٢٢
اتّصل بي الصديق سليمان يوسف ابراهيم، مجدّداً، يعلمني أن صديقنا المشترك الدكتور جميل الدويهي يود أن يمنحني جائزته، وعليّ أن أبلغه موافقتي على نيل الجائزة. فأرسلْتُ إلى الدويهي رسالة أعربت فيها عن شكري وامتناني وقبولي الجائزة. وهكذا كان. وكنت ضمن سلسلة من الذين نالوا جائزة أفكار اغترابيّة، ومن أبرزهم في لبنان، على سبيل المثال لا الحصر، الِأدباء الأصدقاء الأستاذ سليمان يوسف ابراهيم، والدكتور عماد يونس فغالي، والدكتورة يسرى البيطار، والدكتور رياض عثمان، والدكتورة سحر نبيه حيدر، والشاعرين سهيل مطر، ، ورانية مرعي... كوكبة من المبدعين أفتخر أن أكون أحدهم، وقد زادتنا الجائزة مسؤولية في الجهاد الأدبي، وفي النضال في سبيل نهضة لغة الضاد. وقد قلت له آنذاك: "جائزتك والتكريم رسالتان تهيبان بنا أن نحمل دائما قناديلنا الديوجينيّة بحثًا عن إبداع خالد، حدودُه الإنسان، في مدينة القيم والحياة
أما درع الإبداع الأكاديمي فقد خصّها الدكتور الدويهي للباحثين الجامعيين، الذين لهم دور مميّز في "إغناء الحضارة الإنسانيّة". طلبه الوحيد منهم أن يكونوا " المحبّة التي تسير على الأرض". وقد كرّمني بأن أكون أول من ينال هذه الدرع. وقد حصل عليها بعدي الدكتور عماد يونس فغالي. فباسمي وباسم سيد لقاء، الدكتور الفغالي، أوجّه كلمة شكر وعرفان، لمن هو أَوْلى بدرع الإبداع، صاحبِ الإلهام والعطاءات التي لا تحدّ، قصدْت به الدويهي نفسَه
يقول الدكتور الدويهي في درع الإبداع الأكاديميّ: "الدرع ليست قيمة مادّيّة، بل معنويّةٌ، وعربونُ محبّة وتقدير". وهي تمنح للبارزين في العمل الأكاديميّ الجامعي. ونحن نقول له، بكلّ ثقة وامتنان: صداقتك هي درعنا التي لا تقدّر بثروات الأرض، ومحبّتك هي تكريمُنا وخوذةُ رجاء الخلاص، نستلهم منهما الجرأة لمزيد من العمل والنشاط والكتابة، لعلّنا نردّ لك، بعض عطاءاتك والجميل
أمّا المفارقة الغريبة فهي أنّ درع الإبداع العلمي والأكاديمي يُمنح لنا، من بلاد الاغتراب، نحن أساتذة الجامعة اللبنانيّة، تقديراً لعطاءاتنا. والجامعة وأساتذتها وأهلها، في بلاد قدموس، تُستباح حقوقهم، ويستجْدون الراتب من الدولة والمصارف. إنها، فعلاً، مأساتنا في الوطن، وهي الغربة الحقيقيّة
وقد أضاف الدويهي إلى إصدار الكتب التي بلغ عددها العشرات، نشرَ جريدة الكترونية شهرية، شارك في كتابة مقالاتها نخبة من الأدباء والمفكرين، في لبنان وأستراليا والعالم.
ولكنّ الحدث الأبرز كان المشاركةَ في مؤتمر النهضة الاغترابية الثانية الذي أطلقه الدويهي في مطلع العام ٢۰٢٢، عبْر كلمات تجاوزت الثلاثين. وكانت كلمتي بعنوان دور مجلة أفكار اغترابية في النهضة الاغترابية الثانية
دكتور جميل ميلاد الدويهي، أيها العبقريّ اللبق، كما وصفَتْكَ سيّدة الحنين، الشاعرة كلود ناصيف حرب، كلامُ الشكر وحده لا يكفي. مباركة عطاءاتك، إبداعاتك، صداقتك الغالية. باسمي، وباسم لقاء، وباسم عارفيك وقارئي أدبك، ومَن نالوا جائزتك، ودرع محبتك، وباسم الحوارات الثقافية التي بيننا، اسمح لنا أن نردّ لك بعض التكريم الذي منحتناه، عسى أن يجمع الله شملنا، في وطننا الغالي، وقد خرج من بين رماد الحقد والموت، فتنتهيَ غربتانا، وتعودَ الأرزة الدويهيّة، إلى حضن الوطن
ثم تكلمت الدكتورة يسرى بيطار فقالت
"على حدود الجراح، وما تبَقّى من الأرض، والكرامة، يصعد المصطفى على تلةٍ ينظر صوب البحر، لينتظرَ السفينة
عندما يصبح الوطن محطةً للسياحة، لإنفاقِ العملات الصعبة في المقهى والملهى، عندما تفسُد السياسةُ والأخلاق، ويصبح الاستعراضُ على الشطآنِ وَهْمَ حضارة، عندما تَغلبُ الكذبةُ الحقيقة متسلّحةً بسِعرِ الصّرف، عندما تُقفَلُ الجامعةُ اللبنانية لتُفتَحَ الأسواق، وتقَوَّضُ الإدارةُ العامّةُ لتُرَفَّعَ الشركات، حين ينزل حَمَلةُ الأقلامِ تحت خط الفقر، فاعلموا أن الجريمة تُرتَكَبُ بحقّ التاريخ، بحقّ آلافِ الأعوامِ من الحضارة، وكلِّ ما بناه الكبارُ، وما نبنيهِ وبنَيناه، بحقّ كلِّ كلمةٍ وفكرةٍ وحلمٍ يراود النفوسَ الكبيرة، بحقّ الراياتِ المرفوعةِ بالعِلمِ والثقافة، وما أعلاه لبنانُ في حضاراتِ الغربِ والشرق. ألا لعنة الله والتاريخ، على مثلَّجاتِهم وعصيرِهم، وملاييهِم ومقاهيهِم، ومصارِفهِم ومباغيهم، وفسادِهم وصفقاتِهم، وسرقاتِهم ومؤامراتِهم. ألا لعنة الله على الظالمين
وها أنتم، أيها الصامدون الراسخون، المؤمنون بالحق والوطن، ها أنتم تمدّون فوق المحيطات جسرًا، مِن زهرٍ وكلمةٍ ولقاء. هي الأفكارُ، لا يوقفها حدٌّ ولا مسافة، هي الأفكارُ كالعشقِ والشغف، تعبث بالمكانِ والزمان، لينتصرَ الحبُّ في العالم، لتنتصرَ الحقيقة
وهذا " لقاء "، أيّتها الأفكار الاغترابية، ركنُ انزراعِكِ في أرضِ لبنان، ليتكاثفَ الغيمُ وتنموَ الأشجار، ويتصاعدَ العطرُ الدويهيُّ كما يتصاعدُ البخورُ نحوَ إهدن وقرعُ الأجراس. وها هي الأفكارُ الاغترابية، تحملُ اللقاءَ إلى الآفاق، ليبقى لبنانُ الفكرِ والرسالة فاتحًا ذراعيهِ على اتساع المعمورة ؛ أبناؤُه في البعيد القريب حامِلو رسالةِ الحريةِ والحضارةِ إلى العالم
مِن هنا مِن بيروت تحية إليكم في سيدني يا شركاءَ الفكرِ والقيَم
عشتم جميعًا وعاشَ لبنان
وتخلل الحفل عزف على العود. وغناء من الفنانة هناء شرانق
وفي الختام شكرت مقدمة الحفل الحضور مرة أخرى، ودعت المكرّمَين بجائزة "الأديب د. جميل الدويهي "أفكار اغترابية" الدكتور جوزيف ياغي الجميل، والدكتورة يسرى بيطار لاستلام الجائزة
أجراس الرحيل والياسمين يضمّ قصيدة الدويهي
8 تموز 2015
صدر عن جامعة سيدة اللويزة كتاب عن الشاعر الراحل الكبير سعيد عقل، بعنوان "أجراس الرحيل والياسمين"، والعنوان مستوحى من ديوان لسعيد عقل بعنوان "أجراس الياسمين". وتَكرّم الأدب المهجري الأسترالي الراقي من خلال قصيدة الشاعر والأديب اللبناني الدكتور جميل الدويهي التي نشرها في أستراليا، بعد رحيل الشاعر عقل، ومطلعها
تـــــداعت عروش الفكر وانهار معبدُ وطــــــار جناحٌ في العناوينِ أسودُ
وضجّت خيـولُ الموتِ في كلّ ساحةٍ كأنّي بها مــــــــــــن بعضـها تتولّد
وحين يـــلوذ المبدعونَ بصمتِهم فنحنُ جميعاً في الـــمــــدى نتشرّد
ونبكي علينا، إذ فقدنــــــا وجودنــــــا ولم يبقَ إلاّ صـــــــــرخةٌ تتردّد
القصيدة التي لم يكن لها صدى كبير في الأوساط النقدية المهجريّة، أخذت حقّها من التكريم في لبنان، إذ اختيرت من أدب المهجر لتنشر في الكتاب، وهذ فخر للأدب المهجري الراقي الذي يسعى الدويهي إليه، ويريد أن يبرزه في لبنان والعالم
عمل روائيّ جديد لجميل الدويهي
الإبحار إلى حافّة الزمن
29 آب 2018
من ضمن مشروعه النوعي "أفكار اغترابية" للأدب المهجري الراقي، وبعد "أهل الظلام"، و"من أجل الوردة"، و"الحافلة والولد ممكن" (قصص قصيرة)، و"الذئب والبحيرة"، و"طائر الهامة" (روايتان)، يقدم الأديب المهجري د. جميل الدويهي عملاً روائياً جديداً في 30 أيلول 2018، بعنوان "الإبحار إلى حافة الزمن"، وهو كناية عن قصة من 140 صفحة من القطع الوسط تدور أحداثها بين سيدني وغابات جزيرة تاسمانيا الأسترالية
هي قصّة ذاتية عن التشرّد والمغامرة في البحر إلى غابات مجهولة، وصراع بين امرأتين واحدة في المدينة "سامنتا" وثانية في الغابة "ماريان". وتنتصر في نهاية القصة نزعة الأديب الروحية على المادة، ويعود إلى معبده إلى جانب ماريان الحلم والواقع
مقطع من القصة
"... مات والدي في حادث شاحنة، فبكيت عليه بكاء مرّاً، وشتمتُ الموت، لأنَّه أخذ أبي منّي، ولم يأبه بمشاعري ودموعي. قضى والدي تحت أطنان القمامة... ولو مات في معركة، لكان حزني عليه أقلَّ بكثير ممَّا كان. عاش والدي بسيطاً جدَّاً، وكان قليل الكلام. وربَّما يكون مات أيضاً بصمت
أتذكَّره عندما كان يعود من عمله في المساء، ويسألني عن دروسي... بكلام قليل كان يخاطبني، فأجيبه بأنَّني لا أنفع للمدارس... كان المسمار في رجلي هو السبب. المسمار الذي دقَّه الإسكافيُّ في حذائي كثيراً من المرَّات، فتوغَّل في جلدي. دخل عميقاً أكثر ممَّا يتصوَّر أحد. كنت أمشي في الملعب، وأركض، وأصارع، وأكتب على اللوح، وأقفز من فوق الجدران، وأتشاجر مع الفتيان، ويقاصصني المعلِّم واقفاً أو راكعاً، والمسمار في رجلي، حتَّى ينزف الدم في جوربي
كنت أضحك من ألمي، ولا أخبر والدي بقصَّتي مع المسمار، لكي لا أكلِّفه بشراء حذاء جديد
وهكذا يمضي الأديب د. الدويهي في تميز وتفرد غير مسبوقين في أستراليا، في الشعر والنثر والقصة والفكر والتأريخ والدراسة الأكاديمية، وباللغتين، من أجل أدب مهجري راق ونهضة اغترابية ثانية، رغم كل المعوقات والعواصف، معتمداً على نفسه فقط، وعلى فكره وعلمه وعصاميته، من غير دعم من أي مؤسسة ثقافية... وقد بلغ ما نشره منذ عام 2015 أكثر من 22 كتاباً مختلفة الأشكال. تضاف إلى 20 كتاباً نشرها قبل هذه الفترة... والحبل على الجرار
إعلان التوأمة بين نادي الشرق لحوار الحضارات - لبنان
ومشروع الأديب د. جميل الدويهي "أفكار اغترابية" في أستراليا
6 تموز 2018
بعد نضال مرير مع الكلمة والأدب المهجري الراقي، وتضحيات جسام تشهد عليها ليالي السهر والتعب، ها هو مشروع أفكار اغترابية يتجاوز المسافات ويصل إلى الأميركيتين وأوروبا والعالم العربي، ويستقطب اهتمام الأدباء الكبار في أنحاء مختلفة من العالم. وقد صدر عن المشروع أكثر من 20 كتاباً في 3 سنوات فقط، وهو إنجاز لم يسبق إليه أي مشروع آخر، خصوصاً أن 18 كتاباً هي لأديب واحد، وتتوزع بين القصة والشعر والأعمال الفكرية والتأريخ وباللغتين العربية والانكليزية
وكم كانت فرحة الحاضرين الأعزاء كبيرة عندما أعلن الأستاذ جوزيف سكر رئيس نادي الشرق لحوار الحضارات - سيدني، في الجلسة الحوارية حول كتابي "رجل يرتدي عشب الأرض"، أن اللجنة الإدارية لنادي الشرق لحوار الحضارات في لبنان وافقت على التوأمة بين النادي الموقر ومشروع أفكار اغترابية، وبناء عليه، وصلتني رسالة من الأستاذ إيلي السرغاني تعلن هذه التوأمة رسمياً، تمهيداً لوفد أفكار اغترابية الذي سيزور لبنان في آب 2019، حيث سيقام له استقبال حافل، وأمسية أدبية كبرى، وتوزع جائزة د. جميل الدويهي "أفكار اغترابية" للعام 2019 لمستحقيها في لبنان. وفي ما يأتي نص رسالة الأستاذ إيلي السرغاني
صديقي العزيز د. جميل الدويهي المحترم
يسرني ويشرفني ان ابلغكم بأنه تمت الموافقة على قيام التوأمة بين نادي الشرق لحوار الحضارات ومشروع افكار اغترابية. اننا نعتز ونفتخر بكم فهدفكم هو هدفنا حوار الحضارات لغتنا. وتتجسد هذه اللغة لديكم من خلال الاعمال الادبية والفكرية. اننا نأمل من حضرتكم ارسال ملخص حول الندوة الشعرية التي ستقام وعدد المشاركين واسمائهم وتحديد يوم الندوة في آب 2019 لكي نتمكن من القيام بالترتيبات المتوجبة علينا
الى ان نلتقي
نادي الشرق لحوار الحضارات
___
رسالة شكر من أفكار اغترابية
الف شكر صديقي الكبير الأستاذ إيلي السرغاني والاصدقاء المحترمين في نادي الشرق لحوار الحضارات الموقر. ان الاعلان عن التوأمة بين أخ كبير هو أنتم وأخ صغير هو نحن لَفخر لمشروع افكار اغترابية للادب المهجري الراقي . نحن نعتز بكم وبالقيم الحضارية التي تؤمنون بها وتعملون من اجلها، ونشارككم بها من خلال اعمالنا الادبية والفكرية المتنوعة التي تنادي بالمحبة والسلام وحوار الحضارات. سوف ننسق معكم في موضوع الزيارة لوفد ثقافي من افكار اغترابية الى لبنان الحبيب. ونتمنى ان تكون هده الزيارة تحت مظلة الاخ الكبير، تعبيرا عن التواصل الثقافي والحضاري بين لبنان المقيم ولبنان المغترب. لكم محبة الجميع هنا وتقديرهم وأطيب التمنيات
برعاية أفكار اغترابية الشاعر طوني رزق أطلق في سيدني باكورته
نبيد ختيار
لبى حشد من أبناء الجالية دعوة الشاعر المتميز طوني رزق، لحضور حفل إطلاق باكورته الشعرية باللغة المحكية "نبيد ختيار"، في صالة جمعية كفرحلدا الخيرية - لاكمبا، مساء 10- 7 - 2019
المجموعة صدرت برعاية واهتمام من مشروع الأديب د. جميل الدويهي، وتضمنت نخبة من القصائد الوجدانية والوطنية والغزلية التي جادت بها قريحة الشاعر، زينها غلاف رائع يغلب عليه اللون الأخضر، لون الكروم في قنات، ضيعة الشاعر، المعلقة على أبراج السماء
الجمهور الحاضر كان من نخبة الشعراء والمثقفين والإعلاميين ورؤساء وأعضاء أحزاب وجمعيات ومؤسسات مهتمة، وقدمت فعاليات المناسبة "سيدة الحنين" الأديبة والإعلامية كلود ناصيف حرب بلباقة وطريقة شعرية تليق بالحدث، وتضفي عليه رونقا جمالياً خاصا. وكلود هي ابنة "أفكار اغترابية"، وتستلهم من طريقته وأسلوبه الحضاري وقيمه النبيلة. وقد اختارت نصاً من نصوص الشاعر رزق وأضاءت عليه، ما يدل على ذوق أدبي رفيع في اختيار الكلمة الشعرية
افتتحت كلود الحفل قائلة
"مساء الخير، مسا الشعر، ومسا نبيد ختيار، من كروم مشتاقه لأهلها اللي تركوها وسافرو عا مراكب الأحلام. مسا الشاعر طوني رزق اللي هوي صاحب الكَـرْم، وهوي اللي قطف عناقيد الإبداع، وعصَرها بخوابي الوحي
من قْنات سلام. من كل ضيعه ومدينه سلام لشاعرنا المميز، اللي نحَت الكلمه بأزميل من نور، وكل سطر من كتابو همسة حنين وصرخة إيمان
بيقول عن حالو إنو كان ماشي بنفق طويل، وكان "أفكار اغترابية"، مشروع الأديب د. جميل الدويهي نُور بآخر النفق. والدويهي بيقول: يا طوني إنت النور وكنت ماشي بالنور، ولو ما كنت شاعر حلو ما دخلت عالقصر الحلو. وهيك إنت بيلْبق عليك سحر الكلمه وحرير القصايد المشغولين بالليالي. ونبيدك الختيار عم ينسكب بكاسات من دهب، وجينا تا نشرب معك لأنك بتستحق التكريم، ولو تأخرنا وسبقتنا المواعيد… خلينا نسهر ونسكر بكاس نبيد
مسا كل المحبين اللي شرفو عالموعد، تا يشاركو بها المناسبة، وألف شكر لكن جميعاً، شكراً للمساعدة من أفكار اغترابية، شكراً لجمعية كفرحلدا الخيرية بشخص السيد الياس طنوس، شكراً لجريدة المستقبل وإذاعة صوت الفرح وإذاعة إس بي إس ووسائل الإعلام اللي نشروا خبر الأمسية. شكراً للسيد ميشال حنا اللي سهر عا طباعة الكتاب، وللشعرا والأدبا والمثقفين ووجوه المجتمع اللي حضرو معنا الليله. وألف مبروك للشاعر طوني رزق باكورة أعمالو "نبيد ختيار" وعقبال المزيد
أول المتكلمين كان الشاعر جورج منصور، "الحامل عصا موسى تا يضرب الظلام ويعلم الصمت كيف بيحكي"، كما وصفته المقدمة، وقد أطرب الشاعر المتريتي المخضرم، وقوطعت قصيدته بالتصفيق مراراً
وتلاه الشاعر يوسف جبرين، وهو كما وصفته المقدمة "من رعيل الشعراء الأوائل اللي خيّطو تياب للكلمه من حبر السهر والليل الطويل. ومن أقطاب الزجل اللبناني الأصيل، وقصايدو بيحاكو السما والأرض"، وقد أجاد الشاعر جبرين وأبدع، ثم تلاه الشاعر والأديب د. جميل الدويهي مؤسس مشروع "أفكار اغترابية" للأدب المهجري الراقي من أستراليا إلى العالم، وسألت كلود: مين اللي تجاوز حدود الشعر، وعمّر بيت للفكر؟ مين اللي أفكارو الاغترابية صارو بلاد أكبر من المسافه وأعلى من الكواكب العالية؟ مين اللي بيلوّن الكتب بألف لون ولون؟ تا صارو الناس يحكو عن نهضة إغترابية تانيه من أستراليا للعالم؟ كيف منقدمو؟ شاعر؟ أو أديب؟ أو مفكر؟ أو إعلامي؟ أو أكاديمي؟ باختصار هوي العبقري اللبق من بلادي... ولمّا الحرف بيحكي... بيحكي عن الشاعر والأديب اللي بتطْلع من قلبو القصيدة نغم فيروزي
وألقى الدويهي قصدة مزج فيها بين التفعيلة، والمدور، والزجل على وزن القصيد، ومنه
خلّي الشعر قنديل عا بواب البيوت، والبنت يللي مْن الحروف عطيتها، إسوارتين وعقد غالي كتير، والشال الحرير... بتضلّ مشتاقه إلك... والسطح عالي حَدّ غيمه، وناطره تا ترْجعو، تا تحوّشو من الكرم تين، وتعْصرو نبيد الصبح بجْرار من فخّار... مطرح ما البْواب تعمْشقو بالغيم... يا هاك الزمان تجرّحو إيديك... راحو ناس منّا، وبعدهن عم يرجعو من الصبح... من صوت الجراس الفوق عم يتربّعو... من ضحكة النهر العتيق بيرجعو... ومنسمع من بعيد فوق دروبنا خبطة قدم... يللي الحياة بيخلقوها من العدم... وبيطْلعو عالشمس تا يشكو العلم
ثم ألقى صاحب المناسبة الشاعر طوني رزق باقة من قصائده التي كان لها وقع جميل، فأطربت وتمايلت في غنجها وكبرها. وقدمته كلود قائلة
نشر الشاعر طوني رزق عا صفحتو عالفايسبوك
شو بيشبهِك
صوت الوَما ... لبعيد
متل القمر
لّما بيضْوي ... لمس
متل الصبح
واعي ع دعسِة شمس
متل المسا
ع الليل مادِد إيد
متل الندي
لما بيبكي ... همس
متل العريشه لْضحكِة عناقيد
وعالسكت بكيِتْ ب الجرار... نبيد
وهالمقطع الشعري بيدل عا الشاعر، عا طريقتو المختلفه، عا شفافية الحرف، عالضوّ المنحوت بإزميل الإبداع. بهالمقطع بتسمع الشاعر، وبتشوف العناصر عم تتحرّك وتحكي قدّامك، بتشوف القمر والليل، والشمس والصبح والعنقود، وبتسمع كيف عم ينعصرو العناقيد تا يصيرو نبيد، بس نبيد طوني رزق ختيار وحلو ورايق… مصفى بهاك البيوت اللي حدّ الغيم... بقنات الشعر والكبَر
وهيك طوني بيروح عالوادي الغميق تا يحوش دهب من شجر الحكايات. بيروح عالنبع والمغارة تا يشوف كيف الله بيحكي مع الأرض، مع الحبّ والجمال. وقدام ساحة مار ضومط بيخلّي الكلمه تلبس حرير النسمه، وبيصيرو الأفكار عرس وليالي حلوين، وصبايا عم يتمايلو متل عشتروت الأسطورة
تحيات للشاعر الحلو طوني رزق، وهنيئاً كتابك المليان نبيد، والسكره لليوم ولبكرا، وإلك الكلمه يا فارس الكلمه وخِيـّال الفكره
وبعد قصائد الشاعر رزق، قدم صاحب المناسبة وعقيلته السيدة أنطوانيت هدية رمزية وتقديرية إلى الأديب د. جميل الدويهي وعقيلته المبدعة مريم، وأعلن الدويهي من جانبه أن الشاعر طوني رزق قد حاز بجدارة واستحقاق على جائزة الأديب د. جميل الدويهي "أفكار اغترابية" للعام 2019، وستقدم الجائزة لمجموعة من المبدعين في حفل يقام في بيروت مساء 22 آب المقبل. وقال الدويهي إن محبة طوني رزق للدويهي هي أكبر من كل الجوائز وأعظم من كل تكريم
ثم كان قطع قالب الكايك الخاص بالمناسبة، وضيافة كريمة وتوقيع للكتاب
برعاية مشروع أفكار اغترابية للأدب المهجري الراقي
أمسية لكلود ناصيف حرب بعنوان قصائد بلون الورد
نُشر في 14 تشرين الأول 2018
لبى حشد من أبناء الجالية دعوة الإعلامية والأديبة كلود ناصيف حرب، لحضور أمسية أدبية راقية، برعاية مشروع "أفكار اغترابية" للأدب المهجري الراقي، بمناسبة تقديم كتيب يحتوي على وقائع الجلسة الحوارية حول باكورة حرب كلمات من أعماق الحبّ
وكانت الدعوات إلى أمسية "قصائد بلون الورد" خاصة ولـ 50 شخصاً، لكن الحضور تجاوز هذا العدد، لما لكلود من خدمات إعلامية وإنسانية، ولدورها الأدبي المميز الذي حاز على احترام أبناء الجالية وتقديرهم، وتجاوز حدود أستراليا
استضافت الحدث صالة جمعية كفرحلدا – لاكمبا، وقدمت الجمعية مشكورة الصالة بشخص السيد الياس طنوس. وتقدم الحضور الأب لويس الفرخ رئيس دير مار شربل، والأب طوني أبو شعيا، والدكتور مصطفى علم الدين رئيس منتدى بطرس عنداري، والمهندس جوزيف سكر رئيس نادي الشرق لحوار الحضارات – نيو ساوث ويلز، وأعضاء من المجلس الأسترالي اللبناني، وعضو بلدية بانكستاون جورج زخيا وأهل الفكر والأدب والإعلام وأصدقاء
بداية قدم الشاعر نجيب داود الأديب د. جميل الدويهي صاحب مشروع أفكار اغترابية للأدب المهجري الراقي، بكلمات شعرية ونثرية، أضاء فيها على أعمال الأديبة حرب ودور الأديب الدويهي في حركة الإبداع. وقال إنه كان ذات مرة في زيارة إلى إذاعة "صوت المحبة" في لبنان، وصادف وجود أستاذين جامعيين في مبنى الإذاعة، وعندما أخبرهما بأنه قادم من أستراليا، قالا له: إن في أستراليا أديباً كبيراً هو د. جميل الدويهي، وهنيئاً للجالية به
وبعد الشاعر داود قدم الأديب الدويهي وقائع الحفل مرحباً بالحضور، وتكلم المهندس جوزيف سكر رئيس نادي الشرق لحوار الحضارات، فوصف كلود بسيدة الحنين والأناقة، واستعار من مقدمة الدويهي لباكورتها قائلاً: بحروف قليلة اشعلتِ نارًا على السطور وأحرقت كل المفاهيم الجامدة". وقال إن كلود هي امرأة الشوق، راقية وحساسة. "إنها لا تكتفي بالحب كتجرية ذاتية تحياها لنفسها، ولكنها تعيد انتاجها لتصبح صورة ذات مقاييس جمالية تعانق كينونة الإنسان، حيث تتخذ من الحب الوجه الصوفي
وتحدث الدكتور مصطفى علم الدين رئيس منتدى بطرس عنداراي،فاعتبر أن أي كتاب يحتوي على 3 عناصر مهمة هي: مَن هو الأديب الذي كتبه، وماذا يتضمن؟ والجمهور الذي سيقرأ الكتاب. وإذا اكتملت هذه العناصر مجتمعة وصلنا إلى مستوى راق من الأدب والفكر والثقافة. والذي دعا إلى هذا الرقي ورائد الأدب الراقي والثقافة الراقية والفن الراقي أيضاً هو د. جميل الدويهي
وقال: إن هذه الثقافة تتعمم وأصبحنا في أستراليا مصدراً للأدب
وأشار إلى حديث الشاعر نجيب داود عن الأستاذين الجامعين في لبنان اللذين أبديا تقديرهما للأديب الدويهي في سيدني، وقال إن ذلك حدث لأن النتاج الأدبي في سيدني مميز وله طعم يختلف عن النتاج الذي يأتي إلينا. لقد أصبحنا ننتج ونصدر إلى الخارج
وأضاف: هذه التناجات التي تزداد يوماً بعد يوم هي مصدر اعتزاز... وهؤلاء العمال الذين يشتغلون ويتعبون لإنتاج كتب كبيرة وجميلة، يستحقون الشكر من كل قلبي، ولهم كل محبة، وأشد على أيديكم لنكون وحدة متعاونة ومتماسكة وقوة فكرية وأدبية تصدر للوطن أكثر مما يصدر الوطن إلينا
بعد ذلك، قرأ الأديب الدويهي قطعة من أعمال الأديبة كلود من اختياره قبل أن يقدمها، فقرأت نصوصاً من خوابيها الطيبة قوطعت بالتصفيق مراراً، وتألقت كلود صورة وإطلالة وصوتاً وجمالية أدبية، حيث أدهشت صورها وتعابيرها الحاضرين
وكانت بعد كلود إطلالات أدبية للسيدات الراقيات: فرح عصافيري، كريستين عيتاني، مريم رعيدي الدويهي، جمانة منزلجي، كلاديس القزي، سعدى جرمانوس فرح وإحسان حدارة، اللواتي ألقين من نصوص كلود، فأجدنَ وأطربن
وكانت فقرة ثانية مع نصوص كلود التي لم تقل روعة وجمالاً عن الفقرة الأولى، وتوقف الحضور عند الرموز والأبعاد والصور المدهشة في أعمالها، وموجة الحنين التي تغمر الحياة بدفء ونعومة، كيف لا وهي سيدة الحنين؟ كما أطلق عليها الأديب د. جميل الدويهي
وكان في الحفل أيضاً كلمة مرتجلة للأب طوني أبو شعيا، وتقديم أيقونات إلى كل من الشاعر نجيب داود، السيد الياس طنوس من جمعية كفرحلدا الخيرية، والسيدين ميلاد وسميرة برباري
وختاماً كانت وصلة غنائية مع الفنانة إحسان حدارة على أنغام فرقة المركز العربي للموسيقى: عماد نصير وعماد رحيم (كمان)، فادي الهنداوي (أورغ)، محمد ليلو (قانون)، وطوني لطوف (ضابط إيقاع)
ثم كانت ضيافة كريمة وتوقيع كتيب "وقائع الجلسة الحوارية حول باكورة الأديبة كلود ناصيف حرب "كلمات من أعماق الحب"، وكان وعد من كلود بإطلاق كتاب ثان في شباط المقبل بعنوان "عيناك مرفأ لحنيني"، وثالث بعنوان "نغمات على قيثارة الحنين" سيصدر في وقت لاحق
جلسة حوارية حول باكورة أعمال الأديبة كلود ناصيف حرب
كلمات من أعماق الحبّ
تحولت الجلسة الحوارية حول كتاب "كلمات من أعماق الحب"، للإعلامية الأديبة كلود ناصيف حرب "سيدة الحنين" إلى مناسبة رائعة بكل ما في الكلمة من معنى، مناسبة أدبية روحية، ثقافية، اجتماعية بامتياز، كيف لا والأديبة حرب هي سيدة الحنين والأناقة، وهي تعمل مع الذين يعرفون الأدب ويحترفونه، وبوحي من النقد الصحيح والحقيقة؟ في صالة دير مار شربل بانشبول كان الحدث، وعلى الرغم من أن الدعوات كانت محدودة وخاصة جداً، فقد تحلق خمسون ضيفاً حول كلود، يتقدمهم سيادة المطران جرجس القس موسى راعي طائفة السريان الكاثوليك، والأب د. لويس الفرخ رئيس دير مار شربل، والرهبان الأجلاء إيلي رحمه، أنطوان طعمه، وشربل القزي، وبطرس دياب، والأب يوحنا، والراهبة لينا نجيم من راهبات العائلة المقدسة المارونيات، والأديب اللبناني د. جميل الدويهي صاحب مشروع "أفكار اغترابية للأدب المهجري الراقي" وعقيلته السيدة مريم، والمحامية نضال حمزة ممثلة المجلس الأسترالي اللبناني راعي الحفل لوجود الرئيس غازي قلاوون خارج أستراليا، والأستاذ جوزيف سكر رئيس نادي الشرق لحوار الحضارات – أمناء سيدني راعي الحفل أيضاً... ولفيف من الشعراء والأدباء والزملاء الإعلاميين والأصدقاء
بداية رحبت صاحبة المناسبة الأديبة حرب بالحضور، وقالت: "هذه الجلسة هي جلسة خاصة بامتياز، والدعوات كانت خاصة، ولأننا نحبكم أحببنا أن تكون الدعوات مثل باقة ورد، كل وردة بلون وعبير، وتحت رعاية مار شربل وبركته، الكلمة تكبر." وتقدمت حرب بالشكر من الاب د. لويس الفرخ رئيس دير مار شربل الذي قدم الصالة لهذه المناسبة، وقالت إنها اختارت عنواناً للجلسة "لحن الذكريات". وشكرت من جاؤوا من أماكن بعيدة ليشاركوا في أمسية الكلمة الصادقة، "كلمة المحبة التي هي نور العالم، المحبة الحقيقية التي لا تجرح في عالم مليء بالجروح. وطوبى لكل إنسان يجاهد من أجل المحبة والسلام". وأوضحت كلود أن "كلمات من أعماق الحب" كان فكرة، ومفاجأة، وتتويجاً لمرحلة مهمة من حياتها، "فقد كنت مذيعة سابقاً ,انا أديبة الآن بتوقيع د. جميل الدويهي. وانا اليوم سعيدة بأن أضيف إلى عملي كإعلامية ومذيعة سابقة رصيداً في الأدب”. ولفتت حرب إلى أن الدويهي يشبّهها دائماً بالفلاحة الصغيرة، وقالت: ومنذ يومين أرسل لي صورة طفلة صغيرة تزرع بعض الورود وتسقيها. فرحتُ بهذه الصورة وأحسست بأن رسالتي جميلة، فانا أحب أن أزرع الفرح والسلام وأعطي الورد للناس
وأضافت حرب: "هكذا صارت النبتة شجرة، والشجرة غابة، والحبر أصبح نوراً وعبيراً. ود. جميل الدويهي أعطاني أيضاً لقب "سيدة الحنين"، وفعلاًُ هذا اللقب يناسبني لأن جميع نصوصي في الكتاب كانت مفعمة بالحنين. هذا اللقب تاج أضعه في قلبي وأشعر أن الغربة هي العامل الأول الذي يحرّك هذا الحنين". وشرحت كلود عن كتابها الثاني "عيناك مرفأ لحنيني" الذي سيصدر أواخر الشهر الجاري في سيدني، وشكرت مرة ثانية الأب الرئيس لويس الفرخ الذي كان في لبنان أثناء توقيع كتابها الأول "كلمات من أعماق الحب"، وكان يشجعها دائماً على العطاء الإبداعي. وطلبت كلود من مريم العذراء والإله الفادي ومار شربل والقديسين أن يحفظوا الجميع بالخير والبركة، ورحبت بالمقدم د. جميل الدويهي الذي لولا دعمه وتشجيعه ما كنت وصلت إلى ما وصلت إليه على الصعيد الأدبي، وأنا أعطيته لقب "العبقري اللبق"، وهو لا يحب الحديث عن نفسه، ولو سمعني أقول هذا الكلام عنه سيعاتبني. عنده أكثر من 30 عملاً أدبياً مختلفة الأنواع وباللغتين العربية والإنكليزية، وهو أول شاعر عربي على الإطلاق يكتب 7 أنواع من الشعر. متواضع لدرجة أنه يرفض أن أمدحه بأي طريقة
الأديب الدويهي استهل الجلسة الحوارية بالترحيب، باسم كلود وسايمون حرب: بسيادة المطران جرجس القس موسى، والأب الرئيس د. لويس الفرخ، والآباء الأجلاء، والاخت لينا نجيم من راهبات العائلة المقدسة، ومعها عازف الكمان فادي، الأساتذة المشركين في الجلسة من أستراليا وخارجها، ورُعاة الجلسة: صحيفة المستقبل الأسترالية بشخص رئيس التحرير الأستاذ جوزيف خوري الذي لم يتمكن من الحضور لارتباط مسبق، المجلس الأسترالي اللبناني ممثلاً بالمحامية نضال حمزة لوجود الرئيس غازي قلاوون في لبنان، نادي الشرق لحوار الحضارات - أمناء سيدني ممثلاً برئيسه جوزيف سكر، مشروع أفكار اغترابية للأدب المهجري الراقي ممثلاً بالأستاذة مريم رعيدي الدويهي، السيد جورج بدر الذي قدم مساهمة في الحفل، وجميع الحاضرين، كل شخص ساهم بمحبته لإنجاح هالمناسبة. وقدم الدويهي سيادة المطران جرجس القس موسى الذي أشاد بأعمال كلود الأدبية وقرأ مقاطع من كتابها كلمات من أعماق الحبّ
الكلمة الثانية كانت لرئيس دير مار شربل الأب د. لويس الفرخ، الذي استهل بالترحيب في رعاية القديس شربل، وأخبر قصة مفادها أن كل شيء له وجهان، وعلى الإنسان النظر بإيجابية إلى الأمور لكي يراها جميلة. وقال الأب الفرخ: يقولون: إن روعة الإنسان ليست في ما يملكه بل هي في ما يمنحه. ويقولون: حيث توجد الإرادة توجد دائماً طريقة للتعبير. ويقولون أيضاً: الحياة بدون أحلام كحديقة من دون زهور. عزيزتي كلود، أنت صادقة في الكتابة عن المحبة والحب، وأنت أمينة في وصف مشاعر الحبّ وأحاسيسه... لقد أبدعتِ بتعداد مشاعرك ولم تتلوني لنيل إعجاب الآخرين وإرضائهم. لقد تميزت بوصف الأسرار الكامنة وراء طموح ونجاح الحب وأحلامه وأهداف الحب المباشرة، والارتقاء به، وبقدرات الحب الكبيرة في تطوير الذات واكتشافه المستمر للآخر وتقديمه للبدائل... كنت راقية ليس فقط في وصف الحب والرقي به، إنما أيضاً بقدرته على المغفرة والتقدير والانحناء أمام عطاءات الآخرين
وقال الأب الرئيس أيضاً: يا كلود، في كتابك "كلمات من أعماق الحب" عبّرت عما تعنين وتشعرين وأنت مدرسة للكلام عن مسيرة الحب، والذي معدنه من ذهب يبقى دائماً ذهباً". وبعد أن استعرض الأب الفرخ بعض القيم التي اختارها من الكتاب، قال: "يا كلود أنت إنسانة مؤمنة راقية وحساسة ولست إعلامية ولا أديبة بل أنت مرجع في الجب. لقد تعلمنا أن الإيمان والحب والتفاعل والعطاء والإيجابية هي القوى الفاعلة في الحياة". وختم الأب الرئيس بالتمني بأن تتابع كلود مسيرتها في العطاء والمحبة وقال: نرى فيك الوجه الحقيقي والقلب الحقيقي. الرب يرعاك
الكلمة التالية كانت لراعي الجلسه المجلس الأسترالي اللبناني تلقيها أمينة السر المحامية الأستاذة نضال حمزة، التي هنات كلود وأعربت عن سرور المجلس برعاية هذه الجلسة والمناسبات الثقافية، وألقت كلمة الناقد والأديب الجزائري ابراهيم مشارة التي ناقش فيها نصاً لكلود ناصيف حرب بعنوان "أيها البعيد القريب”، وعنوَن الناقد مشارة مطالعته بـ "بوح شهرزاد"، وفي ما يأتي كلمة مشارة
في نصّ الشاعرة كلود ناصيف حرب (أيُّها البعيدُ القريب) والذي تنطلق فيه من عَتَبة نَصّية قِوامُها الثنائية الضدّية: القُرب والبُعد، لتصلَ عَبرَ لغةٍ شفافة، لغةِ بَوحٍ لامرأةٍ فتـَنها الحبُّ من رأسها إلى أخمص قدَميها (أنت قمري أنت لي وطن) لكنّها امرأةٌ تحتفظُ في أعماقها بكبرياءِ شِهرزاد. وتتطامَنُ أنوثتُها كمَيسم الزهرة، لتنفَحَنا بأريجِها عَبرَ قصائدِها التي تحتفي فيها بحبِّها... بمشاعرِها بقلبِها(أسمعُ صوتـَك يختالُ بهدوءٍ في أذني/ تنبُتُ قصيدةٌ فوق شفتي)إنها لا تكتفي بالحبِّ كتجربةٍ ذاتيةٍ تحياها لوحدِها، ولكنّها تعيدُ إنتاجَها جماليا، عَبرَ مضامينَ شعرية تتجاوزُ التجربةَ النمطيةَ الكلاسيكيةَ لشاعراتِ العالم العربي في القرنِ السالف، فالقصيدةُ تَنبُتُ بين شفتيها، فهي تُربةُ عِشقٍ وبوحٍ لا اصطناعَ فيها. القصيدةُ كائنة ٌ سلفا وحضورُ الحبيب ِ إرهاصٌ بميلادها، بوحٌ شِهرزاديٌّ طَوّرَ أدواتِه الفنية وصقلَ تجربتَه الذاتية وكرَّسَ الحضورَ الأنثويَّ لا كظل، ولكن كهُويةٍ مستقلةٍ ذاتِ كينونةٍ متفرِّدة مُعادِلة تماماً للتجربةِ الذُّكورية ومتجاوِزة لها في أحايين، وفي هذا النصِّ تحديدا تنْبجِسُ موسيقى داخلية تتعاقبُ فيها موجاتٌ هادئةٌ تُحيل على تجربةِ العِشقِ والانتظار واللهفةِ والحنين: (برفقٍ يتسللُ قلبي إلى صندوق بريدِك/ كلصٍّ تُصيبه الفوضى/يسرُق من حروفِك قصائدَه/ويتركُ مثلما يتركُ اللصُّ خلفَه/ يتركُ لهفته)إنها التجربةُ الأنثويةُ الفاعلة -لا المفعول بها- كمّا عوّدتْنا التجاربُ الكلاسيكية. هذه التجربة التي يكونُ فيها الاندِغامُ في العِشق يُعطي لشِهرزادَ كينونتَها المُعبِّرة المُفصحِة عن ذاتِها الفاعلة المُنتجة لرؤيتِها للحُب (حضورُك يحرِّضُني على الحب /يا لكثرةِ حديثِك الصامت/سأقولُ الآن تذوقتُ طعمَ القصيدة)، والشاعرةُ تعي جيدا تجربتها إنها خُلقت لتُحب وتُحَب. والبُعدُ الفيزيائي مهما كان كبيرا فهو على ميناءِ القلب لا على ميناءِ الساعة، مقدارُ عناق. انظرْ كيف تُحرّضُ الشاعرةُ الحبيبَ على الحبِّ والوصال، لا عَبر أدواتِ التحضيضِ والعَرض النحْوية، ولكن عَبرَ هذه المُفارقة الزمنية بين ميناء القلب وميناء الساعة؟ موسيقى داخلية تنبجسُ من بين الكلماتِ كما ينبجسُ الماء من النبع، ولغةُ بَوح شفافة ذاتية تُكرّسُ حضورا ذاتيا رؤيويا لنظرة شِهرزاد للحب، يَتجاوزُ التجاربَ السالفة َ للمرأةِ وهي في طريقها إلى مزيدٍ من النُّضج والاستواء، كما يتجلى لي من خلالِ متابعتي لها عَبر "أفكار اغترابية
بعد كلمة الناقد مشارة ألقت الأديبة كلود ناصيف خرب نصاً من نصوص كتابها بعنوان "بعد سماع صوتك"، على أنغام الأورغ بأنامل الأب إيلي رحمه الذي رافق الجلسة من بدايتها إلى ختامها، وأضفى جواً راقياً وجميلاً عليها، ثم رتلت الراهبة لينا "يا مريم البكر فقت الشمس والقمرا" بصوتها الملائكي. وكانت بعدها كلمة لنادي الشرق لحوار الحضارات – سيدني، راعي الحفل، ألقاها الرئيس جوزيف سكر، الذي قال: “يسعدني بما أمثل ومَن أمثل في نادي الشرق لحوار الحضارات – مجلس أمناء سيدني أن يكون هذا الحدث الثقافي الفكري برعاية نادي الشرق، فالإعلامية والكاتبة كلود ناصيف حرب قدمت مؤلفات أدبية طغى عليها طابع الحب العذري الذي يربط الإنسان بالإنسان، على مبدأ الشفافية والمصارحة والخيال النير الذي يستمد قدرته وصوابيته من علاقة الإنسان بالله وما ينتج عن هذه العلاقة". وقدم الأستاذ سكّر نبذة عن تأسيس نادي الشرق لحوار الحضارات، وأهدافه والقيم التي يسعى إلى تحقيقها
وأثناء التقديم أوضح الدكتور جميل الدويهي بضع حقائق "لمن يهمهم الأمر"، هي أن أفكار اغترابية لا يخلق مبدعين وأدباء فالله هو الذي يخلق. وأفكار اغترابية لا يطبع كتب كلود على نفقته، بل هي التي تطبع وتتكفل بكل أعباء الطباعة. وكلود رفضت لتواضعها أن تسمي نفسها شاعرة كما يفعل الكثيرون ممن يستسهلون الشعر فيحولون النثر إلى حالة شعرية، وإطلاق تسمية أديبة عليها كان لهذا السبب، وليس هناك تسمية أخرى يمكن أن تطلق عليها باعتبار أن تسمية كاتبة لا تطلق على العاملين في الأدب بل على العاملين في حقل الكتابة الجافة ككتابة الصحافة والتاريخ والعلوم. ووجه الدويهي نصيحة إلى كلود بأن لا تلتفت إلى الوراء ولا تسمع إلا صوت ضميرها، وقال: سيظل الصراع قائماً إلى الأبد بين الوردة والشوكة، ولكن ليس من أحد يزيّن عنق حبيبته أو صدرها بشوكة بل يزينهما بوردة. وروى الدويهي أنه كان ذات يوم في عمله في الجريدة فوصلته 6 نصوص بالتتابع من كلود في غضون ساعتين أو ثلاث ساعات، فتعجب واستوضح عن الأمر، فعلم أن الصديق سايمون حرب طلب من كلود أن تجلس في المحل الذي يملكه وتنهي كتابها الجديد، وهذه شهادة من جميل وسايمون معاً، "فلا تلتفتي يا كلود إلا إلى الأمام ، فالكلام في غير محله يبقى في غير محله وأنت مبدعة وأديبة ونحن معك والله معك". ووزع الدويهي على الحضور مطالعته المطبوعة لنص بعنوان "كيف لا أحن إليك؟" للأديبة حرب، توفيرًا للوقت ولإفساح المجال أمام المتكلمين. وفي ما يأتي كلمة الدويهي
كلود ناصيف حرب والحنين: التعبير يخرج من العينين في قدسيّة اسمها الصمت (جولة في نصّ "كيف لا أحنّ إليك؟" بقلم د. جميل الدويهي)
لا نكاد نعثر على نصّ لكلود ناصيف حرب لا نجد فيه لفظة "حنين". وحنين كلود التي جاءت من باب الإعلام إلى الأدب هو تعبير عن شعور حقيقيّ ونبيل وصادق. وبصفتي من محبّي كتابات هذه المرأة المشاغبة في حنينها، الراقية في تعاطيها مع الناس، الرقيقة في انتقائها لمفرداتها، أجد نفسي متتبّعاً لنصوصها، وأقرأها بشغف، فهي ذات لغة خاصّة. صحيح أنّها لا تدّعي الأدب، وليست في مستوى جبران وسعيد عقل ونزار قباني وغوته وموليير، لكنّها لا تيئس، وهذا ما يغبطني في شخصيّتها، وتلاحق الأمل والحلم، حتّى بات العديد يريدون اللحاق بها ومعرفة السرّ الذي استطاعت من خلاله أن تقتحم عالم الأدب وتثبت نفسها في كتاب صغير، أنيق، ليست فيه رموز كثيرة ولا سوريالية معقّدة، بل لغة واقعية عذبة تتسلل من بين الضلوع إلى القلب. ولكن هذه البساطة لا تعني السطحية، بل بساطة صعبة، ولا يستطيع أن يعرف أسرارها إلا القليلون، وخصوصاً أولئك الذين تعوّدوا أن ينفذوا إلى الروح الداخليّة، ويفهموا تعابيرها ومكنوناتها. فما أجمل هذه البساطة في قول كلود: "أكره حين أصمت فتخرج الكلمات من عينيّ، فالصمت أحياناً يأتي بمعنى ويحتاج إلى الإصغاء..". لا يمكن لأحد مهما كان أكاديمياً صارماً، أو متكابراً، أن يغض الطرف عن جمالية هذه الكلمات القليلة. حبّات من اللؤلؤ كانت مهملة، فجمعتها كلود في عقد صغير، أو سوار يلتف على اليد، فيطيب إليه النظر. التعبير يخرج من العينين، في قدسيّة اسمها الصمت... والنص "كيف لا أحنّ إليك؟" من كتاب "كلمات من أعماق الحبّ" يختصر عالم الشوق، فلا حبّ من غير حنين إلى اللقاء، ولو كان لقاء يمتنع. وفي ظنّي أن كلود من الناس الذين يعتنقون حبّ الروح لأنه خالد وأنيق. وحبّ الروح يصرخ به الصادقون والمترفّعون عن النزوات والمادّة: "أحتاج إليك ولا أستطيع الاعتراف بذلك... مغرمة أنا بعالمي الخاصّ هدوئي... صمتي... ضجيج قلبي... فعالمي لا يفهمه أحد سواي أنا"! ولست أدري، في هذا النصّ تحديداً، إذا كانت كلود من الذين يتقنون التمثيل في الأدب، فتتخيّل وتكتب... أو هي تقول الحقيقة عن نفسها. قد تكون أحبّت حقيقة أو تصوّرت مَن تحبّه، لكن هذا الحبّ من نوع آخر، عصيّ على التصديق...حيث تتوحّد فيه الذات مع الحبيب الغائب، وكأن الغياب هو حضور أيضاً، والتعبير يمتنع أن يصدر عن فم امرأة تدور حول نفسها وتدور من الحيرة، بحيث أنها لا تجد الكلمات التي تصوّر بها حبها، فتكتفي بالقول: "كلّ كلمات الدنيا لا تملأ الفراغ حين تغيب عن عينيّ" . إن التحليل النفسي لشخصية كلود ناصيف حرب في قصيدة "كيف لا أحنّ إليك؟" لهو صعب جداً، لأنّ صاحبته شخصيّة نادرة، تعشق وتحنّ من بعيد، ليصبح الحب في درجة الألم... وتريد في لحظة غضب من نفسها أن تعيش بلا قلب لكي تنجو من العذاب والحنين المتمادي: "في أوقات كثيرة نرغب في العيش بلا قلب، فالإحساس أصبح يؤلم جدّاً". ويتصاعد النص في لهجة راقية، مدهشة، تفاجئ المتلقي بمجموعة من التناقضات والمواقف المتعارضة: "أيقنت بأنّك حلم، وحلمتُ بأنّك واقع... أنا لا ألومك على الغياب، ولكن ألوم نفسي على الانتظار". في كلمات قليلة يتم كل شيء: يتم الحلم، والواقع، والغياب وانتظار طويل... والسؤال هنا: لماذا يكون الحلم بديلاً عن الواقع ويكون الانتظار بديلاً عن الغياب؟ التحليل ذاته يؤكد أن كلود تعيش في وضع التعذيب الذاتي من أجل أن يبقى الحبّ ولا يزول، والتعذيب للنفس هنا ليس مازوشياً masochist أي بهدف جذب اهتمام الآخرين والحصول على عطفهم بأي ثمن، لكنه تحمّل من نوع آخر، صوفيّة، وترفّع وصبر... فالهوى الجسدي سرعان ما يتلاشى، والحبّ الروحي هو الأبقى والأنقى. فلتعِش هي الحلم كتعويض عن واقع تخشى أن يصيبه الموت، ولتنتظر إلى ما شاء الله في محطة الوجود لصورة، لخيال، لرجل تحبّه وتحنّ إليه، لكنّه في الغياب يبقى وفي الحضور يتوارى... وما أجمله من تصاعد في الفكرة قول كلود: "نادوا باسمك فالتفت قلبي"، وهنا أحكّم الشعراء والنقّاد والمنتقدين وأسألهم بضمير أدبي: أليس هذا بربّكم من أجمل ما سمعتم من التعبير؟ أغار منكِ يا كلود، لأنّ هذا الكلام لك ولا تسمحين لي بسرقته... بحروف قليلة قليلة أشعلت ناراً على سطر وأحرقت كل المفاهيم الجامدة، وأعلنت من قلب النار أنّ الأدب حريّة... وأنّ الإبداع لا ينحصر بمقاييس وأزمنة، وأن لا حاجة للمبدع إلى أن يكتب كثيراً، فكلمة منه قد تغيّر وتُخيّل وتأخذنا إلى عالم بعيد وعميق. وعرسُك الأدبيّ كنتُ فيه أنا من المغامرين لا المقامرين، من المؤمنين لا المشكّكين، من الفرحين لا المتفارحين... لأنني أؤمن بقدرتك... وكثيرون بعد هذا العرس حزموا أمورهم وقرّروا أن تكون لهم أعراس، وكم جميل أن تحرّكي البحيرة الراكدة بصدى من كتاب أخضر هو كالربيع، كابتسامة الخلود. ثم تقولين وتقولين: "على توقيت ابتسامتكَ يضبط الياسمين موعد انتشار العطر"... أهذا من كلام بشر أم من كلام إلهة من عصور قديمة؟ إنّ فينوس في سحرها وجلالها حين سمعتك تقولينه، فرّت على غير هدى واعترفت بأنها خرساء باردة ولا تعرف كيف تحبّ... كما اعترفتْ بأنها لم تمنح أحداً حقّ التجول في تفاصيلها، كما منحتِ أنت ذلك الحبيب الخفيّ الذي تحنين إليه في كل مساء... وعند إشراقة كلّ صباح... فألف تحيّة لحنينك الساهر لأنّه سيّد الكلام... ورقيق كما كأس مترعة بالخمرة الطيّبة
الأستاذة مريم رعيدي الدويهي ألقت أثناء الجلسة كلمة الأديبة الأستاذة رنده رفعت شرارة – كندا التي عالجت نص "هكذا أنتظرك" لكلود ناصيف حرب. وفي ما يأتي نص الأديبة شرارة
كأنني معَها على سفر سفرٌ صامتٌ يلامسُ دهشةَ الكلام دونَ كلام. رسالةٌ معتقةٌ كنبيذِ الكروم، تجوبُ الدّنيا وتسكنُ "حقيبةَ سفرٍ" ملؤها الحنين، تغدو كلود، أمرأةَ الشوقِ، تلبسُ الانتظار َشالاً وثوبا، وتنظرُ إلى أصابعِها متلهفةً، علَّ احدها يشيرُ إلى طيفٍ عائدٍ من خلفِ بابِ الرحيل وتغدو هي فراشةُ الاحتراقِ التي تدورُ حولَ نورِ مصباحٍ في ليلٍ طويلٍ طويل شفافةٌ هي كمرآة، تُدركُ ان لا حولَ ولا قوّةَ لانتظارِها سوى السكتِ العميقِ الذي لا تكادُ تُسمعُ حتى أنفاسِهِ، فالمشهدُ أكبرُ من قصةِ رحيلٍ ورحلةِ انتظار، بل هي قرارُ قلبٍ عاهدَ نفسَهُ أن يعيشَ الحبَّ رغمَ كُلّ لوعتِه، ويرى أن َّفي عذابِ هذا الحبِّ لذةّ لا ندركُها الا عند َاللقاء هل هي قصيدةٌ في منتهى الرومانسية ِفقط، ام أنّها قصةٌ مكتملةُ العناصر عنوانُها " وهكذا انتظرك" حاضرٌ ليقولَ لنا: هذهِ تفاصيلُ انتظاري لك ويأتي صلبُ الموضوعِ ليشرحَ تفاصيلَ ليلِ العاشقين، الباكي بصمتٍ، والذي يمضي وقتَهُ في كتابةِ رسالةٍ يودعُها بريدَ القلب، وتنتهي الحبكةُ الجميلةُ باعترافٍ واضحٍ، أن كُلَّ لحظاتِ الزمنِ "المتمثلةِ برمز ِالأصابعِ العشرة" لا تكفي لتُعلنَ الاعترافَ الصريحَ بأن "رجُلَ الرحيلِ" هذا... هو وحدهُ القصيدةَ، هو وحدهُ الحياة كلود ناصيف حرب، قصةٌ في قصيدة، وفراشةُ ليلٍ لا ينامُ حلمها أبدا كلود ناصيف حرب، من مونتريال - كندا، إلى سيدني استراليا، لكِ وللصديق الأديب الشاعر د. جميل الدويهي كُلَّ احترامٍ وتقدير
وبعد الاستاذة الدويهي ألقى الشاعر د. مروان كساب، مطالعة عن كتاب كلود، في ما يأتي نصها: كلود ناصيف حرب شاعرة اعتصرت خمرة شعرها الإنساني من عناقيد الوجع والحرمان، لتسطر قصيدتها الثائرة في حبر اللوعة والمعاناة على قرطاس الديمومة والبقاء. أرى في شعرها عوالم متعددة ومعالم مختلفة في حين أن خواطرها الشعرية تتأرجح بين عالمين هما العاطفة والخيال اللذان يعزفان على أوتار المجهول وتمتمات المدى المثقل بالآهات، لتبقى شاعرتنا المبدعة خارج الزمان والمكان. تتوكأ على الواقعية بدعامة الخيال، إذ إني تارة أرى في أسلوبها الصبغة العلمية الملتصقة بالقواعد الطبيعية الثابتة، وطوراً أراها الشاعرة المحلقة التي لا يقرّ لها قرار ولا أجد محطات لطيرانها الماسك بأجنحة الغيوم، وهي تطارد الغيب بأحلامها الخضراء، ورؤاها المسحورة بجذوة الانتظار على شطآن المستحيل... ديوانها الوارد تحت عنوان "كلمات من أعماق الحب" هو برأيي المتواضع أكثر من ديوان، لا بل كل قصيدة فيه تنطوي على ديوان كيلا نقول أكثر. قصائدها تنبع من فؤادها المعذب والسعيد في آن معاً، من عذاب الحبّ والأحباء، ففي حبها تعيش قصيدتها مزودة بنقيض الحياة، حيث الجرح والبلسم يلتقيان في عرس المواعيد اللاهفة إلى معانقة الأحلام والبكاء على أطلال الذكريات الراتعة في صومعة الاحساس والحنين. أوزان قصائدها مستنزفة من بحّة الجداول الرقراقة في وادي السكينة المتشحة بوشاح العبقرية والإلهام، بحيث إزاء هذه الشاعرة وحيال هذا الديوان أجد نفسي بصحبة قصيدة من قصائدهاالرنانة، ألا وهي القصيدة التي تحمل هذا العنوان "ثاني أوكسيد الحنين". يطالعني أول ما يطالعني في هذه القصيدة عنوانها الذي يحمل في ثناياه عالمين متناقضين قد يستحيل الجمع بينهما، إلا أن شاعرتنا كلود استطاعت بما أوتي لها من عبقرية خلاقة وتألق في الإبداع أن تقارب هذين العالمين بريشة خيالها الرمزي وعاطفتها الرومانسية، فبات ثاني أوكسيد الحنين هذا الثاني أوكسيد المركب الكيميائي من الأوكسجين والكربون، وهو العنصر الملازم لاستمرار الحياة، مما أوحى للشاعرة أن تقرن الحنين هذا الحافز الحيوي، وهذا ما يدل الدلالة الواضحة على أن الشاعرة العظيمة كلود ناصيف حرب تسعى السعي الحثيث في قصائدها الوجدانية إلى إلصاق مشاعرها وتجسيد خواطرها في الواقع البشري، اعتقاداً منها بأن الواقعية هي المرآة الصافية التي تتجلى على صفائها مصداقية الشاعر وشفافية الصورة الشعرية، فضلاً عن أن ثقافة هذه الشاعرة في الأدب والشعر، أكاد ـأقول وبدون مغالاة، هي عميقة وعميقة بمقدار ما أوحي إليها أيضاً في إطلاق عنوان ديوانها "كلمات من أعماق الحبّ"، مزدانة بأجمل الألوان وأبهى الأضواء، فعلى البساطة أحياناً تتجلى الصور الرائعة بما يذكرنا بالمقولة الفرنسية: La simplicite fait la beaute البساطة في الكتابة هي الجمال بعينه، وكم هي عظيمة شاعرتنا حقاً عندما تنبري في أحد الأبيات في هذه القصيدة لتقول ما حرفيته: "قد تسكن قصراً وتضيق بك الحياة، وقد تسكن كهفاً ويشرح الله صدرك، قد تكون أبيض ويحتلّك السواد، وقد تكون أسود ويشعّ منك النور". لله ما أروع هكذا تصاوير، وما أشفّ هكذا تعابير! مما يجعلني أقول: إن شاعرتنا في عطائها الشعري هذا تضفي على القلوب الكالحة بسمة الرجاء، وتضمّد الجراح ببلسم الحنان، وتغسل الأحقاد بدمعة الحنين، وبالأحرى إنها تنحت في خواطرها الإبداعية الرجاء من اليأس، والبسمة من البكاء، والحياة من الفناء. وإذا كان لي أن أسبغ على شعرها الجذاب صفة خاصة به، فإنه يصنّف في إطار الشعر الوجداني المتسم بطابع الديداكتيك Dedactic Poetry أي الشعر التعليمي والتثقيفي، مما يصح بها القول إنها في هذا الديوان الشعري وفي هذه القصيدة يالذات تطل علينا الشاعرة كلود بإطلالتها الملائكية، حاملة على أجنحتها الذهبية رسالة السماء إلى الأرض، لترتفع بالأرض إلى السماء، بفضل جناحيها الذهبيين، ألا وهما العاطفة والخيال، وقد أبدعت من خلالهما إبداعا خارقاً، وقلّما يقيّض للشعر وللشعراء أن يؤتى له ولهم بمثل هذه الأناقة الجمالية وهذه الرشاقة السحرية في الأدب الشعري الخالد
بعد الدكتور مروان كساب كانت كلمة الناقد والأديب سليمان يوسف ابراهيم عنايا – لبنان، عن نص "يهمس لي"، ألقتها الأستاذة جمانة منزلجي الجمل من المجلس الأسترالي اللبناني، هذا نصها
تحيّةٌ وسلام، دعاني العزيز د. جميل للمشاركة بما يُبهجني، عنيتُ المُشاركة بهذه الجلسة الحواريّة حول باكورة فكر العزيزة كلود ناصيف حرب، وإنْ من خلف بحار، فلبَّيتُ جذلانًا مُغتبطًا؛ والأملُ يحدوني بأن أملأ المكان والمكانة التي أَفردتموها لي في موقع لقائكُم والقلوب. أَمّا بعدُ، أَقفُ معكم هذا المساء الفَرِح إِزاءَ "يهمسُ لي": وهي مقطوعةٌ من نسجِ نِياط القلب، حفظتْها الأديبة بين دفّتَي "أَعماق الحُبّ" لأسوح معها بحلم حنينٍ، يحمل قارئَها كما حمَلَها،خلفَ ملاحقة حبيبها عبر لوحاتٍ من صفحات العُمر في كافّة مراحله، رسمتها لوحاتِ لقاءٍ بنضح كلماتٍ من حبرها الصّادق همسًا وبوحًا،سرًّا وجَهارًا. حبيبةٌ لم يطوِ الزّمن أَلقَ حبِّها بل لا زال معششًا في صدرها يضجُّ توهُّجًا إِزاء أيّ همسة حُبٍّ من حبيبها، كأنِّي بها تقف على أَعتاب الهمسة البكر أَمِ اللّمسة البكر، مُتمتمًا في خُلدِها: "أُحبُّكِ!".وها الكاتبةُ في موضعٍ آخر،تجدُ نفسها نزيلة سجنٍ فسيح المدى...ما نبْضُ لحظةً، إلاّ لينهدَ لها اعترافًا بحبٍّ مَكين! وهي، تُبادلُه الهمسَ بترياق مُوافقةٍ لا ينضَبُ لها مَعين: "حيثُ تكونُ أ!كون!". فتواتُرُ الإحساس بينَهما،أَحالَ البوحَ مِهرجانَ وَلَهٍ مُقيمٍ، ما دام للدّهر عيونٌ. وإن غاب عن ناظرَيها الحبيبُ، تُمعنُ تمسُّكًا بأهداب ذكراه، وتسجُنُها طيَّ قضبان حاضرها، وكأني به يبثُّ أَوراقَها بلُهاثِه ،فتقرأُ حضورَهُ فيها فوق شفتَيّ الإنتظار، قارئةً صُبحَ عودتِه مع أنّهُ مُقيمٌ بها، لم يبرَحْ ملاعبَ كيانِها... فحبيبُها، ساعٍ أَبدًا في حقولِ الحياة،: شمسُ الكفاحِ تكوي هامته في سبيل رضاها .وهو، هائمٌ في شِعاب الإنتظار، علّه يقطفُ كُرمى لعينيها عن غصونِ الأيّام حلوى الثَّمر ونفناف المُنى، بما يليق بابتسامِ رضاها والقبول! هي التي يُشرِقُ في بال وجدانها، صوتُ حبيبها المعلّق على جدران ذاكرتها؛ فتوصِد دون عذوبةِ رنينه سِجن صدرها، كيما في قلبها يُقيم! ضحكةُ الحبيب غدَت لقلبها نهرَ ابتسامٍ يستحيلُ حبرًا مُضيئًا يشعُّ بمَسِيله ديوانُ شِعرها بفيض شعورٍ دفّاق! وعند افتراقهما والبُعاد لم تعُد تحتفظ إِلاّ بحنين هدّارٍ إلى زمنٍ انقضى ولم يعُد لها منه سوى مِعطفٍ من ذكريات تدفأ إليه حين يدهم موئل الحبيب شوقًا يقضّ مضجَع الرّوح إلى دهرٍ من هناءٍ، مرّ بها سويعاتٍ، راحت تظلِّلُ برائحة حضور الحبيب كِيانها، وكأنّه يُحاذيها بعدُ! فحبيبها، هو العاصفةُ والمطرُ والمظلّةُ من غيمةٍ حُبلى بماء شوقٍ وفيضِ هُيامٍ لا تريدُ معه أن تستظلَّ من دفق الحنين إليه، مُشتهيةً البلل بانتظار عودته!! أمّا هي، فليست سوى الحبيبة المتراجعة طُهرًا ونقاءً إلى معاقل طفولتها، تلهو بجدائل أحلامِها وتداعبُ تلك القسَمات البريئة، ترسُم بخطوطِها حَكايا حبّها على مرآةِ العمر بعطر الياسمين!! فالكاتبةُ، لا تخشى الإعترافَ بأنَّ قلبَها دفع بها لإهمال عقلها؛ وسوقِها على درب القمر بجنون العاشقة! سعيًا خلف قِطافِ بهاءٍ فيه بعضُ سِماتِ الحبيب، تلهوحتّى حلولِ أوانِ العودة... لأنَّها مع حبيبِها، تحيا جَذلانةً خارجَ الزّمان، فحبُّها له حبٌّ متّصل لا يحُدّ ُنبْض قلبها فيه توقيتٌ! فهي، لا يربطُها بالوقت، سوى سَماعها لدقّات قلبِها طربًا كلّما حظيت برسالةٍ تتهجّى في ختامها اسمَ حبيبها، الذي لم تعُد تفقه من الأبجديّة سوى حروفِه! ولكن، كم رائعةٌ صحوتُها حين ذكّرت حبيبَها بأنّها امرأةٌ مثقّفة وعلى سِعةِ علمٍ، ومن كانت على هذا القدْر وفي تلك المرتبة، لا خوفَ عليها من أن يغتالَها تِنّين الحبّ! سيبقى صوتُ العقل فيها، كصوتِ الضّمير أَعلى، وينقذُها من براثن الضّاع!! ولأستعِدْ قولَها معكم بحرفيّته، لشدّةِ وقعِه: "امرأةٌ تقرأ،/ وحدُها تعرفُ من أينَ يؤكلُ الحرفُ!!". وبالتّالي فهي مُخلصةُ في حبِّها إلى أن يحينَ الخلاص! بَدءًا ببقائه ملامساتِ الحبيب كالوشمِ في عُنُقِها وكدَين إِخلاصٍ له، حتّى استذكارِ ما يدورُ بينهما من وشائجِ الحديثِ من خواطرَيسافرُ قلبُها إليه من خلالِها في كلّ لحظةٍ وهُنيهة!فحبيبُها يمثّلُ في حياتها كلَّ مظاهر الجمال، ويغتسلُ صوتُها بعطر الورود كلّما تهجّى قلبُها قبل اللِّسان اسمَهُ، فتغدو قصيدتُها له فعلَ تبتُّلٍ وصلاة!! وصْلاً إلى اللّون الأسود الّذي يستحيلُ مع امرأةٍ مُحبّةٍ، حبيبةٍ ومحبوبةٍ رمزًا للغِبطةٍ والفرح بعد أن عرَفه الإنسانُ منذ زمنٍ أزل، شارةً للحزن وسِمةً للحِداد؛ فيستحيلُ قميصُ الحبيب الأسود معها حُقَّ كُحلٍ يُبرز فرحةَ عينيها وبهاءَ الطّلة كلما رنَت إليه مُتأمِّلةً!! كما وأنَّ حروفَ اسمِ حبيبها تغدو إكسيرًا يُعيدُ للورقِ حياته، بعد أن استحالَ حبُّها حيًّا به الورق! آهٍ من حِلمِكِ كلود ناصيف حرب! ومن غوايةِ أطيافه جميعِها؛ حيثُ بتُّ مثلَك تدغدغُ مخيِّلتي جميعُ رؤآه،ولا أودُّ منه صحوةً!!وعرَفتُ أيضًا أنَّ حُبَّكِ لا بديل عنه وقد تخيَّرتِه بعد تبصُّرٍ: إن كان حبيبُكِ من لحمٍ ودمٍ فهنيئًا لقلبِه مُحبّتُه ومحبوبتُه بإقامتِها والسُّكنى؛ وإن كان من نسجِ خيالٍ على نَول التّمني، فيا طوباكِ من أميرةٍ تبتَّلت الحُبَّ شهقاتٍ، زفراتٍ وطولَ أناة. كلود ناصيف حرب، امرأةٌ تكتبُ بدمِ القلب ولُهاث الرّوح، فتتضوّعُ كلماتُها بعبيرِ أدبٍ صادق النّبض، منغمسٍ برومنسيّةٍ رقيقةٍ شقيقةٍ، يعلو منسوب موجها ليغمر قلوب ونفوس قرّائها، بغَمرٍ من دمعٍ حُلو المذاق كدمع العذراء يوم بَكت وحيدَها! تحيّةٌ من القلب إِليك صديقة كلود، وإلى إخوةٍ يُلحُّون طرقًا على باب التّمني: أنْ باللّهِ عليك، فليكن لنا معكِ بعدَ هذا الكتاب الباكورةِ لقاءٌ، حولَ عِمادة ِ مولودٍ فكريٍّ جديد
وبعد السيدة منزلجي قرأ الدويهي مطالعة نقدية للأكاديمي الدكتور عصام حوراني – بيروت، بعنوان "كلود ناصيف حرب – وبحر من الذكريات والأشواق والحنين"، وفي ما يأتي نصها
أيّها الحبّ! ما أعظمك وأنت تشعشع في زوايا النفس، وتشمخ في أعماقنا المضطربة، فتعيد إلى الرّوح السكينة والضياء، وتبعث في الرّوح الحياة النقيّة، فتصقل النفسَ وتعركها وتطحنها خبزًا سرمديًا يُقدَّم ساخنًا على موائد الغرام العامرة في زوايا المعمورة. الحبّ أنتَ يا غذاء الرّوح التائهة في عوالم خفيّة، فهو لا يعرف صخب المعامل والأسواق، وضجيج المصانع والنفاق، وموائد الصيارفة. الحبّ يسمو بنقاوته وطهره ويُحلِّق مع كلود ناصيف حرب بأجنحة من خيال عذبٍ راقٍ. سلام لكِ يا شاعرتنا الراقية كلود، وأنتِ تُبحرين بين أمواج المحيط الأزرق، تتقاذفكِ الذكريات، فتتصاعدين تائهة مع كلّ جَزْرٍ ومدٍّ، مع الأنواء والأعاصير التي ترميكِ على شواطئ أستراليا فتاة أليساريّة فينيقيّة ما زالت عاشقة لبحر الرّوم الأبيض. تطوِّفين في غير مراح، والسفرُ معكِ يا قبطانة الشعر والقوافي جميل ومريح، ومن حولكِ عرائس الضّاد ومهرجانات الأدب، تحملين معك جبال لبنان وسهل البقاع بكلّ كِبر وشموخ. والرّيح تعصف بالأشواق والحنين، وأنتِ صاغرة هائمة بين قراصنة من جبل الأحزان والرياح، ولسان حالك يُردِّد: "أريد أن أقوى عليها بكَ... أيّها الحبُّ... أيّها الحنين...أريد أن أنتصر... أريد أن أرتدي كلّ ألوان الفرح...كلّ الأماني... وكلّ الأحلام...". الحبّ هو الخيال التائه في بحورٍ من العشق والهيام، هو الإبحار في عالمٍ الغرباء، حيثُ ضاعت المجاديف، ولم يبقَ إلّا قبس نوركَ يوجّهني من بعيد، يهديني إلى طريق الحبّ، وأسمعكِ يا شاعرتنا تنادين الشوقَ والحنينَ من خلف المحيط الهندي، من خلف بحور تيمور وأرمورا وكورال: هل تعلم كم سافرَتْ صلواتي وراءَ البحار؟أبحرتُ على كلّ الشواطئأفتِّشُ عن جزيرةِ حبّلا يسكنها إلّا الأنقياء والأوفياءوأعلم أنّ الحياةَ مثلُ المحيطِ الأزرق،نسافرُ فيه إلى ما لا نهاية،ولا يبقى لدينا شيءسوى بعض الذكريات... الحبّ لدى شاعرتنا هو الشوق والحنين، فعندما يبتعد الحبيبُ، تشعر بدفء خياله، وتشعر بأنّه في قلبها، يسكنه بفرح وسكينة... فنسمعها تخاطب الحبيب الذي يتساءل عمّا إذا كان الحبُّ والشوق ما زالا في قلبها أم أنّهما غادرا القلب ورحلا مع فراشات الرّبيع على بساط الرّيح الذي حاكت كلود خيوطه من "دقائق أوقاتِ الانتظار": "فهل تعلم أنّنيﻓﻲ غياﺑكَ...ﺟﻠﺴﺖُ ﺃﺧﻴﻂُ ﺩﻗﺎﺋﻖَ ﺍﻟﻮﻗﺖِﺑخيوط ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ،ﻟﻳﻜﺘﻤﻞَ ﺛﻮﺏُ الانتظار؟" الحبّ مسكنه القلب، وهو شعور غريب يؤاتي الأحبّة، ولا يعرفون كنه أسراره، هو شعورٌ داخليٌّ عميق، لا يعرف لذَاتِهِ ولا يُعانيه سوى أهل الانخطاف والشطحات، وهو أغلى ما لدى المحبّ، وقد قال شوقي: وعندي الهوى موصُوفه لا صفاته.... إذا سألوني ما الهوى؟ قلتُ: ما بيا؟ نعم، وكما قال أيضًا:"ومَنْ يَهوَ لا يُؤثر على الحبِّ غاليا". وكلود ناصيف حرب تترك الدنيا وما فيها، وتعدو خلف مراح الحبيب، حيث الفرح الكليّ، هناك تمكث في جزيرة الحبّ المنعزلة المتقوقعة في البحر الأدرياتيكي، أم في بحور أستراليا أم في بحر الحبّ الطاهر النقيّ في قلب المحبّ: "فهيّا معي لنذهبْ إلى جزيرةِ الكنزِ المفقود...هو في داخل قلبي وقلبك...هناكَ نسكنُ في جزيرةِ الحبِّ والحنين". ما أبهاكِ يا شاعرتنا وأنتِ قد غمستِ ريشة قلمكِ في قمقم عطرٍ، من عند عبْقر، ولقد قدّمتِ نفثاتِ شعركِ عطرًا، فأعطيتِ من كلماتك نضحًا طيِّب الأعراف، وجاءت معانيك مخضَّبة بألوان الفجر الليلكي، وحمرة الشفق. ونسير وإيّاكِ يا شاعرتنا العزيزة كلود في شراع تتقاذفه الرِّياح ولا تلويه أو تكسره، إلى أن نصل معكِ إلى جزيرة الحبّ حيث المنتهى، فنشعر بالأمان مع أدب مستلٍّ من شِيم الخصال وكريم الفعال
ثم قرأ الدويهي مطالعة الشاعر والناقد حاتم جوعيه – فلسطين حول نص أيها البعيد القريب
حضرة الأخوات والإخوة الكرام : كان من المفروض أن أكون موجودا بينكم الآن في هذه الجلسةِ الحواريَّة - في مدينة سدني باستراليا - لمناقشةِ نصٍّ أدبيٍّ للإعلاميَّة والأديبة والشاعرة المبدعة كلود ناصيف ، ولكن لظروف صِحّيَّةٍ صعبة ولبعدِ المكان لم أتمكن من المجيىء .. ويسعدني ويشرفني أن تكون لي مداخلة او بالأحرى قراءة صغيرة في هذه المناسبة الثقافيَّة الميمونة . إنَّ الإعلاميّة والكاتبة كلود ناصيف غنيّة عن التعريف فقد حققت شهرة وانتشارا واسعا في استراليا والعالم العربي على الصعيد الأدبي والإعلامي .. لقد دخلت الأدب من باب الإعلام وكانت مذيعة في "صوت المحبَّة " وأبدعت وتألقت في هذا المجال، وتابعت مشوارها بعد ذلك في عالم الشعر والادب وأبدعت في هذا المجال أيضا أيما إبداع ، وقد نشرت كتاباتها الإبداعيَّة في المنبر الإعلامي المشهور موقع أفكار اغترابية ) الذي يديره الصديق والأخ العزيز الشاعر والأديب والناقد الكبير الدكتور جميل الدويهي..هذا المنبرالرائد الذي يستقطبُ خيرة الكتاب والشعراء اللبنانيين والعرب في استراليا ومن شتى الدول العربيَّة . وفي هذه المداخلةِ الصغيرة سأقدم تحليلا مقتضبا لقصيدة ( أيها البعيد القريب ) للأديبةِ الشاعرة كلود ناصيف - حرب . هذا العملُ الأدبي .. أو بالأحرى القصيدة وتستحق هذا التعريف وهذه التسمية تصنفُ وتدرجُ ضمن الشعر الحديث الحر-المتحرر من قيود الوزن والقافية ، وقد يسميها البعضُ خاطرة أدبية ..فهي شعر بكلِّ معنى الكلمة بلغتها الجميلة وتموجاتها المشعَّة وموسيقاها الداخلية وألفاظها الساحرة ، ولكنها ليست موزونة حسب بحور الخليل التقليديَّة...وفيها يتجلى ويشعُّ كلُّ عناصر الجمال والأبداع .. والجديرُ بالذكر أنَّ القصيدة النثرية الإبداعيّة تحتاجُ إلى بعض التقنيات والعناصر الهامة حتى تجاري القصيدة الموزونة في جماليتها وتألقها ..العناصر والأسس والتقنيات التي قد تسدُّ وتغطي على الحَيِّز والجانب الهام والمفقود وهو الوزن الشعري ...وليس كلُّ شاعر يستطيعُ أن يكتبَ قصيدة نثرية ناجحة ، لأن هذا الأمر يحتاجُ إلى موهبة شعرية فطرية فذة وإلى قدرات كبيرة وإلى ثقافة واسعة وإلمام في شتى المواضيع والمجالات ، ويجبُ أن يكون الشاعرُ أولا وقبل كل شيىء يجيد كتابة القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة...والذي لا يستطيعُ كتابة القصيدة العمودية الكلاسيكية لا يستطيع كتابة القصيدة الحديثة الحرة الإبداعيَّة .. وهذه القاعدةُ يعرفها معظمُ النقاد والأدباء . تمتاز الأديبة الشاعرة " كلود ناصيف " في جميع كتاباتها ، وفي هذه القصيدة أيضا بلغتها وأسلوبها الأدبي الشاعري الجميل والرقيق والشفاف أحيانا والساحر والجميل وبالمعاني العميقة وبالأبعاد الإنسانيَّة والفلسفيَّة ..حيث تكثفُ الشاعرةُ من المعاني وتستعملُ الأستعارات والتعابير البلاغيَّة الجديدة والمبتكرة ..وكل قارىء ذكي ومثقف يشعرُ أن الأديبة لها قاموسها الشعري الخاص بها ولها أسلوبها المميز ونكهتها الخاصة . هذه القصيدة طابعها وشكلها الخارجي غزلي،ولكن الشاعرة ترمي وتهدفُ إلى مواضيع أخرى غير الحب والعشق والعواطف والمشاعر الجياشة والشوق المؤجَّج العارم للحبيب المنشود ..ويلتقي في القصيدة البعدُ العاطفي والوجداني مع البعدِ الوطني ، وتذكرنا بشعراءِ المقاومة الفلسطينيِّين الذين يشبهون الأرضَ والوطن بالمرأةِ والفتاة الجميلة ..وبالشاعرات الوطنيات الملتزمات والمناضلات (العربيات والفلسطينيات) اللواتي يشبهن أحبَّاءَهنَّ وفرسان أحلامهن بالوطن الجميل المعطاء . وقد يحلِّلُ البعضُ هذه القصيدة على أن الشاعرة قد كتبتها للوطن الكبير والجميل ولم تكتبها لشخص ما حيث تقول : ( " لا أريدُ من هذا الليل سوى قمر أنتَ قمري أنتَ لي وطن .... عيناك مسقط قلبي " ) .. إلخ ... ..وتستعملُ في القصيدةِ التشبيه والتشبيه المضاد والمعاكس .. والقلائلُ من الشعراء العرب اليوم والمجددين ورواد الحداثة يستعملون هذا الأسلوب ويدخلون هذا المنحى... والجدير بالذكر أنه في معظم الشعر الأجنبي الكلاسيكي القديم وليس الحديث وأيضا الشعر العربي جميعه قديما وحديثا نجد أن التشبيهات هي دائما مباشرة وواضحة كالتصوير الفوتوغرافي.. حيث تنقلُ التنشبيهات والصور بمعنانيها المجرَّدة والواضحة ويوجد علاقة مباشرة وواضحة ومطلقة بين الشيىء أو الموضوع والموضوع الآخر المشبه به ، وقد شذ عن هذا الامر امرؤُ القيس بعض الأحيان في الشعر حيث في العديد من صوره الشعرية وتشبيهاته المميَّزة لا يوجد أي تشابه بين الشيىء أو العيِّنة التي اختارها والشيىء والموضوع الآخرالذي يشبِّهُهُ بها ، ولكن التشبيه يكون معقولا ومنطقيا .. وشاعرتنا هنا تستعملُ هذا اللون الذي يندرُ في الشعرالعربي حتى في الشعرالحديث حيث يكون الموضوعان والأمران اللذان تشبهما ببعض متناقضين وعكس بعضهما البعض ولا يوجدُ أيُّ وجهٍ أو صلة للتشبيه تربط بينهما، فمثلا عبارة : ( حديثك الصامت )..فالحديثُ هو الكلام الذي نسمعه بالإذن، والحيث لا يكونُ صامتا أو أخرسا .. وممكن أن يكون التعبير بالإشارات أو بنظرات العيون التي تكون صامتة وليس لها صوت ولا تسمع بحاسة الإذن . وتستعملُ الشاعرةُ - في هذا النصَّ- بعض التعابير والمصطلحات البلاغية الجميلة التي قد تكون مبتكره ، مثل
صوتك يختال بهدوء في أذني...
إنهُ لتعبير جميلٌ وله وقعُهُ الساحرعلى المتلقي، ويوجدُ التناقضُ الجميل في المعاني والأشياء المشبهة ببعض..فالصوتُ الذي يختالُ وكأنهُ فارسٌ مغوار معجب بنفسه يكونُ اختياله رزينا وخفيفَ الظل وغير مزعج ، ومكان وجغرافية الإختيال هو أذن الشاعرة وحاسَّة سمعها..والأذنُ تعشق قبل العين احيانا -على حد قول الشاعر العباسي المخضرم ( بشار بن برد ) ..والتشبيهُ هنا تشبيهٌ حِسِّي وشعوري وروحاني وليس ماديًّا ملموسًا. وبعد هذه الجملة الشعرية تتابعُ الشاعرةُ قولها مباشرة : ( تنبتُ قصيدة فوق شفتي) وفي هذه الجملة التي تختمُ فيها الشاعرةُ القصيدة قد نجدُ كلَّ الفحوى وملخّص الرسالة التي تريدها الشاعرة .. وبالإمكان تلخيص وتقييم هوية وطابع وسيميائيَّة هذه القصيدة في عدة أسس ومجالات، وهي: 1 ) تستعملُ الشاعرةُ أسلوبَ السهل المتنع أحيانا ، وتبدو المعاني والصور الشعرية كأنها عاديَّة ومألوفة ، ولكنه من الصَّعب على كلِّ شاعر أن يأتي بمثلها ويرقى إلى مستواها الفني المُمَيَّز . 2 ) التناغم والإنسجام والإنسياب الجميل بين اللفظ والمعنى . 3 ) المحاكاة الضدِّيَّة والتشبيهُ المعاكس والمناقض..إذ لا يوجد أيُّ صلةٍ أو تشابه بين الشيئين والأمرين المُشَبَّين ببعض . 4 ) نجد أيضا في بعض العبارات والجمل الشعريَّة المعاني العميقة المترعة بالأبعاد الفلسفيَّة والأجواء الرومانسيَّة الحالمة وبالرؤيا الشمولية للحياة الجميلة...وهذه القصيدة أو النص الأدبي نابضة بالأمل والتفاؤل والإشراق وتنبؤُ بربيع مزهر وغدٍ جميل رائع
وختمت الجلسة الحوارية بقراءة رسالة أرسلها الصديق ألبير بطرس – نيويورك، هذا نصها
بالرغم من اننى لم التق بالاستاذة كلود شخصيا .. بالمصادفة وعلى الانترنت وجدت موقعاً اسمه صوت المحبة .. و حينما دخلت لموقع هذه الإذاعة فوجئت بصوت جذبنى بشدة، صوت لم اسمعه منذ ٦٢ وهو عمري فى ذاك الوقت .. و أصبحت مدمناً لهذا البرنامج و بمجرد ان تأتى نهاية حلقة البرنامج اتمنى ان يمتد لساعات .. واقولها و بكل ثقة ودون مجاملة ان الاستاذة كلود ناصيف حرب اجمل صوت اذاعى دون منافس .. وخسارة ان هذا الصوت معطل.اما عن بوستات الاستاذة كلود على الفيس فكلها متفائلة وتشع بالحب والامل .. فهي تنتقى كلماتها بدقة ومشاعر حقيقية فتصل للقلب بسرعة عجيبة.انا متابع جيد لكل كلمة تكتبها الاستاذة كلود .. في اوقات شدة مرضي الذي يجعلني فى بعض الاحيان لا أفارق سرير مرضي .. و لكن المفاجأة تكون قراءة بوست للأستاذة كلود وكأنها تعلم ما انا فيه وتبعث برسالة امل تجعلنى اشعر بأنني اقفز من سرير مرضي و يملأنى الامل بغد افضل.كلماتها عن الحب فى منتهى الرقى والأحاسيس الشجية من قلب يفيض بالمشاعر الحقيقة النقية.كنت أودّ ان احضر هذه الأمسية لاستمتع مع الحضور بالاستماع للأستاذة كلود بشخصها مع الانسان الجميل الذي سعدت ان اعرفه منذ ايام قلائل وحزنت لاننى لم اعرفه من قبل .. وعلي وعد ان اقرأ له كل ما يكتب لانه أديب يستحق ان يسجَّل اسمه فى التاريخ مع رواد ادب المهجر.اعتذر عن الحضور لوجودي في الاراضي المقدسة.الاخ الحبيب سيمون، كل سنة وحضرتك طيب يا صاحب اجمل ابتسامة تنبع من قلب طفل في منتهى البراءة.استاذتي الفاضلة كلود: ارجوكِ عودى للإذاعة.تمنياتى لحضرتك والاستاذ الجميل جميل الدويهى كل كل نجاح ومزيد من التألق الدائم.تقبلوا مني كل محبة وتقدير واحترام لكم جميعا وللحضور الكرام
يذكر أنه أثناء الحفل، قدمت كلود وسايمون عدة أيقونات، وقدم الدويهي وعقيلته مريم لسايمون قصيدة معايدة في إطار أنيق، كما قدم جميل ومريم باسم "أفكار اغتربية" غلاف كتاب كلود الجديد "عيناك مرفأ لحنيني" في إطار. وقرأت كلود قطعين عن الحبّ والمحبة من رائعتي الدويهي الفكريتين "في معبد الروح" و"تأملات من صفاء الروح". كما ألقى الشاعر نجيب داود مقاطع شعرية مهداة إلى كلود وجميل والأب الرئيس لويس الفرخ
وبعد ختام الجلسة الحوارية، انتقل الجميع إلى جناح خاص في الصالة طغت عليه الأناقة والترتيب، للاحتفال بعيد ميلاد الغالي سايمون حرب، حيث قطع الكايك، وأنشد الجميع له "هابي بيرث داي"، ولون الاحتفال غناء جميل من الأب إيلي رحمه والفنان خالد الأمير. وألقى د. جميل الدويهي نصاً نثرياً باللغة العامية لتهنئة الصديق سايمون بعيد ميلاده قال فيه
حبيت قول هالكلمات للصديق والخي الغالي سايمون حرب، بمناسبة عيد ميلاده. رحلة عمر مْشيتوها، والعمر ما كان لعبه، مع الإيمان مشيتو، وعا مركب النور قطعتو بحور بعيده، تا وصلتو عا أرض جديده. ومين قال ما عمّرتو عالشط بيت كبير، معبد روح وإلتزام، واللي عمّر هوّي الله الما بيترك حدا، وما في حدا غيرو بيقْدر يحطّ حجر عا حجر. قديش في ناس بيتباهو بالدهب، وإنتو كل لحظة من حياتكن هيّ أغلى من الدهب. وهلّق وقت اللي بفكّر بسايمون وكلود، بشوف أربعه بالبيت،هنّي وطفلين زغار خلقو من الحنين، عم يتدلّلو... وعم يلعبو تحت ضوّ القمر. يا سايمون، كل يوم بحياتك عيد لأنو كلود معك، وقلبها الحلو، النفي، الصادق، الوفي، معَك. ونحنا معك أصدقاء بيحبّوك ، وكلما سألت عنّا بتلاقينا إخوه إلك. وإنت كتبت كلمة محبّه بقلوب الجميع. وهالكلمه ما بتنْمحى وما بتزول لأنا كلمة ألله. وأنا دايماً بقول إنو كلود وقت اللي سهرت تا تكتب الكتاب، كنتْ إنت وحدك قصيدة الحبّ الأبدي وكنت وحدك عنوان الكتاب. وأجمل هديّه بعيدَك مش من تراب هالأرض، هيّي من روح وسما وعبير، ومن كلود سيّدة الحنين، عصفورة الحنين، "كلمة بحبّك أنا"، وعينيك يا سايمون حرب هنّي مرفأ للحنين
الليله فرَحنا كلّنا، فرح تنورين وزحله وكل ضيَع لبنان، وكمشة نجوم نقّتهن جاندارك من كتاب السما تا تودّيهن لإلك... هيّي اللي بتصلّي للكلّ، والمسبحه بإيدا مسبحة الدموع المشتاقه عا بنتا وعا ابنها، وعا ولادها المشرشرين خلف البحور. وأنا وصّيت عصفور بيضلّ يسافر عا ميدان إهدن، تا يرتّل هونيك ترتيلة الخلود، ويضْوي تلات شمعات بسيدة الحصن، واحدة تا الرب يحمي سايمون، وواحده تا الرب يحمي كلود من عيون الأشرار والحاسدين، وواحدة تا العدرا تحفظ بتوبها الأزرق لبنان والغيّاب وكلّ المحبين. وكل عيد وإنتو بخير
كلادس القزي وقعت باكورتها
كمشة رسايل لأمير الليل
نشر في 15 أيار 2019
برعاية مشروع الاديب د. جميل الدويهي افكار اغترابية للادب الراقي، اطلقت المبدعة كلادس القزي باكورتها الادبية "كمشة رسايل لامير الليل" في صالة جمعية الجية الخيرية بلفيلد. حضر المناسبة حشد من ابناء الجالية يتقدمهم الاباء الاجلاء بولس كرباج، بولس ملحم، جان جبور، شربل القزي، شليطا البستاني، بيتر دياب، رئيس جمعية الجية الخيرية حليم القزي، السيد شربل القزي زوج كلادس وافراد العائلة، وامينة سر افكار اغترابية المبدعة مريم رعيدي الدويهي. قدم المناسبة الاديب د. جميل الدويهي مستهلا بكلمة ترحيب. ثم القى رئيس الجمعية حليم القزي كلمة اشاد فيها بالمبدعة كلادس القزي والاديب د. جميل الدويهي صاحب مشروع افكار اغترابية ودوره في نشر الفكر والحضارة. ثم كانت قر اءات من نصوص كلادس القتها كل من دنيا القزي، نيكول قزي نخله، مريم رعيدي الدويهي وجوزيف البستاني، ورافق القراءات موسيقيا الفنان الياس القزي. وكانت وقفه غنائية مع الاب جان جبور. وبعده قدم الاديب الدويهي المبدعة كلادس التي "دخلت الى افكار اغترابية بالصدفة وكانت ترسل غمارا من كتاباتها... وبكمشة رسايل لامير الليل توجت تلك الكتابات". وقال ان كلادس "لم تدّعِ انها شاعرة كما يفعل كثيرون بل قالت انا مبدعة واشتغل في الادب". ونصح الدويهي كلادس بان تتابع رحلتها، "فافكار اغترابية قد يكون في مكان اخر وبيئة اخرى لان الطائر الازرق لا يعرف الهدوء والسكينة". والقت كلادس باقة من نصوصها ورافقها الحضور بالتصفيق، كما غنت قصيدتين للبنان ومار شربل بصحبة الموسيقى. وقدمت كلادس للدويهي هدية هي صورة لكنيسة سيدة الجية. والقى الاب شربل القزي كلمة مباركة قبل ان ينتقل الحضور الى قطع قالبين للكايك، واحد أعدّ للمناسبة، والاخر بمناسبة عيد ميلاد القديس شربل. وكانت ضيافة سخية وتوقيع الكتاب. الف مبروك
وفد أفكار اغترابية في المكتبة الوطنية - بيروت
بدعوة من منتدى لقاء (19 آب 2019)
في إطار زيارته لبنان والتوأمة بين نادي الشرق لحوار الحضارات ومشروع الاديب د. جميل الدويهي «افكار اغترابية للأدب المهجري الراقي في استراليا». أقيم في المكتبة الوطنية في بيروت أمسية شعرية حاشدة ضمّت عدداً كبيراً من المغتربين اللبنانيين في أستراليا
حضر اللقاء مدير المكتبة الوطنية الدكتور حسان العكرة، الدكتور عماد يونس فغالي، الاعلامي ايلي السرغاني، وحشد من المثقفين والادباء والاعلاميين ووجوه اجتماعية من لبنان والمغتربات
بعد تقديم من الشاعرة المميزة جوليات انطونيوس، كانت كلمات لكل من الدكتور عماد يونس فغالي والاديب سليمان يوسف ابراهيم. بعدها قدم الفنان ادي بندلي وصلة طربية ثم توالى على الالقاء اعضاء الوفد الاغترابي: الشعراء احمد الحسيني، د. اميرة عيسى، كلادس القزي، ريتا القزي حاتم، غادة ارناؤوط، محمد الديراني، مريم رعيدي الدويهي. وختم الاديب د. جميل الدويهي بكلمة شكر وباقة من نصوصه الشعرية
بعد وصلة طربية ثانية من الفنان ادي بندلي، قدم الاديب د. جميل الدويهي هدية محبة الى د. عماد يونس فغالي، وقدم منتدى لقاء درعا تقديرية الى الاديب الدويهي، ودرعا الى الدكتور حسان العكرة، وشهادتي تقدير للشاعرة جولييت انطونيوس، والفنان ادي بندلي. وطلب الدكتور العكرة من الدويهي تقديم هدية للجمهور، قصيدة من اعماله، فلبى الدويهي الطلب، والقى قصيدة - اسمك
وانهى الفنان ادي بندلي بوصلة طربية ثانية، فاجاد وامتع الحضور
سبق الأمسية لقاء ضم مدير المكتبة الوطنية د. حسان العكرة، رئيس «منتدى لقاء» د. عماد يونس فغالي، الاديب سليمان يوسف ابراهيم، ومؤسس مشروع افكار اغترابية د. جميل الدويهي وعقيلته السيدة مريم رعيدي الدويهي، تم خلاله التداول في امور ثقافية ودور الادب المهجري في اغناء الحضارة . وشرح الدويهي عن مشروعه والاعمال التي صدرت منه. وتمنى الدكتور عكرة على ادباء المهاجر تزويد المكتبة الوطنية باعمالهم
من جانبها، قدمت الاديبة الدويهي ٣ كتب من اعمالها الى المكتبة الوطنية من بينها كتابها الابداعي “عالجسر العتيق ما لقينا مطارحنا”، وقدمت أيضا كتاب الاديبة كلود ناصيف حرب “الاديب جميل الدويهي عبقري لبق من بلادي”، وقدم الاديب الدويهي الى المكتبة كتابه الابداعي عا مراية الحبر انتي القصيده والورده الوحيده
يذكر ان مناسبات الوفد متواصلة تباعا في جران البترون، بيروت، اهدن، بشري، الجيه، البقاع، طرابلس، المنية والضنية
أمسية لجميل الدويهي في ملبورن
نشر في 28 أيار 2015
ملبورن المدينة الجميلة الوادعة على شاطئ بعيد، كانت في ربيعها الأنيق، وتوافد أهلها الطيّبون العاشقون للوطن والفكر والثقافة إلى رحاب الكلمة المعبرة عن الإنسانيّة وهموم الحياة. فتحوا قلبهم للدويهي المغرّد في سماء سيدني والشرق، وغمروه بعاطفة أين منها عاطفة الأخ على أخيه، والأب على أبنائه؟ هؤلاء المفعمون بالإيمان والنبل والقيَم قال عنهم الدويهي: أنتم تجسدون الشرق الكبير، والوطن الغالي، وتعيدونني إلى الأيام الجميلة، ولأنكم موجودون في الإنسانية أعرف أن الإنسانية العظيمة باقية، وأن الظلام ليس له مكان في بيوتنا وطرقاتنا
وقال الدويهي: كنت أتعجب كيف أن شاعراً أو أديباً يقول إن الكلمات تعجز عن التعبير عن مشاعره. والآن أصبحت أعرف كيف يكون الشاعر أو الأديب عاجزاً عن التعبير
جمعت أمسية الدويهي أهل ملبورن حول وليمة العشق والقصيدة الراقية، جاؤوا من كل صوب وحدب، يتقدمهم سعادة قنصل لبنان العام الأستاذ غسان الخطيب... جاؤوا من جميع الأحزاب والتيارات والمؤسسات والجمعيات ومن المجتمع المدني، من غير استثناء، واستمعوا إلى أنواع ثلاثة من الشعر، هي الشعر العامي، والقصيدة العمودية، والشعر المدوّر. وقوطعت القصائد بتصفيق شديد، وكانت مناسبة من مناسبات الشوق والحنين، حنين إلى الوطن، وشوق إلى الحبيبة، وإلى الأرض التي لا تنفصل عن الإنسان
الأمسية كانت في مناسبة إطلاق كتاب تاريخ للدكتور الدويهي عن أشهر المعارك الإهدنية في التاريخ (باللغة الإنكليزية)، وقدم فعالياتها من الزميل الأستاذ زاهي الزيبق الذي أجاد وامتع وتميّز. خاض في المواضيع بعمق ورويّة، فأغنى اللقاء بحضوره وكلامه العذب والرصين. وبعد النشيدين الوطنيين الأسترالي واللبناني كانت الكلمة الأولى للأستاذ أنطوان حربيه الذي استهل كلمته بالقول: هُو البحرُ من أيِّ الجهاتِ أتيتَه، تنتظرُه شاعراً بلغةِ العَرب، فيأتيكَ بالعامّيّةِ من جهةٍ، ثم يأتي وفي يدِه "طائرُ الهامة" يصيحُ بها في وجهِ الثأر، ثمّ يُطلُّ من نافذةِ الفكرِ في معبدِ الروح، الذي هو فلسفةٌ من الطرازِ الرفيع. وتدعوهُ إلى قهوةِ الصُّبح، فيتأبّطُ كتابينِ بالإنكليزيّة، واحداً عن البطريرك إسطفان الدويهي، والآخرَ عن أشهرِ المعاركِ الإهدنيّةِ في التاريخ. وهل بعدُ نُصدِّقُ أنّ الدويهيَّ شاعرٌ، أم هو أديبٌ، أم مُفكّر، أم ماذا؟
وأضاف: في لبنان يُدرّسونَ له كتابَينِ في الجامعة، وكُتُباً في المدارس، وتُدرّسُ قصائدُه في الثانويّات، ويَكتبُ عنه نُقّادٌ ودارسون، وهو الباحثُ الذي له باقةٌ من الدراساتِ الأكاديميّةِ المُحَكّمة... هذا هو الدكتور جميلُ الدويهيّ، الذي لا تعرفُ ماذا تُسمّيه، ولكنَّ له اسماً واحداً: اهدنيٌّ ابنُ إهدن، ولبنانيٌ يطيرُ بلبنان، وشرقيٌّ يعيشُ في الشرقِ ويعيشُ فيه. قِيل عنه بالأمسِ القريبِ إنّه فيلسوفُ العصر، وقيل: خليفةٌ لسعيد عقل، وهو يضحكُ ويقول: اللهُ هو الشاعر، وأنا مُنْتَحلٌ صِفة. حتّى أصبحتْ هذه الجملةُ شِعاراً له، كما شِعارُه: أنا حُرٌّ لأنّ اللهَ حُرّيّة
ولفت الحربية إلى أن الدويهي يكتب خمسة أنواع من الشعر ويبدع فيها جميعاً حتى لكأنّه خمسة شعراء في شاعر واحد
بعد كلمة حربيه كانت مطالعة نقدية من الأستاذ سامي مظلوم الذي قال: "الجميل والمهم في جميلنا، كلما عدت إليه، إلى كتاباته تشعر أنك تقرأه من جديد. كاتب كما يقال حقاً، صاحب أسلوب خاص لا يشبه أسلوب أي كاتب ممن سبقوه أو عاصروه
واستشهد الأستاذ مظلوم بالعديد من قصائد الدويهي وأعماله القصصية ليربط بينها وبين "أدب الحياة" واصفاً كتاب "في معبد الروح" بأنه جواهر، ومخاطباً الدويهي بالقول: أنت تبني الإنسان، فأنت رسولي في إبداعك... ونحن نقول: نعم إن لم يكن الأدب نبضاً حياً يعشق الوطن والحبيب والإنسان، فما هو بأدب
وألقى الكاتب الأستاذ سركيس كرم كلمة بالانكليزية تناول فيها بلغة نقدية معمقة مواضيع الكتاب، معتبراً أن كتابة التاريخ باللغة الإنكليزية عمل صعب لأن أغلب المراجع تكون باللغة العربية أو الفرنسية، ما يضيف مشقات على العمل. وقال: إن الكتاب نجح في أخذنا إلى رحلة مشوقة، إلى رحاب التاريخ الذي يشعرنا بالفخر بأجدادنا الذين عاشوا وناضلوا ليبقوا في التضاريس الوعرة، التي زادتها وعورة هجمات الفاتحين والغزاة
وبعد أن فنّد الأستاذ كرم مواضيع ومحاور من الكتاب، قدم التهنئة إلى الدكتور الدويهي الذي تساهم نجاحاته في نجاح عام للأدب العالمي، وإنّ ابداعه هو مصدر اعتزاز لجميع المدافعين عن حقوق الإنسان، وإن كتاباته ستتواصل لكي توحي للعديدين حول العالم ولتعكس الروح الحقيقية للأفكار العبقرية
وكانت في الحفل أيضاً مقاطع شعرية ارتجلها الشاعر الزائر من لبنان الأستاذ شربل زغيب. وبعد إلقاء الكلمات قدّم الدويهي باقة من قصائده، وكان الجمهور يتفاعل مع الشعر الأنيق، ويثبت مرة أخرى أن شرقنا الكبير هو شرق النور والإشراق، وسيلفظ الظلم والظلام مهما طال الزمن. لقد أثبت أهل جميل الدويهي في ملبورن أنّ المحبة هي أقوى من كل شيء. هي التي تغمر العالم، وتروي الأرض وتطلع الغلال
وفي الختام، قدّم الدويهي هدايا رمزية إلى المتكلّمين، وتبقى جميع الهدايا أصغر مما قدموه من جمال وعطر ملآ الدنيا
انتهت الأمسية في ملبورن، ووقّع الدويهي كتابه، ثم قطع قالب الكايك، ودُعي الحضور إلى حفل كوكتيل... وغادر الدويهي ملبورن وكثير من قلبه ما زال هناك، وقد وعد بأنه سيعود إلى أحبائه في المدينة الجميلة، فلا بد من ملبورن مرات أخرى، ولو طال الزمن
جميل الدويهي سفيراً للتناغم الاجتماعي
نشر في 22 آذار 2018
أثناء مشاركة الأديب اللبناني المهجري د. جميل الدويهي في يوم التناغم الذي أقيم في مركز موريس ييما -ريفروود، بحضور النائب الفيدرالي طوني بورك والنائب في برلمان الولاية جهاد ديب وعدد من النواب والمسؤولين وقادة الشرطة والمجتمع، فوجئ الحاضرون بالتنويه الذي تلقاه الدويهي من منظم الحدث الأستاذ خضر صالح، الذي أشاد بأعمال الدويهي الأدبية والفكرية في أستراليا خلال 3 سنوات، وهي 15 كتاباً أدبياً مختلفة الأنواع وباللغتين العربية والانكليزية. وأعلن صالح أن الدويهي هو سفير للتناغم وطلب منه تسلم تنويه خاص، وتقديم درع تقديرية لفرقة راقصة فيتنامية شاركت في إحياء المناسبة
وألقى الدويهي كلمة مرتجلة باللغة الانكليزية، شكر فيها المنظمين على هذه الفرصة التي أتيحت له لمشاركتهم بروح التناغم، وشكر الأستاذ صالح على المبادرة، وقال إن صالح كان جاراً له في ضاحية ريفروود في التسعينات، وما يزال صديقاً دائماً.
وكان صالح قد حضر مهرجان الدويهي الثالث في 28 شباط الفائت، وشهد الحشد الكبير غير المسبوق، والأعمال الأدبية الراقية التي قدمت مجاناً (10 كتب) مختلفة الأنواع تدل على تميز وتنويع غير مسبوقين أيضاً. كما أن كتابي الدويهي "في معبد الروح" و"تأملات من صفاء الروح" اللذين صدرا بالعربية والانكليزية هما كتابان فكريان مهمان يدعوان إلى السلام والمحبة وعالم جديد يسوده التناغم.
نشر في 4 - 3 - 2021
ليس لدهشتي عنوان آخر هو عنوان الديوان الشعري الذي صدر حديثا في سيدني للشاعر الأسترالي اللبناني غسان المُنَجِّد، ويعتبر هذا الديوان هو التاسع الذي يقدمه الشاعر لمتابعيه وقال: إن جميع دواوينه الثمانية السابقة قد تمت طباعتها في لبنان إلا أن هذا الديوان أصدر في سيدني بسبب جائحة كورونا وصعوبة التنقل
الديوان الشعري التاسع للشاعر غسان المنجد هو مزيج من العناوين والصور من الشعر الحر حيث يقدم فيه طقوسا ممتزجة المواضيع تتشكل بين الرومنسية في أحيان والغربة والطبيعة في أحيان أخرى. حيث يمتطي الكاتب صهوة الخيال بين دفتي الديوان متنقلا مع القارىء في خمسين قصيدة هي عصارة تجربته الشعرية
وعن عنوان الديوان ولماذا اختار الشاعر قصيدة " ليس لدهشتي عنوان آخر" لتكون عنوان الديوان قال : "لأن هذه االقصيدة تتحدث عن الدهشة في عالم الإنسان فهي بلا حدود. ففي كل يوم يدهش الإنسان مما يشاهده في الواقع من أحداث واكتشافات ومواقف من الصعب أحيانا أن يجد لها عنواناً، وإن وجده فيبقى مأسورا للدهشة". وأوضح أن عنوان الديوان اختاره الشاعر الدكتور والأديب جميل الدويهي صاحب مشروع " أفكار اغترابية" الذي تبنى هذه الديوان وساعد الشاعر في طباعته وإصداره
لعل ما يلفت أيضا في ديوان الشاعر الحس الاغترابي في بعض قصائده وهو الذي أمضى 47 عاما في أستراليا، فرغم أنه زار لبنان لأول مرة بعد غياب عنها 37 عاما يقول عن ذلك: "إن الإنسان يبقى حنينه للوطن وإن غاب عنه، فروحه معلقة مع أيام الصبا رغم مرارة العيش في الوطن الأم في حينه وتأقلمه مع وطنه الجديد". وقال المنجد: أنا بقيت في أستراليا 36 عاما متتالية دون أن أعود إلى لبنان وبعد هذه الرحلة حملت قصائدي هناك وأصدرت أول دواويني
وقد أصدر الشاعر غسان المنجد تسعة دواوين شعرية منها "عيون من جليد" و"إيقاع العطر" و"حين بكت السماء "و"لماذا قص الظل جدائله" وكان قد أصدر عام 2019 ديوانه الشعري ما قبل الأخير الصادر في لبنان بعنوان من أي صمت جاءت الصرخة
كتاب لأليكس حدشيتي بدعم من أفكار اغترابية
خلال مهرجان الأديب اللبناني المهجري د. جميل الدويهي مساء 28 شباط الماضي، تسلم الفنان المبدع الأستاذ أليكس حدشيتي جائزة الأديب الدويهي - أفكار اغترابية، وفوجئ الحاضرون الذين غصت بهم القاعة حتى آخر كرسي، بكتاب يرفعه الدويهي ويقول إنه جديد لأليكس حدشيتي، وبدعم من مشروع الدويهي "أفكار اغترابية" للأدب المهجري الراقي
وأليكس كما هو معلوم، صاحب لغة خاصة، روحية، متميزة، تدل على العلاقة بينه وبين الله، في تجرد روحي رفيع، يفهمه الملهمون وأصحاب البصيرة التي تغلب البصر. ويقول أليكس إن الإيمان يفوق التمتمات، وإن وجود الله أعمق من الموروثات. ويخشى الفنان العبقري أن يفوت العمر ولا يكتشف الإنسان الحقيقة، وليس بالإمكان أن يتم الاكتشاف بالكمال
وبين الدويهي وحدشيتي صداقة مميزة، ونقاش روحي إنساني عميق، ففي حين يوازن الدويهي بين الجسد والروح ويقيم حواراً تصالحياً بينهما في الحياة، ويعتقد أن لا أحد يغلب منهما على الآخر إلا بالموت، حيث تعلن الروح انتصارها، فإن الحدشيتي المفكر يغرق في الروحانية الصافية، بطريقة أكثر من صوفية، هي خاصة له ولم يسبقه إليها أحد
وقد ظهرت أفكار الدويهي في كتابيه الخالدين: في معبد الروح، وتأملات من صفاء الروح، اللذين أصدرهما بالعربية والانكليزية، وأبرز أليكس رؤيته في الكتاب الأنيق الذي يحمل عنوان: النطق بالمنطق - من بلاغة الكلمة حتّى بلوغ النعمة
وقد جمع أليكس نصوصه من خزانة "أفكار اغترابية" مشروع الدويهي للأدب المهجري الراقي الذي أصبح منارة وأيقونة للأدب الرفيع من أستراليا إلى العالم
جلسة حوارية عن ديوان الدويهي "أعمدة الشعر السبعة"
إجماع على الفرادة والريادة في التنوع والابتكار
ودور الدويهي في نشر الأدب المهجري الراقي من أستراليا
يتابع الأديب والشاعر اللبناني مشروعه "أفكار اغترابية" للأدب المهجري الراقي، الذي يقوم على تنوع في الأشكال واللغة، وكان الموعد المنتظر في 16 آب 2017 مع الجلسة الحوارية حول ديوانه "أعمدة الشعر السبعة"، وهو أول ديوان شعر عربي على الإطلاق يحتوي مختارات من 7 أنواع شعر كتبها الدويهي.
أصدقاء تحلقوا حول مائدة الشعر في صالة الوايت كاسل – لاكمبا، وأدلوا بأفكارهم وآرائهم، وكانت إلقاءات شعرية من قصائد مختارة من الديوان.
البداية كلمة ترحيب من الدويهي الذي شكر الحضور وجمعية كفرحلدا الخيرية بشخص الأستاذين كامل المر والياس طنوس لتوفير الصالة الفخمة للمناسبة، أعرب الدويهي عن الإصرار على المضي قدماً في مسيرته غير عابئ بالصعوبات، وعرض لمجموعة من 15 كتاباً أصدرها في 2015-2017، وقال إن الإعلامية الأديبة كلود ناصيف حرب أصدرت من قلب "أفكار اغترابية" باكورتها "كلمات من أعماق الحبّ"، كما أن الأستاذة مريم الدويهي عقيلته قدمت مجهوداً كبيراً في جمع أفكاره الإنسانية والقيم الفلسفية من ثلاثة كتب تحت عنوان "قلائد من فكر جميل الدويهي". وأكد الدويهي على تقديم جميع أعماله مجاناً، لأن عنده حلماً وهدفاً، وهو أيصال الأدب المهجري الراقي من أستراليا إلى العالم. وقال: "في غياب النقد الموضوعي والعلمي الصحيح، أنتم النقاد الحقيقيون، وإذا لم ينصفني الزمن الحاضر، فقد أنصف بعد 100 أو 200 سنة. وأنا لا ألتفت إلى ما يجري الآن إطلاقاً”.
الكلمة الأولى في المناسبة كانت للأديبة الأستاذة آمال معوض فرنجيه – لبنان التي خاطبت الدويهي قائلة:
"لا خوف على مستقبل أنت فيه تنشر الوعي وتحمل بكتاباتك شعلة المحبة والثقافة والآبداع .... جبراني النكهة، أهدني أصيل، ابن زغرتا الوفي الأمين. هذا أنت د. جميل أبن ضيعتي وجار كنيسة سيدة زغرتا حيث تربيت على الصدق والايمان. قلبي بيكبر فيك تعتلي الابداع غيمة غيمة فكأنه ينتظرك في كل غيث ليمطرك صدى فيهوى في ميدانك كل الكلام. تشرق كالنور صباحا أذا رتلت أشعارك .تعزف على أوتار الحروف سمفونيات العشق فتطرب القلوب وتسمو بالأرواح مهللة . تلامس بكلماتك حدود الشمس، تبعث الدفء في القلوب. لقد غصت في البحور السبعة وغرفت منها دررا وللآلىء أغنت الآذواق وزينت الأعناق ."
وختمت : "أيها البهي الباسق كالبيلسان، أيها النسيم العليل المشبع برائحة الشربين والسنديان... أميري الاهدني الذي أفخر به ....مبروك”.
وقرئت في الجلسة رسالة من الأستاذة كلود ناصيف حرب بعثت بها قبل سفرها إلى لبنان تحت عنوان "إلى العبقري اللبق"، قالت فيها:
"هذه الاعمدة الشعرية السبعة هي قمة الإبداع الادبي، تعرفت عليها واكتشفتها من خلالكم. نعم مشروعكم ادبي مهجري وراق لانه فتح لنا الكثير من الابواب الادبية وكان مشروع المنبر الحر للكلمة الفكرية الحوارية. التنوع في العطاء هو نعمة وانت تملكها. ولانك اكثر من شاعر يحق لك لا بل يليق بك ان تزين كتبك بكل انواع الشعر التي تحترفها بأسلوب اكثر من راق وباحتراف. وانا شخصيا لم اجد شاعراً يملك كل هذه المواهب مثلك”.
وأضافت: "نحن ننتظر اعمالك الادبية بشوق، ونطمح ان نقيم في قريتك العالمية الادبية التي لا حدود لها والتي اصبح لي مقر امين فيها من خلال اول انتاج ادبي لي. كانت كلماتي المتواضعة هنا عبر موقعكم الراقي وكأنني كنت اعمر بيتي في قريتكم عبر الاعمدة المهذبة والدافئة”
الاستاذ أنطوان حربية من ملبورن، أرسل كلمة أيضاً قال فيها:
"أنا من المؤمنينَ بأنّ الدويهي هو ظاهرة، لم يتوقّف عندها النقّاد، بسبب بُعد المسافة عن الشرق، واكتفاء الدويهي بذاته كمؤسسة، وعدم اعتماده على مجموعة من المؤيّدين الذين يدورون في فلكه، فصداقةُ الدويهي هي الصداقة المترّفّعة عن كلّ هدف وغاية، ومحبّته هي المحبّة، ووفاؤه هو الوفاء”.
وقال حربيه: "دخلتُ إلى محراب الأعمدة السبعة، وتحيّرتُ في أيّ قصيدة هي الأجمل. هل هي "الحقيبة" في العمودي؟ أم "قد لا تكون مريضةً" في التفعيلة التي ينتظر بها الحبيبة فتتأخر، وعندما تأتي يقول:
لكنًها اعتذرت عن الـتأخيرِ،
واحتالت عليّ بجُملتين،
فحملتُها وقتلتُها،
وتركتُ في أرض الجريمة زهرتين".
غريب مثل هذا التعبير، ومدهشة عملية القتل المُحببة.
أم في الشعر المنثور الذي يذهب إليه الدويهي ليس هرباً من الوزن الذي لا يعرفه الآلاف من شعراء النثر، بل بعد أن شبع من الشعر الغنائي، وكانت له فيه وقفات لا تُضاهى؟ أم في الزجل الذي جعله الدويهي أكثر رقّة وطرافة؟”...
أم في المبتكر الدويهي المدوّر العامي الذي يريده كما أخبرني أن يكون تطويراً للزجل، للخروج به من الشكل التقليدي المتبع، وهو يعرف كما أخبرني أيضاً مقدار الصعوبة التي ستواجه الشعراء في هذا النوع. وكم أدمعت عيناي وأنا أقرأ رائعته: "يا هون يا هونيك يا أرض اللي فيها عشب أخضر”...
وختم حربيه:
"كم أنت رائعٌ أيُها الدويهي في تنوُّعك، واختلافِك وتفرّدِك... وفي أغانيك التي يضيء منها الصباح، ويفوح بالعطر والجمال، وجمالُك سيُنقذُ الأدبَ من الإقذاعِ وبرودة الخريف”.
الأستاذة الأديبة سعدى جرمانوس فرح أثارت في بداية كلمتها قصيدة "عيناك لي" للدويهي التي تحمل في طياتها معاني جديدة، وقد قال عنها أحد الشعراء: "لقد تخطت جمال الإبداع إلى الماورئيات بما تحمله من دفء الكلمة". وعرضت رأياً للشاعر أسعد المكاري الذي قال: لقد استطاع الشاعر والأديب جميل الدويهي في قصيدته هذه "عيناك لي" أن يأخذنا إلى حيث الجمال بما فيها من معان رائدة تستلهمها كل روح لم يلوثها قبح هذا العالم.
وختمت الأستاذة جرمانوس إن قصيدة الدويهي تأخذنا في حلم سابح إلى أجواء ملائكية حيث الرؤى والتسامي في محاكاة الله والجمال.
وألقى الدكتور إميل شدياق قصيدة "إلى بيروت" للشاعر د. جميل الدويهي، فأثار الشوق والحنين إلى الربوع.
الإعلامي الأستاذ أكرم المغوش ألقى كلمة تناول فيها مختلف جوانب الإبداع الأدبي عند الدويهي، شاعراً وأديبًا، ومفكراً، وأكاديمياً، ومؤرخاً، وكاتبا سياسيًا، وإعلامياً، ووصفه بأنه صاحب المفاجآت، وصاحب الإبداع الأول في ديوان "أعمدة الشعر السبعة”.
وقال إن الدويهي بتواضعه وأعماله يختزل موسوعة من الأدب، والفكر والإيمان الصادق بالإنسانية وأن الله محبة.
وأشار إلى ميزة التنوع في أدب الدويهي، "وليس بغريب عليه أن يكون ظاهرة أدبية استثنائية، وهو يقيم المهرجانات الكبرى ويوزع أعماله في سيدني والمدن الأسترالية هدايا مجانية”.
بعد المغوش، تحدث الأستاذ محمد حسين العمري، فشرح أنواع الشعر العربي وأعطى أمثلة عن الشعراء في كل نوع، ليصل إلى أن الدويهي جمع كل الأنواع في ديوان واحد، وأضاف إليها المدور العامي الذي ابتكره عام 2015 وأضافه إلى الشعر العربي. وطلب العمري من الدويهي أن يشرح الشعر المدور، فقال إنه ابتكره من المدور الفصيح الذي كان موجوداً في الخمسينات من القرن الماضي على قلّته، وطوره إلى الشعر العامي، وكتب فيه أول قصيدة على الإطلاق "بيتك حلو". وشرح الدويهي أيضاً أنه كان يخشى أن يبقى هذا النوع يتيماً ولا يكتبه أحد، ولكن شاعرة مميزة من كندا هي الأستاذة رنده رفعت شرارة كتبت قصيدة من هذا النوع، جمعت فيها عناوين قصائد الدويهي من هذا النوع، مثل: بيتك حلو، يا ريت فيها صورتك تحكي معي، عندي حنين البحر للشط البعيد، ما ضل عندي قلب تا إعشق حدا. وتقول الشاعرة شرارة:
"بيتِك حلو"، الله بيتِك شو حلو، رسمتو صور بالبال، كتبتو لعمري خيال، واقف ورا بواب الحَكي، سارح متل خيّال... كتبتِك حكي من بعيد تا ضجّ "الحنين" شفتِِك بحر، شفتِك سما، وواقف أنا وصوتي أنين.. تمنيت إنّي إلمسِك، اقرا بعيونك كل أسرار الدني، جربت أني وشوشِك، ما لقيت الا صورتِك، "يا ريت فيها صورتِك تحكي معي" تقللي تعا، تقللي شو بدا تقول،:تقللي حكي، تقللي عتب، تصرِّخ خلف لْ بواب ويردّ الصدى. تشلَّعِتْ من كتر الزّعَل، "ما ضلّ عندي قلب"، تركتو صلا ع كتف وادي بالوطن، ووصَّيت أنّو ينزرِع بالأرض، وطلبت منو عالصبح ينده عَ شمس الشّارقة، تضوّي لإمي لْ ناطرة، ولوحلها بمنديل. جمعت القصايد بالحكي، قلتلهن يالله تعوا، بدنا عَ "سيدني" نسافر اللّيلة سوا ، معنا حكي وكتاب، حامل "سبع عمدان". شي قصيدة، شي شروقي وميجانا، شي قصص، شي نثر، شي ألحان طلّ الدويهي وجامِع بيوت الشّعِر، ساكنا أحباب من كلّ الدني، جايين حتى من الورد يهدوا غمر.. يرموا تحية فخر للحرف الهَني.”
وعاد الكلام للاستاذ محمد حسين العمري الذي تلا قصائد حفظها من شعر الدويهي.
الأستاذ ألبير وهبه ألقى مطالعة نقدية معمقة عن أنواع الشعر في ديوان "أعمدة الشعر السبعة"، فقال: “أعمدة الشعر السبعة حديقة شعرية تعبق بأريج الكلمة والصور الشعرية الخلاقة". و"أظهر الدويهي براعة شعرية، في السبك والحبك وتقديم مادة شعرية شفافة بعيدة عن العاجية وملتزمة بقضايا الإنسان والأدب."
واستوقف الأستاذ وهبه الشعر المدور الفصيح والعامي حتى تعبت عيناه "وراء السطور المتلاحقة والصور الشعرية كزخات البرد”. وقال: "أتعبت غوغل فلم أجد هذا الشكل الممدود المنبسط من الشعر، وتعبت في البحث عن أصول هذ النوع وطرقت أبواب المنتديات الإلكترونية". ووصل الأستاذ وهبه إلى استنتاجين: أن العرب عرفوا التدوير في البيت الشعري الواحد، وأن الشعر المدور يشبه "الراب" عند الغربيين. ووصف وهبه المدور العامي بأنه ثورة جريئة وجديدة في الشعر العربي، والثورات الأدبية هي حيوية واستمرارية وحياة للأدب، وهذه الثورة جديرة بالدراسة الواعية والأكاديمية. و"الراب" يقوم على القضية والشعر الموزون، لكن الدويهي أضاف الصور الشعرية التي تعبق بالعاطفة والوجدان".
الاستاذ خضر صالح، نائب رئيس بلدية كانتربري، وصف أعمدة الشعر السبعة بأعمدة الإبداع السبعة، "فهذه أول مرة في تاريخ العرب على الإطلاق يكتب فيها شاعر واحد 7 أنواع من الشعر في ديوان واحد”.
وقال صالح: "الشاعر جميل الدويهي الإنسان عرفته منذ بداية هجرته إلى أستراليا، هو هو في ساعة الود وساعة الخصام، ويحفظ المودة لكل إنسان يخالفه الرأي. وأعترف بأنني كنت من الذين يخالفون الدويهي الرأي في الطريقة الشعرية حتى عُدت واعترفت له بالخطأ وقلت له: أنت على صواب وجلّ من لا يخطئ. هذه شهادة محسوسة”.
وأشار الأستاذ صالح إلى أن "مجموعة من شعراء النثر كانوا يختصمون مع د. جميل الدويهي في خط الحداثة الشعرية، وكان يتصدى لهذا النوع الذي كان يعتبره تعدياً على الشعر، وفعلاً كان هناك كثير من عدم الوضوح في مسألة الشعر. وهذا أدى إلى أن يسير في خط الحداثة طابور كبير من المثقفين ومن الشعراء ومن الذين لا يملكون مواهب الشعر”.
ووصف صالح الدويهي "بالشاعر الكبير، الشاعر الجميل، الشاعر الودود والخلوق الذي لديه استعداد لكي يتنازل عن مليون شيء لكن يأبى أن ينازل عن الكتابة. ويأبى أن يتنازل عن الكلمة لأنها عنوان للعطاء الإنساني بلا حدود... فلا مال ولا جاه ولا سلطة ولا مناصب ولا ألقاب ولا غيرها يعوضه عن الكتابة والإبداع والجمال الذي هو قرينه".
وشرح الدويهي مجدداً وجهة نظره من الشعر المنثور فقال: "اليوم عندنا مليون شاعر في موريتانيا فقط، فهل هذا يصدّق؟ في أهمّ عصر أدبي، أي العصر العباسي، لم يكن هناك 40 شاعراً، (يا عمي طولوا بالكن علينا، ما معقول كل ما واحد كتب خمس كلمات على السطر يكون شاعراً). أنا كتبت الشعر النثري وسميته "شعر أو نثر"، ولكنني أدخلت فيه الفلسفة والفكر والذاتية والسوريالية والدادائية والرمزية. الذي يريد أن يشتغل على هذا النوع يجب أن تكون عنده منهجية فكرية وإبداعية”.
وألفت الأستاذة فرح عصافيري من المجلس اللبناني الأسترالي قصيدة "تا تمرقي" للدويهي، فأبدعت، كما ألقى السيد أحمد قاسم مقطعاً من قصيدة "عالعين يا بو الزلف ما بقيت غنّيلو" للشاعر الدويهي. وأخبر الدويهي الحضور كيف بكى السيد قاسم عدة مرات وهو يتذكر أبيات هذه القصيدة ويلقيها، وخصوصاً عندما يقول:
يا ريت عندي متل طير السنونو جناحْ تا روح صوبو وعن اللي صار إحكيلو
معقول يسمع كلامي والقلب يرتاح ومعقول يبقى متل ما كان تحليلو..
ثم تحدث الاستاذ زهوت حب الله فأعرب عن سعادته بالمشاركة في هذه الندوات والأمسيات التي يقيمها الدويهي لأنها تفعّل الحركة الثقافية والإبداعية، وتلا حبّ الله كلمة الدكتور قاسم مصطفى الموجود خارج أستراليا، وجاء فيها:
"كما انفرد الرقم 7 بأسراره ودلالاته في الكون والحياة والفكر البشري دون غيره من الأرقام، انفرد شاعرنا د. جميل الدويهي دون غيره من شعراء العربيه بديوان واحد في سبعة أنواع من الشعر. فكانت له الرياده والألمعيه بذلك وهو المبتكر للشعر المدور العامي، بمولوده الأدبي الجديد "أعمدة الشعر السبعه" . وكل قصيده فيه تضاهي اختها بل تفوقها دهشة وجمالا. ففي الشعر العمودي نجد قصائد في منتهى الروعه، فقصيدة "عفوا أبا تمام" بعد تفجير تمثاله من قبل المنظمات الأصولية التكفيرية تقول:
"ولقد قطعنا كل رأس مبدع فبلادنا قبر لدفن المبدعين
عفوا أبا تمام ان عقولنا يبست وصرنا في الطريق مشردين”...
صور تصف الجهل والتعصب ضد الفكر المبدع من قبل المنظمات المتطرفة وليدة الانظمه العربيه الي جعلت شعوبها تتقلب على جمر الظلم والظلام بعد أن غادر الضوء والفرح منطقتنا وأصبحت أرضنا لا ينمو فيها الا أشجار الدم والحزن، وفكرنا ما زال يعيش عقلية جاهلية الغزو والقتل والعجز عن التعايش بسلام وقبول الآخر المختلف.
أما إبداعه في العامود السابع المميز اي المدور العامي ، نجد قصائد وجدانية تزهر بالفرح بحروف مغسوله بالضوء وذكريات اتعبها الحنين وغبار الانتظار. ففي قصيده "ما ضل عندي قلب” يقول: "بيروت ياغنيه الصبح الأنا غنيتها. ياحلم عني بعيد. ياوعد اللي صرلو سنين يسبق وعد”...
د. جميل بمؤلفاته الرائعه يحمل بين يديه باقة من ضوء السنين المنيره شعرا ونثرا بحروف راقيه ودافئه ذات دلالات رمزيه وفلسفيه وبحس مرهف وشفافيه تفوح رقة وعطرا... وأجمل العطور ما يخرح من اللسان وتخطه الانامل ويفرض نفسه والعبق والمكانة دون تعريف أو مقدمه.
أيها الجميل، دمت ارزة لبنانيه زاخره بالعطاء في أرضنا الأسترالية . قيمه وقامه ادبيه ابرعت فأغنت المكتبه الاغترابيه والعربيه، وهذا يذكرنا بكبار شعراء المهجر الذين أعطوا للوطن الشهره والمجد. دمت بعطاء وألق”.
وألقى الشاعر الأستاذ أحمد الحسيني أبياتاً من قصيدة الدويهي "أنا المسيحي" التي يقول فيها:
المسلمون رفاقي، أهل حاضرتي ، أبناء مكّةَ، أحفاد الميامينِ
قرآنهم مثل نور الشمس في يدهم... ونار قهوتهم دوماً تنايني
ممّن أخاف ولي بيت ومملكة والأرز فيه دماء من شراييني
أنا القويّ الذي في الريح قامته يفنى الوجودُ، ولا تفنى عناويني.
وقدم الشاعر الحسيني قصيدة خاصة كتبها للشاعر الدويهي عبر فيها عن محبته وتقديره وقال فيها:
يا جميل القلب بعدو مطرحو
مهما العوازل جرّبو ما بيفلحو
بعدنا عالعهد في عناّ ضمير
وعهد الوفا للشاعرية منمنحو
أنت الملك عن جد ّيا شاعر كبير
تاج القوافي لابسو وما بتشلحو،
أنت سيف الموهبي، مُلهَم، بَصير
غربَل قصيد الجاهليه، ونقحَّو
يا لابس الالهام سترة من حرير
الوزن المكسر بالقوافي صلّحو
جايب من الارزات نفحات وعبير
حامل لواء الشاعرية... تطرحو
يا حامل الانجيل وبنَصو خبير
وراضي بقدس المريميه تسبحّو
من مقلع الشعّار غرّد يا أمير
وخلي رجال العبقرية يفرحو
ريشه قلم للحبّ ما إلها نظير
توشّح بنات الفكر حتى يسرحو
بعلم وجمال وفلسفه عالم قدير
أهل القصيدي والمعنىّ صرحو
ونَّوار مثلك بالحلا مش راح يصير
حقّك جمال البدر تقعد مطرحو
جناح النسر بالجوّ ما بدو خفير
ما دام قرص الشمس فيك تصبّحو
يا غصن أخضر فوق، عا مَية غدير
ورد المعطّر للصبايا بتشْلحو
يا رائد الأحرار، عنّك مش كتير
لو قلت إنّو المجْد عندك مسْرحو
وفوق المجرّة متلك بيقدر يطير
وبين السما والأرض نجم يصافحو.
وختم الشاعر الحسيني بإطلاق لقب أمير الشعراء على الدويهي "إذا الشعراء بيسمحو".
وأرسل من كندا الشاعر الأستاذ جويل عماد قصيدة نثرية استوحاها من ديوان الدويهي "حاولت أن أتبع النهر... النهر لا يذهب إلى مكان"، يقول فيها:
في بلاد الاحلام من يسمعني؟ الوردة أم الساحر ام الأشباح؟ ديكارت صار شائعة وسقراط خيال يتلاشى. ومنذ تلك الحقبة الزمن صار عاريا والجسد مشرد على الرصيف.. فتعالي نخرج من الغيمة ونرقص معاً على الماء. انا السارق جمرة حبيبتي اعبر النهر في اللحظة الضائعة، الارض مستطيلة وانا عائد اليكِ.. وحدنا أنتِ وانا حرية تخترق الحقيفة وتتعرى من صورة الري.ح يا اجمل امراة جعلتني أعيش فوق جزيرة بنفسج... كلهم رحلوا ولأنكِ حبيبتي باقية انتِ في كتابي”...
وألقت الإعلامية الأستاذة ندى فريد قصيدة "هونيك" التي تتحدث عن القرية اللبنانية والشوق إليها في بلاد الغربة، فأجادت وأطربت، وكانت الأستاذة فريد قد ألقت القصيدة في اليوم نفسه في إذاعة "تو إم إي”.
وألقت الأستاذة زينه فرحات كلمة بالانكليزية أعربت فيها عن سرورها للمشاركة في الجلسة الحوارية، وذكرت أنها عرفت الدويهي عندما كانت في الجامعة وقد قدم الدويهي كتبه مجاناً للطلاب آنذاك، وقرأت شعراً لجميل عبّرت فيه عن محبّتها وتقديرها لدوره الأدبي الراقي.
الأستاذ الشاعر علي وهبي ألقى كلمة لفت فيها إلى كثرة إنتاج الدويهي وتعدد أنواع أدبه، وذكر بما قاله الشاعر الدكتور مروان كساب في الجلسة الحوارية الماضية في "غرين أيكر" من أنه كما كان البطريرك الدويهي بطريركاً للموارنة، فجميل هو بطريرك الشعر.
وقال: "إن الزميل جميل هو من كبار الأدباء والشعراء في أيامنا هذه، وأنا أضيف أن جميل الدويهي هو جبران أستراليا".
ووصف الشاعر وهبي الدويهي بأنه "رجل فكر وكلمة وموقف صلب وشاعر وجداني وأديب واسع العطاء. متواضع خلوق صديق صدوق”.
وتحدثت في الجلسة الحوارية الأستاذة مريم الدويهي، زوجة الشاعر، فقالت:
"هي المرةُ الأولى في تاريخ العرب على الإطلاق التي يكتب فيها شاعر واحد سبعةَ أنواعٍ من الشعر في ديوان واحد. والسؤال المطروحُ هو: هل التعددُ نعمة أم نقمة؟ التعدد نقمة لو فشل صاحبه في الأنواع التي يكتبُها أو في نوع واحد على الاقل، لكنّ مَن يبحر في الديوان يرى أن كلَّ قصيدة تدهش، وما بعدها أكثرُ دهشة، ففي الشعر العمودي مَن يستطيع أن يُزايد على رائعة الدويهي في مئوية الكبير سعيد عقل؟
وفي الشعر المدوّر، وهو أصعب أنواعِ الشعر قاطبةً تستوقفُنا عدة قصائد من البَدع، وكان الدويهي أولَ من أطلق هذا النوع في أستراليا عام 2001، وقصيدتُه الشهيرة "وقلت أحبُّكِ" تجري على وزن واحد هو الخبب من أول حرف إلى آخر حرف، وقصيدتُه "جدي القديم" هي قصّة تجري على وزن الكامل في توليفة غريبة بين السرد والشعر. وفي الشعر المنثور لا يعتمد الدويهي على لغة الطلاسم التي أصبح البعضُ يلجأ إليها للتعمية والتغطية على عجزه في التعبير، أو لأنه لا يعرف الوزن، فأقحم الدويهي الفلسفة، والثقافة، والذاتية، والرمزية والسوريالية في نصوص شفافة من السهل الممتنع: "أعطيتُ حقيبتي للسارق وقلت له: فيها ذهَب كثير، ففرّ من المكان، تاركاً وراءه قدّاحتَه. كلُّ ما كنت أريده أن أعثرَ على قَداحةٍ لكي أُضرمَ النارَ في الحقيقة”...
ونَخلَص إلى النوع الجديد الذي كان للدويهي شرفُ ابتكاره عام 2015 وتطويرِه من المدوّر الفصيح، وأعني به المدوّرَ العامي: "شفت القدَر عم يدرُز تياب الضباب تا يلبسو اللي عم عمرهن متلي حزين”.
ومثلُها:
"يا ريت فيكي ترَجّعيني سنين، حتّى كِحْل عينيكي المتل خَيل العرب، غابات يطْلَع بالمدى. وخصلات شَعرِك مَشّط وغَنّي لكي... بسّ الوقت هربان عا بلاد الغجَرْ... من بعد ما غبتي حياتي مْخزّقه، ورُوحي متل قنديل عا الأرض انكسرْ”.
وأنا أدعو الشعراء إلى أن ينوّعوا كما نوّع الدويهي ولم يخيّب الظنّ في أيّ نوع ذهب إليه”.
وقدم الأستاذ محمد حسين العمري هدية إلى السيدة مريم الدويهي كتهنئة لها على كتاب أعدته عن فكر الدويهي بعنوان "قلائد من فكر جميل الدويهي”.
وختم الكلمات الاستاذ أحمد سليم الذي وصف الدويهي بالبحر الكبير الذي يجود وكلما شربنا منه نعطش إلى مزيد من الماء، وقال: "تحدثت عن الحب والحنين إلى الوطن والعروبة والجمال، والخيال”... وقرأ الأستاذ سليم مقطعاً من قصيدة الدويهي عن الجيش اللبناني من "أعمدة الشعر السبعة"، ثم كانت ضيافة ودردشة والتقاط صور تذكارية.
ودعا الدويهي الحضور للمشاركة في مهرجانه للادب الراقي -3 - في شباط المقبل حيث سيقدم أيضاً 4 كتب هدايا مجانية للحاضرين.
______________________________________________
كلمة شكر إلى جمعية كفرحلدا الخيرية التي وفرت الصالة من دون أي مقابل مادي، ما يدل على تقدير كبير للفكر والثقافة، وليس هذا بغريب عن أهل تلك البلدة الجبلية الطيبين والأفياء، الذين لهم باع طويل في الأدب والعطاء الإنساني إلى أبعد الحدود.
وكلمة شكر إلى الصديق الأستاذ طوني معماري، الذي قام بتصوير الجلسة وأرسل إلينا الصور. وهو المبدع دائماً بالمحبة والوفاء.
^^^
بدعوة من المركز العربي الأميركي للثقافة والفنون
أمسية شعرية أسترالية مع الشاعرين جميل الدويهي ومريم رعيدي الدويهي - قدمها د. علي عجمي، وأدارتها الأستاذة حنان شرارة
نقلت منصات التواصل الإجتماعي الأمسية الأوسترالية التي أقامها المركز العربي الأميركي للثقافة والفنون في ديربورن والتي شارك فيها : د. جميل الدويهي والشاعرة مريم الرعيدي الدويهي وقدمها السفير د.علي عجمي.
أدارت الأمسية السيدة حنان شرارة ( أمينة صندوق المركز ) وذلك يوم السبت 14 تشرين الثاني 2020 بالتوقيت الأميركي ويوم الأحد بالتوقيت الأوسترالي
،الأمسية نقلت مباشرة على الهواء عبر صفحات الفيسبوك ومنصات التواصل الإجتماعيوقد سجلها موقع ”ميزان الزمان ” الأدبي في بيروت على قناته في يوتيوب لينقلها إلى أصدقاء الموقع في لبنان والعالم العربي
تنويه من مجلس الشيوخ بأعمال الأديب الدويهي الأدبية والاكاديمية
بدعوة كريمة من عضو المجلس التشريعي في ولاية نيو ساوث ويلز، السناتور شوكت مسلماني، استلم الأديب د. جميل الدويهي شهادة التنويه بمسيرته الأدبية والأكاديميّة والإعلاميّة، من لبنان إلى أستراليا. وهذا التنويه شرف لي، وجاء من خلال قدّمه السناتور مسلماني إلى رئيس وأعضاء مجلس الشيوخ، وتبنّاه المجلس، ويتضمّن جردة مختصرة عن أعمال الدويهي ومشروعه لخدمة الأدب والحضارة. وجرى نشره في سجلاّت الحكومة
واعرب الدكتور الدويهي عن تقديره وامتنانه للسناتور شوكت مسلماني ومجلس الشيوخ في الولاية، والزميل الأخ اكرم برجس المغوش، الذي كان حاضراً في مبنى البرلمان أثناء تقديم الشهادة، كما كل أديب صادق واكب مسيرتي، وشهد عليها بالحق والامانة